صندوق النقد الدولي: النشاط غير النفطي في السعودية سيبقى قوياً

ماتي لـ«الشرق الأوسط»: نتوقع استمرار تنفيذ المشاريع ما لم يحصل انخفاض بأسعار النفط ويمتد لفترات طويلة

رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية أمين ماتي (لينكد إن)
رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية أمين ماتي (لينكد إن)
TT

صندوق النقد الدولي: النشاط غير النفطي في السعودية سيبقى قوياً

رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية أمين ماتي (لينكد إن)
رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية أمين ماتي (لينكد إن)

توقع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية، أمين ماتي، ألا يؤثر أي تراجع في أسعار النفط على نمو الناتج غير النفطي في السعودية؛ مشيراً إلى أن النشاط غير النفطي سيبقى قوياً مدفوعاً بالطلب المحلي، ومشدداً على أهمية ما بلغه الاقتصاد السعودي من فك ارتباطه بالقطاع النفطي.

وقال ماتي في ندوة نظمها مركز «SRMG-THINK» للأبحاث والاستشارات، لعرض نتائج تقرير الصندوق الصادر مؤخراً، وأدارتها المستشارة في الاقتصاد والسياسات العامة في المركز، هزار كركلا، في رده على «الشرق الأوسط»: «ما لم يحصل انخفاض بأسعار النفط ويمتد لفترات طويلة، نتوقع استمرار تنفيذ المشاريع». وأضاف: «أريد أن أؤكد مرة أخرى على أهمية فك الارتباط في هذه المرحلة بالنسبة للاقتصاد غير النفطي. لذا، ما لم نشهد انخفاضاً مطولاً (في أسعار النفط)، وهو ما من شأنه أن يُظهِر بعض إعادة ضبط الاستثمار أو الإنفاق أو الطلب المحلي، فإننا لا نزال نتوقع أن تتحقق بعض هذه المشاريع».

كما أن ماتي لا يتوقع تأثيراً على النمو الاقتصادي في السعودية جراء قرار «أوبك بلس» إرجاء بدء زيادة الإنتاج النفطي شهرين، وقال: «هو مجرد تأخير لمدة شهرين... ولن يؤثر إلا قليلاً، في افتراضنا، بشأن السلع غير النفطية التي لا تزال مدفوعة بالطلب المحلي الذي لن يتأثر بذلك».

وعن انعكاس ما يعانيه الاقتصاد الصيني على السعودية، فإن ماتي لا يتوقع أن يتأثر النمو في المملكة، بمعنى أنه إذا انخفضت أسعار النفط، فإن نمط الاستثمار الذي يتوقعه صندوق النقد الدولي سيستمر، لافتاً إلى أن التأثير سيتجسد من حيث العجز المالي والحساب الحالي. وقال: «حسب تحليلاتنا، فإن انخفاض سعر برميل النفط بمقدار 10 دولارات للبرميل يؤدي إلى زيادة العجز المالي بنحو 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وعجز الحساب الحالي بنحو 2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».

وأضاف: «من المتوقع أن يحافظ الطلب المحلي القوي على نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي عند 3.5 في المائة في عام 2024. ومن المتوقع أن يرتفع زخم الإصلاح غير النفطي مرة أخرى في عام 2025 مع انتعاش الاستثمار، وخصوصاً من صندوق الاستثمارات العامة الذي سيزيد استثماراته في عام 2025 من 40 مليار دولار إلى 70 مليار دولار سنوياً، وفي الفترة التي تسبق كأس آسيا 2027، والألعاب الآسيوية الشتوية 2029، ومعرض «إكسبو» العالمي 2030... وبموجب السيناريو الأساسي لصندوق النقد، سيظل نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في نطاق 3.9- 4.4 في المائة، وإن كان التنفيذ الكامل لاستراتيجية الإصلاح الوطني يمكن أن يزيد نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 8 في المائة... وستتسع فجوة الناتج غير النفطي بشكل متواضع حتى عام 2025، قبل أن تغلق بحلول عام 2029؛ حيث تعمل الإنتاجية الأعلى المدفوعة بالرقمنة وإصلاحات العمل على دفع النمو المحتمل غير النفطي إلى ما يتجاوز النمو الفعلي».

