عملة موحّدة لـ«بريكس»... هل هي قابلة للتطبيق؟

صندوق النقد الدولي بحاجة إلى تفاصيل حول نظام مدفوعات المجموعة

بوتين يعرض الورقة النقدية الرمزية التي تحاكي عملة المجموعة (نوفوستي)
بوتين يعرض الورقة النقدية الرمزية التي تحاكي عملة المجموعة (نوفوستي)
TT

عملة موحّدة لـ«بريكس»... هل هي قابلة للتطبيق؟

بوتين يعرض الورقة النقدية الرمزية التي تحاكي عملة المجموعة (نوفوستي)
بوتين يعرض الورقة النقدية الرمزية التي تحاكي عملة المجموعة (نوفوستي)

كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة «بريكس» المنعقدة في مدينة قازان الروسية، عن ورقة نقدية رمزية تحاكي عملة المجموعة، تتضمّن رسوماً تشير إلى العمل المشترك في إطار المجموعة.

وترمز الورقة النقدية التي تحمل أعلام البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إلى الطموحات الجماعية لهذه الدول، في إطار استكشاف بدائل للدولار الأميركي في المعاملات عبر الحدود.

ويسلط هذا التطور الضوء على الجهود المتزايدة داخل مجموعة «بريكس» لإنشاء نظام اقتصادي أكثر استقلالية، وأقل اعتماداً على الهياكل المالية الغربية.

الورقة النقدية الرمزية (منصة إكس)

وذكر السكرتير الصحافي لـ«الكرملين» دميتري بيسكوف، أن بوتين اطلع على الورقة في قمة المجموعة، وقال: «الرئيس الروسي بعد مشاهدته الورقة الرمزية عرضها مبتسماً على الوزراء في الحكومة الروسية وسلّمها إلى رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا». وأوضح بيسكوف أن الورقة تحمل معنى رمزياً يشير إلى «العمل المشترك الذي يجري تنفيذه في إطار (بريكس)»، مشيراً إلى أن جهة روسية -إما غرفة التجارة والصناعة وإما جهة أخرى- هي التي طبعت الورقة الرمزية.

قابلية إصدار عملة موحدة

ولكن هل يمكن لمجموعة «بريكس» أن تكون لها عملتها الورقية الخاصة مثل عملة اليورو المشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي؟

قد تكون عملة «بريكس» الورقية ممكنة؛ لكنها عملية تستغرق سنوات من التحضير، حيث تتطلّب إنشاء بنك مركزي جديد واتفاقاً بين الدول الأعضاء في «بريكس» على التخلص التدريجي من عملاتها السيادية الخاصة بها. ومن المرجح أن تحتاج أيضاً إلى دعم صندوق النقد الدولي؛ لتكون العملة ناجحة على الصعيد الدولي، وهو ما ترفضه المجموعة في الأصل؛ إذ إنها تتهم الصندوق بأنه أداة تعمل لمصلحة الغرب.

كما تحتاج العملة الورقية إلى أن تكون مغطاة بالذهب بوصفه وسيلة لإبراز قوتها. ويتحدث محللون في هذا الإطار عن أنها يفترض أن تكون مغطاة بالذهب بما نسبته 40 في المائة، مقابل 60 في المائة من عملات دول «بريكس».

ولكن، نظراً إلى أن الصين هي أكبر اقتصاد في مجموعة «بريكس» -إذ إنها تمثّل وحدها 69 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لـ«بريكس»- فمن المفترض أن تهيمن عملة اليوان على سلة العملات؛ الأمر الذي سيخلق اختلافاً كبيراً بين الأعضاء، خصوصاً الهند التي لا يتوقع تأييدها لهذا الحل في ضوء علاقاتها غير المثالية مع الصين.

من هنا، يرى محللون أن عملة «بريكس» لن تكون عملة في حد ذاتها، بمعنى أنها لن تتخذ شكلاً مادياً، إنما ستكون افتراضية. ومن المرجح أن تُستخدم حصرياً على منصة الدفع المسماة «إم بريدج».

