عضو في «المركزي الأوروبي»: خطر عدم تحقيق هدف التضخم يوازي خطر تجاوزه

تباطؤ زخم الأعمال في منطقة اليورو وقلق متزايد حول النمو الاقتصادي

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: خطر عدم تحقيق هدف التضخم يوازي خطر تجاوزه

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)

قال صانع السياسة في البنك المركزي الأوروبي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو، يوم الجمعة إن البنك سيبقي خياراته مفتوحة تماماً في الاجتماعات القادمة لأسعار الفائدة، حيث أصبح خطر عدم تحقيق هدف التضخم كبيراً مثل خطر تجاوزه.

وقد خفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام يوم الخميس، مع تزايد ثقته في السيطرة على التضخم، لكن ثقته في التوقعات الاقتصادية تراجعت، وفقاً لما نقلته «رويترز». وأوضح فيليروي للصحافيين أن التضخم يجب أن يصل إلى هدف البنك البالغ 2 في المائة قبل الموعد المتوقع العام المقبل، مشيراً إلى ضرورة الانتباه الآن لخطر عدم تحقيق هذا الهدف بشكل دائم، تماماً كما كان التركيز سابقاً على إمكانية تجاوزه.

كما خفض «المركزي الأوروبي» سعر الفائدة على ودائع البنوك بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 3.25 في المائة. وبعد هذه الخطوة، توقعت أسواق المال تقريباً ثلاثة تخفيضات أخرى حتى مارس (آذار) المقبل. وأكد فيليروي: «الاتجاه واضح في رأيي - ينبغي لنا أن نستمر في خفض سياستنا النقدية التقييدية بشكل مناسب».

ومع ذلك، شدد على ضرورة أن تسترشد الوتيرة بالبراغماتية، قائلاً: «في بيئة دولية غير مؤكدة، لدينا خيارات كاملة للاجتماعات المقبلة». وأضاف أن «المركزي الأوروبي» سيركز على تدفق البيانات، مع الأخذ في الاعتبار التقلبات المحتملة في الأمد القريب، ومراعاة المؤشرات والتوقعات المستقبلية.

من جهة أخرى، قالت خمسة مصادر لـ«رويترز» إن بعض محافظي المركزي الأوروبي في اجتماع تحديد أسعار الفائدة يوم الخميس قدموا حججاً للتخلي عن تعهدهم بالإبقاء على السياسة النقدية مشددة، مشيرين إلى أن التضخم قد يتحول الآن إلى مستوى أقل مما كان متوقعاً قبل بضعة أسابيع. ورغم أن فكرتهم لم تلقَ قبولاً واسعاً، فإنها تعكس تحول النقاش داخل البنك، الذي خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام، من مكافحة التضخم المرتفع إلى دعم النمو الاقتصادي الضعيف.

وفي سياق متصل، أظهر مسح جديد لـ«المركزي الأوروبي» يوم الجمعة أن التضخم في منطقة اليورو قد يعود إلى هدف البنك البالغ 2 في المائة في وقت أقرب مما كان متوقعاً، ومن المرجح أن يظل حول هذا المستوى في الأمد البعيد. ووفقاً لتوقعات خبراء الاقتصاد في مسح «المركزي الأوروبي» للمتنبئين المحترفين، يُتوقع أن يبلغ التضخم العام المقبل 1.9 في المائة، وهو أقل من تقدير البنك السابق الذي كان 2 في المائة قبل ثلاثة أشهر، مع توقع استقراره عند 1.9 في المائة في 2026.

وتعد هذه التوقعات أسرع من توقعات البنك المركزي الأوروبي، التي تشير إلى أن التضخم سيصل إلى الهدف في الربع الأخير من 2025، مع متوسط سعر عند 2.3 في المائة. وعلى المدى الأبعد، بحلول عام 2029، من المتوقع أن يبلغ التضخم 2 في المائة، وهو ما يتماشى تماماً مع هدف البنك المركزي الأوروبي. وقد أمضى البنك السنوات الثلاث الماضية في مواجهة أسوأ موجة تضخم منذ أكثر من جيل، لكن بعض صناع السياسة يرون الآن خطراً واقعياً من عودة التضخم إلى أقل من 2 في المائة.

وتظل توقعات التضخم الأساسي، التي تعتبر مصدر قلق رئيسيا لصناع السياسة بسبب النمو السريع لأسعار الخدمات، دون تغيير عند 2.2 في المائة في عام 2025 و2 في المائة في عام 2026. كما توقع المسح نمواً اقتصادياً بنسبة 1.2 في المائة العام المقبل، وهو أقل من 1.3 في المائة المتوقعة سابقاً، على أن يتسارع النمو إلى 1.4 في المائة في العام التالي. وأظهر المسح أيضاً أن معدل البطالة سيظل مستقراً نسبياً، حيث من المتوقع أن يستقر عند 6.5 في المائة العام المقبل وينخفض إلى 6.4 في المائة بحلول عام 2026.

كما أظهر مسح ربع سنوي أجراه «المركزي» للشركات أن شركات منطقة اليورو سجلت مزيداً من التباطؤ في زخم الأعمال، لكن من المرجح أن يظل النمو الاقتصادي الإجمالي إيجابياً، حيث يعوض التوسع في قطاع الخدمات عن ركود التصنيع. ويقترب اقتصاد منطقة اليورو من حالة الركود، حيث قد تكون ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة، تواجه صعوبات.

وتعكس الأجواء السلبية بين 95 شركة غير مالية كبيرة شملها المسح مخاوف متزايدة بشأن القدرة التنافسية، وعدم اليقين المرتبط بالتحول الأخضر، والتكاليف المرتفعة، بالإضافة إلى القلق بشأن التطورات السياسية. وأشار «المركزي الأوروبي»، بناءً على المسح الذي أجري في الفترة من 16 إلى 26 سبتمبر (أيلول)، إلى أن «هذا يدفع الشركات إلى تقليص استثماراتها والتركيز على خفض التكاليف، ما أثر أيضاً على ثقة المستهلكين».

وأضاف أن «النشاط الإجمالي كان يميل إلى أن يكون أقل من التوقعات السابقة، وخاصة في ألمانيا وفرنسا، لكنه كان أكثر مرونة بشكل عام في أماكن أخرى». وأشارت الشركات إلى أن هذا كله يؤدي إلى مزيد من التباطؤ في نمو الأسعار، ما قد يعزز من حجة البنك لخفض أسعار الفائدة بسرعة.

وذكر «المركزي الأوروبي» أن قطاع السيارات كان من بين الأضعف، ما أثر سلباً على قطاع التصنيع بشكل عام، حيث كان الطلب الإجمالي ضعيفاً، وتضاءل الطلب على المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات أيضاً. وأوضح أن «الاتصالات أشارت إلى تدهور البيئة الاقتصادية والسياسية العالمية، بما في ذلك الاقتصاد الصيني المتباطئ والمتجه نحو الاكتفاء الذاتي، ما أدى إلى تثبيط الطلب على الصادرات وزيادة المنافسة على الواردات».

وأفادت الشركات بأنها لا تتوقع الكثير من التغيير في بيئة النمو الضعيفة في الأمد القريب، كما كانت توقعاتها للتوظيف متشائمة، حيث تركز على رفع الكفاءة والإنتاجية.


