ريفز تتعهد بشراكة اقتصادية «طموحة» مع الاتحاد الأوروبي

أول مستشارة بريطانية تحضر اجتماعاً لوزراء مالية الكتلة منذ «بريكست»

وزيرة الخزانة البريطانية تلقي كلمة بجوار عمدة لندن أليستر كينغ في حفل العشاء السنوي في مانشن هاوس في لندن (أرشيفية- رويترز)
وزيرة الخزانة البريطانية تلقي كلمة بجوار عمدة لندن أليستر كينغ في حفل العشاء السنوي في مانشن هاوس في لندن (أرشيفية- رويترز)
TT

ريفز تتعهد بشراكة اقتصادية «طموحة» مع الاتحاد الأوروبي

وزيرة الخزانة البريطانية تلقي كلمة بجوار عمدة لندن أليستر كينغ في حفل العشاء السنوي في مانشن هاوس في لندن (أرشيفية- رويترز)
وزيرة الخزانة البريطانية تلقي كلمة بجوار عمدة لندن أليستر كينغ في حفل العشاء السنوي في مانشن هاوس في لندن (أرشيفية- رويترز)

سوف تمهِّد وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، يوم الاثنين في بروكسل، لشراكة اقتصادية جديدة «طموحة» مع الاتحاد الأوروبي، عندما تعد بالالتزام الكامل باتفاقات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي أبرمتها حكومة المحافظين السابقة.

ستصبح ريفز أول مستشارة بريطانية تحضر اجتماعاً لوزراء المالية الأوروبيين منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مما يعكس اعتقادها بأن تحسين التجارة مع الاتحاد الأوروبي أمر بالغ الأهمية لتعزيز النمو.

وفي كلمة ستلقيها أمام وزراء مالية مجموعة اليورو، ستعمل ريفز على تهدئة المخاوف من أن بريطانيا قد تتراجع عن أجزاء من إطار عمل وندسور، وهو الاتفاق الذي يغطي التجارة في آيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفق صحيفة «فايننشيال تايمز».

ومن المتوقع أن تقول ريفز لمجموعة اليورو: «نعم، سننفِّذ اتفاقاتنا الحالية معكم بحسن نية. لكننا نعتزم البناء على تلك الاتفاقيات لتعكس مصالحنا المتبادلة. وسنكون أكثر طموحاً في اتخاذ خطوات عملية لتعزيز علاقتنا الاقتصادية، بما يعود بالنفع على كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي».

وتريد ريفز وزميلها وزير الأعمال البريطاني جوناثان رينولدز، خفض الحواجز التجارية في عدد من القطاعات، ويدفعان باتجاه مواءمة بريطانيا بشكل دائم مع قواعد الاتحاد الأوروبي، في مجالات مثل الأدوية والسيارات والزراعة.

وقال رينولدز لصحيفة «فايننشيال تايمز» يوم الجمعة، إنه يريد أن يرى دفعة «طموحة للغاية» لتحسين العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي.

يُنظر إلى المواءمة البريطانية الكاملة و«الديناميكية» مع قواعد الاتحاد الأوروبي في بروكسل، على أنها ضرورية لأي اتفاق لتسهيل التجارة في السلع الغذائية والزراعية؛ وهذا أحد الأهداف الرئيسية لرئيس الوزراء العمالي كير ستارمر، في محادثات «إعادة الضبط» مع الاتحاد الأوروبي.

وفي حين يأمل كل من ريفز ورينولدز في خفض الحواجز أمام تجارة «الصناعات الراسخة» الأخرى، بما في ذلك الأدوية والسيارات، فإن الاتحاد الأوروبي لطالما عارض الصفقات القطاعية -المعروفة في بروكسل باسم «قطف الكرز»- التي من شأنها أن تمنح بريطانيا امتيازات في الوصول إلى السوق الموحدة.

ومع ذلك، فإن وعد ريفز بالتنفيذ الكامل لصفقة وندسور التي أبرمها رئيس الوزراء المحافظ آنذاك ريشي سوناك، بما في ذلك فرض متطلبات وضع العلامات والإبلاغ عن البضائع التي تعبر البحر الآيرلندي، سيُنظر إليه في بروكسل على أنه خطوة أولى أساسية قبل أي محادثات.

