من الانتعاش إلى النمو المحدود... الاقتصاد الإسرائيلي يتخبط بعد 320 يوماً من الحرب

«العقد الضائع» يعود للواجهة... ومخاوف من ركود طويل الأمد

دبابة تناور على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
دبابة تناور على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
TT

من الانتعاش إلى النمو المحدود... الاقتصاد الإسرائيلي يتخبط بعد 320 يوماً من الحرب

دبابة تناور على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
دبابة تناور على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

بعد 320 يوماً من الصراع بين إسرائيل و«حماس»، لا يزال الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من التأثيرات الشديدة للحرب، التي تزداد سوءاً شهراً بعد شهر. ومع استمرار العمليات العسكرية واستنزاف الموارد بشتى أنواعها، تقف إسرائيل عند مفترق طرق اقتصادي حرج، تتجلى آثاره بوضوح في الانخفاض الحاد في النمو، وارتفاع معدلات التضخم، وتفاقم العجز المالي، وخفض التصنيف الائتماني. كما تشير التوقعات إلى أن العجز المالي في موازنة 2024 سيتجاوز التقديرات السابقة بكثير بسبب الإنفاق الدفاعي. وفي هذا السياق، تتزايد المخاوف من استمرار الحرب، وسط التوترات الجيوسياسية والضغوط على الحكومة الإسرائيلية للتعامل مع التداعيات المالية والعسكرية طويلة الأمد.

تباطؤ النمو الاقتصادي

وفقاً للبيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية، سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً سنوياً قدره 1.2 في المائة خلال الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، إلا أنه انخفض بنسبة 1.4 في المائة مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي. وهذه النتائج جاءت أقل من توقعات خبراء الاقتصاد التي تراوحت بين 2.3 في المائة و5 في المائة. وعلى أساس نصيب الفرد، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4 في المائة في الربع.

وجاءت هذه الأرقام بعد فترة انتعاش شهدها الاقتصاد في بداية العام، حيث سجل نمواً سنوياً قدره 17.3 في المائة خلال الربع الأول من 2024، عقب انكماش حاد بنسبة 20.6 في المائة في الربع الأخير من 2023، عندما تسبب اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) في تقليص الإنفاق الاستهلاكي والتجارة والاستثمار بشكل ملحوظ.

وفي يوليو (تموز)، خفّض بنك إسرائيل توقعاته لنمو الاقتصاد، مشيراً إلى زيادة خطر التصعيد مع «حزب الله» على الحدود الشمالية، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.5 في المائة في عام 2024، و4.2 في المائة في عام 2025. وهذا أقل من توقعات النمو السابقة في أبريل التي بلغت 2 في المائة في عام 2024 و5 في المائة في عام 2025، في حين تتوقع وزارة المالية الإسرائيلية نمواً بنسبة 1.9 في المائة لهذا العام.

منظر عام لمدينة حيفا الساحلية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

تراجع الإنتاج وزيادة الاستهلاك

خلال الربع الثاني، انخفض إنتاج الأعمال بنسبة 1.9 في المائة، في حين تراجعت صادرات السلع والخدمات بنسبة 8.3 في المائة. ورغم زيادة طفيفة بنسبة 1.1 في المائة في الاستثمار في الأصول الثابتة، وصف الخبراء الاقتصاديون نمو الناتج المحلي الإجمالي في هذا الربع بأنه مخيب للآمال؛ نظراً لانكماش الصادرات وضعف الاستثمارات. إضافة إلى ذلك، لا تزال استثمارات البناء منخفضة بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي بسبب نقص العمال الفلسطينيين، كما أن إغلاق الشركات الزراعية والتجارية في الشمال والجنوب أضر بالنمو الاقتصادي بشكل مباشر. في المقابل، ارتفع الاستهلاك الحكومي بنسبة سنوية بلغت 8.2 في المائة مقارنة بـ2.6 في المائة في الربع السابق، مما زاد من المخاوف بشأن اعتماد النمو الاقتصادي بشكل مفرط على الإنفاق العام المرتفع المرتبط باحتياجات الحرب. كما ارتفع الاستهلاك الخاص بنسبة 12 في المائة، متجاوزاً مستويات ما قبل الحرب.

