«المركزي» الصيني يخفض معدلين أساسيين للفائدة لقاع غير مسبوق

في محاولات لتعزيز الإنفاق المتعثر وسط تحديات كبرى

سيارات تقطع الطريق في الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
سيارات تقطع الطريق في الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
TT

«المركزي» الصيني يخفض معدلين أساسيين للفائدة لقاع غير مسبوق

سيارات تقطع الطريق في الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
سيارات تقطع الطريق في الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

أعلن المصرف المركزي الصيني، الاثنين، خفض معدلين أساسيين للفائدة إلى مستويات تاريخية منخفضة، في أحدث خطوة تتخذها السلطات في بكين بهدف تعزيز الإنفاق المتعثر في ثاني قوة اقتصادية عالمية.

وتأتي الخطوة بعد أيام من تسجيل الصين أضعف نمو فصلي لها خلال عام ونصف العام عند 4.6 في المائة، على الرغم من الجهود المبذولة لتحفيز الاقتصاد. ويسعى المسؤولون الصينيون إلى تحقيق نمو بنسبة خمسة في المائة هذا العام، إلا أن هذا الهدف يواجه تحديات أساسية، منها تراجع الاستهلاك، وأزمة الديون التي تثقل كاهل القطاع العقاري الضخم.

وأعلن المصرف المركزي خفض المعدل التفضيلي للقروض لعام واحد من 3.35 إلى 3.1 في المائة. ويعد هذا المعدل المعيار لأفضل الفوائد التي يمكن للمقرضين تقديمها للشركات والأسر. أما المعدل التفضيلي للقروض لخمسة أعوام، وهو المعيار للقروض العقارية، فتمّ خفضه من 3.85 إلى 3.6 في المائة.

وسبق للمصرف المركزي أن خفض هذين المعدلين في يوليو (تموز) الماضي، وهما الآن في أدنى مستوى لهما على الإطلاق.

وأقرت السلطات بوجود «مناخ خارجي معقّد وحاد... إضافة إلى مشكلات جديدة متعلقة بالنمو الاقتصادي المحلي». وبينما تشدد بكين على «الثقة الكاملة» بتحقيق نسبة النمو المنشودة هذا العام، يرى خبراء أن على السلطات تقديم حوافز نقدية إضافية لإنعاش النشاط، واستعادة الثقة بقطاع الأعمال.

وكانت كبرى المصارف الصينية أعلنت الجمعة خفض معدلات الفائدة على الودائع باليوان للمرة الثانية هذه السنة في خطوة يؤمل أن تعزز الإنفاق. وقال حاكم البنك المركزي بان جونغ شنغ، يوم الجمعة، إن السلطات تدرس خفضاً إضافياً للاحتياطيات الإلزامية لمؤسسات الإقراض التجارية قبل نهاية السنة.

وأعلن بنك الشعب الصيني عن تخفيضات في نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك بمقدار 50 نقطة أساس، وسعر إعادة الشراء العكسي القياسي لمدة سبعة أيام بمقدار 20 نقطة أساس في 24 سبتمبر (أيلول)، مما أدى إلى إطلاق أقوى حافز منذ الوباء، الذي يتضمن تدابير لدعم قطاع العقارات المتعثر وتعزيز الاستهلاك. كما خفض سعر تسهيل الإقراض متوسط ​​الأجل بمقدار 30 نقطة أساس الشهر الماضي.

وتستند معظم القروض الجديدة والمستحقة في الصين على سعر الفائدة على الرهن العقاري لمدة عام واحد، في حين يؤثر سعر الفائدة لمدة خمس سنوات على تسعير الرهن العقاري. وأثار تراجع الإنفاق خلال الأشهر الماضية، مخاوف من عودة الانكماش المالي في الصين الذي انتهت مفاعيله في وقت سابق من هذا العام فقط.

وقال جانغ جيواي، كبير الاقتصاديين في شركة «بينبويت» لإدارة الأصول، إن خفض معدلَي الفائدة المعلن الاثنين يعدّ «إشارة مشجعة». وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «معدل الفائدة الحقيقي في الصين مرتفع للغاية».

ومنذ تدابير 24 سبتمبر الماضي، حطم مؤشر «سي إس آي 300» الأرقام القياسية للتحركات اليومية، وارتفع بأكثر من 14 في المائة بشكل عام، وانخفض اليوان بنسبة 1 في المائة مقابل الدولار في تلك الفترة... ولكن الأسهم تذبذبت في الجلسات الأخيرة، حيث أفسح الحماس الأولي المجال للمخاوف بشأن ما إذا كان الدعم السياسي سيكون كبيراً بما يكفي لإحياء النمو.

وأظهرت البيانات، يوم الجمعة، أن النمو الاقتصادي في الصين كان أفضل قليلاً من المتوقع في الربع الثالث، على الرغم من انخفاض الاستثمار العقاري بأكثر من 10 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من العام. وانتعشت مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي في سبتمبر.

وأعرب المسؤولون في مؤتمر صحافي، يوم الجمعة، عن ثقتهم في أن الاقتصاد يمكن أن يحقق هدف النمو الحكومي للعام بأكمله بنحو 5 في المائة، وأشاروا إلى خفض آخر لنسبة الاحتياطي للبنوك بحلول نهاية العام، وفق «رويترز».

وقال كريس ويستون، رئيس الأبحاث في شركة السمسرة الأسترالية عبر الإنترنت «بيبرستون»، في مذكرة إن «مدى تأثير مزيد من التيسير في الأسهم الصينية وهونغ كونغ واليوان الصيني أمر محل نقاش، حيث قد يشعر المشاركون في السوق بإحساس بالتعب من تخفيف السياسات».