وقال أحد المسؤولين في الاتحاد الأوروبي: «إن التنفيذ الكامل للاتفاق الحالي أمر بالغ الأهمية لإحراز تقدم في مجالات أخرى»؛ مشيراً إلى أن الاتحاد لا يزال يشعر بالقلق من أن حكومة المملكة المتحدة مستمرة في عدم تنفيذ بعض جوانب اتفاق 2023 بالكامل.

في خطابها، ستحث ريفز أيضاً وزراء المالية الأوروبيين على تبني التجارة الحرة، مؤكدة من جديد رغبتها في إقامة علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، حتى مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض التي تهدد بتعزيز الحمائية.

ومن المتوقع أن يركز اجتماع يوم الاثنين على التطورات في الاقتصاد الأوروبي الأوسع نطاقاً. وقال مسؤولون في بروكسل إن وزراء المالية في بروكسل سيرغبون أيضاً في الاستماع إلى موازنة ريفز التي خففت فيها القيود المالية للسماح بمزيد من الاستثمار.

يُذكر أن كبار الشخصيات من خارج الاتحاد الأوروبي يحضرون من حين لآخر اجتماعات مجموعة اليورو لوزراء مالية منطقة اليورو. وفي العام الماضي، اجتمعت المجموعة في «صيغة شاملة» بحضور وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين.

ومن المتوقع أيضاً أن تعقد ريفز محادثات ثنائية مع وزراء المالية كل على حدة في بروكسل.

ولا تطالب جميع الصناعات بمواءمة المملكة المتحدة من جانب واحد مع قواعد الاتحاد الأوروبي ولوائحه، إذا لم يؤدِّ ذلك إلى تحسين الوصول إلى السوق الموحدة. فقد حذَّرت رابطة الصناعات الكيميائية، وهي مجموعة الضغط الصناعية، من أن الالتزام بلوائح الاتحاد الأوروبي الكيميائية المرهقة بشكل متزايد لن يكون بالضرورة في مصلحة جميع الشركات.

وقالت الرابطة الأسبوع الماضي: «إن المواءمة لا تعني بالضرورة الوصول التلقائي، إذا كانت المملكة المتحدة خارج السوق الموحدة ولا تزال بحاجة إلى إثبات الامتثال على الحدود، وبالتالي لا تستفيد من مستويات الوصول الخالي من الاحتكاك».

وأضاف الرئيس التنفيذي ستيف إليوت: «نحن نريد علاقة وثيقة، ولكن ليس بأي ثمن».

وتجري حالياً محادثات بشأن علاقة اقتصادية جديدة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تتوَّج باجتماع بين ستارمر وقادة الاتحاد الأوروبي في الربيع المقبل. ومن المقرر أن يسافر الرئيس الجديد للمجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إلى لندن، في 12 ديسمبر (كانون الأول) لإجراء محادثات.

ولكن هناك كثيراً من العقبات في طريق التوصل إلى اتفاق، بما في ذلك وصول الاتحاد الأوروبي إلى مناطق الصيد البريطانية.

وستسعى بروكسل إلى تحسين وصول مواطني الاتحاد الأوروبي الشباب إلى الجامعات البريطانية وسوق العمل في بريطانيا، بينما تقاوم وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر أي تخفيف لقواعد الحدود، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة خفض صافي الهجرة.

وقال رئيس مجموعة اليورو باسكال دونوهو، إنه يأمل أن يمثل الاجتماع «خطوة أخرى في تعميق تعاوننا»، مضيفاً أن المملكة المتحدة «جار مقرب وصديق وشريك رئيسي للاتحاد الأوروبي الذي نتشارك معه قيماً مشتركة. هذه العلاقة مهمة في وقت يشهد فيه عالمنا تغيرات كبيرة... أتطلع إلى أن نناقش معاً التوقعات الاقتصادية العالمية، والتحديات المشتركة التي نواجهها، ونهج سياسات كل منا لتعزيز النمو المرن».


مقالات ذات صلة

«بريكست» بريطانيا... الحمى أقل زخماً

خاص نتائج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا تزال تثير جدلاً سياسياً واجتماعياً (أ.ب)

«بريكست» بريطانيا... الحمى أقل زخماً

هيمن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على النقاش السياسي لسنوات، سيما بين عامي 2016 و2019، وبدا الأمر وكأن الملحمة لا نهاية لها.

