هل تزعزع خسارة «أداني» العملاقة ثقة المستثمرين الأجانب في الهند؟

إسرائيل تعلن دعمها للمجموعة... ومصارف تراجع انكشافها

TT

هل تزعزع خسارة «أداني» العملاقة ثقة المستثمرين الأجانب في الهند؟

مشاة أمام مبنى شركة «أداني هاوس» في غورجاون (أ.ف.ب)
مشاة أمام مبنى شركة «أداني هاوس» في غورجاون (أ.ف.ب)

يقول مستثمرون عالميون إن المخاوف من امتداد تداعيات اتهامات الرشوة ضد مجموعة «أداني» ستضر بالمعنويات في الهند، ولكن ليس بالتوقعات على المدى الطويل؛ حيث يراهنون على أن إحدى أفضل الأسواق أداءً في العالم ستعود إلى مسارها الصحيح العام المقبل.

وتتمثل المزاعم الأميركية، التي تنفيها الشركة، في أن «تكتل (غوتام أداني) الضخم الذي تمتلكه (غوتام أداني لتحويل الموانئ إلى طاقة) دفع رشى لتأمين مبيعات الطاقة، وتقديم إفصاحات مضللة، مما أدى إلى اضطراب أسهم وديون شركات (أداني)».

ويتوقَّع المستثمرون تسليط الضوء بشكل أقوى على الحوكمة والإفصاح، وربما بعض التقلبات، لكنهم يقولون إن القضية لم تتحدَّ الأسباب التي دفعتهم إلى الهند في المقام الأول؛ للتعرض لاقتصاد متنامٍ وسوق استهلاكية ضخمة.

وقال ستيف لورانس، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بلفور كابيتال»: «قد يصبح المستثمرون الأجانب أكثر حذراً بشأن الشفافية وممارسات الحوكمة في الشركات الهندية».

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل في يناير 2023 (رويترز)

ومع ذلك، فقد أشار إلى ارتفاع مؤشر «نيفتي 50»، بنسبة 3 في المائة تقريباً، منذ انتشار أخبار «أداني»، كإشارة إلى الثقة. وفي الفترة نفسها، تم محو 14 مليار دولار من قيمة الأسهم في 10 شركات مملوكة لشركة «أداني».

ويُعد الأجانب لاعبين صغاراً نسبياً في مجال الأسهم الهندية التي تزيد قيمتها على 5.5 تريليون دولار بحصة تقل عن الخُمس، ولكنهم حساسون لمزاج وأداء السوق التي يُنظر إليها على أنها سوق جذابة بشكل متزايد في الوقت الذي يتعثر فيه الاقتصاد وسوق الأسهم في الصين.

لقد ارتفع مؤشر «سنسكس» القياسي في الهند بأكثر من الضعف من أدنى مستوياته بسبب الجائحة في عام 2020، متجاوزاً حتى مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، وهو أمر يقول مديرو الأموال إنه لا يمكن أن تعطله شركة واحدة.

قال مايك سيل رئيس قسم الأسهم العالمية للأسواق الناشئة لدى شركة «ألكويتي لإدارة الأصول»، ومقرها لندن: «نعتبر (اتهام أداني) حدثاً خاصاً بالأسهم. لا نرى أي مشاعر سلبية على الإطلاق تجاه الهند نتيجة لذلك. يستمر العملاء في البحث عن مخصصات أعلى في الهند».

بعد تدفق عمليات جني الأرباح والتوتر الذي سبق الانتخابات الأميركية الذي أدى إلى سحب صافي 11 مليار دولار من النقد الأجنبي من الأسهم الهندية في أكتوبر (تشرين الأول)، استقرت التدفقات في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لبيانات مجموعة لندن للأسواق الناشئة.

التداولات

يتصدر موسم الأرباح الباهتة الذي شهدته شركة «أداني» في الآونة الأخيرة قائمة مخاوف المستثمرين؛ الأمر الذي أدى إلى الابتعاد عن بعض الأسهم الاستهلاكية المفضلة سابقاً، ولكنه لم يزعزع ثقة كثيرين على المدى الطويل.