مقالات ذات صلة

الأسهم الأوروبية تفتتح على انخفاض رغم توقعات مكاسب أسبوعية

الاقتصاد مؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية تفتتح على انخفاض رغم توقعات مكاسب أسبوعية

افتتحت الأسهم الأوروبية على انخفاض، الجمعة، بعد أن أسهمت تخفيضات أسعار الفائدة الأخيرة من البنك المركزي الأوروبي، وأرباح الشركات المتفائلة، في تحقيق مكاسب قوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد امرأة تتسوق في سوق كامبو دي فيوري بروما (رويترز)

تباطؤ تضخم منطقة اليورو إلى 1.7 % في سبتمبر

تباطأ التضخم في منطقة اليورو بشكل أكبر من التقديرات السابقة خلال سبتمبر (أيلول)، وفقاً للبيانات الرسمية المنقحة الصادرة يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
الاقتصاد بات الاقتصاد النقدي أساس التعاملات في لبنان (رويترز)

«القائمة الرمادية» تهدد لبنان

تتجه الأنظار إلى الاجتماعات المرتقبة لمجموعة العمل المالي في العاصمة الفرنسية، حيث ترتفع احتمالات إدراج لبنان ضمن «القائمة الرمادية».

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد المصرف المركزي التركي

المركزي التركي يبقي على سعر الفائدة عند 50% للشهر السابع

أبقى مصرف تركيا المركزي على سعر الفائدة ثابتاً عند 50 في المائة للشهر السابع على التوالي تماشياً مع توقعات السوق

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
الاقتصاد أوراق نقدية بالدولار الأميركي واليورو (رويترز)

هبوط اليورو إلى أدنى مستوى في شهرين وصعود الدولار

هبط اليورو إلى أدنى مستوياته في أكثر من شهرين، قبيل خفض متوقع لأسعار الفائدة من قِبل «المركزي الأوروبي». وفي المقابل، بلغ الدولار أعلى مستوياته في 11 أسبوعاً.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة - لندن)

النفط يعاني أكبر خسارة أسبوعية في أكثر من شهر

مصفاة «فيلبس 66 ويلمنغتون» في لوس أنجليس بالولايات المتحدة الأميركية (رويترز)
مصفاة «فيلبس 66 ويلمنغتون» في لوس أنجليس بالولايات المتحدة الأميركية (رويترز)
TT

النفط يعاني أكبر خسارة أسبوعية في أكثر من شهر

مصفاة «فيلبس 66 ويلمنغتون» في لوس أنجليس بالولايات المتحدة الأميركية (رويترز)
مصفاة «فيلبس 66 ويلمنغتون» في لوس أنجليس بالولايات المتحدة الأميركية (رويترز)

تراجعت العقود الآجلة للنفط الخام قليلا يوم الجمعة بعد بيانات مبيعات التجزئة الأميركية القوية وإعلان المزيد من التحفيز المالي لدعم الاقتصاد الصيني، لتتجه الأسعار صوب تسجيل أكبر خسارة أسبوعية في أكثر من شهر.

وهبطت العقود الآجلة لخام برنت 14 سنتا أو 0.19 في المائة إلى 74.31 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش، فيما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 6 سنتات أو 0.08 في المائة إلى 70.61 دولار.

وارتفع الخامان عند التسوية يوم الخميس للمرة الأولى في خمس جلسات، بعد أن أظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات النفط الخام والبنزين ونواتج التقطير في الولايات المتحدة انخفضت الأسبوع الماضي.

واتجه الخامان إلى تسجيل انخفاض بنحو ستة في المائة هذا الأسبوع، وهو أكبر انخفاض أسبوعي لهما منذ الثاني من سبتمبر (أيلول). ويأتي ذلك بعد أن خفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية توقعاتهما للطلب العالمي على النفط في عامي 2024 و2025، فضلا عن انحسار المخاوف من هجوم إسرائيلي محتمل على إيران قد يتسبب في اضطراب صادرات طهران النفطية.

وارتفعت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بما يزيد قليلا عن المتوقع في سبتمبر، ولا يزال المستثمرون يتوقعون بنسبة 92 في المائة أن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وفي الوقت نفسه طرح البنك المركزي الصيني خطتين للتمويل ستضخان مبدئيا 800 مليار يوان (112.38 مليار دولار) في سوق الأسهم من خلال أدوات سياسة نقدية تم إطلاقها حديثا.

