اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

عوائد السندات الحكومية ترتفع مع زيادة الرهانات على رفع الفائدة

أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)
أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)
TT

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)
أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر، وفقاً لوثيقة حكومية اطلعت عليها «رويترز»، يوم الخميس.

الإنفاق المقترَح، الذي يتجاوز الـ13.2 تريليون ين المخصصة لحزمة التحفيز الاقتصادي للعام الماضي، من المتوقَّع أن يزيد من تفاقم المالية العامة المثقلة بالديون في اليابان، حيث إن الدين العام حالياً يبلغ ضعفي حجم الاقتصاد.

وتشمل الحزمة أيضاً نحو 8 تريليونات ين للاستثمار والإقراض الحكومي، بالإضافة إلى إنفاق من قبل الحكومات المحلية، مما يجعل إجمالي الحزمة يصل إلى 39 تريليون ين عند تضمين التمويل الخاص، وفقاً للوثيقة.

وقد تم تأكيد هذه الأرقام من قبل 3 مصادر حكومية وحزبية أخرى رفضت الكشف عن هويتها لأن المسألة لم تُعلن بعد.

وستتضمن الحزمة التحفيزية 30 ألف ين (193 دولاراً) للأسر منخفضة الدخل المعفاة من الضرائب السكنية، و20 ألف ين لكل طفل في الأسر التي تضم عائلات، وفقاً لمصادر مطلعة على الموضوع.

وتم حل العقبات الرئيسية بشأن الحزمة، يوم الأربعاء، بعد أن اتفق الائتلاف الحاكم في اليابان مع حزب معارض رئيسي على مشروع الحزمة.

وقال كبير الاقتصاديين في معهد «دايوا» للأبحاث، تاكايوكي سوييوشي: «لست متأكداً مما إذا كانت الحزمة الاقتصادية بهذا الحجم ضرورية الآن. عندما تظهر علامات على زيادة الاستهلاك الخاص وتحول نمو الأجور الحقيقية إلى الإيجابية».

وأضاف أن هدف اليابان في تحقيق فائض أولي في الموازنة، العام المالي المقبل، سيكون من الصعب تحقيقه الآن.

وقدرت الحكومة، في يوليو (تموز)، أن اليابان ستحقق فائضاً أولياً في الموازنة قدره 0.8 مليار ين في السنة المالية (2025)، مما يعني أن الإيرادات الضريبية ستتجاوز النفقات بشكل طفيف.

وفي الماضي، استخدمت اليابان الموازنات التكميلية، التي تتراوح عادة بين بضعة تريليونات من الين، للتعامل مع النفقات الطارئة، مثل الإغاثة من الكوارث. ولكن ذلك تغير في عام 2020، عندما تضخمت الموازنة لتصل إلى 73 تريليون ين لمكافحة جائحة «كوفيد - 19».

منذ ذلك الحين، واصلت اليابان وضع موازنات تكميلية ضخمة ممولة إلى حد كبير بالديون. العام الماضي، تم تمويل نحو 9 تريليونات ين من الـ13 تريليون ين المخصصة للإنفاق، من خلال ديون جديدة.

ولا يزال حجم السندات الجديدة التي قد تحتاج اليابان إلى إصدارها غير واضح؛ ففي العام الماضي، أصدرت الحكومة نحو 9 تريليونات ين من السندات لتمويل الموازنة التكميلية.

وقد حذر صندوق النقد الدولي من أن اليابان يجب أن تمول أي خطط إنفاق إضافية ضمن موازنتها بدلاً من إصدار المزيد من الديون، مُحفِّزة الحكومة على ترتيب أوضاعها المالية مع تحوّل بنك اليابان عن برنامجه التحفيزي الذي دام عقداً من الزمن.

ويعني هذا التحول في السياسة النقدية أن الحكومة لم تَعُد تستطيع الاعتماد على تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية، وعلى البنك المركزي، لتمويل الديون بشكل فعال.

وتحدد وزارة المالية سعر الفائدة الافتراضي للسنة التي تبدأ في أبريل (نيسان) المقبل، عند 2.1 في المائة، ارتفاعاً من 1.9 في المائة في السنة الحالية، مما يزيد من تكاليف خدمة الدين من المدفوعات والفوائد إلى 28.9 تريليون ين، مقارنةً بـ27 تريليون ين للسنة الحالية.

في المقابل، قفزت عوائد السندات الحكومية اليابانية، يوم الخميس، بعد أن أثارت تصريحات من محافظ بنك اليابان تكهنات متزايدة بشأن احتمال رفع الفائدة في وقت مبكر.

وارتفع العائد على السندات الحكومية اليابانية لمدة 5 سنوات إلى 0.75 في المائة، مسجلاً أعلى مستوى له منذ يونيو (حزيران) 2009، بعدما زاد بمقدار 3.5 نقطة أساس ليصل إلى 0.745 في المائة.

كما شهد العائد على السندات الحكومية لمدة عامين ارتفاعاً بمقدار 2.5 نقطة أساس ليصل إلى 0.575 في المائة، بينما ارتفع العائد على السندات لمدة 10 سنوات بمقدار 3 نقاط أساس ليبلغ 1.095 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ 25 يوليو.

وقال محافظ بنك اليابان، كازو أوييدا، إنه لا يزال هناك شهر كامل حتى الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية، ومن المتوقع أن تتوفر معلومات إضافية قبل ذلك الحين.

وأوضحت ميكي دين، الاستراتيجية في «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية، أن هذه التصريحات تشير إلى إمكانية رفع الفائدة، الشهر المقبل، مما دفع العوائد للارتفاع بشكل ملحوظ.

كما ارتفع العائد نتيجة للحذر الذي ساد السوق قبيل اجتماع مهم لتجار السندات الحكومية اليابانية، الأسبوع المقبل، حيث قد تشير وزارة المالية إلى احتمالية زيادة في بيع السندات ذات المدى المتوسط، حسبما أفادت به دين.

من ناحية أخرى، ارتفع العائد على السندات الحكومية اليابانية لمدة 20 عاماً بمقدار 1.5 نقطة أساس ليصل إلى 1.9 في المائة. بينما انخفض العائد على السندات لمدة 30 عاماً بمقدار 0.5 نقطة أساس ليبلغ 2.28 في المائة.

زيادة واردات الصلب الصينية تضغط على الصناعة اليابانية

على صعيد آخر، انخفض إنتاج الصلب الخام في اليابان بنسبة 7.8 في المائة، في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنةً بالعام الماضي، مسجلاً بذلك تراجعاً سنوياً للشهر الثامن على التوالي، وذلك نتيجة للضعف المستمر في الطلب من قطاعات البناء والتصنيع المحلية.

وتراجع إنتاج الصلب الخام الذي لا يتم تعديله موسمياً، إلى 6.92 مليون طن متري في أكتوبر، رغم أنه شهد زيادة بنسبة 4.6 في المائة مقارنة بشهر سبتمبر (أيلول).

وأشار محلل في الاتحاد الياباني للحديد والصلب إلى أن الإنتاج في ثالث أكبر دولة منتجة للصلب في العالم يعاني من تراجع مستمر، بسبب تباطؤ نشاطات البناء نتيجة لارتفاع تكاليف المواد ونقص اليد العاملة، بالإضافة إلى تعافٍ بطيء في صناعة السيارات. كما أن الزيادة في الواردات شكلت ضغوطاً إضافية على السوق.

وعلى الرغم من الطلب الضعيف في اليابان وتراجع قيمة الين، ارتفعت واردات الصلب العادي بنسبة 8.7 في المائة لتصل إلى 3.75 مليون طن متري في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر، مع زيادة ملحوظة في الواردات من الصين بنسبة 14 في المائة، وفقاً لبيانات الاتحاد.

وأوضح المحلل قائلاً: «في ظل تراجع الأسواق الخارجية نتيجة لزيادة صادرات الصين، فإن بعض صادرات الصلب اليابانية تواجه تحديات أيضاً بسبب تدابير مكافحة الإغراق التي فرضتها عدة دول».

وأشار مسؤول حكومي، الشهر الماضي، إلى أن الحكومة اليابانية قد تتخذ إجراءات تجارية، إذا لزم الأمر، استجابة لزيادة صادرات الصلب من الصين، أكبر منتج للصلب في العالم.

وتشير مصادر صناعية ومحللون إلى أن شركات الصلب الصينية، التي تصدر حالياً كميات تقترب من أعلى مستوياتها في عقد من الزمان، ستستمر في دفع شحناتها في عام 2025 من أجل إدارة فائض الإنتاج وضعف الطلب المحلي، مما يهدد بتفاقم التوترات التجارية المتزايدة.


مقالات ذات صلة

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد منظر عام يُظهر منطقة الأعمال المركزية بوسط مدينة نيروبي (رويترز)

كينيا تستهدف خفض عجز الموازنة 3.8 % في السنة المالية المقبلة

أعلنت كينيا استهدافها خفض عجز الموازنة بنسبة 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2025-2026، الممتدة من يوليو (تموز) 2025 - يونيو (حزيران) 2026

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا»: تأثير الموازنة على التضخم يثير الغموض بشأن خفض الفائدة

قال كبار مسؤولي بنك إنجلترا إن التأثيرات المحتملة للزيادات الضريبية في أول موازنة تقدّمها الحكومة على التضخم تُعدّ أكبر نقطة غموض فيما يتعلق بالفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إطلالة على الحي المالي في لندن (رويترز)

الاقتصاد البريطاني يتراجع خلال سبتمبر في انتكاسة لطموحات ريفز

شهد الاقتصاد البريطاني تراجعاً غير متوقع في سبتمبر (أيلول)، ما أدى إلى تباطؤ النمو بشكل كبير في الربع الثالث، وهو ما يشكل انتكاسة مبكرة لطموحات وزيرة المالية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بـ6 مليارات ريال... «الأهلي» السعودي يعلن انتهاء طرح صكوك إضافية

مقر بنك «الأهلي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
مقر بنك «الأهلي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

بـ6 مليارات ريال... «الأهلي» السعودي يعلن انتهاء طرح صكوك إضافية

مقر بنك «الأهلي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
مقر بنك «الأهلي» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

أعلن «البنك الأهلي السعودي»، الخميس، الانتهاء من طرح صكوك إضافية من الفئة 1، بقيمة 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار).

وكان البنك قد أعلن، الأسبوع الماضي، في بيان على موقع سوق الأسهم السعودية «تداول»، بدء طرح صكوك إضافية من الفئة 1 مقوَّمة بالريال السعودي، وطرحها على مستثمرين مؤهلين داخل المملكة.

وتقدَّر القيمة الاسمية للصك بمليون ريال (266 ألف دولار)، بينما يبلغ العائد السنوي 6 في المائة سنوياً منذ تاريخ الإصدار (شاملًا ذلك التاريخ) وحتى 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2029 (باستبعاد ذلك التاريخ).

وفي حال لم يجرِ استرداد أو شراء الصكوك، ومن ثم إلغاؤها، بموجب شروط وأحكام الصكوك بتاريخ 21 مايو (أيار) 2030 أو قبل هذا التاريخ، فستجري إعادة تعيين عائد الصك في هذا التاريخ، وكل خمس سنوات لاحقة على النحو المفصَّل في صحيفة الشروط الرئيسية المتعلقة بالصكوك.

وأشار البنك إلى أن مدة استحقاق الصكوك مستمرة، مع مراعاة إمكانية استردادها بشكل مبكر في تاريخ الاسترداد، أو وفق ما هو موضح في الشروط والأحكام.