خفض التصنيف الائتماني

تأتي بيانات النمو الضعيفة بعد خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل من «إي بلس» إلى «إيه» من قبل وكالة «فيتش»، التي تتوقع استمرار الحرب حتى عام 2025. وحذرت الوكالة من أن التصعيد إلى جبهات متعددة قد يؤدي إلى إنفاق عسكري إضافي كبير، وتدمير البنية التحتية، وإلحاق المزيد من الضرر بالنشاط الاقتصادي والاستثمار. وأبقت على نظرتها المستقبلية «سلبية»، وهو ما يعني إمكانية خفض التصنيف مرة أخرى. وكانت «فيتش» ثالث وكالة ائتمان عالمية تخفض تصنيف إسرائيل هذا العام، بعد «ستاندرد آند بورز» و«موديز» بسبب ارتفاع المخاطر الجيوسياسية.

عجز مالي متزايد

في يوليو، اتسع العجز المالي إلى 8.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى الأشهر الاثني عشر السابقة، مقارنة بـ7.6 في المائة في يونيو، حيث تجاوز الإنفاق الحكومي في الشهر الماضي البالغ 49.4 مليار شيقل (13 مليار دولار) إيرادات الدولة البالغة 40.9 مليار شيقل. وكان هذا الشهر هو الرابع الذي يتجاوز فيه العجز سقف الهدف الحكومي البالغ 6.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المحدد لنهاية عام 2024، مع الإشارة إلى أن إسرائيل سجلت عجزاً في الموازنة بنسبة 4.2 في المائة في عام 2023.

وأشارت وزارة المالية حينها في تقريرها الشهري إلى أن «الزيادة تعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع الإنفاق على الدفاع والأمن، وكذلك من قبل الوزارات المدنية بسبب الحرب، بالإضافة إلى المدفوعات الصارمة الناتجة عن الاتفاقيات».

فلسطينيون يعودون إلى الجهة الشرقية لمدينة خان يونس بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة (رويترز)

ثلاثية تضغط على الاقتصاد

ارتفع معدل التضخم السنوي في يوليو إلى 3.2 في المائة من 2.9 في المائة في الشهر السابق، مسجلاً أعلى قراءة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وكان هذا الارتفاع مدفوعاً بزيادة ضغوط الأسعار على الغذاء والإسكان والتعليم والثقافة والترفيه. في الوقت نفسه، ارتفع التضخم الأساسي إلى 2.9 في المائة في يوليو من 2.7 في المائة في يونيو، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في ظل التحديات المستمرة.

كما شهدت إسرائيل ارتفاعاً ملحوظاً في معدلي الفقر والبطالة. فقد ارتفع معدل الفقر بنسبة 2.6 نقطة مئوية، ليصل إلى 25.3 في المائة في منتصف عام 2024، في حين ارتفع معدل البطالة بنسبة 1.7 نقطة مئوية، ليصل إلى 6.2 في المائة في يوليو 2024، مما يعني فقدان مئات الآلاف من فرص العمل.

قرارات السياسة النقدية

رغم تباطؤ النمو الاقتصادي، من غير المرجح أن يخفض بنك إسرائيل تكاليف الاقتراض في قراره القادم بشأن أسعار الفائدة، وذلك بسبب ارتفاع التضخم بشكل مستمر (3.2 في المائة)، وهو خارج نطاق الهدف المحدد من المصرف المركزي بين 1 في المائة و3 في المائة. ويرى خبراء الاقتصاد أن الأرقام الضعيفة للنمو تعود إلى مشكلات في العرض وليس في الطلب، مما يعني أن تخفيضات أسعار الفائدة قد لا تكون فعالة في تعزيز النمو. ويأتي هذا التوجه في ظل مؤشرات تسارع التضخم في مؤشر يوليو وارتفاع المخاطر الجيوسياسية، التي تزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي.

تراجع قياسي في السياحة

شهد قطاع السياحة تراجعاً حاداً في الفترة الأخيرة، حيث انخفض عدد السياح بشكل ملحوظ من نحو 300 ألف في سبتمبر (أيلول) إلى 89 ألفاً في أكتوبر، ثم إلى 38 ألفاً فقط في نوفمبر. وانسحب هذا الانخفاض الكبير على إيرادات القطاع، إذ تراجعت من 1.4 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2023 إلى 464 مليون دولار في الربع الأخير.

