صفقات مليارية «مجمدة» في «وول ستريت» بانتظار الرئيس المقبل

قادة الأعمال يتوقعون انتعاشة بعد فترة عدم يقين وتضخم

لافتة تشير إلى اتجاه شارع «وول ستريت» الشهير حيث تقع بورصة نيويورك في الولايات المتحدة (أ.ب)
لافتة تشير إلى اتجاه شارع «وول ستريت» الشهير حيث تقع بورصة نيويورك في الولايات المتحدة (أ.ب)
TT

صفقات مليارية «مجمدة» في «وول ستريت» بانتظار الرئيس المقبل

لافتة تشير إلى اتجاه شارع «وول ستريت» الشهير حيث تقع بورصة نيويورك في الولايات المتحدة (أ.ب)
لافتة تشير إلى اتجاه شارع «وول ستريت» الشهير حيث تقع بورصة نيويورك في الولايات المتحدة (أ.ب)

مع أي رئيس آخر، فإن الوعود بتخفيض الضرائب وتقليل القيود على الشركات من شأنها أن تسيل لعاب صانعي الصفقات في «وول ستريت»، ولكن الأمر ليس كذلك مع رئاسة دونالد ترمب المحتملة، وذلك لأن المديرين التنفيذيين يتوقعون أن تجلب إدارة ترمب معها أيضاً حالة من عدم اليقين السياسي والحروب التجارية والحمائية والضغوط التضخمية، مما سيؤدي إلى إبطاء نشاط الدمج والاستحواذ، وفقاً لما أظهرته المقابلات مع المصرفيين والمحامين والمستشارين.

وهذا يقود بعض صناع الصفقات إلى الاعتقاد بأن بيئة نشاط عمليات الدمج والاستحواذ للشركات قد لا تبدو مختلفة كثيراً في ظل أي من المرشحين الرئاسيين: ترمب أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

بدلاً من ذلك، ينتظر صناع الصفقات حل حالة عدم اليقين حول نتيجة الانتخابات نفسها، ويتوقعون أن تنتعش عمليات الدمج والاستحواذ بحلول أوائل العام المقبل. وفي الأيام الأخيرة، توقعت استطلاعات الرأي أن هاريس وترمب يظلان متقاربين في السباق على الرئاسة.

وقال سكوت جواكيم، الرئيس المشارك لممارسة الأسهم الخاصة في «بول هاستينغز»: «فيما يتعلق بدورات الانتخابات، فإن عدم اليقين هو في كثير من الأحيان العامل الرئيسي. بمجرد أن يكون لدينا رئيس منتخب حاسم، ستتم إزالة عدم اليقين، ويمكن للأسواق التنبؤ بمزيد من الوضوح بشأن ديناميكيات السياسة التي قد تمضي قدماً». ولم يستجب ممثلو هاريس وترمب لطلبات التعليق.

وفي الوقت الحالي، فإن كثيراً من الأعمال الخاصة بعقد صفقات تبلغ مليارات الدولارات في «وول ستريت» تقف على المحك، بانتظار نتيجة الانتخابات. وفي حين ارتفعت أحجام عمليات الدمج والاستحواذ العالمية بنسبة 14 في المائة إلى 2.85 تريليون دولار حتى الآن هذا العام، انخفض نشاط الصفقات من أعلى مستوياته القياسية في عام 2021 عندما استفادت مجالس إدارة الشركات وشركات الاستحواذ من أسعار الفائدة القريبة من الصفر لمتابعة كثير من المعاملات الضخمة.

رجل يفتح محفظته في أحد المتاجر الكبرى بولاية نيويورك الأميركية (رويترز)

كما واجه كثير من المعاملات البارزة، مثل استحواذ شركة «نيبون ستيل» المقترح على شركة «يو إس ستيل» مقابل 14.9 مليار دولار، عقبات تنظيمية وحمائية زائدة، مع مراجعات أمنية وطنية أكثر صرامة.

ومع ذلك، تُظهر البيانات أن نشاط الصفقات أعلى قليلاً من المستويات التي شوهدت خلال إدارة ترمب الأولى. فخلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) 2017 وديسمبر (كانون الأول) 2020 تم توقيع صفقات بقيمة 1.63 تريليون دولار في المتوسط ​​سنوياً في الولايات المتحدة، حيث ألقى المصرفيون في ذلك الوقت باللوم على بيئة تنظيمية صعبة وغير متوقعة لعرقلة الصفقات.

خلال السنوات الثلاث الأولى من إدارة بايدن، تم توقيع صفقات بقيمة 1.9 تريليون دولار في المتوسط ​​سنوياً، على الرغم من أن هذه الأرقام تعززت بشكل أساسي بسبب حصيلة عام 2021 القياسية، وفقاً لبيانات من «ديلوجيك».

