استخدام الصين عملتها على المستوى الدولي يقفز إلى مستويات قياسية

اليوان لا يزال يشكل 4.74 % فقط من المدفوعات العالمية

العملة الصينية من فئة المائة يوان (د.ب.أ)
العملة الصينية من فئة المائة يوان (د.ب.أ)
TT

استخدام الصين عملتها على المستوى الدولي يقفز إلى مستويات قياسية

العملة الصينية من فئة المائة يوان (د.ب.أ)
العملة الصينية من فئة المائة يوان (د.ب.أ)

بلغ استخدام الصين لليوان في المعاملات عبر الحدود مستويات قياسية مرتفعة هذا العام، حيث عزّزت العلاقات الوثيقة مع روسيا جهود بكين لتدويل عملتها وخفض الاعتماد على الدولار، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

في يوليو (تموز)، استخدمت 53 في المائة من المعاملات الواردة والصادرة للصين، العملة الصينية، وفقاً لبيانات من إدارة الدولة للنقد الأجنبي، ارتفاعاً من نحو 40 في المائة للشهر نفسه عام 2021.

وتُظهر بيانات «سايف» التحويلات عبر الحدود من قبل البنوك نيابة عن العملاء غير المصرفيين، وتمثل بشكل أساسي تسوية التجارة، على الرغم من أنها تلتقط أيضاً تدفقات الاستثمار ومدفوعات الديون.

تلقّى استخدام العملة الصينية عبر الحدود دفعةً بعد أن حدّت العقوبات الأميركية من قدرة روسيا على التعامل بالدولار بعد غزوها لأوكرانيا، وفق الصحيفة.

في فبراير (شباط) من هذا العام، قالت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، إن استخدام العملة الصينية للتسويات والمعاملات المالية والودائع «ارتفع».

وقالت ألكسندرا بروكوبينكو، زميلة الأبحاث في معهد «كارنيغي» في برلين: «لقد خلق وضع العقوبات حافزاً كبيراً للصين لتطوير نظامها (المالي)، وتطوير حلول لربط النظام الصيني بالنظام الروسي».

كما ساعد نمو التجارة باليوان خطوط مقايضة العملات التي فتحتها بكين أو جددتها طوال عام 2023 مع منتجي السلع الأساسية الذين تريدهم الصين. منذ عام 2022، تم أيضاً إنشاء بنوك مقاصة جديدة لليوان في لاوس وكازاخستان وباكستان والبرازيل وصربيا، وفقاً لبنك الشعب الصيني.

وفقاً لبعض المحللين، فإن أحد الأسباب التي جعلت الصين تحافظ على سعر صرفها مع الدولار مستقرّاً هذا العام، على الرغم من ضغوط البيع على اليوان، هو تشجيع الشركاء التجاريين على إجراء مزيد من المعاملات باليوان.

تعثرت جهود بكين السابقة لتدويل اليوان بعد أن قام «بنك الشعب» الصيني بخفض قيمة العملة في عام 2015 لمكافحة تباطؤ النمو الاقتصادي. لقد عزز ذلك القدرة التنافسية للصادرات الصينية، ولكنه أدى إلى انخفاض كبير في استخدام اليوان للتسوية، الذي استغرق سنوات لعكس اتجاهه.

وقال إدوين لاي، أستاذ في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا متخصص في تدويل اليوان، إنه من «الطبيعي» أن تقوم الاقتصادات الكبيرة مثل الصين بتسوية معظم تجارتها بعملتها الخاصة. أضاف لاي: «بالمعايير الدولية، إنه ليس إنجازاً كبيراً». وفي الوقت نفسه، أشار إلى أنهم «تحسنوا بشكل واضح». وقال إن بكين لا تتطلع إلى التنافس مع الدولار، لكنه قال إن المسؤولين الصينيين «لا يريدون أن يكونوا تحت رحمة» العملة.

