عضوة «الفيدرالي» المتشددة: خفض الفائدة يجب أن يكون مدروساً

أشارت إلى ضرورة وجود سياسة نقدية متوازنة لمواجهة التضخم مع الحفاظ على قوة الاقتصاد

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

عضوة «الفيدرالي» المتشددة: خفض الفائدة يجب أن يكون مدروساً

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

قالت عضوة بنك الاحتياطي الفيدرالي ميشيل بومان إن «قرار زيادة سعر الفائدة الفيدرالي بمقدار نصف نقطة مئوية ليصبح النطاق المستهدف بين 4.75 في المائة و5 في المائة، الذي اتُّخذ في اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية الأخير، والذي انعقد في سبتمبر (أيلول)، يأتي في ظل المساعي للتعامل مع التضخم المرتفع الذي لا يزال يمثل تحدياً رئيسياً للاقتصاد».

وأضافت في خطاب ألقته أمام جمعية المصرفيين في مؤتمرها السنوي في جورجيا: «ومع ذلك، كان لديَّ اعتراض على هذا القرار، حيث كنت أؤيد تخفيضاً أصغر، بمقدار ربع نقطة مئوية، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية».

وتابعت: «إن تقييم اللجنة يعكس تقدماً ملحوظًا منذ منتصف عام 2023، حيث شهدنا تباطؤ التضخم وتهدئة سوق العمل. ومع ذلك، يبقى التضخم الأساسي عند 2.7 في المائة، وهو أعلى كثيراً من هدفنا البالغ 2 في المائة. يتطلب هذا الوضع تحركاً مدروساً من جانبنا، حيث يجب أن نعكس التقدم الذي أحرزناه دون الإشارة إلى ضعف اقتصادي».

ووفق بومان، تشير الظروف الاقتصادية الحالية إلى أن البلاد شهدت تقدماً إضافياً في تباطؤ التضخم. ومع ذلك، فإن مستويات الأسعار ما زالت أعلى كثيراً مما كانت عليه قبل الجائحة؛ ما يؤثر سلباً في مشاعر المستهلكين، خصوصاً بين الأُسر ذات الدَّخْلَيْنِ المنخفض والمتوسط. كما أن النمو الاقتصادي - رغم أنه كان قوياً في العام الماضي - شهد بعض التراجع مؤخراً.

وقالت إن «الأرقام الأخيرة لسوق العمل تشير إلى تباطؤ مكاسب الوظائف، حيث انخفضت إلى وتيرة تزيد قليلاً على 100 ألف وظيفة شهرياً. وتراجع معدل البطالة إلى 4.2 في المائة، لكننا نرى أن هذا قد يكون مدفوعاً بضعف التوظيف أكثر من كونه تعبيراً عن قوة سوق العمل. هناك مزيد من الوظائف المتاحة مقارنة بعدد العمال، وهو ما يوضح استمرار القوة في هذه السوق».

وبالنظر إلى كل هذه المعطيات، تعتقد بومان أنه من المهم اعتماد سياسة نقدية متوازنة؛ فالتحرك بخفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة قد يُفْهَم على أنه إشارة لوجود مخاطر على الاقتصاد، في حين أن وضع الاقتصاد الحالي لا يُظهر أي علامات واضحة على الضعف؛ لذلك، فإن خطوة أكثر توازناً تتضمن تخفيضاً أصغر ستساعد في تأكيد قوة الاقتصاد، مع الاعتراف بالتقدم الذي جرى إحرازه نحو أهدافنا.

وأشارت إلى أنه من خلال التحرك بوتيرة متوازنة نحو سياسة نقدية أكثر حيادية، «سنكون في وضع أفضل لتحقيق تقدم إضافي في خفض التضخم إلى هدفنا المحدد، مع مراقبة دقيقة لتطوُّر ظروف سوق العمل».

وقالت: «عندما نبدأ في تخفيف موقفنا التقييدي للسياسة، يجب أن نكون واعين أيضاً ما ستكون عليه النقطة النهائية. تقديري للمعدل المحايد أعلى كثيراً مما كان عليه قبل الجائحة؛ لذلك أعتقد أننا أقرب كثيراً إلى الحياد مما كان في ظل ظروف ما قبل الجائحة، ولم أر موقف السياسة في ذروته تقييدياً بنفس الدرجة التي قد يراها زملائي. ومع تقدير أعلى للمعدل المحايد، لأي وتيرة معينة لخفض الأسعار، سنصل إلى وجهتنا في وقت أقرب».

