بنك إنجلترا يعلن عن تعديلات جوهرية على قواعد رأس المال المصرفي

لتخفيف التكاليف والتحديات

أشخاص يقفون بجوار بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
أشخاص يقفون بجوار بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يعلن عن تعديلات جوهرية على قواعد رأس المال المصرفي

أشخاص يقفون بجوار بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
أشخاص يقفون بجوار بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

يواصل بنك إنجلترا العمل على قواعد جديدة منقَّحة بشأن مقدار رأس المال الذي يتعين على المصارف البريطانية تخصيصه للتعامل مع الأزمات المستقبلية، مع موازنة الجهود لحماية المقرضين من الصدمات دون الإضرار بمصالحهم التجارية العالمية.

وفي خطاب نُشر يوم الخميس، قالت الذراع التنظيمية للمصرف المركزي إنها ستُجري «تعديلات جوهرية» على إصلاحات رأسمال المصارف المقترحة في وقت سابق استجابةً لملاحظات المشاورات والأدلة، التي سلَّطت الضوء على «كثير من التحفظ» والتكاليف المفرطة أو التحديات التي تواجه التنفيذ، وفق «رويترز».

وستدخل التغييرات التي أُعلن عنها يوم الخميس، حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني) 2026، بدلاً من الأول من يوليو (تموز).

ووضعت الهيئات التنظيمية المالية قواعد «بازل 3» بعد الأزمة المصرفية العالمية في الفترة 2007-2009 والتي أجبرت دافعي الضرائب على إنقاذ عديد من المصارف التي كانت تعاني من نقص رأس المال.

وتم بالفعل تنفيذ الجزء الأكبر من حزمة «بازل» عبر المصارف الكبرى، مع بقاء بعض العناصر لتطبيقها في القوانين الوطنية.

وقال مدير السياسة الاحترازية، فيل إيفانز: «فيما يتعلق بالتأثير الرأسمالي، نعتقد أن هناك تأثيراً صغيراً للغاية على المتطلبات، بشكل عام، عبر الشركات في المملكة المتحدة».

ويخطط بنك إنجلترا لتخفيض متطلبات رأس المال المقترحة للإقراض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم ومشاريع البنية التحتية. كما يخطط لتبسيط النهج الذي يمكن للمصارف اتباعه في إقراض الرهن العقاري، من خلال تسهيل تقييم العقارات السكنية.

وكان من شأن القواعد المقترحة في وقت سابق أن تزيد من حجم رأس المال الذي يتعين على المصارف تخصيصه لهذه الأنشطة، وهو ما قد يؤدي إلى تشديد العرض من الائتمان بأسعار معقولة للمقترضين والمستثمرين وأصحاب المنازل، حسبما خشيت مصادر رفيعة المستوى في الصناعة.

وتشير تقديرات بنك إنجلترا إلى أن تأثير التغييرات المقترحة الجديدة سيكون أقل من 1 في المائة إجمالاً على متطلبات رأس المال من المستوى الأول عبر البنوك الكبرى، على مراحل على مدى أربع سنوات.

وأضاف إيفانز: «هذا أقل من مقترحاتنا الاستشارية، وهو واضح جداً مقارنةً بالزيادة بنحو 300 في المائة التي احتجنا إليها على مدار العقد من الأزمة المالية العالمية إلى جائحة كوفيد-19، إنه تأثير أصغر من التأثيرات في ولايات قضائية رئيسية أخرى».

ورحبت وزيرة المالية راشيل ريفز، بالإصلاحات، قائلةً إنها ستوفر اليقين للقطاع المصرفي «لتمويل الاستثمار والنمو في المملكة المتحدة».

ومن المقرر أن تجتمع ريفز، برفقة محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، مع الرؤساء التنفيذيين من مختلف أنحاء القطاع المصرفي لمناقشة التغييرات.

