دراغي يطالب بـ«استراتيجية صناعية جديدة» لمنع أوروبا من التخلف عن الصين وأميركا

دعا الاتحاد إلى تعزيز الاستثمارات بقيمة 800 مليار يورو

دراغي يعرض في مؤتمر صحافي في بروكسل تقريره حول القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي (رويترز)
دراغي يعرض في مؤتمر صحافي في بروكسل تقريره حول القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي (رويترز)
TT

دراغي يطالب بـ«استراتيجية صناعية جديدة» لمنع أوروبا من التخلف عن الصين وأميركا

دراغي يعرض في مؤتمر صحافي في بروكسل تقريره حول القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي (رويترز)
دراغي يعرض في مؤتمر صحافي في بروكسل تقريره حول القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي (رويترز)

طالب الخبير الاقتصادي والسياسي ماريو دراغي بـ«استراتيجية صناعية جديدة لأوروبا»، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الاستثمارات بمقدار 800 مليار يورو سنوياً لتمويل الإصلاح الجذري والسريع لمنع الاتحاد من التخلف عن الولايات المتحدة والصين.

وبالإضافة إلى دعم الإصلاح الشامل لكيفية جمع الاتحاد الأوروبي لتمويل الاستثمار، يدعو تقرير رئيس الوزراء الإيطالي السابق ورئيس البنك المركزي الأوروبي أثناء أزمة الديون في منطقة اليورو، بروكسل إلى دفع عملية إعادة توجيه كبيرة للسياسة الاقتصادية.

وتشمل التوصيات الرئيسية في التقرير الذي يتناول القدرة التنافسية للاتحاد، تخفيف قواعد المنافسة لتمكين توحيد السوق في قطاعات مثل الاتصالات، ودمج أسواق رأس المال من خلال مركزية الإشراف على السوق، وزيادة استخدام المشتريات المشتركة في قطاع الدفاع، وأجندة تجارية جديدة لزيادة الاستقلال الاقتصادي للاتحاد الأوروبي.

وكتب دراغي في التقرير الذي طال انتظاره، لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: «لم يسبق في الماضي أن بدا حجم بلداننا صغيراً وغير كافٍ مقارنة بحجم التحديات. لم تكن أسباب الاستجابة الموحدة مقنعة إلى هذا الحد، وفي وحدتنا سنجد القوة للإصلاح».

يأتي تقرير دراغي في الوقت الذي تستعد فيه المفوضية لفترة ولاية جديدة مدتها خمس سنوات تتميز بالركود الاقتصادي، وحرب شاملة على حدودها وصعود أحزاب اليمين المتطرف في جميع أنحاء الكتلة، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وحذّر رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق، الذي يُنسب إليه إنقاذ اليورو أثناء أزمة العملة قبل أكثر من عقد من الزمان، من أنه من دون زيادة في الاستثمارات الجديدة - بدعم من التمويل الخاص والعام - وتحسين الإنتاجية، فإن أوروبا ستتخلف أكثر عن الولايات المتحدة والصين.

وقال إن معالجة القدرة التنافسية المتأخرة للاتحاد الأوروبي تتطلب 750 مليار يورو إلى 800 مليار يورو في استثمارات سنوية إضافية، أي ما يعادل 4.4 - 4.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. وهذا من شأنه أن يرفع الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى لم نشهده منذ سبعينات القرن العشرين.

وكتب دراغي: «من غير المرجح أن يتمكن القطاع الخاص من تمويل حصة الأسد من هذا الاستثمار من دون دعم من القطاع العام»، مضيفاً أن «بعض التمويل المشترك للاستثمار في السلع العامة الأوروبية الرئيسية، مثل الابتكار الرائد، سيكون ضرورياً».

وكرّر الدعوات إلى إنشاء أصول آمنة مشتركة وتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي لدعم «السلع العامة الأوروبية» مثل البنية التحتية المشتركة للطاقة والمشتريات الدفاعية المشتركة، فضلاً عن فرض ضرائب جديدة على مستوى الاتحاد الأوروبي لتمويل الإنفاق الأكثر فاعلية من خلال الميزانية المشتركة.

ولكن أي دفعة للمساهمة بمزيد من أموال دافعي الضرائب أو جمع ديون مشتركة جديدة للاتحاد الأوروبي، من شأنها أن تثير مقاومة من الحكومات الأكثر تقشفاً في دول مثل هولندا وألمانيا، والتي تعارض المزيد من تمويل الاتحاد الأوروبي.

ويقول التقرير إن ما يقرب من 40 في المائة من واردات أوروبا يأتي من عدد صغير من الموردين الذين يصعب استبدالهم، ونحو نصف هذا الحجم يأتي من دول لا يتوافق معها الاتحاد «استراتيجياً». ويضيف: «سوف يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى تطوير سياسة اقتصادية خارجية حقيقية تنسق اتفاقيات التجارة التفضيلية والاستثمار المباشر مع الدول الغنية بالموارد، وبناء المخزونات في مناطق حاسمة مختارة، وإنشاء شراكات صناعية لتأمين سلسلة توريد التقنيات الرئيسية».

وتشمل الأهداف الأخرى التنفيذ الكامل للسوق الموحدة، التي تضم 440 مليون مستهلك و23 مليون شركة، من خلال الحد من الاحتكاك التجاري. كما يسعى الاتحاد إلى ضمان عدم تحول سياسة المنافسة إلى «حاجز أمام أهداف أوروبا»، وخاصة في قطاع التكنولوجيا.

وستستعين فون دير لاين بالتقرير عند كتابة ما يسمى رسائل المهمة لفريقها الجديد من المفوضين الذين سيشكلون أولويات السياسة للسنوات الخمس المقبلة من السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي. ومن المقرر الكشف عن فريقها الجديد يوم الأربعاء.

وقال دراغي إنه ما لم تتمكن أوروبا من رفع مستويات إنتاجيتها ونموها، فإنها تخاطر برؤية مستويات معيشتها تتراجع. وأضاف: «سيتعين علينا تقليص بعض، إن لم يكن كل، طموحاتنا. هذا تحد وجودي».

وفيما يتعلق بسياسة المنافسة، يدعو دراغي إلى تغيير جذري في النهج فيما يتعلق بتقييمات الاندماج حتى لا تصبح القواعد «عائقاً أمام أهداف أوروبا». ويدعو على وجه التحديد بروكسل إلى السماح بالتوحيد في قطاع الاتصالات باستخدام الاتحاد الأوروبي على اعتبار أنه «السوق ذات الصلة» في التقييمات، وليس الأسواق الوطنية.

بالإضافة إلى ذلك، يقترح إعطاء الابتكار وزناً أكبر في مراجعات الاندماج. وفي قطاع الدفاع المجزأ للغاية، أكد دراغي أنه «في غياب الإنفاق الأوروبي المشترك»، ينبغي أن ينصب التركيز على تنسيق المشتريات الوطنية ومشاريع الدفاع المشتركة، فضلاً عن تعزيز توحيد السوق «عندما يؤدي زيادة الحجم إلى تحقيق الكفاءة».


مقالات ذات صلة

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

تراجعت مبيعات التجزئة البريطانية بشكل أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي أضافت إلى مؤشرات أخرى على فقدان الزخم الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.