هاريس ستحمل «عصا القمع» على الصناعة المالية في حال فوزها

الإدارة الديمقراطية الثانية ستضع اللمسات الأخيرة على قواعد بازل بالنسبة للمصارف

كامالا هاريس في مقر حملتها في ويلمنغتون بديلاوير (أ.ف.ب)
كامالا هاريس في مقر حملتها في ويلمنغتون بديلاوير (أ.ف.ب)
TT

هاريس ستحمل «عصا القمع» على الصناعة المالية في حال فوزها

كامالا هاريس في مقر حملتها في ويلمنغتون بديلاوير (أ.ف.ب)
كامالا هاريس في مقر حملتها في ويلمنغتون بديلاوير (أ.ف.ب)

من المرجح أن تؤدي الإدارة الديمقراطية المحتملة، بقيادة نائبة الرئيس كامالا هاريس، إلى تعزيز أجندة الرئيس جو بايدن المتمثلة في القواعد المالية الصارمة، وهو احتمال غير مرحَّب به بالنسبة لبنوك «وول ستريت» وشركات العملات المشفرة، وغيرها من اللاعبين الذين شعروا بالغضب في ظل الإدارة الحالية.

وهاريس هي المرشحة الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، بعد خروج بايدن من السباق الرئاسي يوم الأحد، ودعمه لها.

وقال محللون إنه في حين أن هاريس كانت بعيدة عن الأضواء عندما يتعلق الأمر بالسياسات المالية للإدارة، فإن سجلها الحافل في التعامل مع بنوك «وول ستريت» والتصويت ضد إلغاء القيود التنظيمية، يشير إلى أنها ستستمر في أجندة بايدن الطموحة، وفق «رويترز».

تضمنت أجندة إدارة بايدن كلاً من القواعد المعتمدة والمقترحة التي تتخذ إجراءات صارمة ضد الرسوم المصرفية، والمقرضين غير المصرفيين، ومقدمي الديون الطبية، مما يتطلب مزيداً من الشفافية من صناديق التحوط، فضلاً عن الزيادات في حجم رأس المال الذي يجب على البنوك الاحتفاظ به، وعدد كبير من إجراءات التنفيذ ضد شركات العملات المشفرة الكبرى.

وقال إسحاق بولتانسكي، مدير أبحاث السياسات في شركة الوساطة المالية: «هاريس أبعد إلى اليسار من بايدن؛ لكن إدارة بايدن أثبتت أنها تقدمية بشكل لا يصدق، لذلك لا ينبغي أن يكون هناك كثير من الضوء بين إدارة بايدن الثانية وإدارة هاريس الأولى».

ومن بين الديمقراطيين التقدميين البارزين الذين أيدوا هاريس، السيناتورة إليزابيث وارن التي ساعدت في تشكيل أجندة بايدن التنظيمية المالية، والتي لم تخجل من انتقاد زملائها الديمقراطيين الذين تعدهم متساهلين في «وول ستريت».

وكتب جاريت سايبيرغ، المحلل في «تي دي كوين»، يوم الاثنين، عن هاريس: «إننا نعد هذا بمثابة تعزيز للمخاطر بالنسبة للخدمات المالية والعملات المشفرة»، مضيفاً أن الإدارة الديمقراطية الثانية ستضع اللمسات الأخيرة على قواعد بازل لرأس المال، والمتطلب الخاص بأن تحتفظ البنوك بمزيد من الديون طويلة الأجل، وتقدم حدود السحب على المكشوف، والرسوم الأخرى.

وأشار أحد المسؤولين السابقين في الإدارة إلى أنه على الرغم من أن هاريس كانت صارمة مع البنوك في الماضي، فإنها لم تكن تميل إلى قضايا التنظيم المالي مثل وارن.

