«الفيدرالي» على أعتاب خفض الفائدة... ترقب عالمي وسط ضبابية حجم الخطوة

التيسير النقدي في الأفق: هل يتكرر سيناريو 1995 أم 2008؟

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على أعتاب خفض الفائدة... ترقب عالمي وسط ضبابية حجم الخطوة

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

عندما يقرر بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة على نطاق واسع يوم الأربعاء، وهو أول خفض له منذ أربع سنوات، فإن هذه الخطوة سوف يتردد صداها خارج الولايات المتحدة.

ولا يزال حجم الخطوة الأولى ومقياس التيسير النقدي الشامل قيد المناقشة، في حين تشكل الانتخابات الأميركية الوشيكة عامل تعقيد آخر للمستثمرين العالميين وواضعي أسعار الفائدة الذين يتطلعون إلى التوجيه من بنك الاحتياطي الفيدرالي ويعلقون آمالهم على هبوط اقتصادي ناعم، وفق «رويترز».

وقال رئيس أبحاث الشركات والصرف الأجنبي والأسعار في «سوسيتيه جنرال»، كينيث بروكس: «لا نعرف بعد نوع الدورة التي ستكون عليها - ما إذا كانت ستكون مثل عام 1995 عندما كانت هناك 75 نقطة أساس فقط من التخفيضات أو 2007 - 2008 عندما كانت هناك 500 نقطة أساس».

وفيما يلي نظرة على ما هو محور الاهتمام في الأسواق العالمية:

متابعة القائد

في الربيع، مع استمرار ارتفاع التضخم الأميركي أكثر من المتوقع، تساءل المستثمرون عن مدى قدرة المصارف المركزية الأخرى، مثل المصرف المركزي الأوروبي أو بنك كندا، على خفض أسعار الفائدة إذا ظل الاحتياطي الفيدرالي على الحياد هذا العام قبل أن تتراجع عملاتها كثيراً، مما يضيف إلى ضغوط الأسعار.

أخيراً، فإن بدء التخفيضات الأميركية يمثل ارتياحاً للمناطق التي تواجه اقتصادات أضعف من الولايات المتحدة. وأضاف المتداولون إلى رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من قبل المصارف المركزية الأخرى مع تنامي التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في الآونة الأخيرة.

ولكن التخفيضات في أوروبا أقل تكلفة من خفض أسعار الفائدة من جانب الفيدرالي الأميركي، حيث يبدو المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا أكثر يقظة بشأن مخاطر التضخم المستمرة.

وتشكل الثقة في أن الفيدرالي سوف يبدأ في خفض أسعار الفائدة نعمة بالنسبة لأسواق السندات العالمية، التي غالباً ما تتحرك في تناغم مع سندات الخزانة.

ومن المتوقع أن تسجل عائدات السندات الحكومية الأميركية والألمانية والبريطانية أول انخفاض ربع سنوي لها منذ أواخر عام 2023، عندما كان من المتوقع حدوث تغيير في سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

مساحة للتنفس

قد يؤدي خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى منح المصارف المركزية في الأسواق الناشئة مساحة أكبر لتخفيف الضغوط ودعم النمو المحلي.

لقد بدأ نحو نصف عينة الأسواق الناشئة الثماني عشرة التي تتبعها «رويترز» في خفض أسعار الفائدة بالفعل خلال هذه الدورة، قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، مع تركيز جهود التيسير على أميركا اللاتينية وأوروبا الناشئة.

لكن التقلبات وعدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية الأميركية تلقي بظلالها على التوقعات.

وقال رئيس استراتيجية الائتمان للأسواق الناشئة في بنك «بي إن بي باريبا»، ترانغ نغوين: «سيكون للانتخابات الأميركية تأثير كبير على ذلك، لأنها اعتماداً على السياسات المالية المختلفة تعقد حقاً دورة التيسير».

تخفيف الدولار القوي

قد تشعر بخيبة الأمل تلك الاقتصادات التي كانت تأمل في أن يؤدي خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى إضعاف الدولار القوي بشكل أكبر، مما يرفع قيمة عملاتها.

وأشار بنك «جيه بي مورغان» إلى أن الدولار ارتفع بعد أول خفض لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي في ثلاث من الدورات الأربع الأخيرة.

وسوف يعتمد اتجاه الدولار إلى حد كبير على مكانة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مقارنة بالدول الأخرى.

وتشير استطلاعات رأي «رويترز» إلى أن الملاذ الآمن؛ الين والفرنك السويسري قد يشهدان انخفاض خصمهما عن أسعار الفائدة الأميركية إلى النصف بحلول نهاية عام 2025، في حين قد يكتسب الجنيه البريطاني والدولار الأسترالي ميزة عائد هامشية فقط على الدولار الأميركي.

وما لم يصبح الدولار منخفض العائد حقاً، فإنه سيظل محتفظاً بجاذبيته بين المستثمرين غير الأميركيين.

