«التضخم السنوي» في تركيا يتباطأ إلى مستوى غير كافٍ للتخلي عن السياسة المتشددة

هبط لأقل من سعر الفائدة لأول مرة منذ 2021... و«أسعار الغذاء» تواصل الضغط

تؤكد دراسات اقتصادية أنه رغم تراجع التضخم فإن أسعار المواد الغذائية لا تزال تشكل ضغطاً كبيراً على المستهلكين (وسائل إعلام تركية)
تؤكد دراسات اقتصادية أنه رغم تراجع التضخم فإن أسعار المواد الغذائية لا تزال تشكل ضغطاً كبيراً على المستهلكين (وسائل إعلام تركية)
TT

«التضخم السنوي» في تركيا يتباطأ إلى مستوى غير كافٍ للتخلي عن السياسة المتشددة

تؤكد دراسات اقتصادية أنه رغم تراجع التضخم فإن أسعار المواد الغذائية لا تزال تشكل ضغطاً كبيراً على المستهلكين (وسائل إعلام تركية)
تؤكد دراسات اقتصادية أنه رغم تراجع التضخم فإن أسعار المواد الغذائية لا تزال تشكل ضغطاً كبيراً على المستهلكين (وسائل إعلام تركية)

تراجع معدل التضخم السنوي لـ«أسعار المستهلكين» في تركيا إلى أقل من سعر الفائدة؛ لأول مرة منذ عام 2021، مسجلاً 49.38 في المائة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، مقابل 51.97 في المائة خلال أغسطس (آب) الذي سبقه.

ووفق بيانات التضخم الرسمية، التي أعلنها «معهد الإحصاء التركي»، الخميس، فقد تراجع التضخم السنوي في سبتمبر الماضي إلى ما دون سعر الفائدة المحدد من «المصرف المركزي التركي» البالغ 50 في المائة. لكن التراجع جاء بأقل التوقعات التي تراوح متوسطها حول 48 في المائة، مما قد يؤجل النقاشات حول خفض محتمل لأسعار الفائدة في الربع الأخير من العام الحالي.

وتوقع تقرير سابق من «دويتشه بنك» الألماني، نُشر الثلاثاء، أن يبدأ «المركزي التركي» خفضاً للفائدة بواقع 250 نقطة أساس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وأن ينخفض سعر الفائدة إلى 45 في المائة بنهاية العام.

ووفق بيانات «معهد الإحصاء التركي»، فقد زاد التضخم الشهري بنسبة 2.97 في المائة، بأقل من التوقعات السابقة أيضاً عند 2.2 في المائة.

وجاءت الزيادة في التضخم الشهري خلال سبتمبر أعلى من تلك التي سُجلت في أغسطس السابق عليه، والتي كانت 2.47 في المائة.

أسعار الغذاء تضغط

ووفق البيانات الرسمية، فقد شهد التضخم السنوي الأساسي لـ«أسعار المستهلكين»، الذي تُستثنى منه أسعار الغذاء والطاقة والمشروبات الكحولية والتبغ، تباطؤاً إلى 49.10 في المائة.

كما سجل «مؤشر أسعار المنتجين» تراجعاً بنسبة 33.09 في المائة على أساس سنوي.

وعزا «معهد الإحصاء التركي» مستوى التراجع في التضخم السنوي خلال سبتمبر الماضي إلى سلسلة من الزيادات في أسعار الوقود والسجائر خلال فترة الصيف، إضافة إلى الإجراءات الحكومية المتعلقة بالضرائب والأسعار المدارة.

عاملان في سوبر ماركت يرتبان الأرفف (وسائل إعلام تركية)

وعلى الرغم من التراجع العام في معدلات التضخم، فإن بعض القطاعات شهد ارتفاعات ملحوظة في الأسعار خلال سبتمبر. وسجل قطاع التعليم أعلى زيادة شهرية بنسبة 14.21 في المائة، ثم قطاع المشروبات الكحولية والتبغ بزيادة بلغت 4.16 في المائة، بينما ارتفعت أسعار المساكن بنسبة 3.86 في المائة.

