تعاون واسع النطاق بين أنقرة والرياض يشمل الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا

سفير تركيا لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لرفع التبادل التجاري إلى 10 مليارات دولار

السفير التركي لدى المملكة العربية السعودية  د. أمر الله إيشلر (الشرق الأوسط)
السفير التركي لدى المملكة العربية السعودية د. أمر الله إيشلر (الشرق الأوسط)
TT

تعاون واسع النطاق بين أنقرة والرياض يشمل الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا

السفير التركي لدى المملكة العربية السعودية  د. أمر الله إيشلر (الشرق الأوسط)
السفير التركي لدى المملكة العربية السعودية د. أمر الله إيشلر (الشرق الأوسط)

في خطوة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي، أعلنت مصادر دبلوماسية تركية سعي أنقرة والرياض إلى رفع سقف التبادل التجاري بينهما ليصل إلى 10 مليارات دولار. وتشمل مجالات التعاون الواعدة بين البلدين الصناعات الدفاعية، والذكاء الاصطناعي، والأنظمة الذاتية، والتعلم الآلي، وأنظمة الدفاع الجوي، وتكنولوجيات الفضاء.

وقال السفير التركي لدى السعودية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور أمر الله إيشلر، إن التعاون الحالي يتواصل في صعوده في قطاعات الطاقة، وإنتاج الأغذية، والزراعة، والصناعات العسكرية، والبنية التحتية، والسياحة، والتكنولوجيا، والبناء. وأشار إلى أنه من المتوقع انعقاد اجتماع المجلس التنسيقي في الرياض قبل نهاية العام الحالي.

وشدد إيشلر على أن تركيا مستعدة لبذل قصارى جهدها لنقل تكنولوجياتها وخبرتها إلى المملكة العربية السعودية، في إطار التحول الكبير الذي تشهده المملكة وفق «رؤية 2030». وأكد أن هذا التعاون سيسهم في تعميق جذور العلاقات التاريخية المشتركة بين البلدين بشكل أكبر.

العلاقات التجارية والاستثمارية

ولفت إيشلر إلى أن حجم التبادل التجاري الثنائي شهد نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث بلغ 6.8 مليار دولار في عام 2023، وفي النصف الأول من عام 2024، وصل حجم التبادل إلى 3.7 مليار دولار. وأشار إلى أن الهدف المستقبلي بين البلدين هو تحقيق تجارة بقيمة 10 مليارات دولار في المدى القصير.

وشدد على أن البلدين يركزان على قطاعات الطاقة، وإنتاج الأغذية، والزراعة، والصناعات العسكرية، والبنية التحتية، والسياحة، والتكنولوجيا، والبناء. وأوضح أنه منذ عام 2002، بلغ حجم الاستثمار المباشر من السعودية إلى تركيا ملياري دولار، فيما بلغ حجم الاستثمار المباشر من تركيا إلى السعودية 84 مليون دولار.

وأكد إيشلر أن بلاده مستعدة لبذل قصارى جهدها لتبادل خبراتها مع المملكة في جميع المجالات، ضمن التحول الذي تشهده السعودية في إطار «رؤية 2030»، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء.

التعاون المالي

وعلى صعيد التعاون المالي، قال إيشلر: «إن استمرار الاقتصاد التركي في تحقيق تقدم كبير عبر صعوده المستمر في سلم الاقتصاد العالمي سينعكس إيجاباً على العلاقات بين البلدين، العضوين في مجموعة العشرين».

ولفت إلى أن التعاون التركي - السعودي في المجال المالي، يُعد مجالاً واعداً ويعكس العلاقات المتنامية بين البلدين، مشيراً إلى أن هذا التعاون يسهم في تعزيز قوة اقتصادهما من خلال خلق بيئة ملائمة لتدفقات رأس المال بينهما.

وتابع إيشلر: «في هذا السياق، تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون المالي بين البلدين في أثناء زيارة وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، للرياض، للمشاركة في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار».

