هل يعود إنتاج مصر من الغاز إلى مستوياته المتوقعة؟

«غولدمان ساكس»: 6.3 مليار دولار صافي وارداتها حتى مارس 2024

عاملان في حقل ظهر الذي تديره «إيني» الإيطالية (شركة إيني)
عاملان في حقل ظهر الذي تديره «إيني» الإيطالية (شركة إيني)
TT
20

هل يعود إنتاج مصر من الغاز إلى مستوياته المتوقعة؟

عاملان في حقل ظهر الذي تديره «إيني» الإيطالية (شركة إيني)
عاملان في حقل ظهر الذي تديره «إيني» الإيطالية (شركة إيني)

عندما افتتحت مصر حقل غاز ظهر الضخم في عام 2018، أشادت الحكومة بالمشروع لمساعدتها في تحقيق طموحاتها في أن تصبح مكتفية ذاتياً من الطاقة وتوفير 2.8 مليار دولار سنوياً في تكاليف استيراد الغاز. ولكن بدلاً من الطفرة المتوقعة في الطاقة، ترك نقص الغاز البلاد غارقة في انقطاعات يومية للتيار هذا الصيف مما أدى إلى تعطيل النشاط الاقتصادي والحياة اليومية لملايين المصريين، وفق تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز».

اضطرت القاهرة الآن إلى استئناف استيراد الغاز الطبيعي المسال مع انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي، والطلب المتزايد على الكهرباء والنمو السكاني السريع الذي يضغط على نظام توليد الطاقة.

خصصت مصر 1.2 مليار دولار لتمويل واردات الطاقة الأولية، بما في ذلك 21 شحنة من الغاز الطبيعي المسال بدأت في الوصول، معظمها من الولايات المتحدة. وبحسب الحكومة، فإن انقطاع التيار الكهربائي، الذي بدأ في أبريل (نيسان)، انتهى في بداية أغسطس (آب)، لكنه قد يستأنف في منتصف سبتمبر (أيلول). وحتى وقت قريب، كانت مصر تزود أوروبا بالغاز الطبيعي المسال وكانت لديها طموحات لتصبح مركزاً لتجارة الغاز، وتصدر إنتاجها الخاص وكذلك الغاز المنقول عبر الأنابيب من إسرائيل وربما من قبرص. لكنها أوقفت الآن أيضاً «مؤقتاً» صادرات الغاز، حسبما يقول المسؤولون.

ووفقاً لفاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «غولدمان ساكس»، فإن صافي واردات مصر من النفط والغاز بلغ 6.3 مليار دولار في العام حتى مارس (آذار) 2024، مقارنة بفائض صادرات صافي الذروة البالغ 4.4 مليار دولار في العام حتى سبتمبر 2022. وقال: «هذا يمثل تحولاً قدره 10.7 مليار دولار».

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في يوليو (تموز): «لم يتوقع أحد موجات الحر التي نشهدها وارتفاع درجات الحرارة بشكل مستمر والتي استمرت ليس فقط ليوم أو يومين ولكن لأسابيع متواصلة. نحن في حالة طوارئ مستمرة كل يوم».

بعد أن تعرضت لأزمة العملة الأجنبية في عام 2022، عندما سحب المستثمرون الأجانب نحو 20 مليار دولار من البلاد في رحلة إلى بر الأمان وسط حرب أوكرانيا، تأخرت القاهرة في سداد المدفوعات لشركات النفط والغاز الدولية - وتقدر متأخراتها بنحو 6 مليارات دولار - مما أدى إلى تباطؤ الاستثمار في الاستكشاف والإنتاج وتفاقم نقص الغاز، كما يقول المحللون.

وقال ديفيد باتر، المتخصص في النفط والغاز والزميل المشارك في «تشاتام هاوس»، وهي مؤسسة فكرية بريطانية: «كانت حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​تميل إلى تسجيل معدلات انحدار سريعة إلى حد ما. تصل إلى الذروة ثم تبدأ في التراجع، الأمر الذي يتطلب استكشافاً وتطويراً جديداً ويعني أن الشركات يجب أن تحافظ على مستويات الاستثمار. لن تفعل ذلك إلا إذا كان الأمر يستحق ذلك».

وقال مدبولي في مارس إن البلاد ستدفع ما يصل إلى 20 في المائة من المتأخرات هذا العام. وجاءت هذه الخطوة في أعقاب صفقة الإنقاذ الدولية لمصر بقيمة 55 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والإمارات، والتي خففت من أزمة العملة الأجنبية.

وقال متحدث باسم مجموعة «إيني» الإيطالية للنفط، التي تدير حقل ظهر، إن الوضع الائتماني يتحسن، مضيفاً: «نحن واثقون من استرداد المستحقات الواجبة».

