جراحة التجميل في السعودية تدخل حلبة الأنشطة المغرية أمام القطاع الخاص

إقبال كبير على إجراء العمليات في المملكة من الدول المجاورة

TT

جراحة التجميل في السعودية تدخل حلبة الأنشطة المغرية أمام القطاع الخاص

فتاة تعرض منتجاً تجميلياً لإحدى الشركات (تصوير: تركي العقيلي)
فتاة تعرض منتجاً تجميلياً لإحدى الشركات (تصوير: تركي العقيلي)

في عالم يسعى فيه الجميع إلى الكمال، أصبحت جراحات التجميل أكثر من مجرد خيار؛ إنها استثمار في الذات والثقة بالنفس، حيث أصبحت قوة اقتصادية عالمية جاذبة للقطاع الخاص الذي يضاعف أعماله في هذا المجال نظراً لحجم الإقبال الهائل، بعدما كانت في يوم ما حكراً على النجوم والمشاهير، إذ باتت تشكّل سوقاً مزدهرة تُنفق فيها مليارات الدولارات سنوياً.

ووفق إحصائيات لعام 2022 – 2023، احتلت السعودية المركز الثاني عربياً في عدد اختصاصيي التجميل بـ306، فيما جاءت الـ29 عالمياً.

وتجاوز قطاع الطب التجميلي في المملكة 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار)، مصحوباً بنمو سنوي يقارب 9 في المائة.

ومع التحولات الاجتماعية الواسعة وارتفاع مستوى جودة الحياة في السعودية، وزيادة الوعي العام، وازدهار أنماط المعيشة، يتسع الإقبال بشكل كبير على مختلف الخدمات الطبية التجميلية مما يعزز قوة القطاع وجاذبيته وحيويته.

جانب من ملتقى ومعرض الطب التجميلي وجراحة التجميل المُقام في الرياض (تصوير: تركي العقيلي)

هذا التحول في المفهوم دفع بصناعة الجمال إلى احتلال مكانة بارزة في الاقتصاد العالمي.

وتشمل الجراحة التجميلية كلاً من الإجراءات الترميمية والجمالية، وقد أصبحت ذات شعبية متزايدة محلياً وعالمياً.

واستضافت الرياض ملتقى ومعرض الطب التجميلي وجراحة التجميل، للعام السابع على التوالي، الثلاثاء الماضي، حيث يعكس هذا الحدث، الذي يستمر على مدار ثلاثة أيام، دور القطاع الصحي الخاص وأهميته في نهضة وتطوير خدمات القطاع، ويسهم في تحسين جودتها وكفاءتها، والارتقاء بها توازياً مع الأهداف الاستراتيجية لبرنامج تحول القطاع الصحي ضمن «رؤية 2030».

مدخل ملتقى ومعرض الطب التجميلي وجراحة التجميل (تصوير: تركي العقيلي)

ويهتم برنامج تحول القطاع الصحي في المملكة بالصحة العامة بمكوناتها كافة، ويعمل على تسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية ورفع جودتها، عبر تطوير وتحسين المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية والخدمات الإسعافية وتعزيز التحول الرقمي بالقطاع.

حوافز المستثمرين

وعلى هامش افتتاح المعرض، ذكر سفير باكستان لدى السعودية أحمد فاروق، لـ«الشرق الأوسط»، أن بلاده تعد واحدة من كبرى الدول المصنِّعة لمستحضرات التجميل والمعدات الطبية، لذا فإنها تصدّر إلى عديد من البلدان حول العالم.

وأوضح أن السعودية جعلت الاستثمار الأجنبي جزءاً مهماً من «رؤية 2030»، من خلال منح الحوافز للمستثمرين الأجانب لتصنيع منتجاتهم محلياً، «لذا فهناك احتمال أن يأتي الاستثمار الباكستاني إلى المملكة في هذا المجال».