وأعاد ماتي الترحيب بخطوة السعودية إعادة معايرة الإنفاق المالي، والتي «ستساعد على المحافظة على الاستدامة المالية»، وباستقرار التضخم، وانخفاض البطالة إلى مستويات قياسية، والاحتياطات المالية الوفيرة، مؤكداً أهمية الحفاظ على الحصافة المالية، وحماية الاستقرار المالي، ومواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لدعم النمو المستدام والشامل.

وأكد الحاجة إلى الاستمرار في تعزيز المؤسسات المالية، من خلال المضي قدماً في طرح الإطار المالي المتوسط ​​الأجل الحالي، وتفعيل القاعدة المالية للمساعدة في فصل قرارات الإنفاق عن تقلبات أسعار النفط؛ وتطوير إطار فعال لإدارة الأصول السيادية والالتزامات؛ وتعزيز مراقبة الالتزامات الطارئة والإفصاح عنها.

وكانت المديرة الإدارية لمركز «SRMG-THINK»، نداء المبارك، قد ألقت كلمة ترحيبية أكدت فيها أهمية توقيت صدور تقرير الصندوق الذي يأتي في منتصف الطريق لـ«رؤية 2030».


مقالات ذات صلة

صندوق النقد الدولي يوافق على قرض بقيمة 7 مليارات دولار لباكستان

الاقتصاد رئيس الوزراء الباكستاني يحضر الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (رويترز)

صندوق النقد الدولي يوافق على قرض بقيمة 7 مليارات دولار لباكستان

وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على قرض جديد بقيمة 7 مليارات دولار لباكستان، التي تعاني من ضائقة مالية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - إسلام آباد)
الاقتصاد شخص ينقل صندوق اقتراع إلى مركز فرز في نهاية التصويت بالانتخابات الرئاسية بسريلانكا 21 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

سريلانكا: إعادة فتح المحادثات مع صندوق النقد أكبر تهديد لاقتصاد البلاد

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكرميسينج إن إعادة فتح المحادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج إنقاذ مالي من شأنها أن تشكل تهديداً كبيراً لاقتصاد البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال خطابها في صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق على إكس)

لاغارد: المصارف المركزية قد تواجه تقلبات تضخمية لسنوات مقبلة

قالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، الجمعة، إن التحولات العميقة في الاقتصاد العالمي قد تجعل التضخم متقلباً لسنوات مقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام يظهر منطقة الأعمال المركزية في وسط مدينة نيروبي (رويترز)

كينيا تستهدف تقليص العجز إلى 3.5% في موازنة العام المقبل

تتوقع وزارة المالية الكينية انخفاض العجز في الموازنة إلى 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025 - 2026 التي تبدأ في يوليو (تموز) المقبل.

«الشرق الأوسط» (نيروبي )
الاقتصاد رجل سعودي يشتري الخضراوات من أحد المتاجر في المملكة (رويترز)

ارتفاع طفيف للتضخم في السعودية إلى 1.6 % في أغسطس

سجل معدل التضخم السنوي في السعودية 1.6 في المائة خلال أغسطس (آب) 2024 وبزيادة طفيفة نسبتها 0.1 في المائة عن شهر يوليو (تموز) 2024.

زينب علي (الرياض)

نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)
يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)
TT

نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)
يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)

مع تنامي حركة السفر والسياحة، ورغم التحديات التي تواجه انطلاق الأعمال والمشروعات المحلية والإقليمية والدولية، فإن شركة «في إف إس غلوبال» كشفت عن أن الطلب على تأشيرات «شنغن» في السعودية شهد نمواً ملحوظاً بنسبة 23 في المائة هذا العام. وتستعد الشركة أيضاً لمساعدة الحكومات في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن عملية تقديم طلبات التأشيرة.

وقال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «في إف إس غلوبال»، زوبين كاركاريا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أدرنا إجراءات التأشيرة لبرنامج رواد السياحة (Trailblazers) التابع لوزارة السياحة السعودية، الذي يهدف إلى إرسال 100 ألف طالب إلى أوروبا؛ للتدريب في مجالات السياحة والسفر».

