تصريحات بايدن حول ضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع

توقعات ببلوغ سعر البرميل 100 دولار

الرئيس الأميركي جو بايدن يغادر البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن يغادر البيت الأبيض (إ.ب.أ)
TT

تصريحات بايدن حول ضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع

الرئيس الأميركي جو بايدن يغادر البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن يغادر البيت الأبيض (إ.ب.أ)

ارتفعت أسعار النفط، الخميس، بعد تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن للصحافيين بأنه لا يتوقع حصول ضربة إسرائيلية ضد إيران الخميس، قائلاً إن الانتقام الإسرائيلي ليس وشيكاً، لكنه لمح إلى احتمال شن ضربات مستقبلية. وقال إنه يناقش مع إسرائيل الاحتمالات ويقدم النصيحة، مما اعتبرته الأسواق مؤشراً على أن الولايات المتحدة قد تدعم إسرائيل في استهداف البنية التحتية النفطية الإيرانية جزءاً من ردها على وابل الصواريخ الإيراني الأخير.

وأثارت تلك التصريحات مخاوف من حدوث اضطرابات كبيرة في إمدادات النفط العالمية؛ ما دفع الأسواق إلى الجنون.

وكان بايدن يجيب عن سؤال من أحد الصحافيين عما إذا كان سيدعم الضربات الإسرائيلية على منشآت النفط الإيرانية، وأجاب بايدن: «نحن نناقش ذلك».

وعلى الرغم من أنه أوضح أنه من غير المتوقع أن يحدث الانتقام الإسرائيلي ضد إيران، الخميس، فإن احتمالات العمل العسكري في المستقبل أزعجت المتداولين وزادت من المخاوف بشأن عدم الاستقرار الإقليمي.

بعد تعليقات بايدن، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 5.5 في المائة، لتصل إلى ما يقرب من 74 دولاراً للبرميل.

تعكس القفزة المفاجئة في أسعار النفط قلق السوق المتزايد بشأن احتمال أن يستهدف رد إسرائيل على إيران البنية التحتية الحيوية لإنتاج النفط؛ مما قد يتسبب في حدوث اضطرابات كبيرة في الإمدادات في إحدى مناطق إنتاج النفط الرئيسية في العالم.

المخاطر الجيوسياسية وتقلبات سوق النفط

تعدّ دول الشرق الأوسط لاعباً رئيسياً في سوق النفط العالمية، حيث تعد إيران أحد منتجيها الرئيسيين بما يزيد على مليوني برميل يومياً، وأي صراع يؤثر على إنتاج النفط الإيراني أو قدرات الشحن عبر مضيق هرمز، وهو نقطة اختناق حاسمة لإمدادات النفط العالمية، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حاد في توفر النفط العالمي؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل أكبر.

وقال جون كيلدو، الشريك في شركة «أجين كابيتال إل إل سي»: «السوق متوترة لأن الوضع قد يتصاعد بسرعة. الخوف هو أنه إذا استهدفت إسرائيل البنية التحتية النفطية الإيرانية، فقد نشهد صدمة كبيرة لإمدادات النفط العالمية، والتي تعاني بالفعل ضغوطاً بسبب عوامل أخرى». وأضاف أن احتمالات العمل العسكري ضد إيران، خصوصاً في المناطق المنتجة للنفط، قد تدفع الأسعار إلى الارتفاع إلى مستويات أعلى من المستويات الحالية؛ مما يؤدي إلى تأثيرات متتالية في الأسواق العالمية.

توقعات السوق

يناقش المحللون الآن التأثير المحتمل للصراع المطول بين إسرائيل وإيران على أسعار النفط. فإذا ضربت إسرائيل منشآت النفط الإيرانية، فإن الضرر قد يقلل بشكل كبير من إنتاج البلاد وصادراتها؛ مما يتسبب في نقص حاد في الإمدادات. وإذا تأثر مضيق هرمز بالعمليات العسكرية أو الحصار، فقد يتعرض ما يصل إلى 20 في المائة من إمدادات النفط العالمية للخطر.

يتوقع محللو الطاقة أن ترتفع أسعار النفط إلى ما يزيد على 90 دولاراً للبرميل إذا تصاعد الموقف. في أسوأ السيناريوهات، يتوقع بعض الخبراء أن تتجاوز الأسعار 100 دولار للبرميل، وهو ما يذكرنا بصدمة أسعار النفط في أعقاب الضربة الأميركية بطائرة من دون طيار الموجهة ضد الجنرال الإيراني قاسم سليماني في عام 2020.

