صعود الهند يُربِك مديري الصناديق: مخاطرة أم فرصة؟

سوق الأسهم تقلب موازين الاستثمار في الأسواق الناشئة

أشخاص يقفون خارج بورصة بومباي للأوراق المالية (رويترز)
أشخاص يقفون خارج بورصة بومباي للأوراق المالية (رويترز)
TT

صعود الهند يُربِك مديري الصناديق: مخاطرة أم فرصة؟

أشخاص يقفون خارج بورصة بومباي للأوراق المالية (رويترز)
أشخاص يقفون خارج بورصة بومباي للأوراق المالية (رويترز)

تشهد سوق الأسهم الهندية صعوداً حاداً؛ مما يضع مديري الصناديق العالمية أمام مفترق طرق صعب؛ هل يقبلون بتآكل وزن استثماراتهم في الهند مع استمرار النمو، أم يغامرون بشراء أسهم مرتفعة الثمن؟

ويرى أغلب المستثمرين أن الخيار الأخير محفوف بالمخاطر ويبحثون عن بدائل، حيث يضخ البعض أموالهم في الشركات الصغيرة في الهند، بينما يتطلع آخرون إلى أسواق ناشئة أخرى، بحسب ما ذكرته وكالة «رويترز».

وقد كان هذا الاتجاه مدفوعاً بسنوات من الأرباح القوية في الهند في الوقت نفسه الذي تعثرت فيه أسواق الصين؛ مما دفعها إلى تجاوز مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة، الذي يعدّ معياراً لصناديق الأسواق الناشئة العالمية.

وقد ارتفع وزن الهند في مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة إلى 19 في المائة، مقارنة بـ8 في المائة فقط قبل أربع سنوات، ويتوقع محللون في «نوفاما للأبحاث البديلة والكمية» أن يصل إلى 25 في المائة بحلول نهاية هذا العام. وقد انهار وزن الصين خلال الفترة نفسها وانخفض من 40 في المائة إلى 25 في المائة.

وقال مدير محافظ الأسهم الآسيوية في «إم آند جي للاستثمارات»، فيكاس بيرشاد: «إن التنافس الشديد بين الهند والصين يضع مديري الصناديق في مأزق حقيقي. فمع تفويضات استثمارية تغطي نطاقاً واسعاً، يجدون أنفسهم مضطرين إلى تقسيم استثماراتهم بالتساوي بين البلدين (وزن متساوٍ)، وهو أمر قد لا يكون مثالياً بالنظر إلى الأداء المتباين لسوقي الأسهم».

وهذا التوازن في الوزن آخذ في الازدياد. وكان جزء من سببه على المدى الطويل هو أن الكثير من المستثمرين فضّلوا السوق الصينية الأرخص والأكثر ديناميكية، في حين أن تكاليف الدخول والخروج للصناديق يمكن أن تكون مرتفعة في الهند.

وسوف يحتاج المديرون إلى شراء الشركات الهندية بوتيرة سريعة لمواكبة حضورهم المتزايد في المؤشرات، والتي تعدّ الأغلى في الأسواق الرئيسية، مع متوسط ​​نسبة السعر إلى الأرباح على مدى 12 شهراً الماضية البالغة 24 مرة للشركات الكبيرة والمتوسطة، وفقاً لبيانات «إل إي إس جي».

ولكن الكثير من المستثمرين اختاروا عدم القيام بذلك؛ الأمر الذي جعل الهند أكبر صندوق استثماري منخفض الوزن بين صناديق الأسواق الناشئة، وفقاً لبنك «إتش إس بي سي» و«كوبلي للأبحاث».

وعلى النقيض من ذلك، فإن تقييمات الأسهم الصينية الرئيسية أقل بكثير مع نفس نسبة السعر إلى الأرباح البالغة 17 و15 للأسهم الماليزية الرئيسية.

وبالنسبة لمدير المحفظة في «أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس»، غاري تان، وعملائه، فإن التقييمات هي النقطة الأساسية. وقال تان: «نحن متفائلون بالقصة طويلة الأمد، لكننا حذِرون جداً بشأن التقييمات».