مخاطر مستمرة على التوقعات

قالت بومان إن هناك مخاطر أكبر على استقرار الأسعار، خاصة في ظل استمرار سوق العمل بالقرب من تقديرات التوظيف الكامل. وعلى الرغم من أن بيانات سوق العمل تظهر علامات على التهدئة في الأشهر الأخيرة، إلا أن النمو المرتفع في الأجور، والإنفاق الاستهلاكي القوي، ونمو الناتج المحلي الإجمالي المرن لا تتماشى مع ضعف اقتصادي مادي. ورأت بومان أيضاً أن بيانات سوق العمل الأخيرة أقل دلالة حتى تظهر اتجاهات واضحة تشير إلى أن كلاً من نمو الإنفاق وسوق العمل قد تدهورا بشكل ملحوظ.

ووفقاً لبومان، تظل المخاطر الصاعدة للتضخم بارزة، حيث تستمر سلاسل التوريد العالمية في التعرض للإضرابات العمالية وزيادة التوترات الجيوسياسية؛ ما قد يؤدي إلى وجود آثار تضخمية على أسعار الغذاء والطاقة وأسواق السلع الأخرى. وربما تؤدي النفقات المالية التوسعية أيضاً إلى حدوث مخاطر تضخمية، كما قد يزيد الطلب على الإسكان، نظراً لنقص المعروض المستمر، خصوصاً الإسكان الميسور. ولم تستبعد خطر أن يستمر التقدم في خفض التضخم في التباطؤ.

الطريق إلى الأمام

وفي ختام خطابها، قالت بومان: «سأواصل مراقبة البيانات والمعلومات الواردة بدقة في أثناء تقييم المسار الأمثل للسياسة النقدية، وسأظل حذرة في نهجي تجاه تعديل موقف السياسة في المستقبل. من المهم التأكيد على أن السياسة النقدية ليست على مسار محدد مسبقاً. أنا وزملائي سنتخذ قراراتنا في كل اجتماع للجنة السوق المفتوحة استناداً إلى البيانات الحالية وتأثيراتها، والمخاطر المتعلقة بالتوقعات، مع مراعاة أهداف (الاحتياطي الفيدرالي) المتمثلة في تحقيق أقصى قدر من التوظيف واستقرار الأسعار».

وأضافت: «يجب أن نضمن أن يفهم الجمهور بوضوح كيف تؤثر الانحرافات الحالية والمتوقعة في التضخم والتوظيف عن أهدافنا المحددة في قراراتنا السياسية. بحلول اجتماعنا المقبل في نوفمبر (تشرين الثاني)، سنكون قد استقبلنا تقارير محدثة حول التضخم والتوظيف والنشاط الاقتصادي. كما أننا قد نحصل على فهم أعمق لكيفية تأثير التطورات في أسعار الفائدة طويلة الأجل والظروف المالية الأوسع على التوقعات الاقتصادية».


مقالات ذات صلة

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو، إن «المركزي» ليس متأخراً في خفض أسعار الفائدة، لكنه بحاجة إلى مراقبة من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

دي غالهو من «المركزي الأوروبي»: التعريفات الجمركية لترمب لن تؤثر في توقعات التضخم

قال فرنسوا فيليروي دي غالهو، عضو صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، إن زيادات التعريفات تحت إدارة ترمب الجديدة لن تؤثر في توقعات التضخم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

TT

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)
المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من قفزات في المؤشرات العالمية، أثبتت المملكة اهتمامها الكبير بالبنية التحتية لتقنية المعلومات، وهو ما انعكس إيجاباً على أعمال «سيسكو» العالمية للأمن والشبكات، حيث حقَّقت الشركة أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة في البلاد، وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

هذا ما ذكره المدير التنفيذي لشركة «سيسكو» في السعودية سلمان فقيه، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أكد فيه أن المملكة أثبتت قوة بنيتها التحتية وكفاءتها خلال جائحة «كورونا»، الأمر الذي أثّر إيجاباً على الشركة خلال السنوات الماضية.

و«سيسكو» هي شركة تكنولوجية مدرجة في السوق الأميركية، ومقرها الرئيس في وادي السيليكون بكاليفورنيا، وتعمل في مجال تطوير وتصنيع وبيع أجهزة الشبكات والبرامج ومعدات الاتصالات.

