وكالات التصنيف تؤكد تحديات المالية العامة البريطانية بعد الموازنة الجديدة

سوق السندات تواجه أسوأ أسبوع لها منذ أشهر

تعبر الحافلات جسر واترلو والحي المالي لمدينة لندن في الخلفية (رويترز)
تعبر الحافلات جسر واترلو والحي المالي لمدينة لندن في الخلفية (رويترز)
TT

وكالات التصنيف تؤكد تحديات المالية العامة البريطانية بعد الموازنة الجديدة

تعبر الحافلات جسر واترلو والحي المالي لمدينة لندن في الخلفية (رويترز)
تعبر الحافلات جسر واترلو والحي المالي لمدينة لندن في الخلفية (رويترز)

أكدت وكالات التصنيف الائتماني الرائدة يوم الجمعة على التحديات الصعبة التي تواجه المالية العامة البريطانية، وذلك بعد إعلان أول موازنة للحكومة الجديدة التي اتسمت بزيادة كبيرة في الإنفاق والاقتراض. وقد أدى ذلك إلى انخفاض ملحوظ في أسعار السندات الحكومية البريطانية على مدى يومين.

ووصفت وكالة «ستاندرد آند بورز» التوقعات المالية بأنها «مقيدة»، بينما اعتبرت «موديز» أن قرار وزيرة المالية راشيل ريفز بزيادة الاقتراض يخلق «تحدياً إضافياً لآفاق ضبط الأوضاع المالية الصعبة بالفعل»، وفق «رويترز».

وقد أعلنت ريفز يوم الأربعاء عن أكبر زيادات ضريبية خلال ثلاثة عقود، مشيرةً إلى الحاجة إلى إصلاح الخدمات العامة بجانب الزيادة الكبيرة في الاقتراض لتمويل الاستثمار.

ورغم أن وكالات التصنيف لم تشر إلى احتمال خفض التصنيف، فإن «موديز» ذكرت أن المستثمرين سيكونون أقل تسامحاً مع أخطاء حكومة حزب العمال مقارنة بالماضي، وذلك بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد في عهد رئيسة الوزراء آنذاك ليز تروس القصيرة في عام 2022.

وأوضحت «موديز» في تقريرها: «نتوقع أن تظل الأسواق المالية أكثر حساسية لاحتمال حدوث أخطاء سياسية في المملكة المتحدة، بسبب الاضطرابات التي شهدتها سوق السندات الحكومية بعد الموازنة المصغرة في سبتمبر (أيلول) 2022».

وأفادت «ستاندرد آند بورز» بأنها لم تعدل توقعاتها للاقتراض في المستقبل بعد الموازنة، حيث كانت قد توقعت سابقاً ارتفاعاً كبيراً في احتياجات التمويل في بريطانيا.

وأضافت الوكالة: «لم نقم بتعديل توقعاتنا الرئيسية لعجز الموازنة بعد إعلانها، وذلك لأن توقعاتنا الحالية تشمل بالفعل عجزاً أوسع يعكس الضغوط المستمرة على الإنفاق العام».

ويوم الجمعة، اتجهت تكاليف الاقتراض الحكومي البريطاني قصير الأجل نحو أكبر قفزة أسبوعية لها في أكثر من عام، في حين شهد الجنيه الإسترليني أطول فترة من الخسائر الأسبوعية في ست سنوات، وذلك نتيجة لرفع موازنة الضرائب والإنفاق لحزب العمال توقعات التضخم.

وارتفعت عائدات السندات الحكومية لأجل عامين، التي قادت موجة البيع مع تقليص المستثمرين لتوقعات خفض أسعار الفائدة، بمقدار 26 نقطة أساس على مدار الأسبوع، لتسجل أكبر زيادة أسبوعية منذ يونيو (حزيران) 2023. في المقابل، زادت العائدات القياسية لأجل 10 سنوات بمقدار 21 نقطة أساس، وهو أكبر تحرك أسبوعي هذا العام، بعد أن لامست أعلى مستوى لها في عام يوم الخميس عند 4.526 في المائة.

ومع ذلك، انخفضت العائدات يوم الجمعة وارتفع الجنيه الإسترليني قليلاً، ما يشير إلى هدوء معنويات المستثمرين.

وعلى الرغم من أهمية ارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي وانخفاض الجنيه الإسترليني، فإن السرعة والحجم أقل بكثير من الأزمة التي هزت الأسواق في سبتمبر 2022 بعد موازنة تروس التي تضمنت تخفيضات ضريبية غير ممولة بمليارات الدولارات.

وقالت استراتيجية السوق في «سيتي إندكس»، فيونا سينكوتا: «كان عام 2022 شيئاً خارج النطاق حقاً، لكن هذا لا يعني أن ما شهدناه هذا الأسبوع لم يكن مهماً».

وارتفعت العائدات مع استيعاب الأسواق لخطط الحكومة، التي ستضيف نحو 70 مليار جنيه إسترليني سنوياً إلى فاتورة الإنفاق العام، وفقاً للهيئة الرقابية البريطانية، مع تغطية ما يزيد قليلاً عن نصفها بضرائب أعلى والباقي بزيادة الاقتراض. ويتوقع مكتب مسؤولية الموازنة في المملكة المتحدة الآن أن يبلغ متوسط التضخم 2.6 في المائة العام المقبل، مقارنةً بتوقعات سابقة بلغت 1.5 في المائة.

