تراجع سندات الخزانة الأميركية مع مخاوف من فوز الجمهوريين

وسط حالة من القلق حول ضعف الموازنة الفيدرالية

متداولون يعملون على أرضية بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ب)
متداولون يعملون على أرضية بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ب)
TT

تراجع سندات الخزانة الأميركية مع مخاوف من فوز الجمهوريين

متداولون يعملون على أرضية بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ب)
متداولون يعملون على أرضية بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ب)

شهدت سندات الخزانة الأميركية انخفاضاً في تعاملات متقلبة، يوم الأربعاء، وسط قلق المستثمرين من أن فوز الجمهوريين المحتمل في الانتخابات واحتفاظهم بالسيطرة على الكونغرس والبيت الأبيض قد يعززان ضعف الموازنة الفيدرالية.

وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بنحو 18 نقطة أساس، ليصل إلى 4.471 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ يوليو (تموز) الماضي، في وقت أظهرت فيه نتائج الانتخابات تقدماً ملحوظاً للرئيس السابق دونالد ترمب، وفوز الجمهوريين في السيطرة على مجلس الشيوخ، وفق «رويترز».

ويُلاحظ أن العوائد ترتفع عندما تنخفض أسعار السندات، حيث تُعدّ خطط ترمب لتقييد الهجرة، وخفض الضرائب، وفرض تعريفات جمركية على السلع، من العوامل السلبية على السندات من عدة جوانب. ومن المتوقع أن تؤدي هذه السياسات إلى تعزيز التضخم، وتقليل فرص خفض أسعار الفائدة، في حين أن تخفيضات الضرائب قد تؤدي إلى تقليص إيرادات الحكومة.

وقال كبير استراتيجيي السوق في «ريموند جيمس» لإدارة الاستثمار، مات أورتون: «أنا أبدأ القلق عندما تتجاوز العائدات مستوى 4.50 في المائة». وأضاف: «إذا لم نتمكن من عكس هذا الاتجاه التصاعدي، فسأكون أكثر تحفظاً في إضافة مزيد من المخاطر حتى نسمع من بنك الاحتياطي الفيدرالي أو نحصل على بعض التوجيه فيما يتعلق بمكان أسعار الفائدة النهائية».

وكانت أسواق السندات قد بدأت الارتفاع، في وقت سابق، بعد أن فضّلت أسواق التنبؤ عبر الإنترنت فوز ترمب على هاريس في السباق نحو البيت الأبيض. وفي المقابل، بلغ العائد على سندات الخزانة لأجل عامين ذروته عند 4.309 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس (آب) الماضي، ليجري تداوله آخِر مرة بزيادة نحو 5 نقاط أساس عند 4.2596 في المائة.

وقد قدَّرت لجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة أن خطط الإنفاق التي طرحها ترمب ستسهم في زيادة العجز الفيدرالي بنحو 7.5 تريليون دولار على مدى 10 سنوات. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ارتفعت العوائد على السندات لأجل 10 سنوات بنحو 50 نقطة أساس، حيث كانت الأسواق تتوقع احتمالاً أعلى لفوز ترمب.

من جهة أخرى، من المحتمل أن تدفع مقترحات ترمب الدولار إلى الارتفاع، مما قد يحدّ من قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة في المستقبل. وقد بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه للسياسة النقدية، يوم الأربعاء، مع توقعات بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، على الرغم من أن فوز ترمب قد يعقّد توقعات الفائدة الأميركية، في الفترة المقبلة. وفي أعقاب ذلك، قام المتداولون بتقليص رهاناتهم على مزيد من تخفيضات الفائدة، في العام المقبل، مع توقع بقاء أسعار الفائدة فوق 4 في المائة حتى مايو (أيار) 2025.

وفيما يتعلق بالسندات طويلة الأجل، جرى تداول العائد على سندات الخزانة لمدة 30 عاماً آخِر مرة بارتفاع 10.8 نقطة أساس عند 4.5582 في المائة، بعد أن بلغ أعلى مستوى له منذ يوليو (تموز)، في وقت سابق من الجلسة. كما ارتفع العائد على السندات لأجل 5 سنوات ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 4 أشهر عند 4.3290 في المائة.


مقالات ذات صلة

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد أوراق نقدية بقيمة 20 يورو (رويترز)

عائدات منطقة اليورو ترتفع مع تراجع المخاوف الجيوسياسية

ارتفعت عائدات السندات بمنطقة اليورو الأربعاء عاكسة بعض التحركات التي شهدتها في اليوم السابق عندما لجأ المستثمرون لأمان السندات بسبب مخاوف تصعيد الصراع بأوكرانيا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رجل يشاهد شاشة إلكترونية تعرض أسعار الأسهم خارج أحد البنوك في طوكيو (رويترز)

الأسهم الآسيوية ترتفع والدولار يتراجع مع ترقب تعيينات ترمب

ارتفعت الأسهم الآسيوية يوم الثلاثاء، بينما تراجعت عوائد السندات الأميركية والدولار عن أعلى مستوياتهما في عدة أشهر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» تستقر بعد مكاسب ما بعد الانتخابات

شهدت الأسهم الأميركية تحركات بطيئة، الاثنين، حيث تواصل «وول ستريت» الاستقرار بعد أن تلاشت معظم المكاسب التي حققتها عقب فوز دونالد ترمب في الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
امرأة تحمل أوراقاً نقدية من اليورو (رويترز)

التوقعات الاقتصادية تضغط على تكاليف الاقتراض في منطقة اليورو

تباينت تكاليف الاقتراض في منطقة اليورو، يوم الاثنين، حيث استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية بالقرب من أعلى مستوياتها الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.