وأشار بعض المصرفيين الاستثماريين إلى أن إدارة ترمب، أيضاً، حاولت إحباط بعض الصفقات البارزة سابقاً. وفي عام 2017 على سبيل المثال، حاولت وزارة العدل الأميركية منع استحواذ «إيه تي آند تي» على «تايم وارنر». وفي عام 2018 تدخل ترمب بنجاح لإحباط استحواذ «برودكوم» المقترح على «كوالكوم» لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

زائر يستخدم جوالاً ذكياً أمام جناح شركة «كوالكوم» في أحد المعارض التكنولوجية (أ.ف.ب)

وقال أحد المصادر، الذي يقدم المشورة للرؤساء التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة، بناءً على محادثاته، إن الرؤساء التنفيذيين الذين اتجهوا تقليدياً إلى الجمهوريين أصبحوا أكثر حذراً.

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته للحديث عن محادثات سرية، إن هؤلاء الأشخاص كانوا مشروطين لعقود من الزمن للاعتقاد بأن الضرائب المنخفضة والتنظيم الأقل يفيد أعمالهم، لكنهم يدركون الآن أن القدرة على التنبؤ تحمل قيمة كبيرة أيضاً، على الرغم من صعوبة تحديدها كمياً.

ومن المؤكد أن المصرفيين الاستثماريين والمحامين قالوا إن بعض وعود ترمب سترفع القيود التي واجهوها في ظل إدارة بايدن، التي تبنت موقفاً صارماً بشأن سياسة مكافحة الاحتكار، وتحدت كثيراً من المعاملات البارزة.

وقال ويهينغ تشين، الشريك الأول في شركة المحاماة «ويلسون سونسيني»، ومقرها هونغ كونغ: «يُنظر إلى إلغاء القيود بشكل عام على أنه أحد موضوعات الانتخابات التي قد تستفيد من فوز الجمهوريين. لن تساعد مقترحات الديمقراطيين الحالية لزيادة ضريبة دخل الشركات وضريبة مكاسب رأس المال نشاط الدمج والاستحواذ».

وأضاف تشين: «قد يكون لهذين العاملين تأثير أكبر على مستوى نشاط الدمج والاستحواذ العالمي من المخاطر الجيوسياسية التي قد تستمر بغض النظر عن الجانب الذي يفوز في هذه الانتخابات».

عامل مدني يزيل بعضاً من الثلوج في أحد شوارع الشمال الشرقي للولايات المتحدة الأميركية (رويترز)

وفي الأسبوع الماضي، تلقى ترمب تأييداً من الرئيس التنفيذي لشركة «أبوللو غلوبال مانجمنت» مارك روان، الذي قال إن فوز الجمهوريين في الانتخابات من شأنه أن يحرر نشاط الدمج والاستحواذ، ويؤدي إلى تحرير الاستثمار.

لكن بعض المصرفيين والمحامين زعموا أن فوز هاريس لن يؤدي بالضرورة إلى إبطاء نشاط الدمج والاستحواذ أيضاً، حيث من المتوقع أن يخفف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي السياسة النقدية في الأمد القريب، مما يعزز أسواق التمويل التي تدفع صفقات الشركات.

وقال إريك سويدنبرغ، رئيس قسم عمليات الدمج والاستحواذ في شركة «سيمبسون ثاتشر»: «بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، تظل المحركات الأساسية للصفقات قائمة؛ حيث تسعى الشركات ورعاة الأسهم الخاصة إلى إبرام الصفقات بعد فترة طويلة من الفتور في سوق الدمج والاستحواذ».


مقالات ذات صلة

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نمو إيرادات القطاع غير الربحي بنسبة 33 % في عام 2023 (واس)

القطاع غير الربحي في السعودية يحقق نمواً ملحوظاً بإيرادات تتجاوز 14.5 مليار دولار

ارتفع إجمالي إيرادات منظمات القطاع غير الربحي في السعودية إلى 54.4 مليار ريال (14.5 مليار دولار) في عام 2023، بنمو نسبته 33 في المائة مقارنةً بعام 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سفينة حاويات تغادر ميناء قينغداو في شرق الصين (أ.ف.ب)

البنك الدولي يرفع توقعاته للنمو في الصين

رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين لعامي 2024 و2025، لكنه حذر من ضعف ثقة المستهلكين والشركات، إلى جانب التحديات في قطاع العقارات

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي التركي (رويترز)

«المركزي التركي» يخفض سعر الفائدة إلى 47.50 %

خفض «المركزي التركي» سعر فائدة «إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو)»، المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة، من 50 إلى 47.50 في المائة، متجاوزاً التوقعات السابقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مشاة أمام مبنى وزارة المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تتوقع أول فجوة إيجابية في الناتج منذ 7 سنوات

قالت الحكومة اليابانية، يوم الخميس، إنها تتوقَّع تعافي الناتج الاقتصادي إلى قدرته الكاملة في السنة المالية المقبلة، لأول مرة في 7 سنوات.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«وول ستريت» تتراجع مع ارتفاع العائدات على بعض الأسهم

أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتراجع مع ارتفاع العائدات على بعض الأسهم

أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)
أشخاص يلتقطون صوراً لمبنى بورصة نيويورك في الحي المالي (أ.ب)

تراجعت المؤشرات الرئيسية لبورصة «وول ستريت» في أحجام تداول خفيفة، يوم الخميس، تحت ضغط ارتفاع العائدات على بعض الأسهم، في وقتٍ يتوقع فيه المستثمرون عادةً دفعة نهاية العام، المعروفة باسم «رالي الميلاد».