ويتوقع جيمس ثوم، مدير الاستثمار الأول للأسهم الآسيوية لدى «Abrdn»، أن تتعافى الأرباح، ولديه نظرة مستقبلية إيجابية مدفوعة بـ«السياسات الحكومية الداعمة بعد عقد من الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة والضرورية في الوقت ذاته... إن أفضل طريقة للتمركز هي في الأسماء عالية الجودة والدفاعية التي تتمتع بميزانيات عمومية أفضل، وقدرات توليد التدفقات النقدية، ومدعومة برياح خلفية هيكلية طويلة الأجل».

هناك مخاطر دائمة، مثل التقييمات المرتفعة؛ حيث يبلغ معدل السعر إلى الأرباح لمؤشر «سنسكس 23»، وهو أعلى بكثير من 20.79 لمؤشر الأسهم القيادية في الصين، و18 لمؤشر «نيكاي» الياباني.

كما عانت أسهم شركات عزيزة على قلوب المستثمرين، مثل «هندوستان يونيليفر»، و«نستله الهند»، و«دابر إنديا» لصناعة المشروبات الغازية من تراجعات كبيرة في أسهمها، حيث خيَّبت النتائج آمال المستثمرين.

وهناك توقعات بأن هفوات الإفصاح المزعومة لشركة «أداني» ستؤدي إلى تدقيق أوسع نطاقاً وعناية واجبة أكثر كثافة.

وقال راشي تالوار، الرئيس التنفيذي لشركة «أشمور»، وهي شركة متخصصة في الأسواق الناشئة تقدم المشورة بشأن أسهم بقيمة 2.2 مليار دولار في الهند: «ينظر الناس إلى المعاملات عن كثب أكثر مما كانوا يفعلون في الماضي. أنا في المعسكر الذي كان حذراً وقلقاً بشأن الأسواق... يجب أن يكون هناك المزيد من الألم».

ومع ذلك، فإن معظمهم يقلل من أهمية «أداني» بوصفها محفزاً لذلك.

وقال طارق هورشاني، رئيس قسم التعاملات بالوساطة الرئيسية في «ماي بنك للأوراق المالية» بسنغافورة: «لا أعتقد أن حالة معزولة سيكون لها أي تأثير على طلب العملاء. بالنسبة لي، فإن الهند تشبه سوق الصين منذ 15 عاماً؛ فهي مزدهرة، وهناك إنفاق ضخم على البنية التحتية، وانتشرت الثروة في جميع أنحاء البلاد».

مصارف هندية تراجع انكشافها

وفي هذا الوقت، قال 8 مصرفيين إن المقرضين الهنود، بمن في ذلك «بنك الدولة الهندي»، يراجعون انكشافهم على مجموعة «أداني»، ويدرسون ما إذا كانوا بحاجة إلى تشديد العناية الواجبة عند تقديم قروض جديدة لهم.

وقال مصدر تنظيمي مطلع على هذا التطور إنه من منظور النظام المصرفي لا داعي للذعر، لأنه لا يوجد كيان في هذه المرحلة معرَّض بشكل مفرط للمجموعة.

إسرائيل تدعم «أداني»

إلى ذلك، قال السفير الإسرائيلي لدى الهند، رؤوفين عازار، يوم الخميس، إن إسرائيل تريد أن تستمر مجموعة «أداني» في الاستثمار في البلاد.

وأضاف: «نتمنى أن تستمر (أداني) وجميع الشركات الهندية في الاستثمار بإسرائيل»، موضحاً أن مزاعم السلطات الأميركية «ليست شيئاً إشكالياً» من وجهة نظر إسرائيل.