وأفادت منصة «سيمافور» يوم الأحد، بأن كثيراً من الأسماء الكبرى في «وول ستريت» تخطط لدعم هاريس في الترشيح الديمقراطي. وقال مصدر مطلع على الأمر، إن بيتر أورزاغ وراي ماكغواير في لازارد، سيتبرعان لهاريس.

وقال رئيس الاستراتيجية الكلية في «برانديواين غلوبال» بول ميلكارسكي، إن المستثمرين قاموا يوم الاثنين بتفكيك بعض ما يسمى بتداولات سوق سندات ترمب التي راهنت على فوز ترمب: «لكنه لا يزال هو المفضل».

جشع «وول ستريت»

صعدت هاريس إلى الصدارة بصفتها المدعية العامة لولاية كاليفورنيا؛ حيث تعاملت بقوة مع البنوك الكبرى.

وفي عام 2011، تفاوضت بشدة مع البنوك لتخصيص مزيد من الأموال لمساعدة المستهلكين المتضررين من الإقراض الجشع في الفترة التي سبقت الأزمة المالية 2007- 2009. وفي عام 2016، أطلق مكتبها تحقيقاً جنائياً في فضيحة حسابات «ويلز فارغو» المزيفة.

وأشاد مسؤول الإدارة السابق بعملها مدعية عامة في كاليفورنيا، وأشار إلى أن هاريس عيَّنت كاتي بورتر التي كانت آنذاك أستاذة للقانون، للإشراف على التسوية المصرفية البالغة 18 مليار دولار لمساعدة أصحاب المنازل. وعملت بورتر لاحقاً في الكونغرس؛ حيث تولت منصب المديرين التنفيذيين للبنوك الكبرى، ودعت إلى إلغاء القيود التنظيمية التي أقرها ترمب.

بصفتها عضواً في مجلس الشيوخ، وقفت هاريس في عام 2018 إلى جانب وارن وغيرها من التقدميين، في التصويت ضد مشروع قانون يلغي القواعد التي تم تقديمها في أعقاب الأزمة المالية. وفي وقت لاحق، ألقى بنك الاحتياطي الفيدرالي باللوم على هذا التغيير؛ لأنه ساهم في فشل بنك «سيليكون فالي» العام الماضي.

وكتبت هاريس على وقع «إكس» الذي كان «تويتر» سابقاً، مع احتدام المفاوضات: «لقد أدى الجشع والانتهاكات في (وول ستريت) إلى تدمير اقتصادنا في عام 2008. وسأحارب ضد أي تشريع لتحرير البنوك الكبرى من القيود التنظيمية».

وبصفتها نائبة للرئيس، قادت هاريس العام الماضي مبادرة مكتب الحماية المالية لإزالة الديون الطبية من تقارير الائتمان الاستهلاكي. وفي يوليو (تموز)، أيدت اقتراح مكتب الحماية المالية الذي يتطلب من موظفي الرهن العقاري مساعدة المقترضين المتعثرين.

وانتقدت البنوك الكبرى بشدة مكتب الحماية المالية في عهد مديره الذي رشحه بايدن، روهيت شوبرا، ورفعت دعوى قضائية ضده لإلغاء كثير من قواعده.


مقالات ذات صلة

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

أتم الرئيس الأميركي جو بايدن 82 عاماً، اليوم (الأربعاء)، وهو عمر لم يسبق لرئيس أميركي بلوغه وهو في السلطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس المنتخب دونالد ترمب وكامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأميركية (أ.ف.ب)

متخصص بالتضليل الإعلامي: اليسار الأميركي يغرق في نظريات المؤامرة بعد فوز ترمب

بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية، تراجعت مزاعم اليمين الأميركي بشأن عمليات تزوير على شبكات التواصل الاجتماعي، في حين باشر اليسار تشارك نظريات المؤامرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الإعلامية أوبرا وينفري تسير إلى جانب المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي (د.ب.أ)

