ترقب لتراجع التضخم الأميركي إلى أدنى مستوياته منذ «كوفيد-19»

يمهد الطريق لخفض أسعار الفائدة في اجتماع «الفيدرالي» الأسبوع المقبل

ورقة نقدية أميركية من فئة 5 دولارات (رويترز)
ورقة نقدية أميركية من فئة 5 دولارات (رويترز)
TT

ترقب لتراجع التضخم الأميركي إلى أدنى مستوياته منذ «كوفيد-19»

ورقة نقدية أميركية من فئة 5 دولارات (رويترز)
ورقة نقدية أميركية من فئة 5 دولارات (رويترز)

ربما وصل معدل التضخم بالولايات المتحدة إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات، خلال أغسطس (آب) الماضي، وهو ما يؤكد أن معدل ارتفاع الأسعار يتراجع إلى مستويات ما قبل «كوفيد-19»، ويمهّد الطريق أمام مجلس الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة الرئيسية، الأسبوع المقبل.

ومن المتوقع أن يتباطأ التضخم على أساس سنوي إلى 2.6 في المائة، الشهر الحالي، وفقاً لمسحٍ أجراه مزود البيانات «فاكت ست». وسيكون هذا أدنى معدل من نوعه منذ مارس (آذار) 2021. وباستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، من المتوقع أن يظل التضخم الأساسي دون تغيير عند 3.2 في المائة، وفق وكالة «أسوشيتد برس».

وبلغ التضخم ذروته عند 9.1 في المائة خلال يونيو (حزيران) 2022 ــ وهو أعلى مستوى له منذ أربعة عقود ــ مع تعافي الاقتصاد من الركود الناجم عن الجائحة بسرعة وقوة غير متوقعتين. واستجاب بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة 11 مرة في عاميْ 2022 و2023، فرفع سعر الفائدة القياسي إلى أعلى مستوى له في 23 عاماً، وجعل الاقتراض أكثر تكلفة في مختلف أنحاء الاقتصاد.

ويتداخل أحدث أرقام التضخم مع السباق الرئاسي في أسابيعه الأخيرة. فقد ألقى الرئيس السابق دونالد ترمب اللوم على نائبة الرئيس كامالا هاريس في ارتفاع التضخم، الذي بدأ في أوائل عام 2021 عندما تعطلت سلاسل الإمداد العالمية، مما تسبَّب في نقص حاد بالأجزاء والعمالة. وقد اقترحت هاريس تقديم إعانات للمشترين والمطورين العقاريين؛ في محاولة لتخفيف تكاليف السكن، وتدعم حظراً فيدرالياً على الجشع في تسعير المواد الغذائية. في المقابل، قال ترمب إنه سيعمل على زيادة إنتاج الطاقة؛ لمحاولة خفض التضخم بشكل عام.

وأشار مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى ثقتهم المتزايدة بأن التضخم يتراجع بشكل مطّرد إلى هدفهم البالغ 2 في المائة، وأنهم يحوّلون تركيزهم الآن إلى دعم سوق العمل التي تتباطأ بسرعة.

وتتلخص مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي في السعي إلى استقرار الأسعار، وتوفير أقصى قدر من فرص العمل.

ومن المتوقع أن يؤدي خفض أسعار الفائدة، التي يفرضها «الفيدرالي»، بمرور الوقت، إلى خفض تكلفة اقتراض المستهلكين والشركات، بما في ذلك الرهن العقاري وقروض السيارات وبطاقات الائتمان.

وقال كريستوفر والر، أحد صانعي السياسات الرئيسيين بمجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي: «بشكل عام، أرى تقدماً كبيراً ومستداماً نحو هدف التضخم (الذي حدّده بنك الاحتياطي الفيدرالي)، والذي أتوقع أن يستمر خلال بقية هذا العام».

وأشار إلى أن التضخم السنوي لأكثر من نصف السلع والخدمات التي تتعقبها الحكومة، انخفض إلى أقل من 2.5 في المائة، وهو علامة على تباطؤ زيادات الأسعار على نطاق واسع.

والسبب الرئيسي وراء انخفاض التضخم، على الأرجح، الشهر الماضي، هو أن أسعار الغاز انخفضت بنحو 10 سنتات للغالون في أغسطس، وفقاً لإدارة التضخم في الطاقة، إلى متوسط ​​وطني يبلغ نحو 3.29 دولار.

