اليابان والخليج يواصلان مناقشات اتفاقية التجارة الحرة

سفيرها لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»: عازمون على تطوير علاقاتنا وتعاوننا مع المملكة

الاتصال المرئي في مايو الماضي بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا (واس)
الاتصال المرئي في مايو الماضي بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا (واس)
TT

اليابان والخليج يواصلان مناقشات اتفاقية التجارة الحرة

الاتصال المرئي في مايو الماضي بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا (واس)
الاتصال المرئي في مايو الماضي بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا (واس)

في ظل ترقب إطلاق مزيد من المشاريع المشتركة مستقبلاً، شدد دبلوماسي ياباني على استراتيجية العلاقات بين الرياض وطوكيو، كاشفاً أن بلاده تدرس مع الجانب الخليجي حالياً عدداً من المشاريع المحتمل تنفيذها، مشيراً إلى مواصلتهما مناقشاتهما حول اتفاقية التجارة الحرة «FTA» بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي.

وقال سفير فوق العادة ومفوض اليابان لدى السعودية، فوميو إيواي، لـ«الشرق الأوسط»، إن البلدين دأبا، بوصفهما شريكين استراتيجيين، على توسيع أُطر علاقاتهما الثنائية لتشمل مجالات جديدة مثل قطاعات التحول الرقمي والمعلومات والاتصالات والرعاية الطبية والفضاء والرياضة والترفيه والثقافة والسياحة والتبادل الأكاديمي.

وأضاف إيواي: «يحتفي البلدان، في عام 2025، بمرور 70 عاماً على تأسيس علاقاتهما الدبلوماسية عازمين على المُضي قدماً في تطويرها على جميع المستويات، بما يسهم في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة التي يسعى إليها كلا الطرفين».

علاقات تاريخية

وقال إيواي: «بمناسبة الذكرى الرابعة والتسعين لليوم الوطني السعودي، أقدِّم أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز ، وللأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وللشعب السعودي الكريم».

وتابع: «إن العلاقات الدبلوماسية بين اليابان والسعودية تاريخية تعود إلى عام 1955 حين شهد بريق الصداقة، التي جمعت العائلة الإمبراطورية اليابانية والعائلة المالكة السعودية، وتطورت بشكل ملحوظ عاماً بعد عام، مرتكزة على قطاع الطاقة، ومتمثلة بتجارة النفط وتطوير صناعة البتروكيميائيات».

سفير فوق العادة ومفوض اليابان لدى السعودية فوميو إيواي (الشرق الأوسط)

وزاد: «بعد إطلاق (رؤية 2030)، كان لا بد للعلاقات السعودية اليابانية أن تُواكب هذه الرؤية الطَّموح، فأطلق البلدان الرؤية السعودية اليابانية 2030، خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حينما كان ولياً لولي العهد في عام 2016، لتؤكد اليابان دعمها الكبير للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي تبنّتها المملكة».

أحدث التطورات في العلاقات الثنائية

ووفق إيواي، تعاقبت الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، والاتصالات بين قادة الدولتين، كان آخِرها الاجتماع الافتراضي، الذي عقده الأمير محمد بن سلمان، مع رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا في مايو (أيار) 2024، حيث اتفقا على إنشاء «مجلس الشراكة الاستراتيجية»، برئاستهما؛ لتعزيز التعاون والتنسيق الثنائي في جميع المجالات.

وأشار إيواي إلى الزيارة التي قام بها وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني كين سايتو، ونائب وزير الخارجية البرلماني يويتشي فوكازاوا إلى المملكة، في ديسمبر (كانون الأول) 2023. بدوره، قام تارو كونو، وزير التحول الرقمي، بزيارة إلى نيوم وجدة في مايو (أيار) 2024.

استقطاب الاستثمارات

وقال إيواي: «إن اليابان أصبحت إحدى أكثر الوجهات الاستثمارية استقطاباً للمستثمرين السعوديين في عام 2022، كما نشهد حالياً تطوراً للعلاقات بين البلدين في مجال القوى الناعمة، منها قطاعات الثقافة والسياحة والرياضة والترفيه والألعاب الإلكترونية والقطاع الأكاديمي».

