الصين لتعزيز آليات السوق وتوفير بيئة أكثر عدالة

القادة يتفقون على «تعميق الإصلاحات» مع انتهاء اجتماع مهم

رجل يمر أمام موقع إنشاءات في الضاحية المالية للعاصمة اليابانية بكين (رويترز)
رجل يمر أمام موقع إنشاءات في الضاحية المالية للعاصمة اليابانية بكين (رويترز)
TT

الصين لتعزيز آليات السوق وتوفير بيئة أكثر عدالة

رجل يمر أمام موقع إنشاءات في الضاحية المالية للعاصمة اليابانية بكين (رويترز)
رجل يمر أمام موقع إنشاءات في الضاحية المالية للعاصمة اليابانية بكين (رويترز)

قالت الصين إنها ستعزز دور آليات السوق في الاقتصاد وتخلق بيئة سوق أكثر عدالة وديناميكية وتحسّن كفاءة تخصيص الموارد، وفقاً لبيان صدر الخميس بعد اجتماع رفيع المستوى.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن البيان الذي صدر عقب الاجتماع الثالث للحزب الشيوعي الحاكم قوله إن الصين تهدف إلى بناء نظام اقتصادي اشتراكي عالي المستوى للسوق بالكامل بحلول عام 2035. وقالت «شينخوا» إن الصين ستعمّق إصلاحات النظام المالي والضريبي والنظام المالي ونظام الأراضي.

واتّفقت القيادة الصينية على «تعميق الإصلاحات» و«معالجة المخاطر» في قطاع العقارات وديون السلطات المحلية وتعزيز الطلب الداخلي.

وشارك كبار المسؤولين الصينيين وفي مقدمهم الرئيس شين جينبينغ، في المؤتمر المهم للحزب الشيوعي الحاكم خلال الأسبوع الحالي في بكين، في حين الأنظار كانت شاخصة إلى طريقة تعاملهم مع الضيق الاقتصادي المتنامي في البلاد.

وفي ختام الاجتماع، الخميس، اعتمد المشاركون «قراراً بشأن تعميق الإصلاحات»، على ما ذكرت وكالة «شينخوا» الرسمية. واتفق المسؤولون أيضاً على «تعزيز الطلب الداخلي بشكل نشط»، بعدما أظهرت بيانات خلال الأسبوع الحالي أن مبيعات التجزئة ازدادت بنسبة 2 في المائة فقط في يونيو (حزيران)، وهي مؤشر رئيسي إلى الاستهلاك. واتفق المشاركون أيضاً على «تجنب المخاطر ومعالجتها في ميادين رئيسية مثل العقارات ودين الحكومات المحلية».

وتعهد القادة بتحديث المجتمع الصناعي في البلاد، وتوسيع الطلب المحلي والحدّ من الديون ومخاطر قطاع العقارات، فضلاً عن تنفيذ إصلاحات مالية ونقدية، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية بعد اجتماع مهم للحزب الشيوعي.

وذكر التقرير أن بكين تريد أيضاً تحسين أنظمة الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وتوزيع الدخل وإدخال إصلاحات الأراضي. وقال إن الصين «ستعزز دور آليات السوق في الاقتصاد وتخلق بيئة سوق أكثر عدالة وديناميكية وتحسّن كفاءة تخصيص الموارد»، مشيراً إلى أنه «سيتم رفع القيود المفروضة على السوق، بينما سيتم ضمان التنظيم الفعال للحفاظ على النظام في السوق بشكل أفضل ومعالجة إخفاقات السوق».

ولم يذكر البيان الختامي للاجتماع التغييرات التي سيتم تنفيذها، لكنه قال إن «المهام» يجب أن تكتمل بحلول عام 2029. ومن المتوقع أن يتم إصدار وثيقة تتضمن خططاً سياسية أكثر تفصيلاً في الاجتماع المغلق الذي استمر أربعة أيام لأعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بقيادة الرئيس شي جينبينغ، في الأيام المقبلة. وقد تم تقديم هذا الحدث، المعروف باسم الجلسة الكاملة، من قِبل وسائل الإعلام الحكومية باعتباره «حدثاً تاريخياً»، في وقت من الصعوبات المالية لعدد متزايد من الصينيين في الداخل وتزايد الشدائد ضد السياسات الصناعية للبلاد في الخارج.

وركز جدول أعمال الاجتماع على استراتيجيات النمو الاقتصادي المكتفي ذاتياً في وقت تواجه فيه الصين قيوداً مشددة على الوصول إلى التكنولوجيا الغربية المتقدمة، مثل الرقائق الحاسوبية المتطورة والذكاء الاصطناعي.