كما تأتي انقطاعات الكهرباء في أعقاب انخفاض إنتاج مصر من الغاز. وانخفض إجمالي الإنتاج السنوي في جميع حقول الغاز من 70 مليار متر مكعب في عام 2021 إلى 53 مليار متر مكعب متوقعة هذا العام، وفقاً لشركة الاستشارات النرويجية للطاقة «ريستاد».

وقالت الحكومة العام الماضي إن إجمالي الاستثمار في حقل ظهر بلغ 12 مليار دولار وسيرتفع إلى 15 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات.

ولكن في الوقت الحالي، تعرضت طموحات مركز تجارة الغاز في مصر لضربة مع توقف الصادرات واستهلاكها للإمدادات الإسرائيلية.

وقال باتر إن احتمال زيادة إسرائيل لإنتاجها من الغاز قد يعزز الإمدادات لمصر في أواخر عام 2025 أو 2026. وفي العام الماضي، كانت القدرة التصديرية لإسرائيل نحو 15 مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 25-30 مليار متر مكعب بحلول نهاية العقد.

أضاف باتر: «قد يكون هناك الكثير من الغاز الإسرائيلي الذي ليس لديه مكان آخر يذهب إليه. مصر هي السوق الكبيرة الوحيدة التي يمكن لإسرائيل الوصول إليها بسهولة».

لكن تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل و«حزب الله» قد يحد من إمدادات مصر في الأمد القريب، حيث هدد «حزب الله» باستهداف إنتاج الغاز البحري الإسرائيلي.

وقال باتر: «(حزب الله) لديه القدرة على إلحاق الضرر بإنتاج الغاز البحري الإسرائيلي. هذه منصات تعمل في الخارج والأشخاص الذين يعملون عليها لا يبقون في منطقة حرب».

وكانت مصر الشهر الماضي أطلقت جولة عطاءات جديدة لاستكشاف النفط والغاز في 12 منطقة في البحر الأبيض المتوسط ​​ودلتا النيل. وقالت الحكومة إن حوافز ستُقدم للشركات العالمية لزيادة الاستكشاف والإنتاج.

وقال مدبولي إن القاهرة تخطط لإعادة الإنتاج إلى «مستوياته الطبيعية» اعتباراً من عام 2025، مضيفاً: «هناك خطة واضحة للغاية لإعادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي مع الشركاء الأجانب إلى مستوياته السابقة، وكذلك زيادته».


مقالات ذات صلة

مصر لنقل شركات مملوكة للدولة إلى صندوق الثروة السيادي

الاقتصاد العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر لنقل شركات مملوكة للدولة إلى صندوق الثروة السيادي

قال وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب الأربعاء، إنه يخطط لنقل شركات مملوكة للدولة على دفعات إلى صندوق الثروة السيادي لإدارتها من أجل تعظيم العائد من أصول الدولة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد نجيب ساويرس: على مصر أن تعيد النظر في المشروعات العملاقة

نجيب ساويرس: على مصر أن تعيد النظر في المشروعات العملاقة

قال الملياردير المصري نجيب ساويرس إنه ينبغي إعادة النظر بشأن المشروعات العملاقة في بلاده، وذلك لتوفير المال نظراً لأنها تتطلب الكثير من العملة الأجنبية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد علامة «إلكترولكس» (الموقع الإلكتروني للشركة)

«إلكترولكس» السويدية تقرر الإبقاء على أعمالها التجارية في مصر

أعادت «إلكترولكس غروب» السويدية النظر في تخارج جزء من استثماراتها من مصر، وقررت استمرار عملياتها ضمن أعمال المجموعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد منصة حقل «ظُهر» في المياه المصرية (وزارة البترول المصرية)

مصر: بدء حفر 3 آبار جديدة في حقل «ظُهر»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي، الثلاثاء، إن أعمال الحفر بمشروع استكمال تنمية حقل «ظُهر» استؤنفت منتصف شهر فبراير (شباط) الجاري، بمستهدف حفر 3 آبار جديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

30 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج خلال 2024

أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال العام الماضي، بنسبة 51.3 في المائة، إلى نحو 29.6 مليار دولار.