بعد مزاعم حصولها على مليون دولار لدعم هاريس... كيف علّقت أوبرا وينفري؟

نفت الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري التقارير التي تفيد بأنها حصلت على مليون دولار مقابل الظهور في حدث ضمن حملة المرشحة الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)

في إطار السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، يقود «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» مبادرة «رؤية سعودية وتنمية يمنية 2030» التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين السعودية واليمن عبر تطوير المنافذ الحدودية، وإنشاء مناطق اقتصادية ومدن غذائية ذكية، مما يساهم في تسهيل حركة السلع والأفراد وزيادة حجم التبادل التجاري.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية واليمن بلغ في عام 2023 نحو 6.3 مليار ريال (1.6 مليار دولار)، وقد استحوذت الصادرات السعودية على الحصة الكبرى. ورغم ذلك، فإن الواردات اليمنية لا تزال أقل من الإمكانات المتاحة، خصوصاًَ في قطاعات الزراعة، والثروة السمكية، والتعدين.

مشروعات لتعزيز التكامل

تتمثل أبرز مشروعات هذه المبادرة، التي يتبناها المجلس برئاسة الدكتور عبد الله بن محفوظ، في «إنشاء مناطق اقتصادية مشتركة، وتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجيستية، وتعزيز الاستثمار في قطاعَي الزراعة والطاقة المتجددة. كما تشمل إنشاء محاجر متطورة لفحص المواشي والفواكه والخضراوات، مما يسهم في تحسين جودة السلع وزيادة صادرات اليمن الزراعية والحيوانية إلى السعودية. وتسعى هذه الجهود إلى تعزيز الأمن الغذائي للسعودية وتحقيق نمو اقتصادي لليمن».

وضمن الخطط المستقبلية لتعزيز الشراكة الاقتصادية، سينظَّم معرض سنوي بعنوان: «إعادة إعمار وتنمية اليمن»، في الرياض خلال الربع الأول من عام 2025. يهدف هذا المعرض إلى جذب المستثمرين من مختلف القطاعات وتعزيز الشراكات الثنائية بين الشركات السعودية ونظيرتها اليمنية.

رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» عبد الله مرعي بن محفوظ

الاستثمارات اليمنية

وقال لـ«الشرق الأوسط» رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني»، الدكتور عبد الله بن محفوظ، إن «الاستثمارات اليمنية في السعودية شهدت نمواً ملحوظاً، فقد بلغت قيمتها نحو 18 مليار ريال (4.8 مليار دولار) حتى نهاية عام 2023، لتحتل المرتبة الثالثة عشرة عالمياً من حيث حجم الاستثمارات. تتركز هذه الاستثمارات في تجارة الجملة والتجزئة، خصوصاً المواد الغذائية والملابس والأدوات المنزلية، إضافة إلى قطاعات: المقاولات، والتصنيع، والخدمات اللوجيستية».

وأوضح بن محفوظ أن «هذا التوسع الاستثماري يعود إلى الدعم الذي توفره الحكومة السعودية للمستثمرين اليمنيين، عبر تسهيل إجراءات التراخيص، وتقديم الحوافز الاستثمارية، وضمان بيئة استثمارية مستقرة. ساهمت هذه العوامل في استقطاب رؤوس الأموال اليمنية إلى السعودية، مع تعزيز استفادة المستثمرين من الفرص الاقتصادية المتاحة».

تحديات الاستثمارات اليمنية

رغم التقدم الملحوظ، فإن الاستثمارات اليمنية تواجه تحديات كبيرة؛ أبرزها، وفق بن محفوظ، «عدم استقرار العملة المحلية اليمنية، والقيود المصرفية التي تعوق تحويل الأموال، وضعف البنية التحتية في اليمن، بالإضافة إلى النزاعات المسلحة التي تزيد من مخاطر الاستثمار، فيما يعاني النظام القضائي اليمني أيضاً من ضعف كفاءة تحصيل المستحقات التجارية، مما يؤثر سلباً على بيئة الأعمال».