و«إم بريدج» هي منصة مدفوعات تجريبية طوّرها بنك التسويات الدولية، إلى جانب البنوك المركزية في الصين وهونغ كونغ وتايلاند والإمارات العربية المتحدة، وستعمل بوصفها بوابة للتسويات بالعملات الرقمية للبنوك المركزية.

وفي حالة «بريكس» ستعمل «إم بريدج» بديلاً لمنصة الدفع الأكثر استخداماً اليوم، المسماة نظام جمعية الاتصالات المالية بين البنوك العالمية (سويفت).

صندوق النقد الدولي

وفي تعليقها على المعلومات الواردة عن نظام المدفوعات البديل عبر الحدود المقترح من «بريكس»، قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، إنها تحتاج إلى رؤية مزيد من التفاصيل عن النظام لتحديد تأثيره، لكنها رفضت أي تهديد محتمل لصندوق النقد الدولي. وقالت في مؤتمر صحافي بواشنطن حيث تُعقد الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين بالتزامن مع قمة «بريكس» في قازان، إن «فكرة وجود نظام مدفوعات لمجموعة من الدول ليست جديدة. ما نحتاج إلى رؤيته هو مزيد من التفاصيل. ما هو موجود في هذه الفكرة، وكيف يمكن أن تُترجم إلى واقع ملموس، وبعد ذلك سنكون قادرين على تقييمها». أضافت: «لكن على نطاق أوسع، ما أدركه بوجه عام هو أن لدينا أعضاء مختلفين يشكلون مجموعات مختلفة، لكن جميع الأعضاء يدعمون صندوق النقد الدولي».


مقالات ذات صلة

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري كيف يؤثر الحضور المصري - الإثيوبي في «بريكس» على نزاع «سد النهضة»؟

رغم أن «بريكس» هو تجمع لتكامل قدرات وإمكانات الدول المنخرطة فيه، لكن ذلك لم يمنع ظهور إشارات على عمق الخلاف المصري - الإثيوبي خلال القمة التي استضافتها روسيا.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في قمة «بريكس بلس 2024» بمدينة قازان الروسية (الخارجية السعودية)

وزير الخارجية السعودي: استمرار العدوان الإسرائيلي يشكل خطراً إقليمياً ودولياً

أعرب وزير الخارجية السعودي عن قلق الرياض من تصاعد التوترات العالمية، مؤكداً أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة يشكل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (قازان)
العالم الرئيس الصيني شي جينبينغ (إ.ب.أ)

شي أمام قمة «بريكس»: السلام في العالم يواجه «تحديات عميقة»

اعتبر الرئيس الصيني شي جينبينغ في خطابه أمام قمة «بريكس» أن السلام في العالم لا يزال يواجه «تحديات عميقة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

محافظ «المركزي» في بنغلاديش: سرقة 17 مليار دولار من البنوك في عهد الشيخة حسينة

محافظ «المركزي» في بنغلاديش: سرقة 17 مليار دولار من البنوك في عهد الشيخة حسينة
TT

محافظ «المركزي» في بنغلاديش: سرقة 17 مليار دولار من البنوك في عهد الشيخة حسينة

محافظ «المركزي» في بنغلاديش: سرقة 17 مليار دولار من البنوك في عهد الشيخة حسينة

اتهم رئيس البنك المركزي الجديد في بنغلاديش كبار رجال الأعمال المرتبطين بنظام الشيخة حسينة بالعمل مع أعضاء وكالة الاستخبارات العسكرية القوية في البلاد، لسحب 17 مليار دولار من القطاع المصرفي أثناء حكمها.

وفي مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز»، قال أحسن منصور - الذي جرى تعيينه محافظاً لبنك بنغلاديش بعد فرار الشيخة حسينة من البلاد في يونيو (حزيران) الماضي - إن المديرية العامة لمخابرات القوات ساعدت في فرض عمليات الاستيلاء على البنوك الرائدة.

وقال منصور إن ما يقدَّر بنحو 2 تريليون تاكا (16.7 مليار دولار) جرى إخراجه من بنغلاديش بعد عمليات الاستيلاء على البنوك، باستخدام أساليب مثل القروض المقدَّمة لمساهميها الجدد، وفواتير الاستيراد المتضخمة. وأضاف: «هذه أكبر عملية سرقة للبنوك، وفقاً لأي معايير دولية. لم يحدث ذلك على هذا النطاق في أي مكان، وكان برعاية الدولة، ولم يكن من الممكن أن يحدث لولا قيام رجال الاستخبارات بوضع البنادق على رؤوس [الرؤساء التنفيذيين السابقين للبنوك]».