وأشار إيشلر إلى أن مذكرة التفاهم تشمل التعاون في مجالات إصلاحات المالية العامة والضرائب، والسياسات المالية المتعلقة بتغير المناخ، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والسياسات المالية الوطنية، وتعزيز العلاقات الثنائية، وتحسين التنسيق والتعاون على المستوى العالمي.

وشدد على أن التعاون المالي بين البلدين يستند إلى المصالح المشتركة والرغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، مع التركيز على الاستفادة من الفرص المتاحة في كلتا السوقين.

خطة مشتركة للتعاون الدفاعي

وأبدى إيشلر تفاؤله بشأن الأثر الإيجابي لبروتوكول تعديل محضر إنشاء المجلس التنسيقي، الذي وُقع في أثناء زيارة الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية، والوفد المرافق له إلى تركيا في 14 يوليو (تموز) 2024. حيث استقبله الرئيس رجب طيب إردوغان، وجرى اللقاء مع نظيره التركي، وزير الخارجية هاكان فيدان.

وأكد إيشلر أن هذا البروتوكول، الذي يشمل جميع الوزارات في البلدين، سيسهم في تطوير العلاقات وتعزيز مجالات التعاون، فضلاً عن تنسيق القضايا الثنائية والإقليمية والدولية بينهما. وأعرب عن تطلعه لعقد الاجتماع التالي للمجلس التنسيقي في الرياض قبل نهاية العام الحالي.

وأوضح أن فلسفة الاكتفاء الذاتي للسعودية ضمن «رؤية 2030» تتماشى مع الرؤية التركية للصناعة الدفاعية. وقد أسست الشركات التركية أنظمة دفاعية غيَّرت قواعد اللعبة، بفضل سياسات رئاسة الصناعات الدفاعية (SSB) التي تعطي الأولوية لتطوير القدرات المحلية.

وأضاف إيشلر أن تقنيات الجيل القادم، مثل الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذاتية والتعلم الآلي وأنظمة الدفاع الجوي وتكنولوجيات الفضاء، يمكن أن تكون محور جدول أعمال التعاون الثنائي، في وقت «تتمتع شركاتنا بإمكانات هائلة لتحقيق نجاحات جديدة من خلال المفهوم المشترك للاعتماد على القدرات الذاتية والتاريخ المشترك».

علاقات تاريخية عميقة

حسب إيشلر، فإن العلاقات السعودية - التركية تتمتع بعمق تاريخي، حيث كانت تركيا من أولى الدول التي اعترفت بمملكة الحجاز وافتتحت ممثليتها الدبلوماسية عام 1926. وقد تكللت هذه العلاقات بمعاهدة الصداقة الموقَّعة عام 1929، التي أرست أسس التعاون بين البلدين.

وأشار إلى زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز لتركيا عام 2006، وكذلك زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لتركيا في عامي 2015 و2016، مؤكداً أن الزيارات المتبادلة تعكس عمق العلاقات الممتدة من الماضي إلى الحاضر.

ولفت إلى زيارات الرئيس رجب طيب إردوغان الأخيرة للمملكة، وزيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لتركيا في عام 2022، مؤكداً أنها تعكس الإرادة السياسية على أعلى مستوى لتطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون المشترك.

وأضاف إيشلر: «سنواصل تعزيز تعاوننا وتطوير العلاقات الثنائية في جميع المجالات، خصوصاً في الصناعات الدفاعية والمقاولات، وما يدل على ذلك، زيارة فخامة الرئيس رجب طيب إردوغان المملكة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 برفقة الوزراء وكبار المسؤولين وأكثر من 200 رجل أعمال».

وتابع: «خلال هذه الزيارة، وقَّعت تركيا والمملكة عدداً من الصفقات التي تشمل الاستثمار، والصناعات الدفاعية، والطاقة، والإعلام، ونسعى لاستمرار توقيع مزيد من الاتفاقيات لتعزيز تعاوننا في مختلف المجالات».