وأغلقت أسهم الصين مرتفعة قليلاً، يوم الاثنين، بقيادة أسهم التكنولوجيا بعد أن أعلنت بكين عن تدابير جديدة لدعم شركات التكنولوجيا المبتكرة، ومع خفض البلاد لأسعار الإقراض القياسية. وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية مرتفعاً 0.3 في المائة، في حين ارتفع مؤشر «شنغهاي المركب» 0.2 في المائة. وانخفض مؤشر «هانغ سنغ» القياسي في هونغ كونغ 1.6 في المائة.

وكانت أسهم تكنولوجيا المعلومات من بين المكاسب الرائدة في سوق الصين، حيث ارتفعت بنحو 6.5 في المائة، في حين ارتفع مؤشر «ستار 50» الذي يركز على التكنولوجيا بنحو 8.7 في المائة. وأغلقت شركة «إس إم آي سي» الصينية العملاقة لأشباه الموصلات مرتفعة بنسبة 8.1 في المائة.

وقفز مؤشر بورصة «بكين 50» بنسبة 16 في المائة إلى مستوى قياسي مرتفع بعد أن قالت البورصة، يوم الأحد، إنها ستساعد شركات التكنولوجيا الصغيرة والمتوسطة الحجم في التدريب والوصول إلى التمويل حتى تتمكن من الإدراج. كما ساعدت التعليقات الصادرة عن الرئيس الصيني شي جينبينغ، التي دعمت العلوم والتكنولوجيا في التنمية الاقتصادية، على تعزيز المعنويات.


مقالات ذات صلة

لبنان ينضم «رسمياً» إلى القائمة الرمادية العالمية لغسل الأموال

الاقتصاد تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان ينضم «رسمياً» إلى القائمة الرمادية العالمية لغسل الأموال

​لم يكن مفاجئاً إقدام مجموعة العمل الدولي، في ختام اجتماعاتها الدورية في باريس، على إدراج لبنان ضمن لائحة الدول غير المتعاونة كفاية في مكافحة غسل الأموال.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد «فاتف» بعد إعلان وضع لبنان على «القائمة الرمادية»: سيستمر في تنفيذ الإصلاحات

«فاتف» بعد إعلان وضع لبنان على «القائمة الرمادية»: سيستمر في تنفيذ الإصلاحات

قالت هيئة مراقبة الجرائم المالية يوم الجمعة إن لبنان تم وضعه على ما يسمى «القائمة الرمادية» رغم طلبات التساهل من المسؤولين اللبنانيين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد نازحات يتلقين مساعدات في مدرسة بمدينة لوكوجا النيجيرية عقب فيضان كبير أثر على قراهن (أ.ف.ب)

صندوق النقد: الدول النفطية الأفريقية أقل نمواً من جيرانها

قال صندوق النقد إن الدول الأفريقية النفطية الواقعة جنوب الصحراء بحاجة إلى إصلاح اقتصاداتها لمعالجة النمو الاقتصادي الإقليمي غير المنتظم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

روسيا ترفع الفائدة لأعلى مستوى منذ 20 عاماً

رفع البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 200 نقطة أساس يوم الجمعة إلى 21 في المائة وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2003.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد إحدى المنشآت النفطية التي أسهمت الصين في تأسيسها بمدينة بيشكيك في قيرغيزستان (إ.ب.أ)

النفط لتحقيق مكاسب أسبوعية في أسبوع متذبذب

اتجهت أسعار النفط لتسجيل مكسب أسبوعي بنحو 2 في المائة، ولم تشهد تغيراً كبيراً يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«فاتف» بعد إعلان وضع لبنان على «القائمة الرمادية»: سيستمر في تنفيذ الإصلاحات

«فاتف» بعد إعلان وضع لبنان على «القائمة الرمادية»: سيستمر في تنفيذ الإصلاحات
TT

«فاتف» بعد إعلان وضع لبنان على «القائمة الرمادية»: سيستمر في تنفيذ الإصلاحات

«فاتف» بعد إعلان وضع لبنان على «القائمة الرمادية»: سيستمر في تنفيذ الإصلاحات

قالت هيئة مراقبة الجرائم المالية، يوم الجمعة، إنه تم وضع لبنان على ما يسمى «القائمة الرمادية» للدول الخاضعة للتدقيق الخاص من قبل مجموعة العمل المالي (فاتف)، على الرغم من طلبات التساهل من المسؤولين اللبنانيين.

وأوضحت مجموعة العمل المالي أن لبنان أحرز تقدماً في العديد من الإجراءات الموصى بها وسيستمر في تنفيذ الإصلاحات.

وقالت في بيان: «في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، التزم لبنان التزاماً سياسياً رفيع المستوى بالعمل مع فريق العمل المعني بالإجراءات المالية المعنية بالإجراءات المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتعزيز فاعلية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الرغم من الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأمني الصعب في البلاد». وأوضح أنه «منذ اعتماد آلية الاستعراض المتبادل في مايو (أيار) 2023، أحرز لبنان تقدماً في العديد من الإجراءات التي أوصت بها آلية الاستعراض المتبادل، وطبّق تدابير على قطاعه المالي، بما في ذلك من خلال إصدار تعميم للمصارف والمؤسسات المالية لإنشاء إدارة مخصصة لمكافحة الجرائم المتعلقة بالرشوة والفساد والتوجيهات المتعلقة بالأشخاص المكشوفين سياسياً، مع اتخاذ تدابير ضد النشاط المالي غير المرخص له».

وقالت «فاتف» إن لبنان سيواصل العمل مع مجموعة العمل المالي لتنفيذ خطة عملها.