وقالت هيليما كروفت، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في RBC Capital Markets: «في حالة وقوع ضربة إسرائيلية على حقول النفط الإيرانية أو طرق التصدير، فقد نشهد ارتفاعاً هائلاً في أسعار النفط». قد يكون التأثير على الاقتصاد العالمي عميقاً، خصوصاً في وقت تضغط فيه الضغوط التضخمية بالفعل على الأسر والشركات في جميع أنحاء العالم».

وتواجه إدارة بايدن مهمة صعبة في مواجهة التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، فبينما تلتزم الولايات المتحدة بدعم إسرائيل، يجب عليها أيضاً أن تزن العواقب الأوسع نطاقاً للأعمال العسكرية التي قد تزعزع استقرار أسواق النفط وتؤدي إلى تفاقم التضخم في الداخل.

وتتعرض إدارة بايدن لضغوط لتوضيح موقفها وتحديد أي خطط للتخفيف من الاضطرابات المحتملة في إمدادات النفط ويبدي حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا، الذين يعتمدون بشكل كبير على النفط في الشرق الأوسط، قلقاً بالغاً بشأن تداعيات الصراع الذي يستهدف البنية التحتية النفطية الإيرانية.

وقال ريتشارد نيفيو، خبير الطاقة والمسؤول السابق في وزارة الخارجية: «ستحتاج الولايات المتحدة إلى إدارة هذه الأزمة بعناية؛ لأن أي خلل كبير في إمدادات النفط العالمية لن يضر بالاقتصاد فحسب، بل قد يكون له عواقب سياسية على الإدارة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات».

ويواصل المحللون مراقبة التطورات من كثب، حيث إن شبح الصراع العسكري في واحدة من أكثر مناطق العالم تقلباً يبقي أسواق الطاقة في حالة تأهب قصوى. وإذا تفاقم الوضع، فقد تشعر بالعواقب الاقتصادية في جميع أنحاء العالم؛ مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي الصعب بالفعل.


مقالات ذات صلة

أزمة الشرق الأوسط تخيّم على الانتخابات الرئاسية الأميركية

الولايات المتحدة​ صورة مدمجة تظهر المرشحين الرئاسيين كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ.ف.ب)

أزمة الشرق الأوسط تخيّم على الانتخابات الرئاسية الأميركية

خيّم النزاع في الشرق الأوسط إلى حد كبير على حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومع تصاعد حدة التوتر، يمكن أن يغيّر هذا النزاع نتيجة انتخابات الرئاسة في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي مايكل ماكول (رويترز)

بينها قنابل تزن 2000 رطل... نائب أميركي كبير يحثّ بايدن على تسريع مبيعات الأسلحة لإسرائيل

حثّ مايكل ماكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، الرئيس جو بايدن، الخميس، على تسريع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث عن الوضع في إسرائيل من البيت الأبيض (أ.ف.ب)

بايدن يحاول إقناع نتنياهو برد «محدود» ضد إيران

كشف مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنهم يعملون مع نظرائهم الإسرائيليين على الحد من الرد الإسرائيلي المتوقع ضد إيران، وسط مخاوف من اتساع رقعة الحرب.

هبة القدسي (واشنطن) علي بردى (واشنطن)
أوروبا صورة جوية لجزيرة دييغو غارسيا حيث تقع القاعدة العسكرية المشتركة بين بريطانيا والولايات المتحدة (أ.ب)

بعد أكثر من نصف قرن من الخلافات... اتفاق «تاريخي» بين بريطانيا وموريشيوس بشأن قاعدة عسكرية

توصلت بريطانيا إلى «اتفاق تاريخي» مع موريشيوس بشأن السيادة على أرخبيل شاغوس بالمحيط الهندي، يسمح للندن بالاحتفاظ بقاعدتها العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)

بايدن: «لا شيء سيحصل» الخميس بشأن رد إسرائيلي على إيران

عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن عن اقتناعه بأنه «لا شيء سيحصل»، اليوم (الخميس)، بشأن رد إسرائيلي على إيران بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على الدولة العبرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أسعار النفط مستقرة... وصراع الشرق الأوسط يحد من توقعات وفرة المعروض

