رغم انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السعودية بنسبة 0.4 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي، على أساس سنوي، متأثراً بتراجع الأنشطة النفطية 8.5 في المائة، فإن الأنشطة غير النفطية ما زالت مستمرة في الارتفاع لتسجل 4.4 في المائة خلال الفصل الثاني، وهو الأعلى لها منذ يونيو (حزيران) 2023، ما يعكس قوة مضي البلاد نحو المسار المحدد في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن القطاع النفطي.
وأصدرت الهيئة العامة للإحصاء، الأربعاء، نشرة التقديرات السريعة لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للربع الثاني من 2024، التي أظهرت تحقيق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المعدل موسمياً ارتفاعاً بلغت نسبته 1.4 في المائة، مقارنة بما كان عليه في الربع الأول من العام الحالي، إلى جانب نمو الأنشطة الحكومية 3.6 في المائة، على أساس سنوي.
ويتوقع مختصون لـ«الشرق الأوسط»، أن تواصل الأنشطة غير النفطية ارتفاعها في الفترة القادمة، نظراً للمحفزات الحكومية المقدمة إلى القطاع الخاص، ودعم المنظومة الصناعية بكافة الممكنات لزيادة حجم الإنتاج والتصدير، إلى جانب التسهيلات الجاذبة لدخول الشركات الأجنبية في السوق المحلية، وغيرها من الإجراءات التي ساهمت في تنويع مصادر الدخل.
تنويع مصادر الدخل
يؤكد المختصون أن الاستراتيجيات الوطنية التي أطلقتها الحكومة ساهمت في مواصلة ارتفاع الأنشطة غير النفطية، وتسجيلها نمواً 4.4 في المائة خلال الربع الثاني من العام 2024.
وقال عضو مجلس الشورى السابق، الخبير الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة، إن الحكومة وضعت خطة أساسية مع إطلاق «رؤية 2030» لتدفع بالأنشطة غير النفطية، وعدم الاعتماد على القطاع النفطي، مبيناً أن تسجيل هذا النمو عند 4.4 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي يؤكد أن البلاد تمضي في الاتجاه الصحيح، وتبني اقتصاداً حقيقياً يتميز بتنوع مصادر الدخل والقدرة على استحداث مجالات اقتصادية تدر دخلاً على المملكة، وهذا سيعزز نمو إجمالي الناتج المحلي في الربعين المتبقيين من هذا العام والخروج من حالة الانكماش.
وبيَّن فهد بن جمعة خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن نمو الأنشطة غير النفطية يعد مؤشراً إيجابياً على تحسن الاقتصاد الوطني وزيادة النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، وأن هذا الارتفاع يعكس الاستثمارات الإيجابية والتطورات الاقتصادية التي تحدث في السعودية.
القطاعات الواعدة
من ناحيته، أوضح المختص في الاقتصاد، أحمد الجبير، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة أطلقت عدة استراتيجيات وطنية، في الصناعة، والاستثمار، والنقل والخدمات اللوجستية، وغيرها، ساهمت كثيراً في ارتفاع الأنشطة غير النفطية التي تواصل نموها في الآونة الأخيرة.
وأضاف الجبير أن المملكة بدأت منذ عام 2016 في تقليل الاعتماد التام على النفط من خلال تنويع مصادر الدخل في تنمية الاقتصاد الوطني، بعد أن وضعت خططاً من شأنها تحقيق هذا المستهدف ورفع نشاط القطاع غير النفطي، و«شاهدنا ذلك من خلال تطوير مجالات اقتصادية جديدة وواعدة، أصبحت تدر دخلاً على الناتج المحلي الإجمالي».
ويعتقد أحمد الجبير، أن الفترة المقبلة ستشهد الأنشطة غير النفطية استمراراً في النمو بسبب المحفزات الحكومية والتسهيلات المقدمة لزيادة الإنتاج، وأيضاً تطوير القطاعات الواعدة، ودخول الشركات الأجنبية إلى السوق السعودية.