عام من الحرب يخلق شقوقاً في قوة الاقتراض لدى إسرائيل

تواجه ضغوطاً مالية مع تصاعد تكلفة الحرب والعجز المتزايد

ضابط إسرائيلي يتفقد الأضرار بمبنى سكني تضرر جراء صاروخ أطلق من لبنان في حيفا (رويترز)
ضابط إسرائيلي يتفقد الأضرار بمبنى سكني تضرر جراء صاروخ أطلق من لبنان في حيفا (رويترز)
TT

عام من الحرب يخلق شقوقاً في قوة الاقتراض لدى إسرائيل

ضابط إسرائيلي يتفقد الأضرار بمبنى سكني تضرر جراء صاروخ أطلق من لبنان في حيفا (رويترز)
ضابط إسرائيلي يتفقد الأضرار بمبنى سكني تضرر جراء صاروخ أطلق من لبنان في حيفا (رويترز)

على مدى ما يقرب من عام، نجحت إسرائيل في التغلب على فوضى الحرب التي تهدد بالتطور إلى صراع إقليمي، ولكن ارتفاع تكاليف الاقتراض بدأ يفرض ضغوطاً كبيرة على هيكلها المالي.

وتبلغ التكلفة المباشرة لتمويل الحرب في غزة حتى نهاية أغسطس (آب) 100 مليار شيقل (26.3 مليار دولار)، حسب وزارة المالية. ويعتقد بنك إسرائيل أن إجمالي التكلفة قد يرتفع إلى 250 مليار شيقل (66.07 مليار دولار) بحلول نهاية عام 2025؛ لكن هذا التقدير تم إجراؤه قبل التوغل الإسرائيلي في لبنان لمواجهة «حزب الله»، وهو ما من شأنه أن يزيد التكلفة الإجمالية، وفق «رويترز».

وقد أدى هذا الوضع إلى تخفيض التصنيف الائتماني، مما عزز الآثار الاقتصادية التي قد تستمر لسنوات، في حين تقترب تكلفة تأمين ديون إسرائيل ضد التخلف عن السداد من أعلى مستوى لها في 12 عاماً، ويستمر العجز في الموازنة بالنمو.

وقال مدير المحفظة في «يونيون إنفستمنت»، سيرغي ديرجاتشيف: «ما دامت الحرب مستمرة، فإن مقاييس الديون السيادية ستستمر في التدهور».

وعلى الرغم من أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل -وهي مقياس رئيسي لصحة الاقتصاد- بلغت 62 في المائة في العام الماضي، فإن احتياجات الاقتراض تضخمت. وأضاف ديرجاتشيف أنه «حتى لو كانت إسرائيل تتمتع بقاعدة نسبية جيدة، فإن الأمر سيكون مؤلماً على الجانب المالي».

وقال وزير المالية الإسرائيلي إن الاقتصاد قوي، وإن التصنيف الائتماني للبلاد من المتوقع أن يتعافى بمجرد انتهاء الحرب.

وتعد تكاليف الحرب مرتفعة بشكل خاص بسبب نظام الدفاع الجوي «القبة الحديدية»، والتعبئة المكثفة للقوات، وحملات القصف المكثفة. وفي هذا العام، وصلت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 67 في المائة، في حين بلغ العجز الحكومي 8.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى بكثير من نسبة 6.6 في المائة المتوقعة سابقاً.

وفي حين أنه من غير المرجح أن يتخلص المشترون الرئيسيون للسندات الدولية الإسرائيلية -مثل صناديق التقاعد ومديري الأصول الكبار- من ممتلكاتهم بسرعة، فإن قاعدة المستثمرين تقلصت. ويقول بعض المستثمرين بشكل خاص إن هناك اهتماماً متزايداً بالتخلص من السندات الإسرائيلية أو عدم شرائها، بسبب المخاوف بشأن الآثار المترتبة على الحوكمة البيئية والاجتماعية.

وقال متحدث باسم صندوق الثروة السيادية النرويجي، إن الصندوق باع حصة صغيرة من سندات الحكومة الإسرائيلية في عام 2023 «بسبب زيادة حالة عدم اليقين في السوق».

وقال رئيس استراتيجية الائتمان في الأسواق الناشئة في «بي إن بي باريبا»، ترانغ نغوين: «ما نراه من هذه المخاوف ينعكس بوضوح في التقييمات»، مضيفاً أن السندات الإسرائيلية تتداول عند فروق أسعار أوسع من الدول ذات التصنيف المماثل.

وفي حين أن سوق السندات المحلية في إسرائيل عميقة وسريعة النمو، فإن المستثمرين الأجانب ظلوا مترددين. وتشير بيانات المصرف المركزي إلى أن حصة المستثمرين غير المقيمين انخفضت إلى 8.4 في المائة، أو 55.5 مليار شيقل (14.67 مليار دولار)، في يوليو (تموز) من 14.4 في المائة، أو ما يقرب من 80 مليار شيقل (21.14 مليار دولار)، في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

وقال مسؤول في وزارة المالية طلب عدم الكشف عن هويته: «في الواقع، كانت المؤسسات الإسرائيلية تشتري المزيد في الأشهر الأخيرة، وأعتقد أن بعض المستثمرين العالميين باعوا السندات بسبب الأوضاع الجيوسياسية وعدم اليقين».

كما يقوم مستثمرو الأسهم بخفض استثماراتهم أيضاً. وتظهر بيانات من مركز «كوبلي» للأبحاث أن تخفيضات المستثمرين الدوليين لصناديق إسرائيل، والتي بدأت في مايو (أيار) 2023 وسط إصلاحات قضائية مثيرة للجدل، تسارعت بعد هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وانخفضت ملكية الأسهم الإسرائيلية من قبل الصناديق العالمية إلى أدنى مستوى لها منذ عقد من الزمان.