تمتلك مجموعة «أداني» حصة 70 % في ميناء حيفا (رويترز)

وتمتلك مجموعة «أداني» حصة 70 في المائة في ميناء حيفا شمال إسرائيل، وتشارك في العديد من المشاريع الأخرى مع شركات في البلاد، بما في ذلك إنتاج طائرات من دون طيار عسكرية، وخطط لتصنيع أشباه الموصلات التجارية.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تمنح «إس تي سي» السعودية الضوء الأخضر لرفع حصتها في «تليفونيكا»

الاقتصاد ترتفع حصة «إس تي سي» في «تليفونيكا» إلى 9.9 في المائة (الشركة)

إسبانيا تمنح «إس تي سي» السعودية الضوء الأخضر لرفع حصتها في «تليفونيكا»

أعطت الحكومة الإسبانية الضوء الأخضر لمجموعة الاتصالات السعودية (إس تي سي) لزيادة حصتها في شركة «تليفونيكا»، لتتجاوز 5 في المائة، وتصل إلى 9.97 في المائة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد مساعد وزير الاستثمار يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

السعودية تُجري 800 إصلاح لتعزيز البيئة الاستثمارية

أكد مساعد وزير الاستثمار، الرئيس التنفيذي لهيئة تسويق الاستثمار، المهندس إبراهيم المبارك، أن السعودية تشهد تحولًا سريعاً لم تشهده أي دولة في العالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الأمير عبد العزيز بن تركي وزير الرياضة السعودي خلال ملتقى «ميزانية السعودية 2025»... (الشرق الأوسط)

وزير الرياضة السعودي: نتوقع عوائد استثمارية من القطاع تتجاوز 133 مليون دولار

قال الأمير عبد العزيز بن تركي، وزير الرياضة السعودي، إن المملكة تستهدف عوائد استثمارية من القطاع الرياضي تبلغ 500 مليون ريال (133 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من الجلسة الحوارية في «ملتقى ميزانية 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

الخريف: نتوقع إصدار 1100 رخصة صناعية في السعودية بنهاية 2024

قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، إنه خلال العام الحالي، من المتوقع أن يتم إصدار 1100 رخصة صناعية، فيما دخل 900 مصنع حيز الإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني اليوم الثلاثاء أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

أكد عضو البنك المركزي الأوروبي، فرانسوا فيليروي دي غالو، اليوم (الخميس)، أن البنك يجب أن يبقي خياراته مفتوحة لخفض أكبر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مشيراً إلى أن الفائدة قد تنخفض إلى مستويات تحفز النمو الاقتصادي مرة أخرى.

وتشير التوقعات في الأسواق المالية إلى أن المستثمرين يتوقعون أن يقوم البنك المركزي بخفض تكاليف الاقتراض بمقدار ربع نقطة مئوية إضافية في اجتماعه المقبل في 12 ديسمبر. ويتوقع بعض المشاركين في السوق خفضاً أكبر استناداً إلى النشاط الأخير في أسواق المراهنات، وفق «رويترز».

وقال فيليروي في كلمة ألقاها في بنك فرنسا الذي يرأسه أيضاً: «في رأينا الحالي، هناك أسباب قوية لخفض أسعار الفائدة في الثاني عشر من ديسمبر، ويجب أن تظل الخيارات مفتوحة فيما يتعلق بحجم الخفض، استناداً إلى البيانات الاقتصادية الواردة، والتوقعات المستقبلية وتقييم المخاطر».

وأضاف فيليروي أن البنك المركزي الأوروبي لا ينبغي أن يستبعد إمكانية خفض أسعار الفائدة في الاجتماعات المستقبلية.

وبعد ديسمبر، يتوقع المستثمرون أن يواصل «المركزي الأوروبي» خفض أسعار الفائدة في اجتماعاته المستقبلية على الأقل حتى يونيو (حزيران) 2025، وهو ما قد يخفض سعر الفائدة على الودائع من 3.25 في المائة حالياً إلى 1.75 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

ومع استقرار التضخم عند هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة وتباطؤ آفاق النمو، قال فيليروي إن أسعار الفائدة يجب أن تتحرك نحو مستوى لا يعيق النمو ولا يحفزه، والذي حدده بأنه يتراوح بين 2 و2.5 في المائة.

وأضاف فيليروي: «هل ينبغي لنا أن نذهب إلى أبعد من ذلك؟ لا أستبعد ذلك في المستقبل إذا استمر تباطؤ النمو، وكان هناك خطر انخفاض التضخم إلى ما دون الهدف».

من جانبه، قال رئيس البنك المركزي الهولندي، كلّاس نوت، إن «المركزي الأوروبي» يجب أن يُميز بشكل أكثر وضوحاً بين الأدوات المستخدمة في توجيه السياسة النقدية لمكافحة التضخم، وتلك التي تهدف إلى استقرار الأسواق المالية.

وقد أدت سلسلة الأزمات التي اجتاحت العالم في العقد الماضي، بدءاً من التضخم المنخفض للغاية، مروراً بجائحة كورونا، وصولاً إلى الارتفاع الحاد في التضخم، إلى إجبار «المركزي الأوروبي» على ابتكار أدوات جديدة، مما أثر على مبدأ فصل الأدوات السياسية عن تلك المستخدمة في ضمان الاستقرار المالي.

وفي خطاب ألقاه في باريس، قال نوت، الذي يعد أطول أعضاء المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي خدمة: «من الآن فصاعداً، قد يكون من المناسب الفصل بين الأدوات التي توجه السياسة النقدية وتلك التي تدعم انتقال السيولة»، وأضاف: «فصل السياسة النقدية عن ضمان انتقال السيولة بشكل متسق أمر منطقي، لأن هذه العمليات قد تتطلب تطبيقاً في اتجاهات متعارضة».

وفي النسخة الحديثة من مبدأ «الفصل»، يجب أن يُحدد غرض الأداة بناءً على وظيفتها: «توجيه السياسة النقدية مقابل ضمان انتقال موحد، بدلاً من تعريفها ببساطة على أنها (إنشاء السيولة)»، وفقاً لما ذكره نوت.

وتشهد المناقشات حول كيفية استخدام البنك المركزي الأوروبي بعض أدواته تصاعداً، في الوقت الذي يستعد فيه البنك لمراجعة استراتيجيته العام المقبل، بهدف استخلاص الدروس من التجربة الحالية للتضخم.

ومن القضايا الأساسية التي ستثار في هذا السياق هي كيفية استخدام مشتريات السندات، الأداة الرئيسية التي اعتمد عليها «المركزي الأوروبي» في معظم فترات العقد الماضي. وعلى الرغم من أن شراء السندات يمكن أن يسهم سريعاً في استقرار الأسواق، فإن تلك الديون تظل في ميزانية البنك لفترة طويلة، بينما لا يزال «المركزي الأوروبي» الذي واجه صعوبة في كبح التضخم في الآونة الأخيرة، محتفظاً بتريليونات من اليورو من السندات التي تم شراؤها عندما كان التضخم منخفضاً.

ويشير بعض الاقتصاديين، مثل عضو مجلس إدارة «المركزي الأوروبي»، إيزابيل شنايبيل، إلى أن مشتريات السندات قصيرة الأجل والمؤقتة يجب أن تظل في إطار الاستخدام، لكن ينبغي توخي الحذر عند الاعتماد على عمليات الشراء الممتدة، المعروفة بالتيسير الكمي، نظراً لتأثيراتها طويلة الأمد.

وأكد نوت أن «أداة حماية النقل» التي قد تُستخدم للحد من الزيادات غير المنضبطة وغير المبررة في تكاليف الاقتراض، تمثل مثالاً جيداً لفصل الأدوات، حيث إن وجود هذه الأداة بمفردها قد ساعد في تهدئة الأسواق، مما مكّن «المركزي الأوروبي» من رفع أسعار الفائدة.