ويتوقع خبراء الاقتصاد أيضاً أن ترتفع تدابير الحكومة، المتعلقة بالأسعار الخاصة بالبقالة والإيجار، بشكل أبطأ. وعلى الرغم من أن أسعار المواد الغذائية أغلى بنحو 20 في المائة مما كانت عليه قبل الجائحة، لكنها ارتفعت بنسبة 1.1 في المائة فقط عن العام الماضي.

ومن بين العوامل المحتملة الأخرى لتباطؤ التضخم أن تكلفة استئجار الشقق الجديدة بدأت التباطؤ مع اكتمال بناء سلسلة من الشقق المبنية حديثاً. ووفقاً لشركة السمسرة العقارية «ريدفين»، ارتفع متوسط ​​الإيجار لعقد إيجار جديد بنسبة 0.9 في المائة فقط خلال أغسطس، مقارنة بالعام السابق، إلى 1645 دولاراً شهرياً.

لكن مقياس الحكومة يشمل جميع الإيجارات، بما في ذلك الإيجارات للأشخاص الذين كانوا في شققهم لشهور أو سنوات. ويستغرق الأمر بعض الوقت حتى يظهر تباطؤ الإيجارات الجديدة، في بيانات الحكومة. ففي يوليو (تموز)، ارتفعت تكاليف الإيجار بنسبة 5.1 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك الحكومي.

كما تنمو أجور الأميركيين بشكل أبطأ - بنحو 3.5 في المائة سنوياً، وهي وتيرة لا تزال قوية - مما يقلل الضغوط التضخمية. وقبل عامين، تجاوز نمو الأجور 5 في المائة، وهو المستوى الذي يمكن أن يجبر الشركات على رفع الأسعار بشكل حادّ لتغطية تكاليف العمالة الأعلى. وفي خطاب رفيع المستوى ألقاه، الشهر الماضي، أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى أن التضخم تحت السيطرة، واقترح أن سوق العمل من غير المرجح أن تكون مصدراً للضغوط التضخمية.

ونتيجة لهذا، يستعد بنك الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض سعر الفائدة الرئيسي عندما يجتمع، الأسبوع المقبل؛ على أمل تعزيز النمو والتوظيف. وكان المستهلكون هم المحرك للاقتصاد على مدى السنوات الثلاث الماضية، لكنهم يتجهون بشكل متزايد إلى الديون لدعم إنفاقهم وبطاقات الائتمان، كما ترتفع معدلات تأخر سداد أقساط السيارات، مما يثير المخاوف من أنهم قد يضطرون قريباً لكبح جماح إنفاقهم. وقد يدفع انخفاض إنفاق المستهلكين مزيداً من أصحاب العمل إلى تجميد التوظيف، أو حتى خفض الوظائف.

وقال باول: «نحن لا نسعى ولا نرحب بمزيد من التيسير في ظروف سوق العمل. من المتوقع على نطاق واسع أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة متواضعة، الأسبوع المقبل، على الرغم من أنه من الممكن أن يقرر صناع السياسات، بدلاً من ذلك، أن هناك حاجة لخفض بمقدار نصف نقطة».

ويتوقع متداولو «وول ستريت» خفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة، في الاجتماع المقبل لبنك الاحتياطي الفيدرالي، في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لأسعار العقود الآجلة.


مقالات ذات صلة

«وول ستريت» تتراجع بعد بيانات تضخم أقل من المتوقع

الاقتصاد العلم الأميركي على مبنى في «وول ستريت» بالحي المالي في نيويورك (رويترز)

«وول ستريت» تتراجع بعد بيانات تضخم أقل من المتوقع

تراجعت المؤشرات الرئيسية لـ«وول ستريت» يوم الأربعاء بعد أن جاءت أحدث بيانات التضخم أقل من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)

بنك إسرائيل: الإنفاق الحربي في موازنة العام المقبل يفاقم الضغوط التضخمية

قال بنك إسرائيل الأربعاء إن عدم اليقين بشأن كيفية تعامل الحكومة الإسرائيلية مع الإنفاق الأعلى في زمن الحرب بموازنة العام المقبل يدعم الضغوط التضخمية

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد أشخاص يتسوّقون في متجر بقالة في 14 أغسطس 2024 في روزميد بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يصل إلى أدنى مستوى له في 3 سنوات

تباطأ معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 2.5 في المائة على أساس سنوي هذا العام حتى أغسطس (آب)، وهو الأدنى منذ فبراير (شباط) 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد صورة لرسم بياني لمؤشر «داكس» الألماني في بورصة فرنكفورت (رويترز)