كما انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في إسرائيل بنسبة 29 في المائة على أساس سنوي في عام 2023، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، وهو أدنى مستوى منذ عام 2016. وفي حين أن بيانات عام 2024 غير متاحة، فقد أشارت وكالات التصنيف إلى التأثير غير المتوقع للحرب على مثل هذا الاستثمار.

وقد أدى كل ذلك إلى زيادة الحاجة إلى الاستثمار المحلي والدعم الحكومي.

وتعهدت الحكومة في أبريل (نيسان) بتخصيص 160 مليون دولار من الأموال العامة لتعزيز تمويل رأس المال الاستثماري لقطاع التكنولوجيا الحيوي، والذي يمثل نحو 20 في المائة من اقتصاد إسرائيل.

وتضاف إلى ذلك تكاليف أخرى، بما في ذلك توفير السكن لآلاف النازحين بسبب القتال، وكثير منهم في فنادق فارغة نتيجة الانخفاض الحاد في السياحة.

ويعيق النزوح، ونقص العمالة بسبب التعبئة، ورفض إسرائيل السماح للعمال الفلسطينيين بالدخول، قطاعي الزراعة والبناء.

وقد كان الأخير عاملاً رئيسياً في تباطؤ النمو الاقتصادي الذي انخفض بنسبة تزيد على 20 في المائة في الربع الرابع من العام الماضي، ولم يتعافَ بعد.

وتظهر بيانات الأشهر الثلاثة حتى نهاية يونيو أن الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسمياً لا يزال أقل بنسبة 1.5 في المائة عن مستويات ما قبل الإضراب، وفقاً لحسابات «غولدمان ساكس».

ولم تواجه إسرائيل حتى الآن أي مشكلة في جمع الأموال. وقد باعت هذا العام نحو 8 مليارات دولار من الديون في الأسواق المالية العالمية. وتستهدف أداة السندات التابعة لها -سندات إسرائيل- تسجيل رقم قياسي ثانٍ يتجاوز 2.7 مليار دولار.

ولكن تكاليف الاقتراض المرتفعة، إلى جانب زيادة الإنفاق والضغوط الاقتصادية، تلوح في الأفق.

وقال المحلل في فريق الدخل الثابت في شركة «ناينتي ون»، روجر مارك: «لدى إسرائيل مجال لمواصلة الدفع إلى الأمام، نظراً لقاعدة المستثمرين المحليين الكبيرة التي يمكن أن تستمر في تمويل عجز كبير آخر».

وأضاف أن «المستثمرين المحليين يتطلعون إلى بعض مؤشرات جهود الدمج من جانب الحكومة».


مقالات ذات صلة

بريطانيا تختبر سلاحاً يعتمد على «موجات الراديو» للتصدي للمسيرات

أوروبا طائرة مسيرة (أرشيفية-رويترز)

بريطانيا تختبر سلاحاً يعتمد على «موجات الراديو» للتصدي للمسيرات

اختبر جنود في بريطانيا سلاحاً جديداً يستخدم موجات الراديو ذات التردد العالي لإسقاط المسيرات المعادية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
خاص طفل يجمع الخردة من مكبّ جنوب غزة (أ.ف.ب)

خاص أهالي غزة بين ثالوث الجوع والفقر والمرض... والعالم يحصي «العقود الضائعة»

«الشرق الأوسط» ترصد واقع الأهالي بقطاع غزة المنكوب، وتتحدث مع النازحين والمسؤولين الأمميين والمتطوعين، وتحصي الخسائر الاقتصادية والبشرية بعد 14 شهراً من الحرب.

لمياء نبيل (القاهرة)
خاص الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي) play-circle 01:54

خاص الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الاقتصاد السوري خسر 24 عاماً من التنمية البشرية إلى اليوم

قال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد

هلا صغبيني (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال فعالية شخصية العام لمجلة تايم في بورصة نيويورك، 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب رداً على سؤال عن احتمالات الحرب مع إيران: «أي شيء يمكن أن يحدث»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ردا على سؤال في مقابلة مع مجلة «تايم» حول احتمالات الحرب مع إيران، إن «أي شيء يمكن أن يحدث».rnrn

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ارتفاع التضخم في الكويت 2.36 % في نوفمبر

متسوقون في «سوبر ماركت» بالعاصمة الكويتية (إعلام محلي)
متسوقون في «سوبر ماركت» بالعاصمة الكويتية (إعلام محلي)
TT

ارتفاع التضخم في الكويت 2.36 % في نوفمبر

متسوقون في «سوبر ماركت» بالعاصمة الكويتية (إعلام محلي)
متسوقون في «سوبر ماركت» بالعاصمة الكويتية (إعلام محلي)

أظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت اليوم (الأحد) أن التضخم السنوي في البلاد ارتفع 2.36 في المائة، في نوفمبر (تشرين الثاني).

وذكر تقرير الأرقام القياسية لأسعار المستهلك، أن التضخم زاد 0.15 في المائة على أساس شهري «نتيجة لارتفاع بعض أسعار المجموعات الرئيسية المؤثرة في حركة الأرقام القياسية».

وارتفعت أسعار مجموعة الأغذية والمشروبات 4.66 في المائة على أساس سنوي، و0.59 في المائة على أساس شهري. وزادت أسعار مجموعة الكساء والأحذية 5.54 في المائة على أساس سنوي، و0.42 في المائة على أساس شهري.

كما زادت أسعار مجموعة السلع والخدمات المتنوعة 5.54 في المائة على أساس سنوي، ولم تشهد تغيراً شهرياً.

وفي المقابل، انخفضت أسعار مجموعة النقل 1.89 في المائة على أساس سنوي؛ لكنها استقرت على أساس شهري.