وأضاف كاركاريا: «تهدف استراتيجيتنا إلى توفير قيمة طويلة الأمد للأطراف المعنية جميعاً، بما في ذلك الحكومة السعودية والمواطنون السعوديون، مما يسهم في تحقيق رؤية المملكة نحو خلق اقتصاد متنوع ومستدام، من خلال تطبيق بعض حلولنا الحديثة لأعمالنا في المملكة».

وأضاف كاركاريا: «تعدّ السعودية سوقاً رئيسيةً لأعمال (في إف إس غلوبال)، لذا قمنا بتوسيع حضورنا وعروضنا في المملكة على مر السنين من خلال شراكات استراتيجية؛ لتسهيل تقديم خدمات التأشيرة للمسافرين؛ مثل اتفاقيتنا الأخيرة مع غرف التجارة وصندوق الاستثمارات العامة وأرامكو».

وتابع كاركاريا: «تلتزم (في إف إس غلوبال) بشكل صارم باتفاقات مستوى الخدمة مع عملائها من الحكومات، حيث تدير المهام غير القضائية، والإدارية المتعلقة بطلبات التأشيرة وجوازات السفر والخدمات القنصلية».

وأضاف: «مع تنامي السفر الدولي في بعض الأسواق الناشئة الكبيرة، برزت الحاجة إلى خدمات متخصصة تلبي احتياجات الحكومات ومقدمي طلبات التأشيرة حول العالم. هذا الأمر دفعنا لابتكار نهج يحقق فائدة مشتركة للطرفين، حيث نتولى بموجبه الإجراءات الإدارية كافة، اللازمة لتقديم التأشيرات».

ووفقاً لكاركاريا، فإن «في إف إس غلوبال» تتمتع بشراكة طويلة الأمد مع العملاء من الحكومات في منطقة الاتحاد الأوروبي، وتعمل بشكل وثيق معهم في البلدان التي نعمل فيها لتقديم خدمات طلبات التأشيرة. ولفت إلى الزيادة المستمرة في الطلب على السفر الدولي، والحصول على التأشيرات بشكل تصاعدي.

المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «في إف إس غلوبال» زوبين كاركاريا (الشرق الأوسط)

تجاوز التحديات

وقال كاركاريا: «كان التحدي الأوَّلي خلال أعوام جائحة (كوفيد - 19)، التي أثرت بشكل مباشر على قطاعات السفر والقطاعات المرتبطة به، هو التعامل مع بيئة الأعمال المتقلبة. لقد أدركنا في وقت مبكر جداً خطورة الأزمة، وأيضاً الفرصة لتحويل عملياتنا وتطوير مؤسستنا لمواجهة المستقبل».

وأضاف: «على سبيل المثال، بحلول أبريل (نيسان) 2020، تم إغلاق 3196 مركزاً لتقديم طلبات التأشيرة بشكل مؤقت من أصل شبكتنا العالمية البالغ عددها 3384 مركزاً؛ استجابةً للأزمة العالمية».

واستدرك قائلاً: «لكن في غضون 7 أشهر فقط، استأنفنا العمليات في 1600 مركز لتقديم طلبات التأشيرة، وهو ما يمثل أكثر من نصف شبكتنا العالمية، مما مكّننا من تقديم خدماتنا لأكثر من 50 عميلاً من الحكومات عبر 129 دولة. وقد تم ذلك مع تطبيق تدابير وإجراءات الصحة والسلامة الجديدة لضمان سلامة الموظفين والمتقدمين للحصول على التأشيرة».

وأضاف: «على الرغم من أن موجة التعافي في سوق السفر عالمياً بدأت في عام 2021، فإن الظروف ظلت شديدة التقلب حتى نهاية عام 2022. ومع ذلك، فإن التدابير التحويلية التي اتخذناها في عام 2020 ساعدتنا بشكل كبير على إدارة هذا التقلب العالي، مما وضعنا في مكانة قوية جداً لتحقيق التعافي القوي الذي شهدناه منذ عام 2023».