مضخة رفع تقوم بحفر النفط الخام من حقل ييتس النفطي في حوض بيرميان غرب تكساس (رويترز)
مضخة رفع تقوم بحفر النفط الخام من حقل ييتس النفطي في حوض بيرميان غرب تكساس (رويترز)
TT

أسعار النفط مستقرة... وصراع الشرق الأوسط يحد من توقعات وفرة المعروض

مضخة رفع تقوم بحفر النفط الخام من حقل ييتس النفطي في حوض بيرميان غرب تكساس (رويترز)
مضخة رفع تقوم بحفر النفط الخام من حقل ييتس النفطي في حوض بيرميان غرب تكساس (رويترز)

انخفضت أسعار النفط، يوم الجمعة، لكنها ظلت على مسارها لتحقيق مكاسب أسبوعية قوية، حيث يزن المستثمرون احتمالات تعطل تدفقات الخام؛ بسبب صراع أوسع في الشرق الأوسط، في مقابل سوق عالمية جيدة الإمدادات.

واستقرّت العقود الآجلة لخام برنت عند 77.55 دولار للبرميل، اعتباراً من الساعة 06:46 بتوقيت غرينتش. ولم يطرأ تغيير يذكر على العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي عند 73.65 دولار للبرميل. ويتجه كلا الخامَين القياسيَّين إلى تحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 8 في المائة.

وقال ييب جون رونغ، استراتيجي السوق في «آي جي»، إن الرهانات الهبوطية على النفط وجدت بعض المجال للتراجع هذا الأسبوع وسط مخاوف متزايدة بشأن اضطرابات الإمدادات المحتملة في الشرق الأوسط، إلى جانب التفاؤل بأن جهود التحفيز الاقتصادي الأخيرة في الصين قد تقدم بعض الارتفاع في الطلب.

وأضاف ييب: «السؤال الآن هو ما إذا كان هناك تعطل فعلي في إمدادات الخام، وهذا من شأنه أن يبقي الأسعار في لعبة انتظار خلال عطلة نهاية الأسبوع».

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الخميس، إن الولايات المتحدة تناقش ما إذا كانت ستدعم الضربات الإسرائيلية على منشآت النفط الإيرانية رداً على هجوم طهران الصاروخي على إسرائيل، بينما ضرب الجيش الإسرائيلي بيروت بضربات جوية جديدة في معركته ضد «حزب الله».

وأسهمت تعليقات بايدن في ارتفاع أسعار النفط بنسبة 5 في المائة يوم الخميس، حيث تزن إسرائيل خياراتها بعد أن شنّت عدوتها اللدودة إيران أكبر هجوم لها على الإطلاق يوم الثلاثاء.

وقال محللون في «إي إن زد» في مذكرة: «عادت مخاطر العرض إلى التركيز مع ارتفاع التوتر في الشرق الأوسط، لكننا نتوقع أن يكون التأثير محدوداً».

وأوضح المحللون أنه في حين تمثل المنطقة أكثر من ثلث إمدادات النفط العالمية، فإن الهجوم المباشر على منشآت النفط الإيرانية يبدو أقل استجابة محتملة بين خيارات إسرائيل.

أضافوا: «مثل هذه الخطوة من شأنها أن تزعج شركاءها الدوليين، في حين أن تعطيل عائدات النفط الإيراني من المرجح أن يتركها مع قليل لتخسره، مما قد يؤدي إلى رد فعل أكثر شراسة».

كما خفتت المخاوف بشأن إمدادات النفط التي دفعت الأسعار إلى الارتفاع في وقت سابق من الأسبوع؛ بسبب الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لمنظمة «أوبك» وحقيقة أن إمدادات الخام العالمية لم تتعطل بعد بسبب الاضطرابات في الشرق الأوسط.

وأعلنت الحكومة الليبية المتمركزة في الشرق، والمؤسسة الوطنية للنفط ومقرها طرابلس، يوم الخميس، إعادة فتح جميع حقول النفط ومحطات التصدير بعد حل نزاع حول قيادة البنك المركزي؛ مما أنهى أزمة أدت إلى خفض إنتاج النفط بشكل كبير.

مع الإشارة إلى أن إيران وليبيا عضوان في «أوبك». وأنتجت إيران، التي تعمل بموجب العقوبات الأميركية، نحو 4 ملايين برميل يومياً من الوقود في عام 2023، بينما أنتجت ليبيا نحو 1.3 مليون برميل يومياً العام الماضي، وفقاً لبيانات من إدارة معلومات الطاقة الأميركية.