واستمر النزيف خلال النصف الأول من العام، حيث تراجع عدد الزوار بشكل حاد إلى 500 ألف زائر فقط، مقارنة بـ2.1 مليون زائر في الفترة نفسها من العام الماضي. وشهد القطاع تحولاً جذرياً بعد السابع من أكتوبر، إذ انقلبت موازين السياحة بشكل كامل، فبينما كانت الغالبية العظمى من السياح تأتي من خارج إسرائيل، أصبح الإسرائيليون يشكلون الآن نحو 30 في المائة من إجمالي عدد النزلاء في الفنادق، في حين انخفضت نسبة السياح الأجانب إلى 70 في المائة.

يتجول الناس في البلدة القديمة بالقدس عبر باب الخليل حيث يتسبب الصراع في إحداث دمار بقطاع السياحة (رويترز)

التوقعات المستقبلية

تتوقع وكالة «فيتش» أن تزيد الحكومة الإسرائيلية الإنفاق العسكري بشكل دائم بنحو 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، مما يزيد من الضغوط على الموازنة ومستويات الديون. وقالت الوكالة إن المالية العامة تضررت، وتوقعت عجزاً في الميزانية بنسبة 7.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 لتمويل الإنفاق على الأمن والدفاع. ومن المتوقع أن تؤثر هذه النفقات سلباً على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل، التي من المتوقع أن ترتفع إلى 75 في المائة، مما قد يؤثر سلباً على التصنيف الائتماني لإسرائيل.

ونظراً للعواقب الجيوسياسية والمحلية لحالة الحرب المستمرة، فمن المتوقع أن يستمر تآكل مكانة إسرائيل الدولية، مع تزايد المخاوف بشأن الاستثمار فيها، وخاصة في قطاع التكنولوجيا.

وفيما يتصل بالعواقب الاقتصادية الطويلة الأجل للحرب في الشمال مع لبنان، فإن أي زيادة في علاوة المخاطر سوف تؤدي إلى زيادة كبيرة في مدفوعات الفائدة على الدين العام الإسرائيلي، الذي من المرجح أن يظل في مستوى يتراوح بين 1.3 في المائة و1.5 في المائة، مقارنة بمستوى ما قبل الحرب وهو 0.8 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، فإن خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الموصى به وهو 60 في المائة سوف يكون مهمة صعبة قد تستغرق أكثر من عقد من الزمان. وكانت آخر مرة تجاوزت فيها نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل 80 في المائة خلال الانتفاضة الثانية، عندما وصلت إلى 93 في المائة في عام 2003. ورغم عدة سنوات من النمو السريع، كان انخفاض هذه النسبة بطيئاً، ولم تصل إلى 60 في المائة حتى عام 2017.

وبحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإن انخفاض معدلات النمو في ثلاثة سيناريوهات (استمرار الوضع الحالي، والتصعيد في الشمال، والتوصل إلى اتفاق على أساس الصفقة المقترحة لإطلاق سراح الرهائن، ووقف القتال في غزة وانسحاب قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من القطاع) إلى جانب زيادة في الإنفاق الأمني، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم خطر الركود الاقتصادي، مما قد يتسبب في مشاكل اقتصادية تذكر بفترة «العقد الضائع» التي أعقبت حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر 1973 عندما استنفدت الموازنة وانخفض معدل النمو في الاقتصاد إلى النصف أو أكثر). وقد تتطلب هذه الظروف تخفيضات إضافية في موازنات الوزارات الحكومية المختلفة، مما سيؤدي إلى خفض التمويل المخصص للتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية، وهي قطاعات تهدف إلى تعزيز الإنتاجية الاقتصادية في إسرائيل.


مقالات ذات صلة

الذهب يرتفع على وقع تفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا

الاقتصاد عملة ذهبية نادرة بقيمة 20 دولاراً تحمل صورة نسر مزدوج من عام 1870 بِيعت بمليون و440 ألف دولار في مزاد علني (أ.ب)

الذهب يرتفع على وقع تفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا

ارتفعت أسعار الذهب، للجلسة الثالثة على التوالي، إلى أعلى مستوى في أسبوع، يوم الأربعاء، مدفوعةً بتراجع الدولار وتفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الطيور تحلِّق بالقرب من مصفاة «فيليبس 66» في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

النفط يستقر وسط مؤشرات على نمو واردات الصين من الخام

استقرت أسعار النفط للجلسة الثانية على التوالي يوم الأربعاء، مع ازدياد المخاوف من أن يؤدي تصاعد الأعمال العدائية في حرب أوكرانيا إلى عرقلة إمدادات النفط.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
أوروبا رجل مع نسخة 2024 من كتيب «في حالة الأزمات أو الحرب» في استوكهولم