«التكنولوجيا» و«الموارد الأساسية» يدفعان الأسهم الأوروبية للأعلى

ارتفعت الأسهم الأوروبية يوم الأربعاء بدعم من قطاعي التكنولوجيا والموارد الأساسية، حيث ينتظر المستثمرون قراءة رئيسية للتضخم في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر للمنطقة المالية في لندن (رويترز)

بريطانيا تُسجل شهراً ثانياً على التوالي من الركود

سجّل الاقتصاد البريطاني ركوداً للشهر الثاني على التوالي في يوليو، مع انخفاض الناتج الصناعي بشكل حاد، وهي بداية غير مواتية للحكومة الجديدة برئاسة كير ستارمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بنك إسرائيل: الإنفاق الحربي في موازنة العام المقبل يفاقم الضغوط التضخمية

مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)
مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)
TT

بنك إسرائيل: الإنفاق الحربي في موازنة العام المقبل يفاقم الضغوط التضخمية

مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)
مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)

قال بنك إسرائيل، الأربعاء، إن عدم اليقين بشأن كيفية تعامل الحكومة الإسرائيلية مع الإنفاق الأعلى في زمن الحرب بموازنة العام المقبل يدعم الضغوط التضخمية.

وأظهر محضر اجتماع السياسة النقدية الذي عقد في 28 أغسطس (آب) أن جميع الأعضاء الخمسة في اللجنة النقدية صوتوا لصالح ترك سعر الفائدة القياسي دون تغيير عند 4.5 في الأعمال للاجتماع الخامس على التوالي بعد خفضه بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وأشار مسؤولون في بنك إسرائيل إلى أن خفض أسعار الفائدة حتى نهاية عام 2024 غير مرجح.

وقال المصرف المركزي: «في ضوء الحرب الدائرة، تركز سياسة لجنة السياسة النقدية على استقرار الأسواق، والحد من حالة عدم اليقين، إلى جانب استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي».

وأشار صنّاع السياسات أيضاً إلى التضخم العنيد وسوق العمل الضيقة - بسبب قيود العرض - وارتفاع أقساط المخاطر وسط حالة عدم اليقين الجيوسياسي المتزايدة للحفاظ على استقرار الأسعار.

وارتفع معدل التضخم السنوي في إسرائيل إلى 3.2 في المائة في يوليو (تموز) من 2.9 في المائة في الشهر السابق، ليتجاوز بذلك نطاق هدف الحكومة الذي يتراوح بين واحد في المائة و3 في المائة، بعد أن انخفض إلى 2.5 في المائة في فبراير (شباط). وأشار البنك إلى أن التضخم من المرجح أن يظل أعلى من 3 في المائة حتى عام 2025.

وواصل محافظو المصارف المركزية ربط السياسة المالية الأكثر مرونة بالحفاظ على السياسة النقدية المتشددة.

وجاء في المحضر: «يسهم عدم اليقين بشأن موازنة الدولة لعام 2025، والتعديلات اللازمة لخفض العجز على أساس مستمر في زيادة علاوة المخاطر، وقد يجعل من الصعب إعادة التضخم إلى النطاق المستهدف».

وبلغ الإنفاق على حرب إسرائيل ضد «حماس» نحو 100 مليار شيقل (26.59 مليار دولار) منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما دفع العجز في الموازنة السنوية إلى 8.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في أغسطس، على الرغم من أن مسؤولي وزارة المالية يعتقدون أن العجز سيعود إلى هدفه البالغ 6.6 في المائة لعام 2024 بحلول نهاية العام.

وفي الأسبوع الماضي، قدّم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعض تفاصيل موازنة 2025، مع خطط لخفض الإنفاق العام بمقدار 35 مليار شيقل، إلى جانب تجميد معدلات الضرائب والمزايا والأجور. ومن المتوقع أن يصوت مجلس الوزراء في أوائل أكتوبر، وتقول الحكومة إن الموافقة النهائية ستأتي بحلول نهاية العام.

وخفضت وكالات التصنيف الائتماني الثلاث التصنيف الائتماني لإسرائيل في عام 2024.

وبعد أن تضرر الاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب، نما بنسبة 1.2 في المائة سنوياً في الربع الثاني، وقال المركزي إن مستوى النشاط أقل من الاتجاه العام.

وقال بنك إسرائيل: «من المتوقع أن يكون مستوى النشاط الاقتصادي معتدلاً في الربع الثالث أيضاً. هذه الاتجاهات، إلى جانب زيادة التضخم، تتماشى مع اقتصاد يعاني من قيود العرض على النشاط، خاصة في ظل التوسع المالي بسبب الحرب».