دعم أعمال الحكومات

وقال كاركاريا: «على مدى السنوات الـ23 الماضية، لعبنا دوراً حاسماً في تمكين الحكومات المتعاملة معنا من إدارة النمو المتسارع في طلبات التأشير بطريقة فعالة من حيث التكلفة، وآمنة للغاية».

وتابع: «قمنا أيضاً بتطوير حلول مبتكرة موجهة نحو الحكومات المتعاملة معنا، مثل (LIDProTM)، التي تتيح لهم معالجة طلبات التأشيرة من مواقع متعددة عبر مركز مركزي إلكتروني». وأشار إلى أن «في إف إس غلوبال» تمثل الشريك المعتمد لـ67 عميلاً من الحكومات، في ظل انتشار الشركة في 151 دولة.

تطوير خدمات التأشيرة بالسعودية

وقال كاركاريا: «ندعم السفر إلى المملكة من خلال تقديم خدمات التأشيرات السعودية منذ عام 2023. ومن خلال شراكتنا مع الشركة السعودية لحلول التأشيرات والسفر، نقوم بتشغيل وإدارة مراكز خدمة التأشيرات السعودية في 45 دولة حول العالم».

ووفقاً لكاركاريا، فإن «في إف إس غلوبال» تتمتع بشراكة قوية مع الحكومة السعودية؛ حيث تعمل بشكل وثيق مع السلطات لضمان الامتثال لجميع القوانين والمبادئ والإرشادات التوجيهية المحلية. وعبّر عن تطلعه لتوسيع شبكة العمليات في جميع أنحاء المملكة من خلال إنشاء مواقع عمل دائمة ومؤقتة.

وأضاف: «نحن ملتزمون بدعم خطط المملكة الطموحة في تطوير ونمو السياحة، من خلال توسيع خدمة التأشيرة السعودية بالشراكة مع شركة التأشيرة السعودية وحلول السفر. كما أننا بصدد تعيين مديري علاقات للجهات الحكومية والخاصة الرئيسية».

وقال كاركاريا إن «السعودية أطلقت أخيراً التأشيرة التعليمية بهدف الارتقاء بقطاع التعليم، من خلال دعم المؤسسات التعليمية الدولية لإنشاء فروع على الأراضي السعودية وجذب الطلاب الدوليين للدراسة والإقامة في المملكة».

وأضاف أن «في إف إس غلوبال»، ضمن قطاعها التعليمي، «ستساعد المؤسسات الدولية على إنشاء فروع لها في المملكة. كما نساعد الطلاب السعوديين المحتملين على متابعة مسيرتهم المهنية في مختلف الجامعات الدولية، من خلال خدمات الإرشاد المهني والتوظيف».

وبحسب كاركاريا، أنشأت شركة «في إف إس غلوبال» عمليات مركز تقديم طلبات التأشيرة الخاص بها في السعودية في عام 2005؛ حيث قدمت خدمات التأشيرة وجوازات السفر نيابة عن 31 حكومة من خلال شبكة تضم 95 مركز تقديم طلبات التأشيرة.

وتنتشر شركة «في إف إس غلوبال»، في 14 موقعاً، بما في ذلك الرياض، وجدة، والخبر، وأبها، وحائل، والجبيل، ومكة، وجازان، والقصيم، والخرج، وتبوك، والمدينة المنورة، ونجران، والجوف.

مواكبة التكنولوجيا

قسم من الموظفات في مركز تأشيرات الرياض يُظهر تمكين عمل المرأة بوصفه هدفاً استراتيجياً (الشرق الأوسط)

وقال كاركاريا: «نحن نرى إمكانات هائلة في الذكاء الاصطناعي لتسريع وتحسين إجراءات تقديم طلبات التأشيرة، وتعكس شراكتنا مع (معهد الذكاء الاصطناعي المسؤول) التزامنا القوي بتوظيف هذه التكنولوجيا بشكل موثوق وأخلاقي، مع تطبيق أعلى معايير الأمان».

وأضاف: «الأمر الأهم هو أننا ملتزمون باستخدام الذكاء الاصطناعي وفقاً للوائح والإجراءات التي تطبقها الحكومات في البلدان التي نعمل معها. ونحن على استعداد لمساعدة عملائنا من الحكومات على دمج الذكاء الاصطناعي في عملية تقديم طلبات التأشيرة».