«ستاندرد آند بورز»: اتساع صراع الشرق الأوسط قد ينعكس سلباً على التصنيفات الائتمانية السيادية

تصاعد ألسنة اللهب والدخان أثناء الغارات الإسرائيلية على غزة (رويترز)
تصاعد ألسنة اللهب والدخان أثناء الغارات الإسرائيلية على غزة (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز»: اتساع صراع الشرق الأوسط قد ينعكس سلباً على التصنيفات الائتمانية السيادية

تصاعد ألسنة اللهب والدخان أثناء الغارات الإسرائيلية على غزة (رويترز)
تصاعد ألسنة اللهب والدخان أثناء الغارات الإسرائيلية على غزة (رويترز)

يُشير التصعيد العسكري الذي تحوّل منذ منتصف سبتمبر (أيلول) 2024، نحو شمال إسرائيل، وسط تصاعد القتال مع «حزب الله» في لبنان، إلى جانب الهجوم الصاروخي الانتقامي من إيران، إلى تدهور إضافي في الحرب المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقد رفع هذا الوضع من مستوى القلق بشأن احتمال حدوث تداعيات إقليمية أوسع، ما يؤثر سلباً على الجدارة الائتمانية السيادية، وفق وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال».

زيادة المخاطر على المستوى الإقليمي

وقد أدى التصعيد الأخير في الأعمال العدائية بين إسرائيل و«حزب الله»، بما في ذلك التوغل البري الإسرائيلي في جنوب لبنان، إلى زيادة احتمالات نشوء دورة من الفعل ورد الفعل العنيفة بين إسرائيل وإيران، ما قد يسفر عن تصاعد كبير للتوتر، وجر دول أخرى إلى الصراع.

ويُظهر الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في الأول من أكتوبر، رداً على مقتل حلفائها، قوة انتقامية أكبر، مقارنةً بهجوم أبريل (نيسان). ورغم احتمالية تصاعد الأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل، تعتقد الوكالة أن العواقب الاقتصادية والأمنية، مع تصريحات إيران بشأن اكتفائها بردود محدودة، ستحد من ردود الفعل الإيرانية المباشرة، وتمنع اتساع الصراع، بشرط تجنب جميع الأطراف الأخطاء أو سوء التقدير.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»: «إنها تُقيم مستوى الضغوط الإقليمية بالمعتدلة، مع احتمال تطورات تؤدي إلى سيناريوهات ضغط أكبر». وأضافت: «حتى الآن، كان التأثير الائتماني السيادي للصراع محصوراً في إسرائيل ولبنان، ولكن نفترض وجود سيناريوهات قد تؤدي إلى تداعيات ائتمانية أكبر على باقي المنطقة. تصنيفاتنا تأخذ في الاعتبار الضغوط الجيوسياسية المؤقتة، لكننا نرى قنوات عدة للتحول، مثل تغيُّر أسعار الطاقة، وسلامة طرق التجارة، وإيرادات السياحة، والتحويلات المالية، واحتمال هروب رأس المال، التي قد تؤثر على البلدان بطرق مختلفة. بعض الحكومات قد تكون أكثر أو أقل حساسية تجاه ضغوط معينة، ما يعني أن بعض السيناريوهات قد تنطبق على بلد دون آخر».

وأشارت الوكالة إلى أن تصنيفها الائتماني لإسرائيل الآن أقل بدرجتين، مقارنةً بما كان عليه في 7 أكتوبر 2023، بسبب توقعات مالية ونمو أضعف حتى عام 2025، وزيادة كبيرة في المخاطر الأمنية. وتعتقد أن آفاق لبنان الاقتصادية وتعافيه قد ضعفت أيضاً، رغم استمراره في التخلف عن سداد التزاماته.

سيناريوهات الضغوط الإقليمية المحتملة

وأوردت الوكالة عدداً من السيناريوهات الافتراضية لتصاعد الضغوط الإقليمية:

- السيناريو الأول: ضغوط ضعيفة، سيستمر التصعيد الحالي في الأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل على المدى القصير (أقل من 3 أشهر)، مع تقليل التوغل البري الإسرائيلي في لبنان لتهديدات «حزب الله». ستكون الهجمات، بما في ذلك تلك التي يشنها الوكلاء على الأصول الإسرائيلية وحلفائها، قصيرة الأمد، مع تأثير محدود على المقاييس الائتمانية على المستوى الإقليمي.

- السيناريو الثاني: ضغوط معتدلة، تُهدد سلسلة من الهجمات التصعيدية بين إسرائيل وإيران، الأمن الإقليمي، لكنها تستقر على مدى زمني أطول من سيناريو الضغوط الضعيفة. والتأثيرات على النمو الاقتصادي وأسعار الطاقة وطرق التجارة الرئيسية تكون مؤقتة وقابلة للإدارة، مع تأثيرات محدودة على المقاييس المالية والائتمان الخارجي.