وكان المستثمرون والأسواق الأجانب يراقبون لمعرفة ما قد يفعله الحزب لمواجهة الركود في قطاع العقارات الصيني وضعف ثقة المستهلك الذي أعاق تعافي الصين من جائحة «كوفيد - 19».

وتباطأ النمو الاقتصادي إلى 4.7 في المائة على أساس سنوي في الربع من أبريل (نيسان) إلى يونيو، حيث استمرت الاستثمارات في العقارات ومبيعات العقارات في الانخفاض على الرغم من مجموعة من التدابير التي تهدف إلى تشجيع الأسر على شراء المساكن.

وتشير التقارير الأخيرة في وسائل الإعلام الرسمية وبيانات السياسة الحكومية السابقة إلى أن بكين ستواصل إعطاء الأولوية للاستثمار في التكنولوجيات وتشجيع الشركات على ترقية معداتها وخبراتها بما يتماشى مع دعوة الزعيم شي جينبينغ إلى «التنمية عالية الجودة».

وقالت صحيفة الحزب «غلوبال تايمز» في تعليق لها: «إن تصريحات شي الأخيرة بشأن الإصلاح والانفتاح في اجتماعات رئيسية مختلفة توفر نافذة حاسمة على نبرة الجلسة وأولوية أجندة الإصلاح في الصين والهدف العام المتمثل في تعميق الإصلاح وتعزيز التحديث الصيني».

وقالت إن الاجتماعات «سترسم مخططاً للإصلاح على جميع الجبهات»، بهدف تحسين حوكمة الصين و«حل التحديات المؤسسية العميقة الجذور والقضايا البنيوية؛ من أجل تعزيز التنمية عالية الجودة وتعزيز التحديث الصيني».

وقال القادة الصينيون مراراً وتكراراً إن الصين ستبقي أبوابها مفتوحة للاستثمار الأجنبي وتحسين بيئة الأعمال، على الرغم من الضوابط المتزايدة للحزب الشيوعي على الشركات ووسائل التواصل الاجتماعي والهيئات التنظيمية المالية وغيرها من جوانب الحياة.

وقال تيوي ميفيسين، كبير الاستراتيجيين في «رابوبانك»، في تقرير: «هذه الضوابط المتزايدة تتعارض مع الوعود السابقة والإصلاحات الموعودة بمزيد من الانفتاح للاقتصاد والسياسات المؤيدة للسوق». وأضاف أن الحوافز الجديدة للمستثمرين الأجانب هي احتمال، فضلاً عن التحركات التي تتماشى مع دعوة شي إلى «الرخاء المشترك» الذي يمكّن الصينيين العاديين من الاستفادة بشكل أكبر من النمو الاقتصادي، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

وتتمثل أولوية أخرى في تخفيف الضغوط المالية على الحكومات المحلية التي تراكمت عليها كميات هائلة من الديون بعد حملة صارمة على الاقتراض الثقيل من قِبل مطوري العقارات؛ مما دفع صناعة العقارات إلى الأزمة، وقطع مصدر حيوي لإيرادات الضرائب من بيع حقوق استخدام الأراضي.

واجتماعات هذا الأسبوع هي الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية للحزب المكونة من 205 أعضاء، والتي بدأت فترة مدتها خمس سنوات في عام 2022. وعادة ما تحدد الجلسات الكاملة الثالثة، التي تأخرت عن العام الماضي، القرارات الاقتصادية والسياسية الرئيسية. وكانت الجلسات الكاملة التاريخية السابقة قد أطلقت الصين في صعودها كقوة تصنيع ومالية عالمية في عصر «الإصلاح والانفتاح».

ويقول خبراء الاقتصاد إن احتمالات إعلان الاجتماع عن إنفاق تحفيزي كبير للمساعدة في تعزيز الاقتصاد ضئيلة. وقد لا تأتي تفاصيل أي قرارات إلا بعد أيام، إن لم يكن بعد اجتماعات المكتب السياسي القوي للحزب في وقت لاحق من هذا الشهر. لكن حجم المشاكل التي تواجهها بكين زاد من الحاجة الملحة إلى العمل.

وقال ميفيسين: «تاريخياً، تخيّب الجلسة الكاملة الثالثة الآمال عموماً عندما يتعلق الأمر بالإعلان عن إصلاحات سياسية كبيرة. ومع ذلك، قد تكون هذه المرة مختلفة؛ نظراً للتحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها الصين».