في المقابل، شهد قطاع الاتصالات تراجعاً في الأسعار بنسبة 0.88 في المائة على أساس شهري.

في الوقت ذاته، أشارت بيانات صادرة عن «غرفة تجارة إسطنبول» و«اتحاد العمال التركي»، إلى أن أسعار التجزئة شهدت ارتفاعاً بنسبة 3.9 في المائة خلال سبتمبر على أساس شهري، بينما سجلت زيادة سنوية بنسبة 59.18 في المائة.

ويظهر ذلك أن التضخم ما زال يؤثر على سلاسل التوريد وأسعار المواد الغذائية، فقد أشارت دراسة «اتحاد العمال التركي» إلى أن التضخم الشهري في أسعار المواد الغذائية بلغ 2.9 في المائة، وهو أعلى مستوى له خلال 4 أشهر.

وبخلاف الأرقام الرسمية من «معهد الإحصاء التركي»، فقد أعلنت «مجموعة أبحاث التضخم»، وهي منصة مستقلة تضم خبراء اقتصاديين أتراكاً، أن معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين سجل في سبتمبر 88.63 في المائة، فيما سجل التضخم الشهري ارتفاعاً بنسبة 5.34 في المائة.

توقعات متفائلة

بدوره، توقع وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، أن ينخفض معدل التضخم السنوي إلى نحو 30 في المائة أثناء الربع الأول من عام 2025، قبل أن يتراجع إلى 20 في المائة خلال يونيو (حزيران) أو يوليو (تموز) من العام ذاته.

وقال شيمشك، في مقابلة تلفزيونية: «أعتقد بصدق أنه بحلول نهاية عام 2025، سنتمكن من خفض التضخم إلى أقل من 20 في المائة... أتفهم الهواجس حول البرنامج الاقتصادي للحكومة، لكننا نؤمن بأن برنامجنا سيحقق النتائج والأهداف المحددة فيه».

وزير الخزانة والمالية التركي متحدثاً خلال لقاء مع المستثمرين في نيويورك الأسبوع الماضي (حسابه على إكس)

وتابع شيمشك: «لقد بدأت عملية تباطؤ التضخم، اليوم، مع أرقام سبتمبر، وسنرى أن العملية ستستمر في الأشهر المقبلة، ولكن ليست بالوتيرة نفسها، فهل سينخفض ​​التضخم إلى ما هو أبعد من التأثير الأساسي السلبي؟ في رأينا سوف يحدث ذلك... سيجري التغلب على جمود تضخم الخدمات بمرور الوقت، (مؤشر) معدل البطالة يتقدم بشكل جيد، وليس هناك تدهور في سوق العمل، وهناك تحسن كبير في الاحتياطات».

ولفت شيمشك إلى أن الانكماش الذي تشير إليه «الصناعة التحويلية» سيكون مؤقتاً.

وانخفض «مؤشر مديري المشتريات (بي إم آي)» لقطاع التصنيع التركي إلى 44.3 في سبتمبر، مقارنةً بـ47.8 خلال أغسطس، وفقاً لمسح أجرته «غرفة صناعة إسطنبول» و«ستاندرد آند بورز غلوبال»، مما يشير إلى تدهور أكبر عن مستوى 50 نقطة الذي يُعدّ عتبة النمو.

وشهد شهر سبتمبر أسوأ تراجع في الطلبات الجديدة منذ نحو 4 سنوات ونصف؛ نتيجة لضعف الطلب العام، وتقلص الإنتاج بأكبر نسبة منذ مايو (أيار) 2020، كما سجلت مستويات التوظيف أكبر انخفاض لها منذ أبريل (نيسان) من العام ذاته، وانخفض النشاط الشرائي، مما أدى إلى تراجع المخزونات من المدخلات و«السلع التامة».