وفي الوقت نفسه، قادت الاقتصادات الآسيوية الأسواق في السباق نحو تخفيضات أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، مع ارتفاع الوون الكوري الجنوبي والبات التايلاندي والرينغيت الماليزي في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب). وتمكن اليوان الصيني من محو خسائره السنوية مقابل الدولار الأميركي.

الارتفاع

قد تستأنف الأسهم العالمية، التي تعثرت مؤخراً بسبب مخاوف النمو، ارتفاعها إذا أدى انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى تعزيز النشاط الاقتصادي وتجنب الركود. وهبطت الأسهم العالمية بأكثر من 6 في المائة في ثلاثة أيام في أوائل أغسطس بعد بيانات الوظائف الضعيفة في الولايات المتحدة.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في «باركليز»، إيمانويل كاو: «هناك دائماً سوق متقلبة حول أول خفض لأسعار الفائدة لأن السوق تتساءل عن سبب خفض المصارف المركزية لأسعار الفائدة».

وقال كاو: «إذا كان هناك خفض لأسعار الفائدة دون ركود، وهو السيناريو منتصف الدورة، فإن الأسواق تميل إلى الارتفاع»، مضيفاً أن البنك يفضل القطاعات التي تستفيد من انخفاض أسعار الفائدة، مثل العقارات والمرافق.

ومن شأن رفع أسعار الفائدة الأميركية بشكل أكثر ليونة أن يساعد آسيا أيضاً، على الرغم من أن مؤشر «نيكي» انخفض بأكثر من 10 في المائة من أعلى مستوياته القياسية في يوليو بسبب قوة الين وارتفاع أسعار الفائدة في اليابان.

حان وقت التألق

في السلع الأساسية، من المتوقع أن تستفيد المعادن الثمينة والأساسية، مثل النحاس، من تخفيضات أسعار الفائدة التي أجراها الفيدرالي، وبالنسبة للمعادن الأساسية، فإن توقعات الطلب، وكذلك الهبوط الناعم يشكلان عاملين أساسيين.

إن انخفاض كل من أسعار الفائدة وضعف الدولار، لا يقلل ذلك فقط من فرصة حيازة المعادن، ولكن أيضاً من شرائها لأولئك الذين يستخدمون عملات أخرى، قد يغذي الزخم.

وقال إحسان خومان من بنك «ميتسوبيشي يو إف جي»: «كانت أسعار الفائدة المرتفعة بمثابة عامل معاكس حاسم للمعادن الأساسية، حيث أدت إلى تشويه الطلب المادي السلبي بشكل كبير من خلال خفض المخزونات والضغط على قطاعات الطلب النهائي كثيفة رأس المال».

وقد تحقق المعادن الثمينة مكاسب أيضاً. الذهب، الذي عادة ما يكون له ارتباط سلبي بالعائدات، حيث إن معظم الطلب عليه لأغراض الاستثمار، عادة ما يتفوق على المعادن الأخرى أثناء خفض أسعار الفائدة. وقال جون ريد من مجلس الذهب العالمي إن أسعار الذهب وصلت إلى مستويات قياسية مرتفعة، لكن يتعين على المستثمرين أن يكونوا حذرين.

وقال ريد، وهو استراتيجي سوق، إن «المضاربين في أسواق العقود الآجلة للذهب في بورصة كومكس مستعدون لهذا. قد يكون الأمر مجرد شراء الشائعة وبيع الحقيقة».


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع توقعات التضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد متسوق يدفع باليورو في إحدى الأسواق في نيس بفرنسا (رويترز)

تسارع التضخم في منطقة اليورو في نوفمبر

تسارَع التضخم في منطقة اليورو في نوفمبر (تشرين الثاني)، في حين ظلّت مكوناته الأكثر مراقبة من كثب مرتفعة، مما يعزز الحجة لصالح خفض حذر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر البنك المركزي في فرنكفورت (رويترز)

مخاوف التضخم والتوترات السياسية تضغط على عائدات سندات اليورو

اتجهت عائدات سندات حكومات منطقة اليورو طويلة الأجل إلى الانخفاض للأسبوع الرابع على التوالي، يوم الجمعة، وسط بيانات تشير إلى آفاق اقتصادية قاتمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

أكد عضو البنك المركزي الأوروبي، فرانسوا فيليروي دي غالو، الخميس، أن البنك يجب أن يبقي خياراته مفتوحة لخفض أكبر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (باريس - فرانكفورت )
الاقتصاد متسوق ينظر إلى رف من منتجات الألبان بمتجر «ريوي» في بوتسدام (رويترز)

التضخم في ألمانيا يستقر عند 2.4 % خلال نوفمبر

ظل التضخم في ألمانيا مستقراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، على الرغم من توقعات بارتفاعه للمرة الثانية على التوالي، مما أوقف الاتجاه التنازلي بأكبر اقتصاد في أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
TT

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

قالت منظمة التجارة العالمية، في بيان، إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص، يوم الجمعة، مما يعني أن ولايتها الثانية ستتزامن مع ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وتتوقع مصادر تجارية أن يكون الطريق أمام المنظمة، التي يبلغ عمرها 30 عاماً، مليئاً بالتحديات، ومن المرجح أن يتسم بالحروب التجارية، إذ هدد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع من المكسيك وكندا والصين.

