رئيس «أرامكو» متفائل بشأن الطلب الصيني على النفط في ضوء حزمة التحفيز الحكومية

قال إن العالم قد يحتاج إلى أكثر من 100 مليون برميل يومياً في عام 2050

الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو السعودية» أمين الناصر يتحدث في مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي بسنغافورة (رويترز)
الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو السعودية» أمين الناصر يتحدث في مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي بسنغافورة (رويترز)
TT

رئيس «أرامكو» متفائل بشأن الطلب الصيني على النفط في ضوء حزمة التحفيز الحكومية

الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو السعودية» أمين الناصر يتحدث في مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي بسنغافورة (رويترز)
الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو السعودية» أمين الناصر يتحدث في مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي بسنغافورة (رويترز)

قال رئيس شركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر، يوم الاثنين، إن الشركة «متفائلة إلى حد ما» بشأن الطلب الصيني على النفط، خاصة في ضوء حزمة التحفيز الحكومية التي تهدف إلى تعزيز النمو. وإذ أشار إلى أن العالم قد يحتاج إلى أكثر من 100 مليون برميل نفط يومياً في عام 2050، أوضح أن التقدم في التحول بمجال الطاقة في آسيا أبطأ بكثير وأقل إنصافاً وأكثر تعقيداً مما توقَّعه كثيرون، داعياً إلى إعادة ضبط السياسات الخاصة بالدول النامية.

وأضاف الناصر، على هامش مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة: «نرى مزيداً من الطلب على وقود الطائرات والنفتا، وخاصة لمشاريع تحويل الخام إلى كيميائيات».

وقال الناصر: «كثير من ذلك يحدث في الصين، بشكل رئيسي، بسبب النمو في الاحتياجات الكيميائية، وخاصة بالنسبة للتحول إلى السيارات الكهربائية، والألواح الشمسية، فهم بحاجة إلى مزيد من المواد الكيميائية. وهذا نمو هائل هناك».

وفي كلمة أساسية له أمام المؤتمر، تحدّث الناصر عن سُمعة سنغافورة المتميزة في تحويل الرؤية إلى واقع، من خلال القيادة والوقت والتركيز الدؤوب على ما ينجح. وقال: «تمثل آسيا ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي وعدد سكان العالم، وهي مسؤولة عن نحو 60 في المائة من النمو الاقتصادي العالمي»، موضحاً أن المنطقة «تستهلك أيضاً أكثر من نصف إمدادات الطاقة في العالم، مما يؤكد دورها المحوري في المشهد العالمي للطاقة».

وأضاف: «باختصار، تشكل آسيا أهمية بالغة للاقتصاد العالمي، وأهدافنا المناخية الجماعية، وتطلعات الملايين من البشر. ومن المناسب أن تلعب المنطقة دوراً حيوياً بالقدر نفسه في دفع عجلة التحول العالمي بمجال الطاقة».

وأردف قائلاً: «إن الحقيقة المؤلمة هي أنه في حين قد يكون هذا هو القرن الآسيوي، فإن أولويات آسيا - وأولويات العالم الأوسع - لا تنعكس بشكل جيد في تخطيط التحول الحالي»، وهذا نتيجته «أن التقدم أبطأ بكثير وأقل استدامة وأكثر تعقيداً مما توقّعه كثيرون».

فجوات رئيسية في التحول

وأشار الناصر إلى «فجوات رئيسية في التحول بمجال الطاقة»:

أولاً، يتفاوت استخدام الطاقة بشكل كبير عبر القطاعات، والقطاع الرئيسي الوحيد الذي لديه بديل عملي، في الوقت الحالي، هو النقل؛ وذلك بفضل المركبات الكهربائية التي تحرز تقدماً ملحوظاً. لكن من بين ما يقرب من 1.5 مليار مركبة على الطريق، فإن أقل من 4 في المائة منها ــ نحو 57 مليون مركبة ــ هي سيارات كهربائية. ويتركز أغلبها في الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، مدفوعة بالسياسات والحوافز. وفي الوقت نفسه، في مناطق مثل آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث ينمو الطلب على الطاقة بسرعة، لا يزال تبنّي المركبات الكهربائية متأخراً كثيراً. ومن ثم فإن توسيع نطاق تبنّي المركبات الكهربائية في هذه المنطقة يمثل تحدياً متزايداً. علاوة على ذلك، فإن تقدم المركبات الكهربائية ليس له تأثير على 75 في المائة من الطلب العالمي على النفط، والذي تدعمه قطاعات مثل النقل الثقيل والبتروكيميائيات التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز.

ثانياً، تشكل الاختلافات الجغرافية أهمية كبرى. ففي حين بلغ استخدام النفط ذروته في الاقتصادات الناضجة، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان، فإن هذه المناطق لا تزال تستهلك كميات كبيرة ــ نحو 22 برميلاً للفرد سنوياً في الولايات المتحدة و9 براميل في الاتحاد الأوروبي.

شعار المؤتمر خارج قاعة انعقاد الجلسات في سنغافورة (منصة إكس)

توقعات نمو في الجنوب العالمي

وأكد الناصر أنه مع نمو الاقتصادات، وتحسن مستويات المعيشة، من المتوقع أن يشهد الجنوب العالمي نمواً كبيراً في الطلب على النفط، وهو ما يعكس الاتجاهات التي شهدتها الدول المتقدمة لعقود من الزمن.

وقال: «إن أغلب المحللين يتفقون على أنه حتى عندما يتوقف نمو الطلب العالمي على النفط في نهاية المطاف، من غير المرجح أن يحدث انخفاض مفاجئ. وبدلاً من ذلك، من المتوقع أن يستقر الطلب لفترة طويلة، مع الحاجة إلى أكثر من 100 مليون برميل بحلول عام 2026 يومياً... ويتناقض هذا بشكل صارخ مع التوقعات التي تشير إلى أن استخدام النفط ينبغي أن ينخفض ​​أو سينخفض ​​إلى 25 مليون برميل يومياً، حيث إن نقصاً بمقدار 75 مليون برميل، من شأنه أن يؤثر بشدة على أمن الطاقة والقدرة على تحمل التكاليف».

وأضاف: «لقد ارتفع الطلب على الغاز بنحو 70 في المائة منذ عام 2000، مما يشير إلى أننا نشهد إضافة إلى الطاقة أكثر من التحول الحقيقي»، موضحاً أن «النمو في استخدام الغاز لا يحل محل مصادر الطاقة الإقليمية التقليدية إلا بشكل متواضع، بدلاً من إحداث تحول ذي مغزى».

ولفت إلى أن خطط التحول الحالية «لا تزال تتجاهل هذا الواقع، وهذا هو السبب في أنها تكافح من أجل الوفاء بوعدها الأساسي: توفير الطاقة الموثوقة بأسعار معقولة، والمستدامة».

وقال: «إن التقدم لا يزال بطيئاً... وفي حين أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية مجتمعتين توفران 4 في المائة فقط من الطاقة العالمية، فإن التحول سيكون مكلفاً للجميع. وتتراوح التقديرات بين 100 و200 تريليون دولار على مستوى العالم بحلول عام 2050، حيث تحتاج البلدان النامية إلى ما يقرب من 6 مليارات دولار سنوياً لدعم التحول في مجال الطاقة».

الناصر قال إن توقعات الطلب على النفط قوية رغم أهداف التحول بمجال الطاقة (موقع البحث على منصة إكس)

وأضاف: «وعلاوة على ذلك، وبما أن التحول يتطلب استثمارات رأسمالية ضخمة مسبقة، فإن تكلفة رأس المال أعلى من ضِعفيْ تكلفة رأس المال في هذه المناطق. وبالنسبة للدول الأقل نمواً، فإن التوقعات صعبة بشكل خاص».

ورأى أن عدداً من البلدان النامية سيحتاج إلى تخصيص ما يصل إلى نصف ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً للتحول في مجال الطاقة، وعدَّ «هذا هو السبب وراء تركيز الغالبية العظمى من استثمارات الطاقة النظيفة في الاقتصادات المتقدمة والصين».

وأضاف: «بعبارة أخرى، في حين يتحقق تقدم في الشمال العالمي، فإن الجنوب العالمي لا يستطيع تحمل الاستثمار على نطاق واسع في الطاقة الجديدة، خاصة أن عدداً من الدول لا يزال في المراحل الأولى من التطوير»، منبهاً من أن «فرض خطة انتقالية غير قابلة للتنفيذ وغير ميسورة التكلفة، من شأنها أن تهدد بتقويض تقدمها، وحتى التماسك الاجتماعي».

ورأى أنه «بسبب هذه العيوب المتعددة، فإن العالم لا يسير على المسار الصحيح لتحقيق التحول في مجال الطاقة بأسعار معقولة وبالوتيرة المطلوبة، ولا لتلبية أهدافنا المتعلقة بالانبعاثات».

خطة انتقالية

وشدد الناصر على أن «العالم يحتاج بشكل عاجل إلى خطة انتقالية فعالة حقاً»، مضيفاً: «يجب أولاً أن نتخلى عن الافتراض القائل إن العالم قادر على تلبية احتياجاته من الطاقة بسرعة وسهولة بحلول غير كاملة، وخاصة في الجنوب العالمي. وثانياً، نحتاج أيضاً إلى تجاوز فكرة مفادها أن خطة واحدة يمكن أن تلبي احتياجات أكثر من 200 دولة من الطاقة. فالأمر أشبه بطلب كلمة مرور شبكة واي فاي في قرية لا تتوفر فيها الكهرباء. وثالثاً، يجب أن تكون أولويات الجنوب العالمي جزءاً لا يتجزأ من الحمض النووي للتحول العالمي في مجال الطاقة؛ حتى ينجح هذا التحول. وعلاوة على ذلك، يتعين علينا تسريع تطوير مصادر الطاقة الجديدة والتقنيات منخفضة الكربون، القادرة، في نهاية المطاف، على التنافس من حيث السعر والأداء».

ورأى الناصر أن هذا سيسمح للمستهلكين باختيار المنتجات منخفضة الكربون، دون الاعتماد على الإلزامات أو الإعانات التي تُشوه الأسواق، لكنه أضاف: «ينبغي لنا أن نركز، في المقام الأول، على الأدوات التي نملكها الآن. وهذا يشمل تشجيع الاستثمارات الأساسية في مصادر الطاقة الموثوقة مثل النفط والغاز، والتي لا تزال الدول النامية في حاجة إليها. وهذا يعني أيضاً إعطاء الأولوية لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المرتبطة بهذه المصادر التقليدية... وهذا يعني إعطاء الأولوية لخفض الانبعاثات بشكل منهجي، حيث يكون لها التأثير الأكبر، وبتكلفة مقبولة، وعبر تقنيات مختلفة».

وقال: «أسمِّيها نهجاً متعدد المصادر ومتعدد السرعات ومتعدد الأبعاد يتناول احتياجات أمن الطاقة وبأسعار معقولة، والاستدامة لجميع البلدان - وليس فقط عدد قليل منها - مع آسيا في قلبها».

واختتم الناصر كلمته بتأكيد «أنه في ظل مواجهة مستهلكي الطاقة لتحديات التحول غير الواقعي والمكلِّف بشكل متزايد، هناك حاجة إلى حلول تربط بين أهدافنا المناخية المشتركة والواقع الميسور التكلفة».


مقالات ذات صلة

أسعار النفط تتعافى بعد تكبدها خسارة 7 % الأسبوع الماضي

الاقتصاد حارس في أحد حقول النفط في كازاخستان (رويترز)

أسعار النفط تتعافى بعد تكبدها خسارة 7 % الأسبوع الماضي

ارتفع النفط خلال النصف الثاني من جلسة الاثنين، متعافياً من هبوط بأكثر من 7 في المائة الأسبوع الماضي، وسط قلق إزاء الطلب في الصين أكبر مستورد للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مصفاة نفط في نيجيريا (رويترز)

نيجيريا توافق على صفقة «إكسون-سيبلات» بعد أكثر من عامين

وافقت نيجيريا على بيع أصول شركة «إكسون موبيل» البرية في البلاد إلى شركة «سيبلات إنرجي»، بعد أكثر من عامين من الإعلان عن الصفقة البالغة قيمتها 1.28 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منصة لإنتاج الغاز في بحر الشمال (أ.ب)

إنتاج النرويج من النفط والغاز أقل من التوقعات في سبتمبر

تراجع إنتاج النرويج من النفط والغاز عن التوقعات الرسمية بنسبة 1.7 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وفق مديرية النفط والغاز النرويجية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة تحمل النفط الخام المستورد في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ (رويترز)

نمو واردات الصين من النفط السعودي خلال الشهر الماضي

أظهرت بيانات الجمارك نمو واردات الصين من النفط من المملكة العربية السعودية، خلال الشهر الماضي، وتراجع وارداتها من روسيا وماليزيا مقارنة بالشهر السابق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مصفاة فيليبس 66 ويلمنغتون بعد أن قالت الشركة إنها ستغلق مصفاة النفط الكبيرة بمنطقة لوس أنجليس أواخر العام المقبل (رويترز)

أسعار النفط تستقر بعد هبوطها أكثر من 7 % الأسبوع الماضي

استقرت أسعار النفط في التعاملات المبكرة، اليوم الاثنين، بعد هبوط بأكثر من 7 في المائة، الأسبوع الماضي، وسط قلق إزاء الطلب بالصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

مسؤولة في «سانوفي» لـ«الشرق الأوسط»: تصنيع أقلام الإنسولين بالسعودية

المديرة العامة للأدوية بالسعودية ودول الخليج في شركة «سانوفي» تتحدث إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
المديرة العامة للأدوية بالسعودية ودول الخليج في شركة «سانوفي» تتحدث إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
TT

مسؤولة في «سانوفي» لـ«الشرق الأوسط»: تصنيع أقلام الإنسولين بالسعودية

المديرة العامة للأدوية بالسعودية ودول الخليج في شركة «سانوفي» تتحدث إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
المديرة العامة للأدوية بالسعودية ودول الخليج في شركة «سانوفي» تتحدث إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

في إطار الصفقات الجديدة المعلنة على هامش ملتقى الصحة العالمي في نسخته السابعة، وُقِّعت اتفاقات لتوطين صناعة 3 إلى 4 أنواع من الإنسولين في السعودية، بمشاركة وزارات الاستثمار، والصحة، والصناعة والثروة المعدنية، وشركة «نوبكو» المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، و«سانوفي»، وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية.

كما وقَّعت شركة «نوبكو»، و«نوفو نورديسك»، و«سانوفي»، صفقة تصنيع الأدوية بقيمة 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار).

وفي هذا الإطار، أوضحت المديرة العامة للأدوية بالسعودية ودول الخليج في شركة «سانوفي» الدكتورة نيفين الخوري لـ«الشرق الأوسط»، أن توقيع الاتفاقية المحورية مع «نوبكو» كان بالشراكة مع «سدير».

وبيَّنت أن الاتفاقية تهدف إلى نقل التقنية والمعرفة وتوطين صناعة الإنسولين في السعودية، وإنتاج الأقلام بتصنيع كامل وبأعلى معايير الجودة داخل المملكة بأيادٍ وطنية.

وواصلت أن الشراكة ستعمل على توطين تكنولوجيا تجميع أقلام الإنسولين المتطورة «SoloStar Delivery Device»، ومن ثم سيصبح مصنع «سدير» للأدوية أول منشأة متخصصة في إنتاج إنسولين «سانوفي» على أحدث طراز في المنطقة.

وأضافت أن مرض السكري يشكل تحدياً كبيراً، ومن المهم أن يتم الإمداد الموثوق به والمستمر بإنسولين عالي الجودة؛ ولذلك تأتي هذه الخطوة الاستراتيجية للتعامل مباشرة مع هذه المشكلة الصحية العاجلة.