صبري ناجح (القاهرة)

ارتفاع أسعار النحاس في أميركا وسط مخاوف الرسوم وتعطّل الإمدادات بتشيلي

تقطيع لفائف نحاسية لبدء تصنيع الرصاص لدى شركة «بارنز بوليتس» في مونا بالولايات المتحدة (رويترز)
تقطيع لفائف نحاسية لبدء تصنيع الرصاص لدى شركة «بارنز بوليتس» في مونا بالولايات المتحدة (رويترز)
TT
20

ارتفاع أسعار النحاس في أميركا وسط مخاوف الرسوم وتعطّل الإمدادات بتشيلي

تقطيع لفائف نحاسية لبدء تصنيع الرصاص لدى شركة «بارنز بوليتس» في مونا بالولايات المتحدة (رويترز)
تقطيع لفائف نحاسية لبدء تصنيع الرصاص لدى شركة «بارنز بوليتس» في مونا بالولايات المتحدة (رويترز)

شهدت أسعار النحاس في الولايات المتحدة ارتفاعاً ملحوظاً، يوم الأربعاء، مع اقتراب الرئيس دونالد ترمب من فرض رسوم جمركية على الواردات، في حين أسهم انقطاع التيار الكهربائي في تشيلي، أكبر منتج للنحاس عالمياً، في دعم السوق الأوسع.

وصعدت العقود الآجلة للنحاس لشهر مايو (أيار)، الأكثر نشاطاً في بورصة كومكس الأميركية، بنسبة 3.1 في المائة إلى 4.67 دولار للرطل، بعد أن لامست أعلى مستوى لها في ثمانية أشهر ونصف الشهر يوم 13 فبراير (شباط). وتجاوز هذا الارتفاع نظيره في العقود الآجلة للنحاس لأجل ثلاثة أشهر في بورصة لندن للمعادن، التي صعدت بنسبة 1.1 في المائة إلى 9506 دولارات للطن المتري خلال التعاملات الرسمية، وفق «رويترز».

تداعيات الرسوم الجمركية المحتملة

وقال رئيس استراتيجية السلع الأساسية في «ساكسو بنك» في كوبنهاغن، أولي هانسن: «العلاوة على النحاس الأميركي مقارنةً بلندن تعكس الضغوط التي سيتحمّلها المستهلكون الأميركيون لهذا المعدن الحيوي إذا تمّ فرض الرسوم الجمركية».

وارتفعت علاوة النحاس في بورصة كومكس فوق بورصة لندن للمعادن إلى 801 دولار للطن، مقارنة بـ580 دولاراً في اليوم السابق، لكنها تراجعت عن ذروتها المسجلة عند 1153 دولاراً في 13 فبراير.

وفي خطوة جديدة نحو فرض الرسوم الجمركية، أمر ترمب، يوم الثلاثاء، بإجراء تحقيق حول تطبيق تعريفات على واردات النحاس، وهو معدن أساسي لصناعة السيارات الكهربائية والمعدات العسكرية وشبكات الطاقة، إلى جانب الكثير من السلع الاستهلاكية.

وأضاف هانسن: «لا تملك الولايات المتحدة القدرة على تعزيز إنتاجها المحلي أو تطوير إمكانات التكرير في المستقبل القريب، لذا يبدو هذا القرار وكأنه استهداف جديد. لا سيما أن غالبية واردات النحاس تأتي من دولة صديقة نسبيًا مثل تشيلي».

عوامل دعم السوق رغم وفرة المخزونات

وأشار هانسن إلى أن أساسيات سوق النحاس لا تزال ضعيفة نسبياً مع ارتفاع المخزونات، إلا أن انقطاع الكهرباء في تشيلي كان عاملاً داعماً للأسعار.

وأعطى المستثمرون إشعاراً بسحب كميات كبيرة من النحاس -بلغت 85 ألفاً و400 طن خلال الأسبوع الماضي- من مستودعات بورصة لندن للمعادن، ويُرجح بعض المحللين أن هذه الشحنات تتجه نحو الولايات المتحدة.

في المقابل، تضاعفت مخزونات النحاس في بورصة كومكس خلال الأشهر الخمسة الماضية، لتصل إلى 96 ألفاً و760 طناً.

وتسبّب انقطاع التيار الكهربائي الواسع في تشيلي في إغراق عاصمة البلاد، سانتياغو، في الظلام يوم الثلاثاء، ولكن شبكة الكهرباء ومناجم النحاس الرئيسية بدأت العودة تدريجياً للعمل، يوم الأربعاء.

وحول المعادن الأخرى، شهد الألمنيوم في بورصة لندن للمعادن زيادة بنسبة 0.4 في المائة، ليصل إلى 2650 دولاراً للطن، في حين أضاف الزنك 0.6 في المائة ليصل إلى 2828 دولاراً. كما ارتفع النيكل بنسبة 1.2 في المائة، ليصل إلى 15525 دولاراً، وزاد الرصاص 0.6 في المائة، ليصل إلى 2004 دولارات، في حين سجل القصدير ارتفاعاً بنسبة 0.5 في المائة ليبلغ 32925 دولاراً.