على مستوى العالم، لا يزال اليوان في المرتبة الثانية بعد الدولار لتمويل التجارة. كما أنه يشكل 4.74 في المائة فقط من المدفوعات العالمية، خلف الدولار واليورو والجنيه الإسترليني، وفقاً لأحدث البيانات من شبكة المدفوعات الدولية «سويفت». ومع ذلك، فإن أنظمة الدفع البديلة مثل «CIPS» الصينية والشبكات الخاصة الأخرى تجعل الاعتماد على «سويفت» لإعطاء صورة كاملة للمعاملات النقدية العالمية أقل موثوقية، وفقاً للوسي إنغهام، رئيس تحرير «فوركس إنتليجنس»، وهي شركة استشارية تتبع المدفوعات الرقمية.

قد تكون الزيادات الإضافية في حصة اليوان في تمويل التجارة العالمية محدودة بسبب إحجام الغرب عن التجارة باستخدام العملة الصينية. وقال دانيال ماكدويل، أستاذ في جامعة سيراكيوز وزميل بارز في المجلس الأطلسي: «أعتقد بأنه من غير المرجح للغاية أن نرى تجارة الصين مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنتقل إلى العملة الصينية».

العقبات القائمة منذ فترة طويلة أمام الاستخدام الأوسع لليوان، خصوصاً ضوابط رأس المال الصينية وتأثيرات الشبكة القوية التي تدعم استخدام الدولار، تحد من تقدمه إلى ما هو أبعد من تسوية التجارة.

وقال وي خون تشونغ، كبير استراتيجيي الأسواق في بنك «بي إن واي ميلون» في هونغ كونغ، إن معظم تجار النقد الأجنبي ما زالوا يفضلون التداول عبر الدولار. أضاف: «من قاعدة عملائنا، شهدنا نشاطاً متزايداً في (الرنمينبي) كدفعة». لكنه قال إن استخدامه لم يصل إلى «نقطة تحول حرجة»، حيث سيحل محل عملة رئيسية.

وقال ماكدويل إن الصين «لا تسعى إلى الإطاحة بهيمنة الدولار العالمية. يأتي هذا مع كثير من المسؤولية وقبول نقاط ضعف معينة... إن دوافع الصين هنا تتعلق في المقام الأول بالاستقلالية والمرونة».


مقالات ذات صلة

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

تراجع الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى في أسبوع مقابل العملات الرئيسية، يوم الأربعاء، حيث يسعى لتمديد انخفاضه، لليوم الثالث على التوالي، بعد بلوغه ذروة أسبوعية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رزم من أوراق الدولار الأميركي في متجر لصرف العملات في سيوداد خواريز بالمكسيك (رويترز)

الدولار يسجل أكبر مكسب أسبوعي في أكثر من شهر

سجل الدولار أكبر مكسب أسبوعي له في أكثر من شهر يوم الجمعة بدعم من توقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد عملات بتكوين على أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار وبتكوين يفقدان قوتهما مع ترقب الأسواق بيانات التضخم الأميركية

ظل الدولار اليوم قريباً من أعلى مستوى في الأشهر الستة والنصف الماضية مقابل العملات الرئيسية بينما انخفضت عملة بتكوين المشفرة مجدداً عن مستوياتها القياسية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تُفحص وتُطوى وتُعبأ أوراق الدولار خلال عملية الإنتاج بمكتب النقش والطباعة في واشنطن (رويترز)

الدولار يحقق أعلى مستوى في 4 أشهر

ارتفع الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى له في 4 أشهر مقابل العملات الرئيسية يوم الثلاثاء، بينما واصلت عملة «بتكوين» تحقيق أرقام قياسية جديدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو - لندن)
الاقتصاد متداول في «بورصة نيويورك» للأوراق المالية (رويترز)

أسواق المال في حالة ترقب قبيل الانتخابات الأميركية

استقرت الأسهم يوم الثلاثاء، لكن التقلبات الضمنية زادت بأسواق العملات، في إشارة مبكرة إلى تحركات غير اعتيادية بالأسواق خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».