وقالت ريفز في بيان: «اليوم يمثل نهاية طريق طويلة منذ الأزمة المالية في عام 2008».

وأضافت أن «المصارف البريطانية تلعب دوراً حيوياً في مساعدة الشركات على النمو وبناء البنية التحتية ودعم تمويل الناس العاديين».

وتأتي أنباء النهج المنقح لبنك إنجلترا بعد يومين من إعلان رئيس هيئة تنظيم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن خطة لخفض متطلبات رأس المال بشكل كبير على المصارف الأميركية الكبرى في أعقاب ضغوط مكثفة من «وول ستريت» ضد قواعد «بازل».

وقال نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي للإشراف، مايكل بار، إن الخطة المعدلة سترفع متطلبات رأس المال للمصارف التي تزيد أصولها على 100 مليار دولار بنسبة 9 في المائة، مقارنةً بـ19 في المائة في الأصل.

لكنَّ المنتقدين يقولون إن الاحتفاظ بمثل هذا القدر الإضافي من رأس المال أمر غير ضروري، وإن الإصلاحات من شأنها أن تعمل على تقليص رأس المال المتاح للإقراض أو لدعم الأداء السليم للأسواق العالمية.

ومن غير المرجح أن تتمكن الولايات المتحدة من الانتهاء من نسختها الخاصة من القواعد إلا بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).

وأرجأ الاتحاد الأوروبي بالفعل جزءاً رئيسياً من التنظيمات المتعلقة بسجلات التداول للمصارف إلى يناير 2026، لكنه يمضي قدماً في تطبيق الجزء الأكبر من القواعد المتبقية في يناير 2025.

وقال الشريك في ممارسة الاستشارات التنظيمية والمخاطر في شركة «كيه بي إم جي» في المملكة المتحدة، ستيفن هول، إن هناك «احتمالاً حقيقياً للغاية» أن تكون هناك حاجة إلى تحديث المتطلبات بشكل أكبر لتعكس مخاطر أخرى مثل المخاطر السيبرانية والمناخية.

وقال: «نظراً لأن هذه الإصلاحات كانت في طور التنفيذ منذ ما يقرب من 15 عاماً، فإن هناك قلقاً عاماً في جميع أنحاء الصناعة بشأن الوقت الذي استغرقته للوصول إلى هذه النقطة».


مقالات ذات صلة

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة مجدداً مع تلاشي التضخم وتعثر الاقتصاد

الاقتصاد رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث في مؤتمر صحافي حول السياسة النقدية لمنطقة اليورو (وكالة الصحافة الفرنسية)

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة مجدداً مع تلاشي التضخم وتعثر الاقتصاد

خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.5 في المائة استجابة لانخفاض التضخم في منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد الأعلام الأوروبية ترفرف أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي (أ.ف.ب)

المركزي الأوروبي يخفض الفائدة على الإيداع إلى 3.5%

خفض المصرف المركزي الوروبي سعر الفائدة على الايداع بواقع 25 نقطة أساس إلى 3.5 في المائة، متماشياً مغع التوقعات. وكان المصرف المركزي الأوروبي خفّض سعر الفائدة…

الاقتصاد موظف يعدّ أوراق الروبية الباكستانية بأحد المصارف في بيشاور (رويترز)

«المركزي الباكستاني» يخفّض سعر الفائدة إلى 17.5 % للمرة الثالثة على التوالي

قال المصرف المركزي الباكستاني، في بيان، إنه خفّض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 200 نقطة أساس إلى 17.5 في المائة اليوم (الخميس)، وهو الخفض الثالث على التوالي.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يستعد لخفض الفائدة: هل سيحذو «الفيدرالي» حذوه؟

مع انخفاض معدل التضخم، من المتوقع أن يقوم «المركزي الأوروبي» بخفض أسعار الفائدة مجدداً يوم الخميس، وذلك لدعم النمو البطيء من خلال تقليل تكاليف الاقتراض للشركات