ووصف بن محفوظ العلاقة الاقتصادية بين البلدين بأنها متميزة واستراتيجية، مشيراً إلى أن السعودية تعدّ الشريك الأكبر والداعم الرئيسي لليمن. وتُظهر الإحصاءات أن تحويلات المغتربين اليمنيين بالسعودية تمثل 62 في المائة من إجمالي تحويلاتهم عالمياً، مما يعكس الترابط الاقتصادي والاجتماعي الكبير بين البلدين. وتسهم الحدود المشتركة والمنافذ البرية في تعزيز التكامل الاقتصادي، بينما تدعم برامج مثل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، و«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، مشروعات التنمية والبنية التحتية في اليمن.

مشروعات الزراعة والطاقة

تركز خطط «المجلس» المستقبلية على مشروعات واعدة تشمل استصلاح الأراضي الزراعية في اليمن، وإنشاء مراكز تعبئة للمحاصيل الزراعية وللثروة السمكية، إضافة إلى تطوير مشروعات المواشي، وأكد بن محفوظ أن اليمن يعدّ من أهم الأسواق الرئيسية للسعودية في توفير المنتجات الزراعية والحيوانية التي تتمتع بمزايا نسبية على مثيلاتها من سلع الدول الأخرى. ووفق بيانات إحصائية اقتصادية حديثة في 2022، فإن الإنتاج الحيواني يحتل المرتبة الثانية بعد الإنتاج الزراعي من حيث مساهمته في إجمالي الناتج المحلي لليمن بنسبة تزيد على 20 في المائة.

وتشير الإحصاءات اليمنية إلى أن أعداد الأبقار تصل إلى 7 ملايين رأس، والأغنام والماعز إلى 9 ملايين رأس لكل منهما، بالإضافة إلى 450 ألف رأس من الإبل. وتسهم هذه الموارد في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي لليمن وتوفير الأمن الغذائي للسعودية، مع خلق فرص عمل وتقليل معدلات البطالة في اليمن.

ويرى رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» أن تأسيس محاجر مخصصة للمواشي مع مرافق للحجر الصحي والفحوصات البيطرية في الجانب اليمني في المنافذ الحدودية المشتركة وتحت إشراف وزارة الزراعة السعودية، وبإشراف وتشغيل الجانب اليمني، مع تأسيس مناطق تخزين وفحص للفواكه والخضراوات، مزودة بأحدث تقنيات الكشف عن الآفات... سيكون ذا قيمة مضافة كبيرة لكلا البلدين، فمن جهة اليمن، سيعزز من زيادة دخل الفرد، وأيضاً سيساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لليمن، وتخفيض نسبة البطالة العالية في اليمن. ومن جهة أخرى، ستساهم زيادة الصادرات اليمنية بقطاعات الثروة الحيوانية، والسمكية، والزراعية، إلى السعودية في تحقيق أهداف السعودية في توفير الأمن الغذائي وتقليل استيرادها المنتجات الحيوانية والزراعية والسمكية من كثير من دول العالم.

ووفق بن محفوظ، يسعى «المجلس» أيضاً إلى تحسين القطاع المصرفي عبر التعاون مع البنوك اليمنية لتطوير الأنظمة التقنية والمالية، بما يعزز الشفافية ويسهل عمليات الدفع الإلكتروني. كما تركز الجهود على تنظيم قطاع الصرافة لتسهيل حركة التجارة والاستثمار بين البلدين.

في ظل هذه الجهود الطموحة، تشكل «رؤية سعودية وتنمية يمنية 2030» خريطة طريق لتحويل العلاقة الاقتصادية بين السعودية واليمن إلى شراكة استراتيجية حقيقية، تعزز الاستقرار والتنمية في اليمن، وتحقق أهداف «رؤية 2030» السعودية في بناء شراكات إقليمية قوية ومستدامة.