كوازي كوارتنغ
الاقتصاد منظر عام لمدينة لندن من موقع بناء «بيسوبغيت 22» (رويترز)

40 ألف وظيفة... خسائر لندن بعد «بريكست»

قال عمدة مدينة لندن مايكل ماينلي إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كلّف المركز المالي في لندن نحو 40 ألف وظيفة وهو تأثير يفوق بكثير التقديرات السابقة

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه خلال مناقشة حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل 18 ديسمبر 2020 (إ.ب.أ)

من هو ميشال بارنييه الذي عيّنه ماكرون رئيساً للحكومة الفرنسية؟

ميشال بارنييه سياسي وسطي ومستشار لحزب «الجمهوريين»، تولى مناصب عديدة بالاتحاد الأوروبي وفي الداخل الفرنسي، عُيّن لمفاوضات «بريكست» واشتهر بأنّه مفاوض جيّد.

شادي عبد الساتر (بيروت)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

بوتين: علاقات «بريكس» تتطور بنجاح كبير و30 دولة ترغب في التعاون أو الانضمام

أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الخميس، أن أكثر من 30 دولة أبدت استعدادها للتعاون مع مجموعة «بريكس»، وبعضها يريد الانضمام إلى المنظمة.

«الشرق الأوسط»
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

كير ستارمر يمد يده للأوروبيين في ألمانيا بعيداً عن «بريكست»

المستشار الألماني أولاف شولتس يستقبل رئيس الوزراء البريطاني وأعلنا عن العمل على معاهدة استثنائية خلال الأشهر المقبلة للتوقيع عليها مطلع العام

راغدة بهنام (برلين)

تايوان تتوقع تأثيراً محدوداً لتعريفات ترمب على صادرات أشباه الموصلات

شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)
شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)
TT

تايوان تتوقع تأثيراً محدوداً لتعريفات ترمب على صادرات أشباه الموصلات

شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)
شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)

قال وزير الاقتصاد التايواني، كيو جيه هوي، يوم الجمعة إن تايوان تتوقع تأثيراً ضئيلاً للرسوم الجمركية التي قد تفرضها حكومة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، على صادرات أشباه الموصلات، نظراً لتفوقها التكنولوجي في هذا القطاع.

وتعد تايوان موطناً لأكبر شركة لصناعة الرقائق في العالم، شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (تي إس إم سي)، والتي تُعتبر حلقة وصل أساسية في سلسلة توريد التكنولوجيا العالمية لشركات كبرى مثل «أبل» و«إنفيديا»، وفق «رويترز».

ورغم ذلك، حذر صناع السياسات التايوانيون من أن الرسوم الجمركية الجديدة التي قد تفرضها إدارة ترمب على جميع الدول قد تحد من نمو الاقتصاد التايواني، الذي يعتمد بشكل كبير على التصدير، هذا العام.

وكان ترمب قد تعهد بفرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على الواردات العالمية إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعريفة جمركية أعلى بكثير بنسبة 60 في المائة على السلع الصينية. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تعهد بتطبيق تعريفة جمركية بنسبة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسيك بمجرد توليه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني).

وعند سؤاله في مؤتمر صحافي عن تأثير تعريفات ترمب على أوامر التصدير في تايوان، قال كيو إن قطاع أشباه الموصلات لن يتأثر بشكل كبير. وأضاف: «بالنسبة لأشباه الموصلات والتقنيات المتقدمة، هناك ميزة تكنولوجية متفوقة لا يمكن استبدالها، وبالتالي فإن التأثير سيكون محدوداً».

كما أشار إلى أن تايوان ستساعد الشركات في نقل سلاسل التوريد إلى الولايات المتحدة حسب الحاجة، وخاصة إلى المناطق التي قد تفرض فيها الرسوم الجمركية المرتفعة. وقال: «نرى أنه من الضروري تطوير صناعة سلسلة توريد الفضاء الجوي في الولايات المتحدة والتعاون مع الشركات الأميركية في هذا المجال، بما يسمح بنقل بعض مراكز البحث والتطوير في قطاع الفضاء الجوي من تايوان إلى هناك».

وأضاف كيو أن تايوان ستقوم أيضاً بإنشاء مكتب في اليابان في النصف الأول من هذا العام، لمساعدة الشركات التايوانية على الاستثمار في اليابان والتعاون معها في مجالات الذكاء الاصطناعي والطائرات من دون طيار.