مقالات ذات صلة

الرياض تحتضن قادة الشركات العالمية لمناقشة مستقبل الاستثمار الرياضي

رياضة سعودية الاستضافات الرياضية السعودية تعزز من الاستثمار في البنى التحتية وغيرها (واس)

الرياض تحتضن قادة الشركات العالمية لمناقشة مستقبل الاستثمار الرياضي

يقدم منتدى الاستثمار الرياضي المقرر انعقاده خلال الفترة من 7 إلى 9 أبريل المقبل، رؤى استراتيجية تهدف إلى تعزيز القطاع الرياضي في المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عمال في موقع بناء بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

15 ألف ترخيص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية بالرياض خلال نوفمبر

تجاوز عدد التراخيص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية في العاصمة السعودية الرياض 15 ألفاً، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي توزعت على عدد من الجهات الحكومية والخاصة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شعار شركة «إكس إيه آي»... (رويترز)

«المملكة القابضة» تستثمر 400 مليون دولار إضافية في «إكس إيه آي»

استحوذت شركة «المملكة القابضة» على حصة إضافية من شركة «إكس إيه آي» المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بقيمة 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من عمليات الكشف عن الثروات المعدنية في السعودية التي تشهد توسعاً بهذا القطاع (الشرق الأوسط)

نمو اكتشاف المعادن في السعودية يجذب المستثمرين ويعزز القطاع

سجلت السعودية ارتفاعاً ملحوظاً في المعادن المكتشفة إذ وصلت كميات الذهب إلى نحو 140 مليون أوقية بزيادة 40 مليون أوقية.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد نموذج للمخطط العام المحدّث لـ«مدينة المعرفة الاقتصادية» (الشرق الأوسط)

«مدينة المعرفة» تطلق صندوقاً استثمارياً بقيمة 277 مليون دولار لتطوير مشروع عقاري

أعلنت «مدينة المعرفة الاقتصادية» السعودية، الاثنين، توقيع اتفاقية إطارية مع شركتَي «سدرة المالية» و«رسيل العقارية» لإنشاء صندوق استثمار عقاري خاص مغلق.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
TT

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة الرقمية، بالإضافة إلى انخفاض ثقة المستخدمين في الأنظمة عبر الإنترنت، ومحدودية الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مشيراً إلى أن المشهد الرقمي سريع التطور يكشف عن 18 اتجاهاً تحويلياً ضمن ثلاثة محاور تتمثل في المنظومات الذكية المستدامة، والمجتمعات الممكّنة، والثقة والأمن.

ولفت التقرير، الصادر من منظمة التعاون الرقمي، إلى أن الاتجاهات الحالية المؤثرة بحلول 2025 تتمحور في اتساع الترابط العالمي، وتطبيق الذكاء الاصطناعي المتخصص والمتاح محلياً، وبناء المهارات الرقمية وتعزيز التعلم المستمر، موضحاً أن الاتجاهات الناشئة المؤثرة، خلال السنوات 3-5 المقبلة، تتمثل في ضمان عالم آمن وشامل رقمياً، والاستفادة من أنواع جديدة من البيانات، وإدارة الذكاء الاصطناعي فائق الذكاء، مؤكداً، في الوقت نفسه، أن المحاور الرئيسية التي يستند إليها التقرير تشمل المنظومات الذكية المستدامة، والمجتمعات الممكّنة، والثقة والأمن.

وقالت الأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي ديمة اليحيى: «الاقتصاد الرقمي يشكل قوة دافعة وراء الابتكار العالمي، ويعيد تشكيل الصناعات والمجتمعات والحياة اليومية بوتيرة غير مسبوقة. وللبقاء في الطليعة ضمن هذه البيئة الديناميكية، لا بد من امتلاك رؤى قابلة للتنفيذ وتحليلات قوية وفهم عميق للأنماط الناشئة».

