الدولار يتراجع من أعلى مستوى في 7 أسابيع

مع تعديل توقعات خفض الفائدة واستمرار التوترات الجيوسياسية

أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)
TT

الدولار يتراجع من أعلى مستوى في 7 أسابيع

أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)

تراجع الدولار الأميركي من أعلى مستوياته في سبعة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، الثلاثاء، مع تقييم المستثمرين توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية. وعلى الرغم من استمرار التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، التي تعزز جاذبية الدولار بكونه ملاذاً آمناً، إلا أن العملة الأميركية شهدت بعض الضغوط.

وارتفع اليورو بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 1.099225 دولار، قرب أدنى مستوى له في سبعة أسابيع عند 1.09515 دولار الذي سجَّله الأسبوع الماضي، بينما بلغ الجنيه الإسترليني 1.31 دولار، بعد أن سجل أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 1.30595 دولار، الاثنين، وفق «رويترز».

وقد عدَّل المتعاملون بشكل كبير توقعاتهم بشأن التيسير النقدي من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث أظهر تقرير قوي عن الوظائف الأسبوع الماضي مصداقية لرئيس المصرف المركزي جيروم باول، الذي أكد التزام «الفيدرالي» بتخفيضات أسعار الفائدة المعتادة بمقدار ربع نقطة مئوية بعد بدء دورة التيسير بخفض كبير في سبتمبر (أيلول).

وقال كبير محللي سوق الصرف الأجنبي في «مونيكس» أوروبا، نيك ريس: «الكثير من التعديلات على الدولار تأتي على خلفية أن (الفيدرالي) لن يخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في أي وقت قريب، ولم نعد نشعر بالقلق من انزلاق الولايات المتحدة إلى الركود هذا العام».

وقد كرر جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، هذه التعليقات، حيث صرح في مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز» بأنه لا يرى تحرك سبتمبر «قاعدةً لكيفية تصرفنا في المستقبل».

ولم تعد الأسواق تسعّر بالكامل خفض أسعار الفائدة في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تم تقدير نحو 90 في المائة من فرصة خفض بمقدار 25 نقطة أساس، كما أظهرت أداة «فيد ووتش» في حين تم تسعير 50 نقطة أساس فقط من التيسير بحلول ديسمبر (كانون الأول)، وهو انخفاض كبير من أكثر من 70 نقطة أساس في الأسبوع السابق.

وأبقى ذلك الدولار في وضع جيد وساعد العملة على الارتفاع إلى أعلى مستوياتها في أسابيع عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني والين. ومع ذلك، استرد الين بعض خسائره، الثلاثاء، حيث دفعت المخاوف الجيوسياسية المتزايدة المستثمرين إلى الهروب نحو أصول الملاذ الآمن. وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل منافسين رئيسيين، بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 102.31.

وأضاف ريس: «قد نرى الدولار الأميركي يرتفع مرة أخرى بسبب مؤشر أسعار المستهلك المتوقع صدوره في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وقد نشهد تعديلاً آخر في خطاب بنك الاحتياطي الفيدرالي ليصبح أكثر تشدداً».

وسينصبّ تركيز المستثمرين هذا الأسبوع على تقرير التضخم الأميركي المقرر صدوره الخميس ومحضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر المقرر صدوره الأربعاء.

وقال كبير المحللين في بنك «سويسكوت»، إيبك أوزكارديسكايا: «إذا كان التحديث لمؤشر أسعار المستهلك الخميس ضعيفاً بما يكفي، فقد يساعد في تهدئة أعصاب الحمائم لدى (الفيدرالي)؛ مما يمنع الدولار الأميركي من الدخول إلى منطقة التوحيد الصعودي على المدى المتوسط مقابل الكثير من العملات الرئيسية. وإذا لم يحدث ذلك، فقد تنطلق أسعار عدم الخفض في نوفمبر؛ ما يعني عائدات أعلى، ودولاراً أميركياً أقوى في جميع المجالات، وعملات أخرى أضعف، بالإضافة إلى بعض الضغوط السلبية على تقييمات الأسهم».

وظل العائد القياسي لسندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات أعلى من 4 في المائة، بعد أن لامس هذا المستوى، الاثنين، لأول مرة في شهرين، حيث قلّص المتداولون الرهانات على تخفيضات أسعار الفائدة الضخمة.

وفي الوقت نفسه، عادت أسواق الأسهم الصينية بافتتاح قوي بعد عطلة استمرت أسبوعاً، لكنها حدَّت من بعض المكاسب بسبب تذبذب التفاؤل بشأن تدابير التحفيز بسبب نقص التفاصيل. وتراجع اليوان قليلاً بسبب قوة الدولار، مع انخفاض اليوان المحلي إلى 7.0521 مقابل الدولار.

كما ارتفع الين بنسبة 0.4 في المائة إلى 147.668 ين للدولار، بعد أن هبط إلى أدنى مستوى في سبعة أسابيع عند 149.10 ين للدولار، الاثنين، عقب تصريحات رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا التي أثارت الشكوك حول مدى قدرة «بنك اليابان» على رفع أسعار الفائدة في الأمد القريب.

وفاجأ إيشيبا الأسواق الأسبوع الماضي عندما أشار إلى أن الاقتصاد غير مستعد لمزيد من رفع أسعار الفائدة؛ ما يبدو تحولاً عن دعمه السابق لـ«بنك اليابان» في تفكيك عقود من التحفيز النقدي الشديد.

أما بالنسبة للعملات الأخرى، فقد هبط الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له منذ 16 سبتمبر عند 0.6715 دولار، بعد أن بدت محاضر أحدث اجتماع للبنك المركزي الياباني متساهلة بعض الشيء، حيث انخفض الدولار الأسترالي بنسبة 0.5 في المائة إلى 0.67280 دولار.


مقالات ذات صلة

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

تراجع الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى في أسبوع مقابل العملات الرئيسية، يوم الأربعاء، حيث يسعى لتمديد انخفاضه، لليوم الثالث على التوالي، بعد بلوغه ذروة أسبوعية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يشاهد شاشة إلكترونية تعرض أسعار الأسهم خارج أحد البنوك في طوكيو (رويترز)

الأسهم الآسيوية ترتفع والدولار يتراجع مع ترقب تعيينات ترمب

ارتفعت الأسهم الآسيوية يوم الثلاثاء، بينما تراجعت عوائد السندات الأميركية والدولار عن أعلى مستوياتهما في عدة أشهر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رزم من أوراق الدولار الأميركي في متجر لصرف العملات في سيوداد خواريز بالمكسيك (رويترز)

الدولار يسجل أكبر مكسب أسبوعي في أكثر من شهر

سجل الدولار أكبر مكسب أسبوعي له في أكثر من شهر يوم الجمعة بدعم من توقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد سبائك ذهبية بمصنع «أرغور-هيرايوس» في ميندريسو بسويسرا (رويترز)

الذهب يواجه أسوأ أداء أسبوعي منذ أكثر من 3 سنوات

انخفض الذهب، يوم الجمعة، وكان في طريقه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي له منذ أكثر من 3 سنوات، متأثراً بارتفاع الدولار الأميركي وسط التوقعات بتقليص أقل لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد دولارات أميركية وعملات عالمية في صندوق تبرعات بمطار بيرسون الدولي في تورنتو (رويترز)

ارتفاع الدولار يعمّق خسائر العملات الآسيوية وأسواق الأسهم الناشئة تحت الضغط

استمرت العملات الآسيوية في التراجع، يوم الخميس، مع صعود الدولار إلى أعلى مستوى له في عام، مدفوعاً بالزخم الناتج عن فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».