- السيناريو الثالث: ضغوط كبيرة، يتطور الصراع إلى سلسلة مكثفة من الهجمات بين إسرائيل وإيران، ما يؤثر بشكل ملموس على الاستقرار الاقتصادي الإقليمي. ويتضمن ذلك تعطلاً طويل الأمد لطرق التجارة، ما قد يؤدي إلى تدخل غير إقليمي وزيادة الضغوط على قنوات النقل، مثل أسعار الطاقة، ونفقات الأمن، وتدفقات السياحة ورأس المال إلى الخارج.

- السيناريو الرابع: ضغوط شديدة، يدخل الحلفاء الإقليميون وغير الإقليميين، مثل إيران وأذرعها والولايات المتحدة وحلفائها بالخليج، في الصراع. ويؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة، ومخاطر على أحجام الصادرات، مع استمرار التهديدات لطرق التجارة وتأثيرات على الاستقرار الاقتصادي الإقليمي، ما يزيد من الضغوط على المقاييس المالية والخارجية للكيانات السيادية.

زيادة نشاط الوكلاء

وترى الوكالة أن احتمال نشوب صراع مباشر طويل الأمد بين إيران وإسرائيل/الولايات المتحدة محدود، لكن من المرجح أن تسعى الجماعات المسلحة الإقليمية المتحالفة مع إيران إلى استهداف أصول إسرائيل وحلفائها. ويتماشى هذا مع سيناريو الضغوط المعتدلة؛ حيث تسعى هذه الجماعات لتعطيل المصالح الاقتصادية عبر طرق التجارة الحيوية.

وقالت الوكالة: «نعد أن طرق التجارة البرية، والتكاليف المالية، ونزوح السكان، وتدفقات السياحة أصبحت أكثر عرضة للضغوط، لكن لا تزال قابلة للإدارة. قد يطول أمد الصراع بين إسرائيل و(حزب الله)، ما يؤدي إلى تداعيات على لبنان والمنطقة. ومع تطور قدرات (حزب الله)، يزداد احتمال حدوث هجمات ضد إسرائيل، ما يزيد من خطر توسع الصراع العسكري المباشر، ويجعل هذا السيناريو أقرب إلى سيناريو الضغوط الشديدة».

نوبات من التقلبات السياسية الإقليمية

وختمت الوكالة بالقول: «نتوقع نوبات من التقلبات السياسية الإقليمية، ما يزيد من مخاطر زعزعة الائتمان. سنواصل مراقبة التطورات وتأثيراتها المحتملة على تصنيفاتنا السيادية. نأخذ في الاعتبار بالفعل توقعات الاضطرابات الجيوسياسية التي تؤثر مؤقتاً على المقاييس الائتمانية للدول. ومع ذلك، نعتقد أن الضغوط الاقتصادية قد تصاعدت بالنسبة لإسرائيل ولبنان، وقد تمتد لتشمل المنطقة الأوسع، ما قد يؤثر على التصنيفات الائتمانية. كما نرى الصراع أكثر تعقيداً وغير قابل للتنبؤ، مع احتمالية استمراره في عام 2025 وآثاره طويلة الأمد».


مقالات ذات صلة

واشنطن تعرب عن «قلقها البالغ» بشأن الوضع الإنساني في شمال غزة

الولايات المتحدة​ جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

واشنطن تعرب عن «قلقها البالغ» بشأن الوضع الإنساني في شمال غزة

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الأربعاء)، إن واشنطن تشعر بـ«قلق بالغ» بشأن الوضع الإنساني في شمال غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة أرشيفية لمصافحة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

ترمب تكـتّم على إرسال فحوص كوفيد «سراً» لبوتين

فجّرت مقتطفات من كتاب جديد للصحافي الأميركي بوب وودورد، جدلاً كبيراً في الولايات المتّحدة قبل أقلّ من شهر على موعد الانتخابات.

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة: ندعم الحراك السياسي لـ«الأخ الأكبر» نبيه برّي (الشرق الأوسط)

أسئلة حول حصر تكليف قاسم لـ«الأخ الأكبر» بوقف النار؟

يسجّل عدد من أصدقاء «حزب الله» عتبه على الشيخ نعيم قاسم لحصر تأييده لنبيه برّي في حراكه لوقف النار دون أن يتبنّى كامل الموقف اللبناني الذي سبق لبرّي أن أعلنه.

محمد شقير (بيروت)
شؤون إقليمية تُظهر هذه الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي في 8 أكتوبر 2024 قوات إسرائيلية تعمل على الأرض بالقرب من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

جنود إسرائيليون يحذرون نتنياهو من «تجاوز الخط الأحمر»: سنتوقف عن القتال

حذر أكثر من 100 جندي إسرائيلي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من «تجاوز الخط الأحمر»، فيما يتعلق باستراتيجية الحكومة للحرب، وهددوا بوقف القتال.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص عشرات المستوطنين يهاجمون قرية المغير شرق رام الله أبريل الماضي (الشرق الأوسط) play-circle 14:19

خاص الضفة الغربية... الحرب المسكوت عنها

«الشرق الأوسط» رصدت تداعيات عمليات الجيش الإسرائيلي وهجمات المستوطنين بالضفة بعد عام على 7 أكتوبر، ووثّقت شهادات «صادمة» لأسرى خرجوا من السجون الإسرائيلية.