التحول الرقمي

وأشار فقيه إلى أن «سيسكو»، تسعى دائماً للعب دور بارز في دعم التحول الرقمي في السعودية من خلال استثمارات استراتيجية، ففي عام 2023، افتتحت الشركة مكتباً إقليمياً في الرياض، وذلك لدعم عملياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعزيز حضورها في المملكة، لافتاً إلى أن الإدارة العليا عقدت اجتماعات رفيعة المستوى مع بعض متخذي القرار في القطاعَين الحكومي والخاص، خلال الشهر الماضي؛ لاستكمال الشراكة مع السوق المحلية.

وأضاف: «كانت هناك استمرارية لاستثمارات الشركة في برامج تسريع التحول الرقمي الهادف إلى دعم جهود المملكة في القطاعات الحيوية، وتطوير منظومة الابتكار».

وتابع فقيه قائلاً إنه منذ إطلاق برنامج التحول الرقمي عام 2016 في المملكة ضمن «رؤية 2030»، الهادف إلى تعزيز المهارات الرقمية وتنمية الابتكار، تم تنفيذ أكثر من 20 مشروعاً من قبل «سيسكو» ضمن هذا البرنامج في مجالات حيوية؛ مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والمدن الذكية.

ونوّه الرئيس التنفيذي بالإنجازات التي حققتها المملكة في مجال التحول الرقمي، حيث تمكّنت من تحقيق تقدم ملحوظ في المؤشرات العالمية، وجاءت ثانيةً بين دول مجموعة العشرين في «مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» لعام 2024، بالإضافة إلى تصدرها في جاهزية أمن المعلومات.

الأمن السيبراني

وأوضح فقيه أن المملكة وضعت في مقدمة أولوياتها تعزيز الأمن السيبراني، لا سيما في ظل ازدياد الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم. وقال: «الأمن السيبراني يمثل أحد التحديات الكبرى، ونعمل في المملكة لتوفير الحلول اللازمة لحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية».

ولفت إلى الزيادة الكبيرة لاستثمارات الأمن السيبراني في المملكة. وأظهرت دراسة أجرتها «سيسكو» خلال العام الحالي أن 99 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أكدوا زيادة ميزانياتهم الخاصة بالأمن السيبراني، في الوقت الذي تعرَّض فيه 67 في المائة منهم لحوادث أمنية في العام الماضي.

كما ذكر فقيه أن من التحديات الأخرى ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة حديثة لـ«سيسكو» أن 93 في المائة من الشركات السعودية لديها استراتيجيات خاصة بالذكاء الاصطناعي، لكن 7 في المائة منها فقط تمتلك الجاهزية الكاملة للبنية التحتية اللازمة لتطبيق هذه التقنيات.

القدرات التقنية

وفيما يتعلق بتطوير القدرات التقنية في المملكة، أوضح فقيه أن برنامج «أكاديميات سيسكو» للشبكات حقق تأثيراً كبيراً في السعودية، حيث استفاد منه أكثر من 336 ألف متدرب ومتدربة، بمَن في ذلك نسبة كبيرة من المتدربات تجاوزت 35 في المائة، وهي واحدة من أعلى النِّسَب على مستوى العالم.

أما في سياق التعاون بين «سيسكو» والمؤسسات الأكاديمية في المملكة، فأبرز فقيه الشراكة المستمرة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وقال: «هذا التعاون يهدف إلى استخدام التقنيات الحديثة في تحسين البيئة التعليمية، وتمكين الكوادر الأكاديمية والطلاب من الاستفادة من أحدث الحلول التقنية».

وتطرَّق فقيه إلى التزام الشركة بالاستدامة البيئية، حيث تستهدف «سيسكو» الوصول إلى صافي انبعاثات غازات دفيئة صفرية بحلول 2040. وقال: «نعمل على تقديم حلول تقنية تراعي كفاءة استخدام الطاقة، والمساهمة في تحقيق أهداف المملكة نحو الحياد الصفري الكربوني».

وفي ختام حديثه، أشار فقيه إلى مشاركة «سيسكو» في مؤتمر «بلاك هات» للأمن السيبراني، الذي تستعد الرياض لاستضافته من 26 إلى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بصفتها راعياً استراتيجياً. وأضاف أن الشركة تسعى من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز التعاون مع العملاء والشركاء في المملكة؛ لتوفير حلول أمنية مبتكرة تضمن حماية البيانات، وتسهيل تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن.