صندوق النقد الدولي يشيد بمرونة الاقتصاد البحريني رغم التحديات المالية

توقعات بنمو 3 % في 2024 و3.5 % خلال 2025

منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)
منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي يشيد بمرونة الاقتصاد البحريني رغم التحديات المالية

منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)
منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)

أعلن صندوق النقد الدولي عقب اختتام مجلسه التنفيذي مشاورات المادة الرابعة مع مملكة البحرين، أنه على الرغم من التحديات المالية الصعبة والظروف الجيوسياسية المضطربة، فإن الاقتصاد البحريني شهد نمواً ملحوظاً حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 3 في المائة عام 2023. كما سجل معدل التضخم السنوي لمؤشر أسعار المستهلكين انخفاضاً حاداً، ليصل إلى 0.1 في المائة مقارنة بـ3.6 في المائة عام 2022.

التحديات المالية والديون الحكومية

ورغم هذه النتائج الإيجابية، فإن صندوق النقد أشار إلى تدهور الوضع المالي للبحرين، حيث انخفض العجز الكلي في الموازنة إلى 8.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفع الدين الحكومي الإجمالي إلى 123 في المائة من الناتج المحلي. وكان هذا انعكاساً لتراجع التحسن الكبير في الفترة من 2021 إلى 2022. ورغم أن نسبة الإيرادات غير النفطية إلى النفقات التشغيلية الأولية بقيت أعلى قليلاً من هدف برنامج التوازن المالي البالغ 40 في المائة في عام 2023، فإن هناك حاجة لجهود مالية إضافية لوضع الدين على مسار نزولي مستدام. ورغم انخفاضه إلى 5.9 في المائة من الناتج المحلي، فإن الحساب الجاري استمر في تحقيق فائض. وبفضل ربط العملة بالدولار الأميركي، تماشى الموقف النقدي مع سياسة الاحتياطي الفيدرالي، في حين ظل القطاع المصرفي البحريني قوياً من حيث رأس المال والأرباح بفضل تقاليد الرقابة المالية السليمة.

التوقعات المستقبلية

وبحسب صندوق النقد الدولي، يُتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي في البحرين بنسبة 3 في المائة عام 2024، مع ارتفاع محتمل إلى 3.5 في المائة عام 2025، مدعوماً بتحديثات في قطاع التكرير والنمو المتزايد في الائتمان للقطاع الخاص. وعلى المدى المتوسط، يُتوقع أن يواصل الناتج المحلي الإجمالي النمو بنسبة 3 في المائة، مع اعتماد أكبر على القطاع غير النفطي الذي من المتوقع أن يشكل نحو 90 في المائة من الاقتصاد بحلول عام 2029. كما يتوقع أن يرتفع معدل التضخم لمؤشر أسعار المستهلكين إلى 1.2 في المائة عام 2024، قبل أن يتقارب تدريجياً إلى 2 في المائة على المدى الطويل. ومع ذلك، لا تزال حالة عدم اليقين مرتفعة، والمخاطر السلبية كبيرة، بما في ذلك التصعيد المحتمل في النزاعات الإقليمية، وتقلبات أسعار السلع، والتجزئة الجيواقتصادية.

توجيهات صندوق النقد

اتفق المديرون التنفيذيون مع تقييم فريق العمل وأشادوا بمرونة الاقتصاد البحريني، المدعوم بجهود تنويع الاقتصاد نحو القطاع غير النفطي. وفي ظل المخاطر العالية، أكد المديرون على ضرورة وجود خطة مالية مُحكمة وإصلاحات هيكلية تعزز القدرة التنافسية لضمان الاستقرار المالي والاستدامة. وشجعوا على تكثيف جهود التوحيد المالي لتقليص الدين، وزيادة الإيرادات غير النفطية من خلال توسيع قاعدة ضريبة القيمة المضافة، وإدخال ضريبة دخل الشركات، وتقليص الإنفاق خارج الموازنة.

كما أكد المديرون على أن ربط العملة بالدولار يشكل مرساة نقدية قوية، مع ضرورة وضع خطة لسداد السحب على المكشوف في البنك المركزي. وأشادوا بسلامة النظام المصرفي البحريني، وشجعوا على تعزيز الاستقرار المالي. كما أكدوا أهمية تطوير سوق السندات بالعملة المحلية، وتحسين الإطار المصرفي والإشرافي. كذلك رحبوا بالأجندة الإصلاحية البحرينية التي أسهمت في تنوع الاقتصاد، وشجعوا على زيادة مرونة سوق العمل وتحسين مشاركة النساء في القوى العاملة. كما دعوا إلى تعزيز السياسات المناخية من خلال تقليص دعم الطاقة وزيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة. وأشادوا بجهود البحرين في تحسين جودة البيانات الاقتصادية والسعي للانضمام إلى معايير نشر البيانات (SDDS).

الالتزام بالجهود المالية المستدامة

أشار بيان صندوق النقد الدولي إلى أن السلطات تتفق تماماً على ضرورة الاستمرار في الجهود المالية بعد انتهاء برنامج التوازن المالي هذا العام، بهدف تحقيق تخفيض كبير في الدين الحكومي على المدى المتوسط. كما أكدت على تقدمها الملحوظ في تحسين الإطار المالي والرقابي، ما يسهم في تعزيز الاستقرار المالي. وقد أبرزت التزامها الراسخ بتنويع الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص في دفع عجلة النمو، إضافة إلى تعزيز مشاركة النساء في سوق العمل. وفي هذا السياق، تعهدت السلطات بتحسين جودة البيانات الاقتصادية والشفافية، مع السعي الجاد للانضمام إلى معايير نشر البيانات الخاصة (SDDS) في المستقبل.

ومن المتوقع أن تُعقد المشاورات المقبلة للمادة الرابعة مع مملكة البحرين في الدورة المعتادة كل 12 شهراً.


مقالات ذات صلة

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

الاقتصاد مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا) - لشبونة)
الاقتصاد تظهر سحب داكنة فوق مبنى الرايخستاغ مقر البرلمان الألماني في برلين (رويترز)

الاقتصاد الألماني يتباطأ مجدداً... نمو أقل من المتوقع

نما الاقتصاد الألماني بوتيرة أقل من التقديرات السابقة في الربع الثالث، بحسب ما أعلن مكتب الإحصاء يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

أعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الخميس، سلسلةً من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

أكد عضو البنك المركزي الأوروبي، فرانسوا فيليروي دي غالو، اليوم (الخميس)، أن البنك يجب أن يبقي خياراته مفتوحة لخفض أكبر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مشيراً إلى أن الفائدة قد تنخفض إلى مستويات تحفز النمو الاقتصادي مرة أخرى.

وتشير التوقعات في الأسواق المالية إلى أن المستثمرين يتوقعون أن يقوم البنك المركزي بخفض تكاليف الاقتراض بمقدار ربع نقطة مئوية إضافية في اجتماعه المقبل في 12 ديسمبر. ويتوقع بعض المشاركين في السوق خفضاً أكبر استناداً إلى النشاط الأخير في أسواق المراهنات، وفق «رويترز».

وقال فيليروي في كلمة ألقاها في بنك فرنسا الذي يرأسه أيضاً: «في رأينا الحالي، هناك أسباب قوية لخفض أسعار الفائدة في الثاني عشر من ديسمبر، ويجب أن تظل الخيارات مفتوحة فيما يتعلق بحجم الخفض، استناداً إلى البيانات الاقتصادية الواردة، والتوقعات المستقبلية وتقييم المخاطر».

وأضاف فيليروي أن البنك المركزي الأوروبي لا ينبغي أن يستبعد إمكانية خفض أسعار الفائدة في الاجتماعات المستقبلية.