ويتوقع المتعاملون خفض أسعار الفائدة بأقل من 90 نقطة أساس بحلول نهاية العام المقبل، بعد أن وضعوا في الحسبان أكثر من نقطة مئوية قبل الموازنة. ولا يزالون يتوقعون خفض أسعار الفائدة في اجتماع بنك إنجلترا الخميس المقبل، لكنهم قلصوا فرصة خفضها في ديسمبر (كانون الأول) إلى أقل من 50 في المائة.

وارتفع الجنيه الإسترليني 0.3 في المائة مقابل اليورو يوم الجمعة، رغم أنه لا يزال في طريقه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي له مقابل العملة الموحدة في أكثر من عام، منخفضاً 1 في المائة مقابل الدولار. واستقر عند 1.291 دولار، لكنه انخفض 0.4 في المائة على مدار الأسبوع، متجهاً نحو خامس انخفاض أسبوعي له - وهو أطول سلسلة من هذا القبيل منذ أواخر عام 2018.

وأشارت سينكوتا إلى أن هبوط العملة مع تقليص الأسواق لرهانات خفض أسعار الفائدة يدل على أن الموازنة لا تُعتبر إيجابية للنمو. وقد قام مكتب مسؤولية الموازنة بمراجعة توقعات النمو بشكل متواضع لهذا العام والعام المقبل، لكنه خفضها لعامي 2026-2027.

وفي الوقت الحالي، من المرجح أن تظل السندات البريطانية متوترة، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية الأسبوع المقبل. وأوضح الرئيس المشارك لقسم الدخل الثابت العالمي في «لازارد» لإدارة الأصول، مايكل وايدنر: «نتوقع تقلبات عالية في أسواق أسعار الفائدة العالمية الأسبوع المقبل، وهو ما قد يكون أكثر وضوحاً في السندات الحكومية».


مقالات ذات صلة

إقرار «المصافحة الذهبية» في السعودية على غرار نماذج عالمية

الاقتصاد موظفون في جناح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية بأحد المؤتمرات (منصة إكس)

إقرار «المصافحة الذهبية» في السعودية على غرار نماذج عالمية

أقرَّت السعودية برنامج «المصافحة الذهبية» ليقدم حوافز مالية تشجع استقالة بعض الموظفين الحكوميين طوعاً بهدف خفض النفقات وتحديث الكفاءات.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد يسير الناس على طول الواجهة البحرية في لا ديفانس بالحي المالي والتجاري بالقرب من باريس (رويترز)

فرنسا تستهدف تضخماً 1.4 % وخفض الإنفاق العام في موازنة 2025

قالت وزيرة الموازنة الفرنسية أميلي دي مونتشالين، يوم الأربعاء، إن الحكومة تستهدف معدل تضخم يبلغ 1.4 في المائة، هذا العام، كما تهدف إلى خفض الإنفاق العام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)

«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، إن الاقتصاد الكويتي، الذي يعتمد في الغالب على الموارد الطبيعية، يواجه تحديات مستمرة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تتحدث في مجلس العموم بعد زيارتها الأخيرة للصين (أ.ف.ب)

ريفز: الاضطرابات المالية تؤكد ضرورة تسريع جهود تحفيز النمو في بريطانيا

أصرت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، على أن الاضطرابات في الأسواق المالية تؤكد ضرورة تسريع وتعميق جهود تحفيز النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث في جامعة لندن كوليدج (د.ب.أ)

ستارمر يدافع عن ريفز ويؤكد التزام الحكومة بخطط الإصلاح الاقتصادي

اضطر رئيس الوزراء كير ستارمر يوم الاثنين للدفاع عن وزيرة ماليته، راشيل ريفز، مؤكداً أنها ستضمن تمويل الإنفاق اليومي من خلال الضرائب مع ضمان النمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن )

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ليل الجمعة - السبت، إطلاق عملته المشفرة التي تحمل اسمه، ما أثار موجة شراء زادت قيمتها الإجمالية إلى عدة مليارات من الدولارات في غضون ساعات.

وقدّم ترمب، في رسالة نُشرت على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» وعلى منصة «إكس»، هذه العملة الرقمية الجديدة بوصفها «عملة ميم»، وهي عملة مشفرة ترتكز على الحماس الشعبي حول شخصية، أو على حركة أو ظاهرة تلقى رواجاً على الإنترنت.

وليس لـ«عملة ميم» فائدة اقتصادية أو معاملاتية، وغالباً ما يتم تحديدها على أنها أصل مضاربي بحت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضح الموقع الرسمي للمشروع أن هذه العملة «تحتفي بزعيم لا يتراجع أبداً، مهما كانت الظروف، في إشارة إلى محاولة اغتيال ترمب خلال حملة الانتخابات الأميركية في يوليو (تموز) التي أفضت إلى انتخابه رئيساً».

وسرعان ما ارتفعت قيمة هذه العملة الرقمية، ليبلغ إجمالي القيمة الرأسمالية للوحدات المتداولة نحو 6 مليارات دولار.

ويشير الموقع الرسمي للمشروع إلى أنه تم طرح 200 مليون رمز (وحدة) من هذه العملة في السوق، في حين تخطط شركة «فايت فايت فايت» لإضافة 800 مليون غيرها في غضون 3 سنوات.

ويسيطر منشئو هذا الأصل الرقمي الجديد، وبينهم دونالد ترمب، على كل الوحدات التي لم يتم تسويقها بعد، وتبلغ قيمتها نظرياً نحو 24 مليار دولار، بحسب السعر الحالي.