معدات طبية متنوعة تُستخدم في جراحة التجميل (تصوير: تركي العقيلي)

من ناحيته، أشار المستثمر واستشاري التجميل وزراعة الأسنان، البروفسور فواز القحطاني, لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المجال يعد من القطاعات التي تنمو بشكل كبير، خصوصاً في السعودية، بوجود الكوادر والكفاءات الوطنية الذين تلقوا تدريباً كبيراً سواء داخلياً أو خارجياً، حيث أصبح كثير من المراجعين يأتون من الدول المجاورة والأجنبية للبحث عن هذه الأيادي المتمكنة بتخصصاتها، معتبراً أن البلاد تعد الأولى في الشرق الأوسط في مجال جراحة التجميل والجلدية والأسنان.

وبيّن أن المملكة تشهد تقدماً ملحوظاً في المجال، عبر الحكومة الإلكترونية التي أصبحت تسهّل للمستثمرين إجراء التراخيص وغيرها.

كما أصبح الدخول في هذا النشاط الاستثماري واعداً، بوجود تسهيلات كبيرة للمستثمرين تمكّنهم في المجال، حسب القحطاني.

السيولة المرتفعة

بدوره، قال مدير عام مستشفى «الصفوة» من «ماجستي»، محمد الأحمري لـ«الشرق الأوسط»، إن مجال التجميل يعد خاصاً مقارنةً بجميع القطاعات الطبية، ويحتوي على سيولة مرتفعة مقابل الخدمات التي تدفع عن طريق الـ«كاش»، مما يجذب رجال الأعمال للدخول فيه.

وأضاف الأحمري أن العملاء أصبح لديهم احتياج دائم لعمليات التجميل أيضاً، بعضها دخل ضمن تغطية التأمين الصحي مثل التكميم وعمليات إنقاص الوزن، حيث يحتاج الفرد بعدها بفترة إلى التخلص من الجلد الزائد الناتج عن العملية.

وأكمل أن النمو في قطاع التجميل تصاعدي يرافقه استمرار الاحتياج، لافتاً إلى تغير المجتمع بزيادة اهتمامه في هذا المجال، إذ تحولت عمليات التجميل من كونها تكميلية إلى أساسية وخاصة عند الفتيات.

وأكد أن الشروط للدخول في المجال التجميلي ليست تعجيزية، إذ توجد جهات منظمة وتراخيص، وهذا ما يسهِّل استثمار رجال الأعمال في المجال حال تحقيق المتطلبات.

وأبان أن الاستثمار في التجميل يعتمد بشكل كبير على الكفاءات المتمكنة والمتخصصة وجودة الخدمة المقدمة.

من جانبه، أفاد الرئيس التنفيذي لـ«عيادات ألور»، استشاري الأمراض الجلدية وجراحة الجلد والتجميل الطبي، الدكتور علي المجحد، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الحكومة تقوم بدور كبير في هذا القطاع من خلال تقديم المساعدات المادية وتجهيز الكوادر الوطنية.

وتوقّع المجحد أن تشكل المملكة خلال فترة بسيطة أكبر مكان للسياحة التجميلية في المنطقة، مبيّناً أن نحو 5 إلى 10 في المائة من مراجعي عيادته يأتون من الدول المجاورة.

وأشار إلى أهمية توطين الصناعة الطبية بدلاً من استخدام المواد المستوردة من الخارج، وتصنيع التقنيات التجميلية من أجهزة الليزر وغيرها.


مقالات ذات صلة

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس) play-circle 00:51

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس، وستلعب دوراً مضاعفاً، كما يقول وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف. ويضيف أن هيئة المساحة الجيولوجية سيكون لها دور محوري خلال الـ25 عاماً المقبلة في تمكين قطاع التعدين، مشدداً على أن هناك عزماً على استمرار مشروعات المسح الجيولوجي والاستكشاف وتوفير البيانات للمستثمرين، خصوصاً أن الهيئة أطلقت جملةً من المبادرات تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.

كلام الخريف جاء خلال حفل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها، والذي انطلق تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وافتتحه الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير مكة المكرمة خلال تكريم الشخصيات المشاركة ويبدو وزير الصناعة ورئيس هيئة المساحة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وفي ظل هذه النتائج والأرقام ونتائج المسح، سجَّلت السعودية تدفقاً كبيراً للاستثمار في قطاع التعدين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» الوزير الخريف، قائلاً: «يوجد الآن كمٌّ كبيرٌ من طلبات الاستثمار في قطاع التعدين، وهناك عمل مع الجهات الحكومية الأخرى؛ لضمان التنسيق لتخصيص المواقع للمستثمرين»، موضحاً أنه في كل يوم يجري التوقيع لمواقع جديدة سواء لمستثمرين حاليين فيما يتعلق بالتوسع، أو مستثمرين جدد.

وأشار الوزير إلى أن «النتائج التي نحصل عليها من المسح الجيولوجي والبيانات والمنصة، جعلت السعودية من أهم الدول التي يُنظر لها من شركات الاستثمار في قطاع التعدين للتوسع؛ لضمان مستقبلها في إمدادات التعدين»، مؤكداً: «إننا نعمل على التدقيق في المعلومات التي تصلنا، ونأخذ عينات إضافية، ونركز على مناطق محددة توجد فيها ثروات أكثر، وهذا يرفع مستوى مصداقية السعودية من حيث البيانات».

ونُفذت مشروعات عملاقة للمسح الجيولوجي غطت أكثر من 85 في المائة من أراضي المملكة ما بين أعمال مسح جيوفيزيائي وجيوكيميائي باستخدام تقنيات حديثة. كما أن هناك البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ومبادرة بناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وفقاً للخريف، الذي قال إن المبادرات أسهمت في ارتفاع قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016، إلى 9.4 تريليون ريال مع بداية العام الحالي، 2024.

وزير الصناعة خلال إلقاء كلمته في حفل الهيئة الاثنين (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وخلال الحفل، دشّن نائب أمير منطقة مكة، شعار هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الجديد، الذي يعكس الهوية الجيولوجية للهيئة، ويفصح عن جهودها المستمرة في مسح مناطق المملكة وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي، كما كرّم أعضاء اللجنة المؤسسة للهيئة، ورعاة الحفل.

وقال الخريف، إن هيئة المساحة الجيولوجية أنجزت أكثر من 500 مشروع متخصص في مجالات علوم الأرض، تتضمّن الخرائط الجيولوجية بمقاييس الرسم المختلفة، والاستكشاف المعدني، والمسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي والبحري، وأعمال مراقبة ورصد المخاطر الجيولوجية، والحد من آثارها، والدراسات والأبحاث التعدينية، كما اهتمت الهيئة منذ نشأتها بتنمية مواردها البشري؛ إيماناً منها بأنهم أساس نجاحها، فبفضل جهودهم وتفانيهم، إلى جانب خبراتهم العلمية والعملية، حققت الهيئة إنجازات نوعية حظيت بإشادة الجميع.

شهد حفل هيئة المساحة تكريماً من نائب أمير مكة المكرمة للرواد في الهيئة وعدد من الشخصيات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أن المملكة شهدت جهوداً وطنية حثيثة في مجال البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، وقد تكللت باكتشافات مهمة خلال الرُبع قرن الماضي، كان لها أثر كبير على مختلف الأصعدة، موضحاً أنه على صعيد قطاع التعدين، أسهمت هذه الاكتشافات في دعم الاستثمار وتطوير قطاع الثروة المعدنية، لا سيما مع اكتشاف عدد من المعادن الأساسية مثل الفوسفات والبوتاسيوم والذهب والفضة، بالإضافة إلى ركائز معدنية للمعادن الاستراتيجية، التي تكمن أهميتها في نمو القطاع وظهور شركات وطنية كبيرة مثل شركة «معادن».

وأضاف: «لم تقتصر إنجازات الهيئة على الاكتشافات المعدنية فحسب، بل امتدت لتشمل مجال المخاطر الجيولوجية، حيث أسهمت في توسيع شبكة الرصد الزلزالي لتعزيز قدرة المملكة في مراقبة النشاط الزلزالي، وإنشاء قاعدة بيانات (رواسي)، التي تضم آلاف التقارير والدراسات المتخصصة في المخاطر الجيولوجية، كما تشرفت الهيئة بالإشراف على استمرارية وديمومة مياه زمزم المباركة، وتعقيمها، والمحافظة على استدامتها، وأولت اهتماماً كبيراً بدرء مخاطر السيول، وإجراء كثير من الدراسات لتحديد المناطق المُعرَّضة للخطر، ودعم صنع القرار الحكومي بشأن إقامة المشروعات التنموية العملاقة».