أسواق اليابان تتعافى في «ذكرى هيروشيما» من جراح «الاثنين الدامي»

«نيكي» يحقق أكبر مكاسبه اليومية على الإطلاق بعد خسائر فادحة

رجل يمر أمام شاشة في العاصمة اليابانية طوكيو تعرض تحقيق مؤشر «نيكي» مكاسب يومية غير مسبوقة يوم الثلاثاء (أ.ب)
رجل يمر أمام شاشة في العاصمة اليابانية طوكيو تعرض تحقيق مؤشر «نيكي» مكاسب يومية غير مسبوقة يوم الثلاثاء (أ.ب)
TT

أسواق اليابان تتعافى في «ذكرى هيروشيما» من جراح «الاثنين الدامي»

رجل يمر أمام شاشة في العاصمة اليابانية طوكيو تعرض تحقيق مؤشر «نيكي» مكاسب يومية غير مسبوقة يوم الثلاثاء (أ.ب)
رجل يمر أمام شاشة في العاصمة اليابانية طوكيو تعرض تحقيق مؤشر «نيكي» مكاسب يومية غير مسبوقة يوم الثلاثاء (أ.ب)

سعت الحكومة اليابانية والبنك المركزي لإظهار الوحدة، حيث عملا على استعادة الهدوء بعد تسجيل أكبر هبوط للأسهم منذ أكثر من ثلاثة عقود يوم الاثنين، والذي ذكّر العالم بذكرى يوم «الاثنين الأسود» عام 1987، مما أثار انتقادات لسياسة التشديد النقدي، وألقى بظلاله على جهود دفع الأسر لاستثمار أصولها.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن رئيس الوزراء فوميو كيشيدا القول للصحافيين يوم الثلاثاء خلال زيارة لهيروشيما لإحياء ذكرى إلقاء القنبلة النووية على المدينة: «من المهم إصدار أحكام هادئة في وضع مثل هذا... أريد أن أستمر في متابعة الموقف عن قرب والتعاون بصورة وثيقة مع بنك اليابان».

وتعافت الأسهم اليابانية بقوة يوم الثلاثاء عقب موجة بيع حادة في الجلسة السابقة وتكبد خسائر كبيرة، بعدما هدأت تصريحات من مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) وبيانات أخرى، مخاوف المستثمرين بشأن تقييمات الأسهم، وركود محتمل في الولايات المتحدة.

وارتفع مؤشر «نيكي» بعد أكبر هبوط يومي للسوق منذ انهيار الاثنين الأسود عام 1987، في الوقت الذي تخلى فيه الين عن مكاسبه، مما يشير أيضاً إلى بدء انحسار خسائر تكبدتها التداولات العالمية الممولة بالين.

وأغلق «نيكي» مرتفعاً 10.2 في المائة إلى 34675.46 نقطة في يوم تداول مضطرب، بعد أن هبط 12.4 في المائة يوم الاثنين مما أصاب المستثمرين بالتوتر. وأنهى المؤشر تعاملات الثلاثاء على ارتفاع 3217.04 نقطة محققاً أكبر مكاسب يومية له على الإطلاق، وأكبر ارتفاع يومي بالنسبة المئوية منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2008. وقفز مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 9.3 في المائة إلى 2434.21 نقطة.

وتلقى المستثمرون صدمة من الهبوط الحاد الذي شهدته أسواق الأسهم العالمية الأسبوع الماضي ومخاطر الركود المحتمل في الولايات المتحدة والمخاوف من تصفية الاستثمارات الممولة بالين مما أثار موجة بيع للأسهم اليابانية يوم الاثنين.

وقال المتعاملون إنهم يعيدون النظر على ما يبدو في حدة رد فعلهم الأول وأعادوا شراء الأسهم عند انخفاضها.

وقال راي شارما - أونغ، رئيس إدارة حلول الاستثمار في الأصول المتعددة لمنطقة جنوب شرقي آسيا لدى «أبردين»: «بشكل أساسي، لم يتغير شيء مهم بالنسبة للاقتصاد الياباني. لكن خسائر التداولات العالمية هي التي أعطت الزخم لعمليات البيع».

وساعد ارتفاع «نيكي» في صعود أسواق الأسهم الآسيوية الأخرى. وزادت عوائد الملاذ الآمن في الولايات المتحدة عن مستويات منخفضة مما يشير إلى أن حالة الذعر بدأت تتراجع... لكن حالة الضبابية لا تزال قائمة، وأشار محللون إلى إمكانية حدوث تحركات أكثر تقلباً في السوق في الأمد القريب.

وتكبد «نيكي» خسارة قدرها 113 تريليون ين (792 مليار دولار) في الفترة من 11 يوليو (تموز) وحتى الإغلاق يوم الاثنين عند 31458.42 نقطة.

ويوم الثلاثاء، ارتفع سهم «طوكيو إلكترون» لمعدات تصنيع الرقائق بأكثر 16 في المائة، وصعد سهم «أدفانتست» لصناعة معدات اختبار الرقائق 15.5 في المائة ليمنحا مؤشر «نيكي» دفعة كبيرة.