وقال المحافظ إن محمد سيف العلم، مؤسس ورئيس مجموعة «إس علم» الصناعية، وزملاءه «اختلسوا» ما لا يقل عن 10 مليارات دولار «حداً أدنى» من النظام المصرفي، بعد السيطرة على البنوك، بمساعدة المديرية العامة للاستثمار. وأضاف: «كانوا يمنحون أنفسهم قروضاً كل يوم».

وفي بيان أصدرته شركة المحاماة «كوين إيمانويل أوركهارت آند سوليفان»، نيابة عن سيف العلم، قالت مجموعة «إس علم» إن مزاعم منصور «لا أساس لها من الصحة». وقالت المجموعة: «إن الحملة المنسقة التي شنتها الحكومة المؤقتة ضد مجموعة إس علم وعدد من الشركات الرائدة الأخرى في بنغلاديش، فشلت في احترام المبادئ الأساسية للإجراءات القانونية الواجبة».

وقال البيان: «لقد قوَّضت بالفعل ثقة المستثمرين، وأسهمت في تدهور القانون والنظام. نظراً لسِجلّ المجموعة ومساهماتها، فإننا نجد الاتهامات التي وجهها المحافظ... مفاجئة وغير مبرَّرة».

وكانت الشيخة حسينة في السلطة لمدة عقدين من الزمان في بنغلاديش، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة، وثاني أكبر مُصدّر للملابس في العالم، لكن حكمها شابته مزاعم التلاعب بالأصوات، وسجن وتعذيب المعارضين، والفساد المستشري. وفرَّت رئيسة الوزراء السابقة إلى الهند، في أغسطس (آب) الماضي، ولا يُعرَف مكان وجودها الحالي.

وقد تعهدت الحكومة المؤقتة، برئاسة الحائز على جائزة نوبل محمد يونس، والتي تولّت السلطة بعد هروب الشيخ حسينة، مراراً باستعادة الأموال التي تزعم أنها اختُلست من قِبل أعضاء النظام وشركائهم.

وقال منصور، المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي الذي أخبر صحيفة «فاينانشال تايمز»، الشهر الماضي، بأنه طلب مساعدة المملكة المتحدة للتحقيق في ثروات حلفاء الشيخة حسينة بالخارج، إن أعضاء مجالس إدارة البنوك الرائدة كانوا مستهدَفين تحت حكمها.

وقد اختطف مسؤولون استخباراتيون أعضاء مجالس الإدارة من منازلهم، ونقلوهم إلى أماكن أخرى مثل الفنادق، وأُمروا «تحت تهديد السلاح» ببيع جميع أسهمهم في البنوك «للسيد إس علم»، والاستقالة من مناصبهم بصفتهم مديرين. وقال: «لقد فعلوا ذلك في بنك تلو الآخر».

وقال أحد الرؤساء التنفيذيين السابقين للبنك، لصحيفة «فاينانشال تايمز»، إنه أُجبر على الاستقالة من منصبه، في جزء من عملية استحواذ قسرية.

وقال محمد عبد المنان، الرئيس التنفيذي السابق لبنك إسلامي في بنغلاديش، أحد أكبر البنوك المقرضة في البلاد، إنه تعرَّض لضغوط من «أشخاص مرتبطين بالحكومة آنذاك» منذ عام 2013. وشمل ذلك الضغط لتجنيد أعضاء مجلس الإدارة، بناءً على اقتراح مكتب رئيس الوزراء، وتفتيش «أشخاص مرتبطين بوكالات حكومية» لغرفة فندق يستخدمها أحد المديرين الأجانب للبنك. وقال عبد المنان إنه في يناير (كانون الثاني) 2017، جرى تحويل مساره في طريقه إلى اجتماع مجلس الإدارة، واصطحابه لمقابلة مسؤول دفاعي كبير، ثم احتجازه ليوم عمل كامل؛ لإجباره على الاستقالة.