ولطالما كانت التقييمات مرتفعة نسبياً في الهند ولم تكن عائقاً أمام الأداء العالي. ولكن الآن، يصبح بعض المستثمرين قلقين بشأن توازن المخاطر والعائد. وارتفع مؤشر «نيفتي 50» في الهند بنسبة 145 في المائة، وارتفع مؤشر «S&P BSE SENSEX» بنسبة 136 في المائة منذ منتصف 2020، بينما ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 78 في المائة في الفترة نفسها، وانخفض مؤشر الأسهم الصينية الكبيرة بنسبة 22 في المائة.

ومع ذلك، في حين ظل الأجانب مشترين ثابتين للأسهم الهندية هذا العام. وتظهر بيانات «آي سي آي سي آي للأوراق المالية» أن الشراء الأجنبي خلال النصف الأول من هذا العام كان أعلى بكثير في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم مقارنة بالشركات الكبيرة، وفي أغسطس (آب)، أظهرت بيانات البورصة أن الأجانب تحولوا بائعين بقيمة 662 مليون دولار من الأسهم.

ويشكل المستثمرون الأجانب نحو 16 في المائة من حيازات الأسهم الهندية، وفقاً لـ«آي سي آي سي آي للأوراق المالية»، وهو أدنى مستوى في عقد من الزمن.

وتشهد الأسواق الناشئة تدفقات مالية ضخمة من مستثمرين لا يقتصرون على مؤشرات الأسواق التقليدية؛ مما يدل على ثقة كبيرة في هذه الأسواق.

وقال مدير محفظة نمو الأسواق الناشئة في «دريهاوس كابيتال»، هوي شواب، إن هناك اهتماماً متزايداً من المستثمرين العالميين بالهند، وليس فقط من أولئك الذين لديهم تفويضات الأسواق الناشئة».

وتقول مديرة محفظة استراتيجية نمو الأسواق الناشئة في «ويليام بلير»، فيفيان لين ثورستون، إن التقييم وحده ليس بالضرورة سبباً كافياً للبحث في مكان آخر. وقالت: «هل لدي فرصة أخرى جذابة لأستثمر فيها إذا هزمت الهند؟ الإجابة ليست كثيرة في الوقت الحالي، وهذا عامل أعانيه أو أتعامل معه».

ومع ذلك، تشير التدفقات إلى ماليزيا وإندونيسيا، حيث تشهد الأسواق انتعاشاً، إلا أن المستثمرين يتطلعون إلى أبعد من ذلك، في الوقت الحالي.

وحذّر مدير الاستثمار للأسواق الناشئة العالمية في شركة إدارة الصناديق الأميركية «فيدراتيد هيرميس»، جيمس كوك، الذي لا يستثمر في الهند وينتظر انخفاض الأسعار قبل شراء المزيد، من الانجرار وراء الحماس المفرط تجاه الاقتصاد الهندي. وأكد أن التفاؤل الواسع النطاق قد يؤدي إلى تقييمات مبالغ فيها، محذراً المستثمرين من «دفع أسعار مرتفعة للغاية».


مقالات ذات صلة

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تُنهي الأسبوع بتراجع إلى 11840 نقطة

أغلق مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية «تاسي» آخِر جلسات الأسبوع متراجعاً بمقدار 27.40 نقطة، وبنسبة 0.23 في المائة، إلى 11840.52 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)

«بوني» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تسعى لجمع 260 مليون دولار في طرحها بأميركا

قالت شركة «بوني إيه آي»، الأربعاء، إنها تستهدف تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي الموسع في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة «فرانكفورت» (رويترز)

الأسواق العالمية تتباين وسط تصاعد التوترات في الحرب الروسية الأوكرانية

شهدت الأسواق العالمية أداءً متبايناً، الأربعاء، على الرغم من المكاسب التي حققتها «وول ستريت»، وسط تزايد المخاوف بشأن تصعيد الحرب الروسية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
الاقتصاد مستثمر يمر أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

سوق الأسهم السعودية تضيف 45 نقطة بسيولة 1.6 مليار دولار

سجل «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية» (تاسي)، الثلاثاء، ارتفاعاً بمقدار 45.53 نقطة، وبنسبة 0.38 في المائة، إلى 11875.91 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.