وقفز سهم «سوفت بنك غروب»، التي تستثمر في شركات ناشئة تركز على الذكاء الاصطناعي 12.1 في المائة. وزاد سهم «فاست ريتيلينغ» المالكة للعلامة التجارية «يونيكلو» 7.8 في المائة.

وبالتزامن مع تحسن سوق الأسهم، شهدت مزايدة بيع كمية من سندات الخزانة اليابانية أجل 10 سنوات يوم الثلاثاء أقل معدل طلب منذ 2003 وفق أحد المقاييس، وهو ما يعد إشارة إضافية إلى الفوضى التي ضربت أسواق المال في اليابان بعد قرار البنك المركزي الياباني زيادة سعر الفائدة في الشهر الماضي.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن مقياس الفارق بين متوسط سعر البيع وأقل سعر للبيع قبلت به وزارة المالية اليابانية في مزايدتها لبيع سندات عشرية قياسية بقيمة 2.6 تريليون ين (17.9 مليار دولار) كان 0.5 نقطة، في حين كان الفارق في مزايدة الشهر الماضي 0.02 نقطة فقط. في الوقت نفسه تراجع معدل التغطية في الطرح إلى 2.98 مرة من إجمالي حجم الطرح، وهو أقل معدل تغطية منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، ليؤكد تراجع الطلب على السندات اليابانية.

وجاء ذلك بعد أن تراجع العائد على سندات الخزانة العشرية اليابانية يوم الاثنين بشكل حاد بمقدار 20.5 نقطة أساس، وهو أكبر تراجع منذ 1999 على خلفية اضطراب أسواق المال في العالم بسبب ضعف بيانات الاقتصاد الأميركي.

واستردت السندات اليابانية يوم الثلاثاء خسائرها مع ارتفاع العائد عليها بمقدار 20 نقطة أساس تقريباً ليصل إلى 0.95 في المائة، في حين تراجعت العقود الآجلة للسندات العشرية بمقدار 150 نقطة إلى 144.56 نقطة بحلول الساعة الواحدة و57 دقيقة ظهراً بتوقيت طوكيو. كما ارتفع الين أمام الدولار بنسبة 5 في المائة تقريباً منذ قرار البنك المركزي يوم 31 يوليو الماضي زيادة سعر الفائدة الرئيسية إلى 0.25 في المائة.


مقالات ذات صلة

«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

الاقتصاد صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)

«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، إن الاقتصاد الكويتي، الذي يعتمد في الغالب على الموارد الطبيعية، يواجه تحديات مستمرة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الزبائن يتسوقون بأحد أكشاك الفاكهة والخضراوات في شارع بورتوبيللو بلندن (لندن)

تراجع التضخم البريطاني بشكل غير متوقع إلى 2.5 % في ديسمبر

تباطأ التضخم في المملكة المتحدة بشكل غير متوقع، الشهر الماضي، حيث انخفضت مقاييس النمو الأساسية للأسعار التي يتابعها بنك إنجلترا بشكل أكثر حدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ يعود ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير في تزامن مع بدء منتدى دافوس السنوي الخامس والخمسين للقادة السياسيين ورجال الأعمال (رويترز)

ترمب يشارك بمنتدى دافوس الاقتصادي الأسبوع المقبل

قال منظمو المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس اليوم (الثلاثاء) إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيشارك عبر الإنترنت في اجتماع للمنتدى ينعقد الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يقدم بياناً حول السياسة العامة في الجمعية الوطنية (إ.ب.ا)

رئيس الوزراء الفرنسي يعلن خفض توقعات النمو إلى 0.9 % هذا العام

قال رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو، في أول خطاب له أمام المشرعين في الجمعية الوطنية، يوم الثلاثاء، إن حكومته خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد نواف سلام يلوّح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون في قصر بعبدا (وكالة حماية البيئة)

سلام بعد تكليفه: الأزمة الاقتصادية وإعادة إعمار لبنان على رأس الأولويات

تعهد رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام، الثلاثاء، بالعمل على بناء الدولة الحديثة في لبنان الذي دمرته الأزمات المتوالية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)
صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)
TT

«الإسكوا»: الكويت بحاجة لإصلاحات هيكلية لتنويع إيراداتها وتحقيق الاستقرار المالي

صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)
صورة جوية لمدينة الكويت (رويترز)

قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، إن الاقتصاد الكويتي، الذي يعتمد في الغالب على الموارد الطبيعية، يواجه تحديات مستمرة في تحقيق الاستدامة المالية والتنويع الاقتصادي. وعلى الرغم من تحقيقه انتعاشاً بعد جائحة «كوفيد-19»، فإنه يبقى عرضة للتأثر بالصدمات العالمية وتقلبات أسعار النفط نتيجة بطء وتيرة التنويع، وانخفاض إسهام الإيرادات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وكثرة الاعتماد على عائدات النفط.