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت )
الاقتصاد مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)

عضو في «بنك كوريا»: النمو والاستقرار المالي أساسيان لتحديد توقيت خفض الفائدة

قال عضو مجلس إدارة «بنك كوريا»، إن النمو الاقتصادي والاستقرار المالي هما العاملان الرئيسيان اللذان يجب أخذهما بعين الاعتبار عند تحديد توقيت خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (سيول)

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة مجدداً مع تلاشي التضخم وتعثر الاقتصاد

رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث في مؤتمر صحافي حول السياسة النقدية لمنطقة اليورو (وكالة الصحافة الفرنسية)
رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث في مؤتمر صحافي حول السياسة النقدية لمنطقة اليورو (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة مجدداً مع تلاشي التضخم وتعثر الاقتصاد

رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث في مؤتمر صحافي حول السياسة النقدية لمنطقة اليورو (وكالة الصحافة الفرنسية)
رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث في مؤتمر صحافي حول السياسة النقدية لمنطقة اليورو (وكالة الصحافة الفرنسية)

خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.5 في المائة استجابة لانخفاض التضخم في منطقة اليورو وعلامات على أن اقتصاد الكتلة يواجه خطر التعثر، وهو ما حذرت منه رئيسة البنك كريستين لاغارد حين قالت: «إن النمو الاقتصادي يواجه رياحاً معاكسة».

قرار يوم الخميس خفض سعر الفائدة القياسي للودائع لدى البنك المركزي الأوروبي «بالإجماع» وفق لاغارد، يأتي للمرة الثانية هذا العام، وفي أقل من أسبوع من التوقعات الواسعة النطاق ببدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في تخفيف السياسة النقدية الأميركية. كما يجتمع بنك إنجلترا، الذي خفض أسعار الفائدة مرة واحدة حتى الآن، في اليوم التالي.

ويعتقد بعض المحللين أن البنك المركزي الأوروبي من المرجح أن يخفض أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعيه المتبقيين هذا العام.

وقام البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة مرة واحدة في يونيو (حزيران) ثم توقف مؤقتاً في يوليو (تموز) قبل أن يذهب في عطلة صيفية في أغسطس (آب). ويتعين على مجلس تحديد أسعار الفائدة بقيادة لاغارد التوفيق بين المخاوف بشأن التوقعات المخيبة للآمال للنمو - وهو ما يؤيد التخفيضات - والحاجة إلى التأكد من وصول التضخم إلى هدف البنك البالغ 2 في المائة والبقاء عند هذا المستوى، وهو ما يدعم الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول قليلاً.

وانخفض التضخم في الدول العشرين التي تستخدم عملة اليورو إلى 2.2 في المائة في أغسطس، وهو ما لا يبعد كثيراً عن هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة، من 10.6 في المائة عند ذروته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وفي مؤتمرها الصحافي الذي أعقب القرار، قالت رئيسة البنك كريستين لاغارد إن البيانات الأخيرة «أكدت ثقتنا في أننا نتجه نحو هدفنا في الوقت المناسب»، متوقعة بلوغ التضخم ما نسبته 2.5 في المائة في المتوسط هذا العام.

ويتوقع موظفو البنك أن يبلغ متوسط التضخم العام 2.5 في المائة في عام 2024، و2.2 في المائة في عام 2025، و1.9 في المائة في عام 2026، كما هو الحال في التوقعات الصادرة في يونيو. ومن المتوقع أن يرتفع التضخم مرة أخرى في النصف الثاني من هذا العام، ويرجع ذلك جزئياً إلى اختفاء الانخفاضات الكبيرة السابقة في أسعار الطاقة من معدلات التضخم السنوية.

