«أرامكو» تحافظ على توزيعات بقيمة 31 مليار دولار رغم تراجع أرباحها

الناصر: حققنا صافي دخل وتدفقات نقدية حرة قوية بالربع الثالث رغم انخفاض النفط

جناح «أرامكو» في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار العالمي» المقام في الرياض (المؤتمر)
جناح «أرامكو» في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار العالمي» المقام في الرياض (المؤتمر)
TT

«أرامكو» تحافظ على توزيعات بقيمة 31 مليار دولار رغم تراجع أرباحها

جناح «أرامكو» في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار العالمي» المقام في الرياض (المؤتمر)
جناح «أرامكو» في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار العالمي» المقام في الرياض (المؤتمر)

تحتفظ عملاقة النفط «أرامكو السعودية» بأكبر توزيعات في العالم؛ حيث أبقت على توزيعاتها ربع السنوية عند 31.1 مليار دولار، وذلك رغم انخفاض أرباحها بنسبة 15.4 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي على أساس سنوي إلى 27.6 مليار دولار. وهو رقم يتجاوز توقعات المحللين البالغة 26.3 مليار دولار.

انخفاض دخلها الصافي عزته الشركة في إفصاح إلى السوق المالية السعودية (تداول) بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار النفط الخام وضعف هوامش أرباح أعمال الكيميائيات، وقابل ذلك جزئياً انخفاض ريع الإنتاج وفي ضرائب الدخل والزكاة.

وفق بيانات «أرامكو»، بلغ متوسط سعر النفط خلال الربع الثالث من العام الحالي 79.3 دولار للبرميل، مقارنة بـ89.3 دولار للبرميل خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يمثّل انخفاضاً بنسبة 11.2 في المائة.

وتنقسم التوزيعات التي أعلنت عنها «أرامكو» كالآتي: توزيعات أرباح أساسية بقيمة 20.3 مليار دولار، وتوزيعات أرباح مرتبطة بالأداء بقيمة 10.8 مليار دولار، تُدفع في الربع الرابع.

وفي هذا الصدد، قال رئيس «أرامكو السعودية» وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين الناصر إن الشركة حققت صافي دخل وتدفقات نقدية حرة قوية خلال الربع الثالث، على الرغم من انخفاض أسعار النفط. وأضاف: «نعتزم المحافظة على زخمنا الإيجابي، وتعزيز مكانتنا بوصفنا لاعباً عالمياً رائداً في مجال الطاقة والبتروكيميائيات».

وكان الناصر ذكر، الأسبوع الماضي، خلال جلسة ضمن فعاليات مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار»، إن سوق النفط حالياً متوازنة وذلك رغم تأثر الطلب العالمي بارتفاع أسعار الفائدة، وما يشهده الاقتصاد الصيني من تباطؤ في معدلات النمو.

وتعد الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم، ويعاني اقتصادها نتيجة تغيرات جوهرية في قطاع العقارات، الذي يمثل رقماً مؤثراً في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو» أمين الناصر متحدثاً في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» (المؤتمر)

الإيرادات

وتراجعت إيرادات الشركة بنسبة 1.7 في المائة إلى 111.10 مليار دولار للربع الثالث من عام 2024، مقارنة مع 113.52 مليار دولار للربع الثاني من عام 2024. وهي تفوقت كذلك على توقعات المحللين البالغة 107.6 مليار دولار.

ويعود هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تأثير انخفاض أسعار النفط الخام وضعف هوامش أرباح أعمال التكرير، وهو ما قابله جزئياً انخفاض مصاريف البيع والمصاريف الإدارية والعمومية، مدفوعة بشكل رئيسي من أرباح الأدوات المشتقة، وانخفاض ريع الإنتاج، وانخفاض ضرائب الدخل والزكاة، وفق إفصاح الشركة.

أرباحها فاقت نظيراتها العالمية

وتتمتع «أرامكو» بمركز مالي قوي، حيث إن أرباحها فاقت مكاسب نظيراتها من شركات الطاقة العالمية مجتمعة؛ إذ بلغ مجموع مكاسب شركات الطاقة 25.5 مليار دولار، في حين ربحت أرامكو 27.5 مليار دولار.

كما بلغت نسبة مديونية الشركة 1.9 في المائة، بينما بلغ متوسط نسبة المديونية لدى كبرى شركات النفط العالمية 13.8 في المائة.

إنتاج الغاز

وتسعى «أرامكو» لزيادة إنتاج الغاز بأكثر من 60 في المائة بحلول 2030، مع توقع بدء الإنتاج في حقل «الجافورة» في 2025 للوصول إلى ملياري قدم مكعبة قياسية يومياً من غاز البيع بحلول 2030. كما تهدف الشركة لإنتاج 420 مليون قدم مكعبة من الإيثان و630 ألف برميل يومياً من سوائل الغاز والمكثفات.

وفي قطاع التكرير والكيميائيات، تسعى «أرامكو» لزيادة قيمة التكامل ببيع وتسويق النفط بنسبة 53 في المائة.

وبالنسبة لمصادر الطاقة المتجددة، فإن «أرامكو» تعمل لاستخلاص وتخزين 14 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول 2035، وزيادة طاقتها الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة إلى 12 غيغاواط، وإنتاج 11 مليون طن سنوياً من الأمونيا الزرقاء.

وأعلنت «أرامكو» أنها باتت في منتصف تحقيق هدفها تحويل 4 ملايين برميل يومياً من السوائل إلى مواد كيميائية.

عوامل الانخفاض

وأوضح الرئيس الأول في إدارة الأصول في شركة «أرباح المالية» محمد الفراج لـ«الشرق الأوسط»، أن انخفاض أرباح «أرامكو» بنسبة 15.4 في المائة يعود إلى عدة عوامل رئيسية، أولها انخفاض أسعار النفط الخام، وهو المورد الأساسي للشركة، مما يؤثر بشكل مباشر على إيراداتها وأرباحها.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر الفراج أن أعمال الكيميائيات والتكرير تعاني من ضعف في هوامش الأرباح بسبب تحديات متعددة، منها زيادة التكاليف التشغيلية وتباطؤ الطلب العالمي. وأضاف «أن الأوضاع الاقتصادية العالمية، مثل التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، تؤثر أيضاً على الطلب على الطاقة وتضع ضغوطاً على أرباح الشركة».

وتابع: «وبينما يقلل انخفاض أسعار النفط من قيمة مبيعات (أرامكو) ويضغط على هوامش الأرباح، خصوصاً في قطاع التكرير، تواجه الشركة أيضاً تحديات في قطاع الكيميائيات بسبب ارتفاع تكاليف المواد الخام والطاقة، إلى جانب المنافسة الشديدة في هذا المجال».

ورغم هذه التحديات، لفت الفراج إلى أن «أرامكو» تتمتع بسياسة توزيع أرباح سخية ما زالت تحتفظ بها، إذ بلغت توزيعاتها ربع السنوية 31.05 مليار دولار، وذلك رغم انخفاض أرباحها.

واستقر سهم «أرامكو»، خلال تداولات يوم الثلاثاء، عند 27.55 ريال، مرتفعاً بنحو 0.2 في المائة.

وقال الفرّاج إن استقرار سهم «أرامكو» يعود إلى ثقة المستثمرين في الشركة بفضل حجمها وقوتها المالية، بالإضافة إلى التوزيعات المنتظمة للأرباح والتوقعات بتحقيق نمو مستقبلي قوي بفضل الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة والبتروكيميائيات.

من جهته، قال رئيس كلية لندن لاقتصاديات الطاقة، الدكتور يوسف الشمري، لـ«الشرق الأوسط» إن «أرامكو السعودية» أصبحت أكثرَ مرونةً وأقلَّ اعتماداً على أسعار النفط في تحديد ربحيتها.

ولفت إلى أن «أرامكو» تتبنى استراتيجيات مالية واستثمارية تجعلها أقل عرضة لتقلبات أسعار النفط، مشيراً إلى أن هناك انخفاضاً عاماً في هوامش الربح في صناعة التكرير عالمياً بسبب ضعف الطلب العالمي.


مقالات ذات صلة

«بلومبرغ»: «أرامكو» تتجه لزيادة الديون والتركيز على نمو توزيعات الأرباح

الاقتصاد شعار «أرامكو» في معرض في باريس (رويترز)

«بلومبرغ»: «أرامكو» تتجه لزيادة الديون والتركيز على نمو توزيعات الأرباح

تخطط شركة أرامكو السعودية لزيادة مستوى ديونها مع التركيز على تحقيق «القيمة والنمو» في توزيعات الأرباح، وفقاً لما ذكره المدير المالي للشركة زياد المرشد.

«الشرق الأوسط» (بوسطن)
الاقتصاد خلال حفل تكريم المشاريع الفائزة (أرامكو)

«أرامكو» تحصد 5 شهادات ماسية في معايير الجودة والاستدامة

حصلت شركة «أرامكو السعودية» على 5 شهادات ماسية خلال حفل تكريم المشاريع الحاصلة على شهادة مستدام «أجود» لمعايير الجودة والاستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد حفل وضع حجر الأساس (أرامكو)

«سينوبك» و«أرامكو» تبدآن إنشاء مجمع للبتروكيميائيات بقيمة 10 مليارات دولار في فوجيان الصينية

بدأت شركتا «سينوبك» الصينية و«أرامكو السعودية» إنشاء مصفاة ومجمع بتروكيميائيات في مقاطعة فوجيان جنوب شرقي الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد انبعاثات كربونية تخرج من أحد المصانع في الصين (رويترز)

«سوق الكربون الطوعي» السعودية تعمل لسد فجوة تمويل المناخ عالمياً

تسعى شركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية إلى لعب دور في سد فجوة تمويل المناخ، من خلال خطط وبرامج تقلل من حجم الانبعاثات وتعوض عن أضرارها.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد عامل في حقل نفط بأفريقيا (غيتي)

كينيا تمدد عقد شراء الوقود من شركات أرامكو وإينوك وأدنوك

مددت كينيا عقود استيراد الوقود من شركات أرامكو السعودية وبترول الإمارات الوطنية «إينوك» وبترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» الإماراتيتين حتى تصل إلى الكميات المقررة.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
TT

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)

وسط موجة من التفاؤل والتوقعات بتحولات جذرية، حافظت سوق العملات المشفرة على زخم صعودي قوي عقب فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني). هذا الحدث لم يكن مجرد منعطف سياسي، بل شكل لحظة فارقة في تاريخ العملات المشفرة؛ إذ ارتفعت قيمة «البتكوين» بشكل هائل حيث وصلت إلى ما يقرب من 100 ألف دولار.

ولم تقتصر هذه الطفرة على «البتكوين» فقط، بل امتدت إلى العملات المشفرة البديلة، مما أدى إلى تجاوز القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة 3 تريليونات دولار، وهو إنجاز غير مسبوق يعكس عمق التحولات في سوق الأصول المشفرة. وفي ظل هذه الأجواء، يراهن المستثمرون على أن دعم الإدارة الجديدة للعملات المشفرة قد يمهد الطريق لعصر ذهبي لهذه الأصول، مدعوماً بمؤشرات قوية على زيادة الاهتمام المؤسسي والمشاركة المالية على نطاق واسع.

ويوم الخميس، تسارعت وتيرة ارتفاع سعر «البتكوين» نحو حاجز الـ100 ألف دولار، حيث تجاوزت قيمته 98 ألف دولار لأول مرة خلال التداولات الأوروبية، مسجلاً ارتفاعاً بنحو 4 في المائة وفق «رويترز». وقد شهدت العملة قفزة هائلة هذا العام؛ إذ تضاعف سعرها وارتفع بنحو 40 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، عقب انتخاب ترمب رئيساً، إلى جانب فوز عدد من النواب المؤيدين للعملات المشفرة بمقاعد في الكونغرس.

وفي هذا السياق، صرّح توني سيكامور، المحلل لدى شركة «آي جي ماركتس»، قائلاً: «رغم أن السعر الحالي يبدو في منطقة مبالغ فيها، فإن الاتجاه العام يشير بوضوح إلى استهداف مستوى 100 ألف دولار بثبات».

كما تدفق أكثر من 4 مليارات دولار إلى صناديق تداول «البتكوين» المدرجة في الولايات المتحدة منذ الانتخابات. وشهد هذا الأسبوع نشاطاً قوياً في الخيارات المرتبطة بصندوق «بلاك روك» المدرج، حيث هيمنت الخيارات الشرائية التي تتوقع ارتفاع السعر على الخيارات البيعية التي تتوقع انخفاضه.

وفي موازاة ارتفاع سعر «البتكوين»، قفزت أسهم الشركات المرتبطة بالعملات المشفرة بشكل ملحوظ. فقد ارتفعت أسهم شركة «مارا هولدينغز»، المتخصصة في تعدين «البتكوين»، بنسبة تقارب 14 في المائة، بينما سجلت أسهم شركة «مايكروستراتيجي»، المعروفة باقتنائها كميات كبيرة من «البتكوين»، زيادة بنسبة 10 في المائة لتصل قيمتها السوقية إلى أكثر من 100 مليار دولار.

من جانبه، علّق ويل بيك، رئيس الأصول الرقمية في شركة «ويزدم تري»، قائلاً: «يتساءل الكثير من المتابعين عن قدرة الإدارة الحالية على تقديم الوضوح التنظيمي الذي ينتظره مجتمع العملات المشفرة. ومع ذلك، قد يكون من السابق لأوانه تحديد مدى تحقق ذلك بدقة».

وقد عززت السوق تفاؤلها بعد تقارير تفيد بتفاوض مجموعة «ترمب ميديا» للاستحواذ على منصة «باكت» للعملات المشفرة، مما أضاف زخماً إيجابياً. كما أن الاجتماع الخاص الذي عقده ترمب مع الرئيس التنفيذي لشركة «كوين بيس»، براين أرمسترونغ، أثار تكهنات حول احتمال تعيين شخصية مؤيدة للعملات المشفرة لرئاسة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قريباً. مثل هذا التوجه قد يعزز الثقة بالسوق، ويعطي دفعة إضافية لهذه العملات على الساحة الاقتصادية.

وفي خطوة تعكس الاهتمام المؤسسي المتزايد، بدأ، الثلاثاء، التداول في صناديق الاستثمار المتداولة بـ«البتكوين» (Bitcoin ETFs) على منصة «ناسداك»، مسجلةً حجم تداول بلغ نحو 2 مليار دولار في اليوم الأول. ويُبرز هذا الإقبال الكبير الدعم المتزايد من المؤسسات المالية، خاصة بعد اعتماد صناديق البتكوين الفورية (Spot Bitcoin ETFs) التي ساهمت في جذب مستثمرين مؤسسيين إلى هذا القطاع.

على صعيد موازٍ، أظهر مؤشر مشاعر المستثمرين حالة من التفاؤل المفرط، حيث بلغ مؤشر الخوف والطمع للعملات المشفرة مستوى 90 من 100، الثلاثاء، مشيراً إلى «الجشع الشديد». وتُعد هذه النتيجة دليلاً على التفاؤل الكبير الذي يسود بين المستثمرين، ما يعزز التوقعات بمواصلة «البتكوين» مسيرتها التصاعدية في الفترة المقبلة.