وأشارت في تقرير «الإنفاق الاجتماعي وكفاءة الإنفاق والاستدامة المالية: استراتيجيات لإعادة التوازن إلى موازنة الكويت»، إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للكويت يعتمد اعتماداً كبيراً على عائدات النفط، التي شكَّلت نسبة 91 في المائة من الإيرادات الحكومية في عام 2023. وأثَّرت التقلبات في أسعار النفط إلى حد بعيد على الأرصدة المالية العامة، لتسفر عن عجز في معظم السنوات منذ عام 2015.

أما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، فارتفع بنسبة 47 في المائة في العقد الماضي، إلا أن إسهامات الإيرادات غير النفطية لا تزال محدودة، إذ سجّلت 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في عام 2023، وقد ترك هذا الاعتماد على عائدات النفط الاقتصاد عرضة للتأثر بالصدمات الخارجية، وهو ما يؤكد الحاجة المُلحة إلى إصلاحات هيكلية لتنويع مصادر الإيرادات، وتحقيق الاستقرار في الأرصدة المالية العامة.

وأوضح التقرير أن الإنفاق العام للكويت يُشكل 50 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو معدل يفوق بكثير المتوسط العالمي، البالغ 37 في المائة. ورغم هذا، تفتقر إدارة هذا الإنفاق إلى الكفاءة؛ حيث سجّلت الكويت 0.54 على مؤشر الكفاءة، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 0.74.

ويُشير التقرير إلى أن تحسين الكفاءة لتصل إلى هذا المتوسط قد يُسهم في توفير مالي قدره 6.8 مليار دينار كويتي، أي نحو 27 في المائة من الإنفاق العام للدولة للعام المالي 2023-2024. ويمكن إعادة توجيه هذه الوفورات إلى قطاعات حيوية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، لدفع عجلة التنمية المستدامة.

التعليم والصحة تحت المجهر

وفيما يتعلّق بالإنفاق الاجتماعي، الذي يستحوذ على 44 في المائة من إجمالي الموازنة العامة، أظهر التقرير تراجعاً في نصيب الفرد من هذا الإنفاق بنسبة 12 في المائة منذ عام 2018-2019. كما أشار إلى أن قطاع التعليم، الذي يُخصص له 12 في المائة من الموازنة، لا يزال متأخراً عن المعايير الدولية، رغم الإنفاق الكبير الذي تم تخصيصه على مدار السنوات. أما في القطاع الصحي، فقد فشل مستوى الإنفاق العام المرتفع في معالجة التحديات الصحية؛ حيث يعاني نحو ربع السكان في الكويت من مرض السكري، ما يستدعي تحسين فاعلية هذه النفقات.

اختلال توزيع التحويلات الحكومية

يُسلط التقرير الضوء على مشكلة في عدالة توزيع التحويلات الحكومية للأفراد؛ حيث تستفيد الأسر الأكثر ثراءً بنسبة 22 في المائة من إجمالي التحويلات بسبب غياب آليات استهداف فعّالة. ويوصي التقرير بإعادة ترشيد هذه التحويلات بحيث تستفيد منها الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض، وهو ما سيُسهم في توفير موارد مالية كبيرة يمكن إعادة توجيهها نحو القطاعات التنموية الأكثر حاجة.

أوجه قصور خطيرة

كما يُظهر مرصد الإنفاق الاجتماعي أن حصة التعليم من الموازنة هي الأكبر بين القطاعات الاجتماعية السبعة، تليها الحماية الاجتماعية والإعانات والنفقات الصحية بفارق طفيف. معًا، تُشكل هذه القطاعات 36.4 في المائة من الموازنة، أي نحو 83 في المائة من النفقات الاجتماعية الإجمالية. وفي المقابل، تواجه القطاعات الاجتماعية الأساسية الأخرى، مثل الإسكان والمرافق المجتمعية، والفنون والثقافة والرياضة، ودعم سوق العمل وإنشاء فرص العمل، إضافة إلى حماية البيئة، قصوراً كبيراً؛ حيث تمثل هذه القطاعات 7.6 في المائة فقط من الميزانية.

خريطة طريق للإصلاحات

دعا التقرير إلى تنفيذ إصلاحات مالية شاملة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الكويتي، من خلال:

- تعزيز التنويع الاقتصادي، ونمو الإيرادات غير النفطية.

- تشجيع الإنفاق «الذكي» لزيادة كفاءة الإنفاق والحد من هدر الأموال العامة.

- إصلاح برامج الدعم والتحويلات الشاملة.

- تحقيق نمو اقتصادي شامل وقادر على الصمود.

- إجراء إصلاحات في قطاع التعليم لتحسين جودة التعليم وزيادة رأس المال البشري.

- تحسين نظام الرعاية الصحية لتصبح حياة السكان صحية أكثر.

- اعتماد الموازنة على أساس الأداء تدريجياً لزيادة فاعلية الإنفاق العام.

- زيادة الانضباط والشفافية الماليين.

- الاستفادة من الأطر القائمة على البيانات لتحسين إدارة المالية العامة.

- مواءمة الإنفاق مع أهداف التنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، قال معدّ التقرير، نيرنغان سارانغي: «الكويت بحاجة إلى التحرك الفوري، وتنفيذ إصلاحات مالية مستهدفة ليس خياراً، بل ضرورة لحماية الاقتصاد وضمان رفاهية المواطنين».