وقالت لاغارد: «ومن المتوقع بالتالي أن يتراجع التضخم نحو هدفنا في النصف الثاني من العام المقبل». لكنها امتنعت عن تقديم أي توجيهات بشأن المزيد من التخفيضات، مكتفية بالقول إن البنك سيتخذ قراراته بشأن أسعار الفائدة على أساس كل اجتماع على حدة، استناداً إلى المعلومات الواردة عن الاقتصاد، وإنه «لا يلتزم مسبقاً بمسار أسعار معين».

وقالت لاغارد إن مجلس إدارة البنك يصر على ضمان عودة التضخم إلى هدفه المتوسط الأجل البالغ 2 في المائة في الوقت المناسب. وسوف يبقي المصرف المركزي أسعار السياسة النقدية ضيقة بما يكفي طالما كان ذلك ضرورياً لتحقيق هذا الهدف. وسوف يواصل اتباع نهج قائم على البيانات والاجتماع بشكل منتظم لتحديد المستوى والمدة المناسبين للتشديد. وعلى وجه الخصوص، سوف تستند قرارات أسعار الفائدة إلى تقييمها لتوقعات التضخم في ضوء البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، وديناميكيات التضخم الأساسية، وقوة انتقال السياسة النقدية. ولا يلتزم مجلس الإدارة مسبقاً بمسار سعر محدد.

الأجور

وبحسب لاغارد، من المتوقع أن يظل نمو الأجور المتفاوض عليه مرتفعاً ومتقلباً في عام 2025. ومع ذلك، فإن تكلفة العمالة الإجمالية تتباطأ، ومن المتوقع أن يتباطأ نمو التعويضات لكل موظف «بشكل ملحوظ» مرة أخرى في عام 2025.

وقالت: «يتوقع الموظفون أن يستمر نمو تكلفة وحدة العمل في الانخفاض على مدى أفق التوقعات بسبب انخفاض نمو الأجور والتعافي في الإنتاجية». وأضافت أن سوق العمل لا تزال مرنة، على الرغم من أن البيانات الأخيرة أشارت إلى مزيد من التباطؤ في الطلب على العمالة، مع اقتراب الوظائف الشاغرة من مستويات ما قبل الوباء.

وقالت لاغارد: «إن التعافي يواجه بعض الرياح المعاكسة»، مؤكدة أن المخاطر لا تزال تميل إلى الجانب السلبي. وأضافت: «إن التأثير المتلاشي تدريجياً للسياسة النقدية التقييدية من شأنه أن يدعم الاستهلاك والاستثمارات».

ويتوقع الموظفون أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.8 في المائة في عام 2024، ويرتفع إلى 1.3 في المائة في عام 2025، و1.5 في المائة في عام 2026. ويمثل هذا تعديلاً طفيفاً إلى الأسفل من توقعات يونيو، ويرجع ذلك أساساً إلى ضعف مساهمة الطلب المحلي خلال الأرباع القليلة المقبلة.

كما تم يوم الخميس أيضاً خفض أسعار الفائدة الأخرى التي يمكن للبنوك من خلالها اقتراض الأموال من البنك المركزي الأوروبي بمقدار 60 نقطة أساس لكل منها كجزء من التحول الاستراتيجي الطويل الأجل الذي لن تكون له عواقب فورية تذكر.

وبينما تقوم المصارف بسداد المبالغ المقترضة بموجب عمليات إعادة التمويل المستهدفة الأطول أجلاً، فسوف يقوم مجلس الإدارة بتقييم مدى مساهمة عمليات الإقراض المستهدفة واستمرار سدادها في موقفه من السياسة النقدية، وفق لاغارد.

هذا، وقالت عضوة مجلس الإدارة إيزابيل شنابل، إن خفض أسعار الفائدة لا يمكن أن يكون ميكانيكياً ويجب أن «يعتمد على البيانات والتحليل». فيما قال كبير الاقتصاديين، فيليب لين، إن العودة إلى 2 في المائة لم يتم «تأمينها» بعد، رغم أنه حذر من أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لا ينبغي أن تخنق الاقتصاد.