نمو غير متوقع لاقتصاد منطقة اليورو

رغم تهديدات الرسوم الجمركية وضعف الثقة

المنطقة المالية التي تضم المقر الرئيسي لـ«دويتشه بنك» أكبر بنك تجاري في ألمانيا (رويترز)
المنطقة المالية التي تضم المقر الرئيسي لـ«دويتشه بنك» أكبر بنك تجاري في ألمانيا (رويترز)
TT

نمو غير متوقع لاقتصاد منطقة اليورو

المنطقة المالية التي تضم المقر الرئيسي لـ«دويتشه بنك» أكبر بنك تجاري في ألمانيا (رويترز)
المنطقة المالية التي تضم المقر الرئيسي لـ«دويتشه بنك» أكبر بنك تجاري في ألمانيا (رويترز)

نما اقتصاد منطقة اليورو بشكل أسرع من المتوقع في الربع الماضي، لكن التهديدات المحتملة بفرض رسوم جمركية مرتفعة من المرشح دونالد ترمب حال فوزه بالانتخابات الرئاسية، والتوترات التجارية المتصاعدة مع الصين، وضعف ثقة المستهلكين، تُبقي على آفاق النمو ضعيفة.

وأظهرت بيانات «المكتب الأوروبي للإحصاء (يوروستات)»، يوم الأربعاء، أن الناتج المحلي الإجمالي في 20 دولة تشترك في «اليورو» نما بنسبة 0.4 في المائة خلال الربع الثالث مقارنة بالربع السابق عليه، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى 0.2 في المائة، لكنه لا يزال يُظهر هشاشة، حيث ظل القطاع الصناعي في حالة ركود، ونما استهلاك الأسر بشكل ضئيل، وفق «رويترز».

وبالمقارنة مع الربع نفسه من العام الماضي، فقد ارتفع النمو بالمنطقة إلى 0.9 في المائة من 0.6 في المائة قبل 3 أشهر، مما أبقى النمو السنوي عند أو أقل من واحد في المائة، وهو لا يزال أقل مما يعدّه خبراء الاقتصاد «محتملاً»، أو معدل النمو الطبيعي دون صدمات أو تحفيز.

وجاءت المفاجأة الكبرى من ألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة، التي سجلت نمواً بنسبة 0.2 في المائة بفضل زيادة الاستهلاك العام والخاص، على الرغم من أن كثيراً من المسؤولين توقعوا ركوداً في ضوء معاناة قطاعها الصناعي الضخم.

وقال الخبير الاقتصادي في بنك «آي إن جي»، كارستن بريسكي: «هذا لا يغير حقيقة أن الاقتصاد لا يزال عالقاً في طريق مسدودة. فزيادة حالات الإفلاس، وإعلان الشركات عن تخفيضات وظيفية، يلوحان في الأفق، مما يشكل تهديداً كبيراً لسوق العمل التي كانت تُعدّ من أبرز نقاط القوة في السنوات الأخيرة».

كما أظهرت فرنسا وإسبانيا مرونة غير متوقعة، لكن الأرقام تشير إلى أن الكتلة لا تزال متأخرة عن الولايات المتحدة، التي كانت الأفضل أداءً لعقود، مع اتساع الفجوة في السنوات الأخيرة.

ومن المتوقع أن تستقر نسبة النمو السنوية في الولايات المتحدة عند 3 في المائة خلال الربع الثالث بفضل استهلاك قوي وإنفاق حكومي كبير.

وقد تتسع فجوة النمو بين الاقتصادين بشكل أكبر.

وحذر المرشح الرئاسي الأميركي، دونالد ترمب، الذي وعد بفرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على الواردات من جميع الدول، ورسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات من الصين، يوم الثلاثاء، بأن أوروبا ستدفع «ثمناً باهظاً» إذا فاز.

ومن المحتمل أن تؤدي أي رسوم جديدة إلى ردود فعل مضادة، مما يزيد التكاليف ويخفض التجارة العالمية، وهي عامل رئيسي لاقتصاد أوروبا، الذي يعتمد بشكل كبير على الحركة الحرة للبضائع.

ويأتي العداء التجاري الأميركي وسط تصاعد التوترات مع الصين بعد أن قرر الاتحاد الأوروبي الليلة الماضية رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين إلى نحو 45.3 في المائة.

الركود

ومع عدم وضوح آفاق النمو المستقبلية، فمن غير المرجح أن تُغير أرقام يوم الأربعاء التوقعات بأن «البنك المركزي الأوروبي» سيخفض أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. لكن المفاجأة الإيجابية تجعل خفضاً أكبر بمقدار 50 نقطة أساس غير مرجح، حيث تُسعر الأسواق الآن تحركات ثابتة بمقدار 25 نقطة أساس.

وكان نمو منطقة اليورو يتأرجح بالقرب من الصفر على مدار العامين الماضيين حيث عانى قطاعها الصناعي المهيمن من ضربات متتالية.

وتسبب ارتفاع تكاليف الطاقة نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا في تقليل الهوامش، بينما ساهمت التحولات في أنماط استهلاك السيارات، وضعف الاقتصاد الصيني، في تقليل الطلب من عملائها التقليديين.

وقد أثر هذا الوضع بشكل خاص على ألمانيا، حيث حذر معظم المسؤولين هناك من عدم وجود أي تعافٍ ملموس في الأفق، ومن المرجح أن يظل عام 2025 أقل من المستوى المحتمل أيضاً.

وفي تسليط للضوء على الصعوبات التي تواجهها الكتلة، أعلنت شركة صناعة السيارات «فولكس فاغن»، يوم الأربعاء، عن انخفاض بنسبة 42 في المائة بالأرباح التشغيلية، حيث أثر الأداء الضعيف في وحدتها الأساسية لسيارات الركاب والتكاليف المرتفعة، بما في ذلك تجديد الطرازات، على هوامش الربح.


مقالات ذات صلة

الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

الاقتصاد حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

أعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الخميس، سلسلةً من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي»: تصاعد التوترات التجارية يزيد المخاطر على الاستقرار المالي

خلص البنك المركزي الأوروبي، في تقريره نصف السنوي للاستقرار المالي، إلى أن تصاعد التوترات التجارية العالمية يشكل خطراً على اقتصاد منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

«غولدمان ساكس» يتوقع وصول «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6500 نقطة بنهاية 2025

توقع «غولدمان ساكس» أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6500 نقطة بحلول نهاية عام 2025، لينضم إلى «مورغان ستانلي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.