السويد وفنلندا تحثّان سكانهما على الاستعداد لاحتمالات الحرب

بدأت السويد، الاثنين، في إرسال نحو خمسة ملايين كتيب إلى مواطنيها، تحثّهم فيها على الاستعداد لاحتمال وقوع حرب.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع «نوفوسيبيرسك» لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

الذهب يبلغ أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوع بدعم من تراجع الدولار، بينما تنتظر السوق تعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رافعات مضخات النفط في منجم فاكا مويرتا للنفط والغاز الصخري بمقاطعة نيوكوين في باتاغونيا بالأرجنتين (رويترز)

ارتفاع طفيف للنفط مع استمرار الحذر بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء، مواصِلةً مكاسب اليوم السابق الناتجة عن توقف الإنتاج في حقل يوهان سفيردروب النفطي بالنرويج.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

السعودية… حوكمة عمليات الشراء الحكومية ورفع كفاءة أداء المحتوى المحلي

وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بندر الخريف (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بندر الخريف (واس)
TT

السعودية… حوكمة عمليات الشراء الحكومية ورفع كفاءة أداء المحتوى المحلي

وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بندر الخريف (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بندر الخريف (واس)

ركزت السعودية على تحفيز الفئات المستهدفة في تبني المحتوى المحلي وإعطائه الأولوية، إلى جانب تحسين حوكمة عمليات الشراء الحكومية، ورفع كفاءة الأداء في هذا المجال، لبناء نموذج مؤسسي يصبح جزءاً رئيسياً في الاستراتيجيات الوطنية وآليات العمل الحكومية.

وكشف عدد من الوزراء السعوديين في جلسة حوارية على هامش النسخة الثانية من منتدى المحتوى المحلي 2024، تحت عنوان «التوجهات المستقبلية في ظل رؤية 2030»، عن حجم المشاريع العملاقة المستهدفة في عمليات التوطين خلال المرحلة القادمة دعماً للمحتوى المحلي، كونه أحد الركائز الأساسية لتحقيق مستهدفات الدولة.

وفي كلمته الافتتاحية، قال وزير الصناعة والثروة المعدنية، رئيس مجلس إدارة هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، بندر الخريف، إن المحتوى المحلي يمثل أجندة وطنية وملفاً حيوياً مهماً يسعى الجميع إلى تطويره وتعزيزه، وأصبح جزءاً رئيسياً في الاستراتيجيات الوطنية وآليات العمل الحكومية.

رفع نسبة الالتزام

وأشار إلى أن هذه النجاحات والأعمال التي حققتها الهيئة إيمان من الجميع -ومنذ تأسيسها- بأهمية أجندة المحتوى المحلي وتعظيم أثره، حيث ركزت على تحفيز الفئات المستهدفة في تبني المحتوى المحلي وإعطائه الأولوية، إلى جانب تحسين حوكمة عمليات الشراء الحكومية، ورفع كفاءة الأداء في هذا المجال، وقد تُوجت هذه الجهود بزيادة نسبة المحتوى المحلي في المشتريات الحكومية، من 33 في المائة عام 2020 لتتجاوز 47 في المائة خلال الربع الثالث من 2024.

وبلغت قيمة المنافسات التي تنطبق عليها آليات المحتوى المحلي منذ بدء تفعيله في 2020 وحتى نهاية الربع الثالث من هذا العام قرابة 800 مليار ريال (213 مليار دولار)، وهو ما يعكس قوة واستدامة هذا النهج، كما أسست الهيئة وفعّلت أكثر من 380 فريقاً للمحتوى المحلي في مختلف الجهات لحوكمة أعمال هذا القطاع، ورفع نسبة الالتزام بتطبيق سياساته، وفق الخريف.

وتطرق وزير الصناعة والثروة المعدنية، إلى أن الهيئة عملت على تمكين المصانع الوطنية عبر إضافة 1100 منتج جديد إلى القائمة الإلزامية حتى الآن، ما أسهم في توجيه الإنفاق الوطني نحو المنتجات المحلية بقيمة بلغت قرابة الـ87 مليار ريال (23.2 مليار دولار) من بداية 2022 حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي.

وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بندر الخريف (واس)

القائمة الإلزامية

وبيَّن أنه أدت هذه الجهود إلى ارتفاع عدد مصانع منتجات القائمة الإلزامية بمقدار 1437 مصنعاً ليصل إلى قرابة 6100 مصنع محلي، بمعدل نمو 8 في المائة، مقارنة بمعدل نمو جميع مصانع المملكة البالغ 5 في المائة.

وانعكس هذا النمو على توليد أكثر من 42 ألف فرصة وظيفية جديدة خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يدعم استراتيجيات المملكة في تمكين الكفاءات الوطنية، وخلق فرص عمل مستدامة.

وبحسب الخريف، وقعت الهيئة 50 اتفاقية لتوطين الصناعة ونقل المعرفة في قطاعات حيوية، شملت النقل، والخدمات اللوجيستية، والمستلزمات الطبية، والمستحضرات الدوائية، والمياه، ويتجاوز أثر هذه الاتفاقيات على الناتج المحلي 47 ملياراً (12.5 مليار دولار)، ولكن أثر المحتوى المحلي يتجاوز النتائج الاقتصادية إلى تعزيز القدرات المحلية، وضمان الأمن الوطني في مواجهة أي تحديات عالمية، وزيادة متانة سلاسل الإمداد والتوريد والمحافظة عليها من التأثر بأي أحداث خارجية، بالإضافة إلى أهميته في جذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، وملاك التقنيات للدخول إلى السوق السعودية والاستفادة من الفرص التي يقدمها المحتوى المحلي.

مبادرة «جسري»

وانعقدت على هامش المنتدى جلسة حوارية تضمنت عدداً من الوزراء للحديث عن آخر المشاريع المستهدفة للتوطين، كشف خلالها وزير الاستثمار، خالد الفالح، عن وجود نحو 95 صفقة تتجاوز قيمتها 100 مليار ريال (26.6 مليار دولار) تحت المفاوضات حالياً، ضمن المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية «جسري»، وإطلاق مناطق اقتصادية خاصة تكون حاضنة لاستثمارات نوعية في شرق ⁧‫السعودية‬⁩ وغربها وبدأت تحقق إنجازات.

‏الفالح تحدث عن وجود عدد كبير من الصفقات تفوق قيمتها 300 مليار ريال (80 مليار دولار) في صورة استثمارات نوعية ستسهم في استبدال الواردات وتحفيز الصادرات.

جانب من الجلسة الوزارية خلال النسخة الثانية من «منتدى المحتوى المحلي 2024» (الشرق الأوسط)

المشاريع السياحية

بدوره، أفصح وزير السياحة، أحمد الخطيب، عن قيمة الاستثمارات التي تعتزم ⁧‫السعودية‬⁩ ضخها في القطاع خلال الـ15 سنة المقبلة بقيمة تفوق 500 مليار دولار.

وأبان الخطيب أن صندوق التنمية السياحي السعودي موّل أكثر من 1000 مشروع خلال العامين الماضيين، ومستمر بالتوسع في تمويل المشاريع، مضيفاً أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تستخدم المواد المحلية.

وأكمل الوزير أن المملكة تنفق 100 مليون دولار سنوياً لتدريب 100 ألف مواطن سعودي وسعودية، وذلك لرفع نسبة التوطين في القطاع السياحي بالمملكة، مضيفاً أن بلاده تهدف إلى رفع مساهمة القطاع السياحي في الاقتصاد من 3 في المائة في عام 2019 إلى 10 في المائة وهذا الرقم هو المتوسط العالمي.

تنافسية القطاع الخاص

من ناحيته، ذكر وزير الاقتصاد والتخطيط، فيصل الإبراهيم، أن الهدف الأساسي من «رؤية 2030» هو التنويع الاقتصادي من خلال إيجاد بيئة داعمة في خلق منتجات وخدمات تنافس في الأسواق الخارجية.

ولفت الإبراهيم إلى أهمية دعم المحتوى المحلي دون التأثير على تنافسية القطاع الخاص، كاشفاً في الوقت ذاته، عن العمل الحالي مع دول الخليج لزيادة عدد اتفاقيات التجارة الحرة بهدف الدخول إلى الأسواق.

وأضاف وزير الاقتصاد والتخطيط أن زيادة المحتوى المحلي تساعد على تحسين النمو الاقتصادي، موضحاً أن إحلال الواردات فرصة لدعم المنتج المحلي وموازنة التجارة.