وبعد ديسمبر، يتوقع المستثمرون أن يواصل «المركزي الأوروبي» خفض أسعار الفائدة في اجتماعاته المستقبلية على الأقل حتى يونيو (حزيران) 2025، وهو ما قد يخفض سعر الفائدة على الودائع من 3.25 في المائة حالياً إلى 1.75 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

ومع استقرار التضخم عند هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة وتباطؤ آفاق النمو، قال فيليروي إن أسعار الفائدة يجب أن تتحرك نحو مستوى لا يعيق النمو ولا يحفزه، والذي حدده بأنه يتراوح بين 2 و2.5 في المائة.

وأضاف فيليروي: «هل ينبغي لنا أن نذهب إلى أبعد من ذلك؟ لا أستبعد ذلك في المستقبل إذا استمر تباطؤ النمو، وكان هناك خطر انخفاض التضخم إلى ما دون الهدف».

من جانبه، قال رئيس البنك المركزي الهولندي، كلّاس نوت، إن «المركزي الأوروبي» يجب أن يُميز بشكل أكثر وضوحاً بين الأدوات المستخدمة في توجيه السياسة النقدية لمكافحة التضخم، وتلك التي تهدف إلى استقرار الأسواق المالية.

وقد أدت سلسلة الأزمات التي اجتاحت العالم في العقد الماضي، بدءاً من التضخم المنخفض للغاية، مروراً بجائحة كورونا، وصولاً إلى الارتفاع الحاد في التضخم، إلى إجبار «المركزي الأوروبي» على ابتكار أدوات جديدة، مما أثر على مبدأ فصل الأدوات السياسية عن تلك المستخدمة في ضمان الاستقرار المالي.

وفي خطاب ألقاه في باريس، قال نوت، الذي يعد أطول أعضاء المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي خدمة: «من الآن فصاعداً، قد يكون من المناسب الفصل بين الأدوات التي توجه السياسة النقدية وتلك التي تدعم انتقال السيولة»، وأضاف: «فصل السياسة النقدية عن ضمان انتقال السيولة بشكل متسق أمر منطقي، لأن هذه العمليات قد تتطلب تطبيقاً في اتجاهات متعارضة».

وفي النسخة الحديثة من مبدأ «الفصل»، يجب أن يُحدد غرض الأداة بناءً على وظيفتها: «توجيه السياسة النقدية مقابل ضمان انتقال موحد، بدلاً من تعريفها ببساطة على أنها (إنشاء السيولة)»، وفقاً لما ذكره نوت.

وتشهد المناقشات حول كيفية استخدام البنك المركزي الأوروبي بعض أدواته تصاعداً، في الوقت الذي يستعد فيه البنك لمراجعة استراتيجيته العام المقبل، بهدف استخلاص الدروس من التجربة الحالية للتضخم.

ومن القضايا الأساسية التي ستثار في هذا السياق هي كيفية استخدام مشتريات السندات، الأداة الرئيسية التي اعتمد عليها «المركزي الأوروبي» في معظم فترات العقد الماضي. وعلى الرغم من أن شراء السندات يمكن أن يسهم سريعاً في استقرار الأسواق، فإن تلك الديون تظل في ميزانية البنك لفترة طويلة، بينما لا يزال «المركزي الأوروبي» الذي واجه صعوبة في كبح التضخم في الآونة الأخيرة، محتفظاً بتريليونات من اليورو من السندات التي تم شراؤها عندما كان التضخم منخفضاً.

ويشير بعض الاقتصاديين، مثل عضو مجلس إدارة «المركزي الأوروبي»، إيزابيل شنايبيل، إلى أن مشتريات السندات قصيرة الأجل والمؤقتة يجب أن تظل في إطار الاستخدام، لكن ينبغي توخي الحذر عند الاعتماد على عمليات الشراء الممتدة، المعروفة بالتيسير الكمي، نظراً لتأثيراتها طويلة الأمد.

وأكد نوت أن «أداة حماية النقل» التي قد تُستخدم للحد من الزيادات غير المنضبطة وغير المبررة في تكاليف الاقتراض، تمثل مثالاً جيداً لفصل الأدوات، حيث إن وجود هذه الأداة بمفردها قد ساعد في تهدئة الأسواق، مما مكّن «المركزي الأوروبي» من رفع أسعار الفائدة.