وتحظى أوكونجو - إيويالا، وزيرة المالية النيجيرية السابقة التي صنعت التاريخ في عام 2021 عندما أصبحت أول امرأة وأول أفريقية تتولى منصب المدير العام للمنظمة، بدعم واسع النطاق بين أعضاء منظمة التجارة العالمية. وأعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي أنها ستترشح مرة أخرى، بهدف استكمال «الأعمال غير المكتملة».

ولم يترشح أي مرشح آخر أمام أوكونجو - إيويالا. وقالت مصادر تجارية إن الاجتماع أوجد وسيلة لتسريع عملية تعيينها لتجنب أي خطر من عرقلتها من قبل ترمب، الذي انتقد فريق عمله وحلفاؤه كلاً من أوكونجو - إيويالا ومنظمة التجارة العالمية خلال الفترات الماضية. وفي عام 2020، قدمت إدارة ترمب دعمها لمرشح منافس، وسعت إلى منع ولايتها الأولى. ولم تحصل أوكونجو - إيويالا على دعم الولايات المتحدة إلا عندما خلف الرئيس جو بايدن، ترمب، في البيت الأبيض.

وفي غضون ذلك، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، من الإضرار بالعلاقات مع كندا والمكسيك، وذلك بعد تصريحات لخليفته المنتخب دونالد ترمب بشأن فرض رسوم جمركية على البلدين الجارين للولايات المتحدة.

وقال بايدن للصحافيين رداً على سؤال بشأن خطة ترمب: «أعتقد أنه أمر سيأتي بنتائج عكسية... آخر ما نحتاج إليه هو البدء بإفساد تلك العلاقات». وأعرب الرئيس الديمقراطي عن أمله في أن يعيد خليفته الجمهوري «النظر» في تعهّده فرض رسوم تجارية باهظة على البلدين «الحليفين» للولايات المتحدة.

وأثار ترمب قلق الأسواق العالمية، الاثنين، بإعلانه عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنّ من أول إجراءاته بعد تسلّمه مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل ستكون فرض رسوم جمركية نسبتها 25 بالمائة على المكسيك وكندا اللتين تربطهما بالولايات المتحدة اتفاقية للتجارة الحرة، إضافة إلى رسوم نسبتها 10 بالمائة على الصين.

وتعهّد ترمب عدم رفع هذه الرسوم عن البلدين الجارين للولايات المتحدة قبل توقف الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات، مؤكداً أن التجارة ستكون من أساليب الضغط على الحلفاء والخصوم.

وبعدما أعربت عن معارضتها لتهديدات ترمب، أجرت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب، الأربعاء، تطرقت إلى تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة عبر حدود البلدين ومكافحة تهريب المخدرات... وأعلن ترمب أنّ شينباوم «وافقت» على «وقف الهجرة» غير الشرعية، بينما سارعت الزعيمة اليسارية إلى التوضيح بأنّ موقف بلادها «ليس إغلاق الحدود».

ورداً على سؤال بشأن التباين في الموقفين، قالت الرئيسة المكسيكية في مؤتمرها الصحافي اليومي الخميس: «يمكنني أن أؤكد لكم... أننا لن نقوم أبداً، ولن نكون قادرين أبداً، على اقتراح أن نغلق الحدود».

وحذّر وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرار، الأربعاء، من أنّ مضيّ ترمب في فرض الرسوم التجارية على المكسيك سيؤدي إلى فقدان نحو 400 ألف وظيفة. وأكدت شينباوم، الخميس، أنّ أيّ «حرب رسوم تجارية» بين البلدين لن تحصل، وأوضحت أنّ «المهم كان التعامل مع النهج الذي اعتمده» ترمب، معربة عن اعتقادها بأن الحوار مع الرئيس الجمهوري سيكون بنّاء.

إلى ذلك، شدّد بايدن في تصريحاته للصحافيين في نانتاكت، إذ يمضي عطلة عيد الشكر مع عائلته، على أهمية الإبقاء على خطوط تواصل مع الصين. وقال: «لقد أقمت خط تواصل ساخناً مع الرئيس شي جينبينغ، إضافة إلى خط مباشر بين جيشينا»، معرباً عن ثقته بأنّ نظيره الصيني لا «يريد ارتكاب أيّ خطأ» في العلاقة مع الولايات المتحدة. وتابع: «لا أقول إنه أفضل أصدقائنا، لكنه يدرك ما هو على المحك».