بهاء ملحم (رام الله )

توقيع عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق

نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى توقيع عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق (واس)
نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى توقيع عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق (واس)
TT

توقيع عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق

نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى توقيع عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق (واس)
نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى توقيع عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق (واس)

وقّعت دول مجلس التعاون الخليجي، الأربعاء، عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق، الذي من شأنه تعزيز أمن الطاقة ويسمح لدول مجلس التعاون في تزويد العراق بنحو 3.94 تيراواط/ساعة سنوياً وبأسعار تنافسية تقل عن تكلفة الإنتاج المحلي، مما يؤدي إلى خفض النفقات العامة.

وجاء التوقيع في مقر هيئة الربط الكهربائي الخليجي بالدمام (شرق السعودية) برعاية الأمير سعود بن بندر بن عبد العزيز، نائب أمير المنطقة الشرقية، الأربعاء، حيث دشّن مشروع ترقية أنظمة مركز التحكم في هيئة الربط الكهربائي، بحضور الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي المهندس أحمد الإبراهيم، والرئيس التنفيذي للمختبر الخليجي المهندس صالح العمري.

خلال جولة نائب أمير المنطقة الشرقية في هيئة الربط الكهربائي الخليجي (واس)

وأطلق نائب أمير الشرقية التحديث الخاص بأنظمة مركز التحكم بشبكة الربط الكهربائي، الذي يهدف إلى تحسين كفاءة ومرونة أنظمة الكهرباء في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، ويشمل تعزيز الأمن السيبراني من خلال تبني تقنيات متقدمة توفر حماية عالية من الهجمات الإلكترونية والتهديدات المتزايدة في هذا المجال، ما يضمن استمرارية العمل بأمان وكفاءة، ويسهم في تحقيق استقرار أعلى للشبكة الكهربائية ويعزز من القدرة التشغيلية، ومواكبة التحولات العالمية نحو الطاقة النظيفة.

وذكر أن تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق، سيسهم في استدامة التزود بالطاقة وإقامة المشاريع المحلية، وتعزيز استقرار الشبكة الكهربائية للعراق، ما يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية المكلفة ويزيد من فاعلية استخدام الموارد المتاحة.

وأكّد أن مشروع الربط الكهربائي الخليجي من المشاريع الاستراتيجية التي تعزز أواصر التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بين دول مجلس التعاون ودول الجوار، ويحظى بدعم قادة دول مجلس التعاون الخليجي من أجل تحقيق أمن واستقرار منظومة الطاقة في المنطقة.

نائب أمير المنطقة الشرقية يجول في هيئة الربط الكهربائي الخليجي بمدينة الدمام (واس)

المنافع الاقتصادية

بدوره، أبان الإبراهيم أن مشروع الربط الكهربائي الخليجي يُعَدُّ واحداً من أهم مشروعات ربط البنية الأساسية التي أقرها قادة دول مجلس التعاون، وحظي باهتمام خاص منهم؛ حيث حقق المشروع الكثير من المنافع الاقتصادية.

وأفاد بأنه، منذ انطلاقة المشروع، نجح في تجنب شبكات كهرباء دول مجلس التعاون لأي انقطاع جزئي أو كلي بنسبة 100 في المائة، من خلال تقديم الدعم الفوري خلال الطوارئ بنقل الطاقة المطلوبة عبر شبكة الربط الكهربائي التي تمتد لمسافة أكثر من 1000 كيلومتر من دولة الكويت إلى سلطنة عُمان؛ حيث بلغ عدد حالات الدعم أكثر من 2800 حالة منذ بدء التشغيل وحتى الآن، إذ بدأت الهيئة بدعم حالات فقدان الطاقة المتجددة بأكثر من 50 حالة نتيجة فقد إنتاج الطاقة المتجددة.

وأضاف الإبراهيم أن المشروع أسهم منذ بدء تشغيله في تحقيق وفورات بما يقارب نحو 3.6 مليار دولار، مقارنة بالتكاليف الاستثمارية والتشغيلية للمشروع التي بلغت نحو 1.5 مليار دولار.

وأكد على التوسع وألا يقتصر الدور على ضمان تدفق الطاقة وحسب؛ حيث بدأت الخطوات الفعلية من خلال توقيع مذكرات تفاهم لدراسة إمكانية الربط الكهربائي مع العراق والأردن ومصر، وفي مطلع العام المقبل، سيبدأ التشغيل الفعلي للربط مع العراق، «الذي يُعد خطوة واعدة نحو الوصول لتركيا وأوروبا، والعالم أجمع، ورؤيتنا، أينما تصل الكهرباء سنصل».

وبيّن أن توقيع عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق سيسهم في تعزيز أمن الطاقة ويمكّن دول مجلس التعاون من تزويد العراق بنحو 3.94 تيراواط/ساعة سنوياً، بحسب الأهداف الموضوعة لعام 2025، وبأسعار تنافسية تقل عن تكلفة الإنتاج المحلي، ما يؤدي إلى تخفيض النفقات العامة.