وفي سياق منفصل، قال تجار ومحللون لـ«رويترز» إن ارتفاع واردات مصر من زيت الوقود المستخدم في توليد الطاقة، تزامن مع تراجع الإمدادات في أوروبا، ما ساعد في زيادة هامش ربح المصافي من مبيعات الوقود إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عام.

ويمكن أن يخفف ارتفاع أسعار زيت الوقود عالي الكبريت من تراجع أوسع في هوامش ربح المصافي لكنه قد يزيد أيضا من التكاليف بالنسبة للصناعات التي تستخدمه مثل إنتاج الوقود البحري والإسفلت بالإضافة إلى توليد الكهرباء.

وقال يوجين ليندل من شركة الاستشارات في مجال الطاقة «إف جي إي»: «ساعد الشراء القوي للشحنات المحملة في سبتمبر (أيلول) في تعويض ضعف السوق العالمية الذي يتسلل عادة إلى السوق بعد انحسار ذروة الحرق الصيفي في الشرق الأوسط».

ويعد زيت الوقود عالي الكبريت أحد أقل المنتجات الناتجة عن تكرير الخام قيمة، وعادة ما يجري تداوله بخصم عن خام برنت.

وتحولت هوامش الربح إلى علاوة في أكتوبر (تشرين الأول)، وبلغت ذروتها عند أعلى مستوى في 14 شهرا عند 1.92 دولار للبرميل في التاسع من أكتوبر، وفقا لبيانات مجموعة بورصة لندن.

وتعمل مصر منذ الصيف على زيادة وارداتها من الطاقة بما في ذلك زيت الوقود لمواجهة انقطاعات التيار الكهربائي المستمرة وسط ارتفاع درجات الحرارة، وذلك في ظل سعيها لتلبية الطلب المتزايد والتعامل مع النمو السكاني، فضلا عن انخفاض إنتاج حقول الغاز.

وبلغت واردات زيت الوقود في مصر أعلى مستوياتها منذ 2016 على الأقل عند 255 ألف برميل يوميا في سبتمبر، وفقا لبيانات «كبلر»، بينما انخفضت الصادرات. وظلت الواردات في أكتوبر أعلى من متوسطها في 2024 البالغ نحو 153 ألف برميل يوميا.

وقال ليندل إن الانقطاعات المُجدولة والمفاجئة في عمليات التكرير، فضلا عن تخفيضات التشغيل المتوقعة بواقع 400 ألف برميل يوميا بين سبتمبر وديسمبر (كانون الأول) بسبب ضعف الاقتصاد، أدت إلى نقص إمدادات زيت الوقود في أوروبا والبحر المتوسط، مما كان دافعا محركا وراء «القوة المذهلة» التي شوهدت في هوامش ربح زيت الوقود عالي الكبريت.

وقال متداولان في زيت الوقود بالسوق الأوروبية، طالبين عدم ذكر اسميهما، لـ«رويترز» أيضا إن إمدادات زيت الوقود عالي الكبريت متراجعة.

وتجري شركة «شل» أعمال صيانة واسعة في منشآتها في بيرنيس بهولندا، وهي أكبر مصفاة في أوروبا، بينما أدى حريق اندلع مؤخرا في مصفاة كورينث التابعة لـ«موتور أويل هيلاس» في البحر المتوسط ​​إلى خفض الإنتاج.

وأدت عوامل طويلة الأمد إلى تراجع المعروض في السوق في الأشهر القليلة الماضية، ومنها نقص درجات النفط الخام الأثقل اللازمة لإنتاج زيت الوقود.

وعززت الرحلات الأطول بسبب الابتعاد عن منطقة البحر الأحمر في ظل الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي الطلب على وقود السفن هذا العام، ما دعم أسعار زيت الوقود بصورة أكبر.