واستناداً إلى العلاقات السعودية اليابانية الودية، وفق إيواي، «فإن الجهات العامة والخاصة العاملة في كل القطاعات تقوم بتوسيع أعمالها، ما يسهم في تعزيز أواصر الصداقة والنيات الحسنة بين البلدين»، متطلعاً إلى أن «تصبح العلاقات الثنائية أكثر شمولية واتساعاً، خصوصاً مع احتفالنا، في العام المقبل، بالذكرى الـ70 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا الصديقين».

التجارة والشراكات الثنائية

ولفت إيواي إلى أن العلاقات التجارية والشراكات الثنائية تشهد تطوراً كبيراً، حيث تجاوزت قيمة الصادرات اليابانية إلى المملكة 892.5 مليار ين عام 2023، وبزيادة بنسبة 33.6 في المائة، مقارنة بعام 2022، في حين بلغت الواردات من السعودية إلى اليابان 4836.6 مليار ين عام 2023، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 14.4 في المائة، مقارنة بعام 2022.

وأضاف إيواي: «إن عدد الشركات اليابانية العاملة في المملكة يتجاوز حالياً 120 شركة، تتمركز في الرياض وجدة والدمام. ومنذ إطلاق (رؤية السعودية 2030)، افتتحت عدة شركات يابانية عاملة في عدد من القطاعات الحيوية مكاتب لها بالمملكة».

وتابع: «من المجالات التي تعمل فيها الشركات اليابانية بالمملكة، قطاعات الرعاية الصحية والتحول الرقمي، حيث افتتحت مكاتب ومصانع جديدة لها بالمملكة، وبدأت عملياتها التجارية، أذكر منها HIS، وFujifilm Healthcare، وMonstarlab، وCannon Medical Systems، وTakeda Pharmaceutical، وAvex، وAIZAWA Concrete، وSYSMEX».

العلاقات الاقتصادية

وأشار إيواي إلى أن من أهم المشاريع التي أطلقتها الدولتان عام 2023، مبادرة «منار» للتعاون في مجال الطاقة النظيفة، و«التي تدعم اليابان من خلالها الجهود السعودية المستمرة، لتصبح مركزاً للطاقة النظيفة والموارد المعدنية وسلاسل الإمداد».

وقال: «في السنوات الأخيرة، ازداد التعاون في مجال تطوير الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين والأمونيا، بالإضافة إلى الموارد المعدنية، حيث وقَّع وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، ووزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، في ديسمبر 2023 مذكرة تعاون في مجال الموارد المعدنية لتبادل المعلومات وتنمية الموارد البشرية».

وأشار إلى منتدى أعمال الرؤية السعودية اليابانية 2030، الذي أقيم في طوكيو 21 مايو 2024، بحضور 330 مشارِكاً يابانياً وسعودياً، والذي ركز على تعزيز العلاقات بين البلدين في أربع مجالات شملت التصنيع والاقتصاد الدائري والرعاية الصحية والترفيه والألعاب، وجرى خلاله توقيع أكثر من 30 مذكرة تفاهم بين شركات ومؤسسات يابانية من جهة، وجهات سعودية من القطاعيْن العام والخاص من جهة أخرى.

في سياق آخر، قال إيواي إنه جرى إطلاق عدد من المشاريع المشتركة للاستفادة من العلوم والتقنية والمعرفة اليابانية في مجالات جديدة، مثل الفضاء والتحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والرعاية الصحية.


مقالات ذات صلة

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

الاقتصاد مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3» يعزز ثقة المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال اجتماع غير رسمي لقادة الاتحاد الأوروبي في بودابست 8 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لاغارد تجدد دعوتها لتعزيز التكامل الاقتصادي في أوروبا

جدّدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، دعوتها لتعزيز التكامل الاقتصادي في أوروبا يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.