وارتفعت العائدات على السندات الحكومية بشكل طفيف عبر مختلف الفئات، حيث بلغ العائد على السندات القياسية لأجل 10 سنوات، أعلى مستوى له منذ أوائل مايو (أيار) الماضي عند 4.64 في المائة، وفق «رويترز».

ومن بين الأسهم ذات القيمة السوقية الضخمة، تراجعت أسهم أمازون بنسبة 0.3 في المائة، بينما انخفضت أسهم «ميتا بلاتفورمز» بنسبة 0.6 في المائة. كما كانت أسهم العقارات الحساسة لأسعار الفائدة من بين الأكثر تضرراً، حيث انخفضت بنسبة 0.4 في المائة، في حين تراجعت أسهم السلع الاستهلاكية التقديرية بنسبة 0.5 في المائة.

وقال جورج سيبولوني، مدير المحافظ في شركة «بن ميوتشوال» لإدارة الأصول: «نحن الآن عند نقطة تحول في عائد سندات الخزانة، وخاصة لأجل 10 سنوات. أيّ تحرك صعودي في العائدات يميل إلى خلق ضعف في سوق الأسهم».

وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 123.50 نقطة، أو 0.30 في المائة، ليصل إلى 43173.53 نقطة، بينما خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو 15.13 نقطة، أو 0.25 في المائة، ليبلغ 6024.91 نقطة. كما تراجع مؤشر «ناسداك» المركب بمقدار 46.45 نقطة، أو 0.23 في المائة، ليصل إلى 19984.67 نقطة.

في المقابل، اختتمت الأسواق في أوروبا ولندن وأجزاء من آسيا تعاملاتها، يوم الخميس.

وكانت أسواق الأسهم قد سجلت مكاسب متتالية في الجلسات الأخيرة، حيث دعّمتها بشكل رئيسي أسهم الشركات الكبرى وأسهم النمو مثل «أبل»، و«تسلا»، و«ألفابت»، و«أمازون»، و«إنفيديا»، و«مايكروسوفت»، و«ميتا بلاتفورمز»، التي شكلت أكثر من نصف العائد الإجمالي لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، هذا العام، والبالغ 28.4 في المائة. وفي حال جرى استبعاد أكبر سبع شركات من حيث القيمة السوقية، فإن العائد الإجمالي للمؤشر كان سيصل إلى 13.2 في المائة فقط خلال عام 2024.

وفي هذا الشهر، واجهت الأسهم الأميركية عقبة بسبب التوقعات التي تشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة بشكل أقل في 2025. ومع ذلك سجلت المؤشرات الرئيسية مستويات قياسية، هذا العام؛ مدفوعة بالأمل في بيئة أسعار فائدة أقل، إلى جانب التوقعات بأن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تعزيز أرباح الشركات.

وعلى الرغم من ذلك، بدأ المستثمرون التشكيك في استدامة هذا الارتفاع، خاصة في ظل التقييمات المرتفعة، وتواصل جذب الأموال من الشركات الكبرى.

ورغم تلك التحديات، يواصل المستثمرون الأمل في نهاية قوية للعام، وهو ما يُعرف بـ«رالي الميلاد»، التي عادةً ما تستفيد من انخفاض السيولة، وحصاد الخسائر الضريبية، واستثمار المكافآت السنوية. وقد سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» متوسط ​​مكاسب بنسبة 1.3 في المائة، في آخِر خمسة أيام تداول من ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب اليومين الأولين من يناير (كانون الثاني)، منذ عام 1969.

وفي قطاع العملات المشفرة، تراجعت أسهم الشركات المرتبطة بالبتكوين، بعد أن هبطت العملة الرقمية الأكبر في العالم بنسبة تزيد عن 3 في المائة. كما انخفضت أسهم «كوين بيس غلوبال» بنسبة 1.4 في المائة، في حين خسرت «رايوت بلاتفورمز» و«مارا هولدينغز» أكثر من 2.4 في المائة لكل منهما.

وفي بورصة نيويورك، تفوقت الأسهم المتراجعة على الرابحة بنسبة 3.08 إلى 1، بينما سجلت بورصة «ناسداك» نسبة 2.03 إلى 1. كما سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعين جديدين خلال 52 أسبوعاً، وانخفاضاً جديداً واحداً، بينما سجل مؤشر «ناسداك» المركب 17 ارتفاعاً جديداً، و24 انخفاضاً جديداً.