وذكر شيمشك أن تركيا دخلت مرحلة من «النمو الاقتصادي المعتدل»، لكن «على المديين المتوسط والطويل ستعود إلى مسار (النمو المرتفع) مع انخفاض التضخم».

وتباطأ النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي من 5.3 في المائة خلال الربع الأول من عام 2024 إلى 2.5 في المائة أثناء الربع الثاني، ونما الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة خلال الفترة من أبريل إلى يونيو الماضيين.


مقالات ذات صلة

ارتفاع عائدات السندات الأوروبية من أدنى مستوياتها في عدة أشهر

الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

ارتفاع عائدات السندات الأوروبية من أدنى مستوياتها في عدة أشهر

ارتفعت عائدات السندات الحكومية في منطقة اليورو قليلاً عن أدنى مستوياتها في عدة أشهر يوم الخميس، مع تقييم الأسواق لتوقعات تخفيض أسعار الفائدة من المصرف المركزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أشخاص على «جسر الألفية» بينما تظهر المنطقة المالية لمدينة لندن خلفهم (رويترز)

تراجع زخم «الخدمات» بالمملكة المتحدة مع استمرار النمو خلال سبتمبر

فقدت شركات الخدمات البريطانية بعض زخمها، لكنها استمرت في النمو خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وارتفعت الأسعار التي فرضتها بأبطأ وتيرة منذ نحو 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى «المصرف المركزي الأوروبي» خلف أعلام «الاتحاد» في فرنكفورت (رويترز)

انكماش الأعمال بمنطقة اليورو وسط تخفيف الضغوط التضخمية

تراجع نشاط الأعمال بمنطقة اليورو إلى الانكماش في الشهر الماضي، رغم أن هذا التراجع لم يكن حاداً كما كان متوقعاً في البداية.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مقذوف يطير في سماء الأردن بعد أن أطلقت إيران دفعة من الصواريخ الباليستية على إسرائيل كما شوهد من عمان (رويترز)

البنك الدولي: الصراع في الشرق الأوسط قد يبطئ اقتصاد الأردن إلى 2.4 % في 2024

توقع البنك الدولي أن يتباطأ الاقتصاد الأردني قليلاً في عام 2024 ليصل إلى 2.4 في المائة في عام 2024، بسبب آثار الصراع الدائر في الشرق الأوسط على حركة السياحة،…

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سوق شعبية في إسطنبول (وسائل إعلام تركية)

التضخم السنوي في تركيا يتباطأ إلى 49.38 % في سبتمبر

تباطأ التضخم في تركيا إلى 49.38 في المائة في سبتمبر (أيلول) على أساس سنوي، علماً بأنه جاء أعلى من تقديرات اقتصاديين عند 48.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

ارتفاع طفيف في طلبات إعانات البطالة الأميركية

مطعم في أرلينغتون في ولاية فيرجينيا يبحث عن موظفين (رويترز)
مطعم في أرلينغتون في ولاية فيرجينيا يبحث عن موظفين (رويترز)
TT

ارتفاع طفيف في طلبات إعانات البطالة الأميركية

مطعم في أرلينغتون في ولاية فيرجينيا يبحث عن موظفين (رويترز)
مطعم في أرلينغتون في ولاية فيرجينيا يبحث عن موظفين (رويترز)

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدّموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف خلال الأسبوع الماضي، لكن الإعصار «هيلين» الذي ضرب جنوب شرقي الولايات المتحدة والإضرابات في شركة «بوينغ» والموانئ قد تشوّه صورة سوق العمل في الأمد القريب.

وأفادت وزارة العمل، اليوم (الخميس)، بأن طلبات الحصول على إعانات البطالة الأولية زادت بمقدار 6 آلاف طلب، لتصل إلى 225 ألف طلب معدلة موسمياً للأسبوع المنتهي في 28 سبتمبر (أيلول). وكان خبراء اقتصاديون، استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقّعوا 220 ألف طلب في الأسبوع الأخير. وتعكس هذه الطلبات سوق عمل مستقرة تدعمها عمليات تسريح العمال المنخفضة.

ومع ذلك، من المرجح أن يتزعزع هذا الهدوء مؤقتاً بعد أن أحدث الإعصار «هيلين» دماراً هائلاً في ولايات نورث كارولاينا وساوث كارولاينا وجورجيا وفلوريدا وتينيسي وفيرجينيا في نهاية الأسبوع الماضي، حيث دُمرت المنازل والبنية التحتية، وأودت بحياة ما لا يقل عن 162 شخصاً في مختلف أنحاء الولايات الست. وصرّح وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو مايوركاس، بأن التعافي من آثار الإعصار سوف يتطلّب «مشروعاً بمليارات الدولارات» يستمر لسنوات.

كما من المتوقع أن يؤدي توقف العمل الذي يقوم به نحو 30 ألف عامل في شركة «بوينغ»، و45 في المائة من عمال الموانئ على الساحل الشرقي للولايات المتحدة وساحل الخليج، إلى إرباك سوق العمل. ورغم أن العمال المضربين غير مؤهلين للحصول على إعانات البطالة، فإن تحركهم الصناعي من المحتمل أن يمتد عبر سلسلة التوريد والشركات الأخرى التي تعتمد على «بوينغ» والموانئ؛ مما قد يؤدي إلى تسريح مؤقت للعمال. وقد أعلنت «بوينغ» عن تسريح مؤقت لعشرات الآلاف من الموظفين، بمن في ذلك ما قالت إنه «عدد كبير من المديرين التنفيذيين والمديرين والموظفين المقيمين في الولايات المتحدة».

وأظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص الذين حصلوا على إعانات بعد أسبوع أولي من المساعدات، وهو مؤشر على التوظيف، انخفض بمقدار ألف إلى 1.826 مليون بعد التعديل الموسمي خلال الأسبوع المنتهي في 21 سبتمبر. واستقرت المطالبات المستمرة بعد أن سجلت أعلى مستوياتها في أكثر من عامين ونصف العام في يوليو (تموز)، نتيجة لتغييرات السياسة في ولاية مينيسوتا التي سمحت للموظفين غير التدريسيين في الولاية بالتقدم بطلبات للحصول على مساعدات البطالة خلال العطلات المدرسية الصيفية.

ويرجع التباطؤ في سوق العمل إلى انخفاض التوظيف بعد زيادات أسعار الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس من «الاحتياطي الفيدرالي» في عامي 2022 و2023 لمكافحة التضخم. وخفّض المصرف المركزي الأميركي الشهر الماضي سعر الفائدة القياسي بمقدار غير عادي قدره 50 نقطة أساس إلى نطاق 4.75 - 5 في المائة، وهو أول خفض لتكاليف الاقتراض منذ عام 2020، معترفاً بالمخاطر المتزايدة على سوق العمل. ومن المتوقع أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مجدداً في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).

ولا تؤثر بيانات المطالبات في تقرير التوظيف لشهر سبتمبر؛ لأنها تقع خارج أسبوع المسح. ووفقاً لمسح أجرته «رويترز»، من المرجح أن تكون الوظائف غير الزراعية قد زادت بمقدار 100 ألف وظيفة الشهر الماضي، بعد ارتفاعها بمقدار 142 ألف وظيفة في أغسطس (آب). بلغ متوسط مكاسب الوظائف 202 ألف وظيفة شهرياً على مدار العام الماضي.

وإذا استمرت إضرابات «بوينغ» والموانئ بعد الأسبوع المقبل، فقد تؤدي إلى انخفاض الرواتب في أكتوبر (تشرين الأول)، عشية الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر. ومن المتوقع أن يظلّ معدل البطالة دون تغيّر عند 4.2 في المائة في سبتمبر، بعد أن ارتفع من 3.4 في المائة في أبريل (نيسان) 2023؛ إذ أدى ارتفاع الهجرة إلى تعزيز المعروض من العمالة.