حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024، مسجلة تراجعاً بنسبة 15.33 في المائة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت الأرباح حينها 121.57 مليار ريال سعودي (32.42 مليار دولار). ويعود هذا الانخفاض إلى تراجع أرباح شركة «أرامكو السعودية»، التي انخفضت بنسبة 15.4 في المائة خلال الربع الثالث من عام 2024.
وتأتي أرباح شركات القطاع نتيجة ارتفاع كميات المبيعات وتحسن الكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى استفادة بعض الشركات من زيادة العمليات التشغيلية ونمو نشاط شحن ونقل النفط والبتروكيماويات وارتفاع أسعار نقلها عالمياً، وذلك على الرغم من تراجع إجمالي أرباح شركات القطاع وتأثرها بانخفاض أسعار النفط وتباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي ودوره في إضعاف الطلب على النفط والمنتجات البتروكيماوية.
ويضم القطاع 7 شركات، هي: «أرامكو السعودية»، و«البحري»، و«أديس»، و«الدريس»، و«الحفر العربية»، و«المصافي»، و«بترورابغ».
ووفقاً لنتائجها المالية في السوق المالية السعودية (تداول)، حقّقت 5 شركات أرباحاً صافية خلال الربع الثالث من عام 2024. وسجلت شركة «أرامكو السعودية» أعلى نسبة أرباح بين شركات القطاع، حيث بلغت أرباحها 103.37 مليار ريال في الربع الثالث من 2024، رغم تراجعها بنسبة 15.4 في المائة مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، الذي حققت فيه نحو 122.19 مليار ريال.
وحلت شركة «البحري» في المرتبة الثانية من حيث أعلى الأرباح بين شركات القطاع، حيث سجلت أرباحاً بلغت نحو 509.02 مليون ريال خلال الربع الثالث من العام، محققةً نسبة نمو بلغت 126.9 في المائة مقارنة بالربع ذاته من العام السابق، الذي حققت فيه أرباحاً بلغت 224.34 مليون ريال.
أما شركة «أديس»، فقد سجلت أعلى نسبة نمو في الأرباح بين شركات القطاع، حيث بلغت نسبة النمو 132.72 في المائة، ليصل إجمالي أرباحها إلى نحو 203.3 مليون ريال خلال الربع الثالث، مقارنةً بـ87.35 مليون ريال في الربع نفسه من عام 2023.
وفي تعليق على نتائج الربع الثالث لشركات القطاع، أشار الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد»، محمد حمدي عمر، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن القطاع أظهر أداءً متبايناً خلال هذه الفترة، حيث سجلت بعض الشركات قفزة في أرباحها، في حين تراجعت أرباح شركات أخرى أو تكبّدت خسائر متراكمة. وأضاف أن تراجع أرباح شركة «أرامكو» كان له تأثير سلبي كبير على ربحية القطاع كله، إذ تعد الشركة المحرك الرئيسي للسوق السعودية. كما أوضح أن انخفاض أسعار النفط وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي أسهما في تراجع الطلب على النفط والمنتجات البتروكيماوية، مما أثر سلباً على الأسعار وحجم المبيعات لشركات القطاع.
وأشار إلى أن الارتفاع في تكاليف المدخلات، التي تشمل المواد الخام والعمالة والخدمات اللوجيستية، أسهم في زيادة الضغط على الهوامش الربحية لشركات القطاع. ومع ذلك، أشار إلى أنه من جهة أخرى، استفادت بعض الشركات مثل «البحري»، التي شهدت زيادة ملحوظة في أرباحها بنسبة 126.9 في المائة، بفضل تحسين الكفاءة التشغيلية والقرارات الاستراتيجية التي مكنتها من الاستفادة من الزيادة في نشاط الشحن.
وأضاف المحلل المالي، حمدي عمر، أن مستقبل شركات قطاع الطاقة يعتمد على مجموعة من العوامل التي من المتوقع أن تؤثر عليه بشكل واضح. ومن أبرز هذه العوامل ديناميكيات أسعار النفط العالمية، التي ستكون حاسمة في تحديد مسار أداء شركة «أرامكو» والقطاع بشكل عام. كما ستلعب الأحداث الجيوسياسية وقرارات «أوبك بلس» وديناميكيات الطلب العالمي دوراً كبيراً في التأثير على الأسعار. وأوضح أن التعافي الاقتصادي العالمي سيحفز الطلب على الطاقة، ما سينعكس بشكل إيجابي على القطاع. وفي المقابل، فإن استمرار التباطؤ الاقتصادي أو الضغوط الركودية قد يزيد من الضغط على أرباح شركات القطاع.
وأشار إلى أن السعودية تتجه نحو التركيز على تنويع مزيج الطاقة والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وهو ما سيوفر فرصاً جديدة، وهذا التحول سيخلق آفاقاً جديدة للنمو للشركات العاملة في القطاع. وأضاف أن ذلك سيؤثر أيضاً على اللاعبين التقليديين في قطاع النفط والغاز، مشيراً إلى أنه يجب إعطاء الأولوية للكفاءة التشغيلية وإدارة التكاليف للشركات، بالإضافة إلى التكيّف الاستراتيجي مع المشهد المتطور لقطاع الطاقة، الذي يجب على الشركات التعامل معه من خلال التركيز على التنوع والتقدم التكنولوجي والتعامل مع التحديات والفرص الخاصة بالقطاع.
من جانبه، يرى المحلل المالي إسماعيل الغامدي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن التقلبات التي شهدتها أسعار النفط والمنتجات البترولية خلال الأرباع الماضية من العام الحالي، أثرت بشكل كبير على ربحية الشركات في القطاع، وفقاً لطبيعة أعمالها في هذا النشاط الاقتصادي، مضيفاً أن ارتفاع تكاليف الخام المرتبطة بصناعة النفط، أسهم في الضغط على هوامش الربح لدى بعض الشركات في القطاع، وأدى إلى انخفاض أرباحها خلال الربع الثالث من عام 2024.
وأشار الغامدي إلى أن استثمار بعض شركات قطاع الطاقة في مشاريع توسعية في أعمالها أدى إلى انخفاض أرباحها على المدى القصير، إلا أن هذا التوسع سيسهم على المدى الطويل في دعم النمو المستقبلي لهذه الشركات وجني أرباح أفضل مستقبلاً، وأضاف أن الأداء المتميز لبعض شركات قطاع الطاقة مثل شركتي «البحري» و«أديس»، وتحقيقها قفزات كبيرة في نمو الأرباح، أسهم في تعويض شركات القطاع جزئياً عن انخفاض إجمالي أرباح شركات كبرى مثل «أرامكو السعودية»، واستمرار الخسائر لـ«بترورابغ».