من المؤكد تقريباً أن المصرف المركزي الأوروبي سيخفّض أسعار الفائدة مرة أخرى يوم الخميس، ولكن مع استمرار مخاطر التضخم، على الرغم من تعثر اقتصاد منطقة اليورو، فإن المستثمرين سيتطلعون إلى تعليقاته للحصول على أدلة على مزيد من التيسير النقدي.
وخفّض «المركزي الأوروبي» سعر الفائدة على الودائع إلى 3.75 في المائة في يونيو (حزيران)، وقد أيّد عدد من صناع السياسات بالفعل خفضاً آخر، مما يشير إلى أن النقاش سوف يركز على مدى السرعة التي ينبغي أن تنخفض بها تكاليف الاقتراض في الاجتماعات المقبلة، وفق «رويترز».
والنتيجة المحتملة هي أن رئيسة المصرف، كريستين لاغارد، سوف تلتزم بالسرد الأخير للمركزي الأوروبي بأن القرارات تُتّخذ اجتماعاً تلو الآخر على أساس البيانات الواردة. ولكنها قد تقول أيضاً إن جميع الاجتماعات «مفتوحة»، مما يترك الباب مفتوحاً لخفض في أكتوبر (تشرين الأول)، حتى مع استمرار بعض «الصقور» المتشددين في الدعوة إلى تخفيف أبطأ مع بقاء التضخم في منطقة اليورو، التي تضم 20 دولة، أعلى من هدف «المركزي الأوروبي»، البالغ 2 في المائة.
وقال الخبير الاقتصادي في بنك «سانتاندير»، أنطونيو فيلارويا: «ستتجه كل الأنظار إلى أي رسائل بشأن مسار خفض أسعار الفائدة في المستقبل، خصوصاً إمكانية خفض آخر بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر».
ومن المرجح أن يقول صناع السياسات الأكثر تشاؤماً، خصوصاً من دول الجنوب في الاتحاد، إن مخاطر الركود آخذة في الارتفاع، مع اقتراب التضخم من هدف 2 في المائة.
ولكن صقور التضخم، الذين يظلون يشكّلون الأغلبية، يقولون إن سوق العمل لا تزال ساخنة للغاية؛ بحيث لا يستطيع «المركزي الأوروبي» تخفيف سياسته، وإن ضغوط الأسعار الأساسية، كما يتضّح من تكاليف الخدمة العنيدة، تزيد من خطر عودة التضخم إلى مستويات أعلى.
توقعات جديدة
من غير المرجح أن تحسم التوقعات الاقتصادية الجديدة الجدل.
ومن المتوقع أن تظهر توقعات موظفي «المركزي الأوروبي» الفصلية تباطؤ النمو قليلاً هذا العام، واستمرار التضخم على المسار الصحيح كما كان في يونيو، والعودة إلى 2 في المائة على أساس «مستدام» بحلول النصف الثاني من العام المقبل.
وهذا يعني أن صناع السياسات لن يجادلوا ضد مزيد من التيسير، حيث يتمثل الانقسام الرئيسي في مدى السرعة التي ينبغي للمركزي الأوروبي أن يتحرك بها.
وقال ديفيد أونيغليا من «تي إس لومبارد»: «لم تحلق الصقور بعيداً. ويتلخص هدفهم الجديد في إدارة توقعات خفض الفائدة... استعدوا لمزيد من الاحتكاك في مجلس الإدارة مع انخفاض معدل السياسة النقدية».
وقد أوضح صناع السياسات المتشددون أنهم يرون أن تخفيضات أسعار الفائدة ربع السنوية مناسبة، مع تجميع مؤشرات النمو والأجور الرئيسية - التي تشكّل توقعات «المركزي الأوروبي» - كل 3 أشهر.
كما أن المستثمرين منقسمون، مع اعتبار أن خفضاً آخر بحلول ديسمبر (كانون الأول) أمر مؤكد في الأسواق المالية، لكن فرصة اتخاذ خطوة مؤقتة في أكتوبر تتراوح بين 40 في المائة و50 في المائة.
وستكون مهمة لاغارد الرئيسية في مؤتمرها الصحافي إبقاء الخيارات كلها على الطاولة، دون رفع التوقعات لشهر أكتوبر.
وقال الخبير الاقتصادي في «جيه بي مورغان»، غريغ فوزيسي: «نتوقع أن يتبنى (المركزي الأوروبي) موقفاً مماثلاً لموقفه في يونيو. سوف يوضح أن الاتجاه في أسعار الفائدة لا يزال تنازلياً، لكنه لن يعطي إشارة واضحة لحجم وتوقيت الخطوة التالية».
خفض فني للفائدة
مع التحرك يوم الخميس، سينخفض سعر الفائدة على الودائع بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.5 في المائة. ومن المرجح أيضاً أن ينخفض معدل إعادة التمويل بمقدار أكبر بكثير يبلغ 60 نقطة أساس في تعديل فني طال انتظاره.
وتم تحديد الفجوة بين أسعار الفائدة عند 50 نقطة أساس لسنوات، وأعلن «المركزي الأوروبي» خططاً في مارس (آذار) لتضييق هذا الفارق إلى 15 نقطة أساس اعتباراً من سبتمبر (أيلول) في خطوة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى إحياء الإقراض بين المصارف.
ولكن هذا التعافي لا يزال على بعد سنوات، وبالتالي فإن الخطوة التي اتخذها «المركزي الأوروبي» تمثل تعديلاً استباقياً لإطار عمله التشغيلي.
في الوقت الحالي، تحتفظ المصارف بنحو 3 تريليونات يورو (3.3 تريليون دولار) من السيولة الزائدة وتودعها لدى «المركزي الأوروبي»، وهو ما يجعل سعر الودائع الأداة الرئيسية للسياسة النقدية.
وبمرور الوقت، من المتوقع أن تتراجع هذه السيولة، مما يدفع المصارف إلى الاقتراض مرة أخرى من «المركزي الأوروبي» بسعر إعادة التمويل، الذي كان تقليدياً سعر الفائدة القياسي للمصرف.
وبمجرد حدوث ذلك، فإن سعر الفائدة الرئيسي سوف يستعيد مكانته البارزة، في حين أن تضييق الفجوة بين أسعار الفائدة من شأنه أن يساعد «المركزي الأوروبي» على إدارة أسعار السوق بشكل أفضل.