وتابعت: «تقرير (توجهات الاقتصاد الرقمي) السنوي الصادر عن منظمة التعاون الرقمي هو عبارة عن دليل موثوق به، حيث يقدم نظرة عامة شاملة عن التطورات الجارية في الاقتصاد الرقمي وإمكاناتها في تشكيل الشركات والحكومات والأفراد في عام 2025 وما بعده».

وجاء إصدار التقرير بعد أن شاركت المنظمة في منتدى حوكمة الإنترنت، الذي نظمته الأمم المتحدة تحت شعار «نبتكر معاً لنصنع الغد» في العاصمة السعودية الرياض، خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عبر المساهمة في عدد من الحوارات الرئيسية حول الجوانب التحويلية للاقتصاد الرقمي.

وبدأت أنشطة منظمة التعاون الرقمي باجتماع وزاري لقادة الحكومات حول المعلومات المضللة، حيث شدد الحاضرون على أهمية التعاون في رعاية منظومة رقمية مرنة.

ودعت الأمين العام للمنظمة إلى التعاون الدولي بين مختلف أصحاب المصلحة؛ لتعزيز الثقة الرقمية، وذلك في كلمة رئيسية ألقتها في المنتدى، وخلال جلسة حوارية بعنوان «استكشاف متاهة المعلومات المضللة: التعاون الاستراتيجي من أجل مستقبل رقمي موثوق»، والتي جمعت نخبة من القادة والخبراء الدوليين من مختلف دول العالم.

استناداً إلى جهود منظمة التعاون الرقمي لتعزيز تنفيذ الميثاق الرقمي العالمي، الذي جرى اعتماده، في وقت سابق من هذا العام، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، جرى عقد جلسة الميثاق الرقمي العالمي على هامش منتدى حوكمة الإنترنت، والذي استضافه منظمة التعاون الرقمي، والغرفة التجارية الدولية، ومكتب المبعوث التقني للأمم المتحدة.

كما عقدت المنظمة ورشتيْ عمل ضمن مسرعات الفضاء الرقمي (DSA) حول موضوعيْ «بناء ذكاء اصطناعي أخلاقي: أداة لسياسات الحوكمة المسؤولة والمتمحورة حول الإنسان للذكاء الاصطناعي»، و«نحو مستقبل أكثر صداقة للبيئة عبر معالجة النفايات الإلكترونية»، بالإضافة إلى حلقة نقاش بعنوان «الفضاء الرقمي الآمن للأطفال».

كما شارك وفد منظمة التعاون الرقمي في فعاليات وجلسات أخرى عُقدت في منتدى إدارة الإنترنت حول موضوعات متنوعة، بدءاً من إدارة البيانات والذكاء الاصطناعي، وتدفق بيانات الإنترنت في مبادرات السياسة التجارية، وصولاً إلى المرأة في مجال الألعاب، وغير ذلك الكثير.

وعُقد منتدى حوكمة الإنترنت، لهذا العام، في ظل إعلان الميثاق الرقمي العالمي الذي جرى اعتماده مؤخراً، والذي يتصور مستقبلاً رقمياً آمناً يركز على الإنسان. وتدعم منظمة التعاون الرقمي إعلان مبادئ التعاون الرقمي بوصفه خريطة طريق طموحة نحو مستقبل رقمي شامل ومفتوح ومستدام وعادل وآمن للجميع.

يُذكر أن منظمة التعاون الرقمي تأسست بوصفها منظمة دولية متعددة الأطراف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وتضم 16 دولة عضواً تمثل مجتمِعة ناتجاً محلياً إجمالياً تتخطى قيمته 3.5 تريليون دولار، وعدد سكان يتجاوز 800 مليون نسمة، 70 في المائة منهم تحت سن الـ35، حيث تسعى المنظمة إلى تمكين الازدهار الرقمي للجميع عبر مد جسور التعاون؛ لتوحيد جهود التحول الرقمي، ودعم المصالح المشتركة.