مقالات ذات صلة

تراجع نمو صادرات اليابان وسط «مخاوف صينية»

الاقتصاد حاويات يتم شحنها على متن سفن بضائع في ميناء أومي بالعاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

تراجع نمو صادرات اليابان وسط «مخاوف صينية»

أظهرت بيانات، الخميس، أن الصادرات اليابانية ارتفعت في يونيو (حزيران) للشهر السابع على التوالي، لكن وتيرة النمو تباطأت

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد نموذج لمضخة نفطية أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)

مصادر من «أوبك بلس» تستبعد تغيير سياسة الإنتاج في اجتماع أغسطس

قالت ثلاثة مصادر من «أوبك بلس» لـ«رويترز» إنه من المستبعد أن يوصي اجتماع وزاري مصغر للتحالف الشهر المقبل بتغيير سياسة الإنتاج.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بائعة في محل أطعمة في العاصمة الصينية بكين (أ ب)

بكين تستهدف شركات دنماركية وهولندية وإسبانية في تحقيق «لحوم الخنزير»

حددت الصين، يوم الخميس، شركات دنماركية وهولندية وإسبانية للحوم الخنزير بوصفها أهدافاً في تحقيق لمكافحة الإغراق في واردات لحوم الخنزير من الاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (رويترز)

أزمة البحر الأحمر تفقد قناة السويس ربع إيراداتها

انخفضت الإيرادات السنوية لقناة السويس بواقع الربع تقريباً في العام المالي المنتهي في يونيو (حزيران) مع تحول بعض شركات الشحن إلى مسارات ملاحية بديلة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد جانب من الحاويات في ميناء جدة الإسلامي الواقع غرب السعودية (الهيئة العامة للموانئ)

الأنشطة غير النفطية تقود مساعي السعودية في تنويع الاقتصاد

تقود الأنشطة غير النفطية دوراً ريادياً لتنويع الاقتصاد بالسعودية؛ إذ تساهم بـ51 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وسط توقعات وصولها إلى 65 في المائة.

آيات نور (الرياض)

ارتفاع طلبات البطالة الأميركية الأسبوعية أكثر من المتوقع

لافتة مكتوب عليها «معرض توظيف» في مانهاتن (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «معرض توظيف» في مانهاتن (رويترز)
TT

ارتفاع طلبات البطالة الأميركية الأسبوعية أكثر من المتوقع

لافتة مكتوب عليها «معرض توظيف» في مانهاتن (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «معرض توظيف» في مانهاتن (رويترز)

أظهرت بيانات وزارة العمل ارتفاع عدد الأميركيين الذين يقدمون طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة أكثر من المتوقع الأسبوع الماضي، ولكن لم يحدث أي تحول جوهري في سوق العمل، إذ عادة ما تكون البيانات مشوشة في يوليو (تموز)، بسبب عمليات الإغلاق المؤقتة للمصانع.

ومع ذلك، أشار تقرير المطالبات الأسبوعية للبطالة، الصادر عن وزارة العمل، الخميس، إلى أنه أصبح من الصعب على العاطلين عن العمل الحصول على وظائف جديدة مقارنة بالعام الماضي. وارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى أعلى مستوى لهم في أكثر من عامين ونصف العام في الأسبوع الأول من يوليو، بما يتماشى مع الارتفاع الأخير في معدل البطالة، وفق «رويترز».

وتشير سوق العمل المتراخية وانخفاض التضخم إلى أن مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» سيخفّض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول)؛ إذ تتوقع الأسواق المالية مزيداً من التخفيضات في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد الأميركي في «أكسفورد إيكونوميكس»، نانسي فان دن هوتن: «بالابتعاد قليلاً عن الضوضاء في البيانات، فقد ارتفعت طلبات البطالة بشكل أكبر منذ بداية العام. نعتقد أن الارتفاع حتى الآن يتماشى مع سوق عمل باردة تتميز بمعدل توظيف أبطأ، وليس تسريحاً أكبر للعمال».

وارتفع عدد المطالبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية بمقدار 20 ألفاً إلى 243 ألفاً المعدلة موسمياً للأسبوع المنتهي في 13 يوليو، وفقاً لوزارة العمل. وتوقع خبراء الاقتصاد، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، 230 ألف مطالبة إلى آخر أسبوع.

ودفع الارتفاع المطالبات إلى العودة إلى الطرف العلوي من نطاقها البالغ 194 - 243 ألفاً لهذا العام. وانخفضت في الأسبوع السابق؛ إذ ابتعدت أكثر عن أعلى مستوى في 10 أشهر الذي لمستها في أوائل يونيو (حزيران). وعُزي جزء من هذا الانخفاض إلى صعوبات في تعديل البيانات حول العطلات، مثل عيد استقلال الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، عادة ما تغلق شركات صناعة السيارات مصانع التجميع بدءاً من أسبوع 4 يوليو لإعادة تجهيزها للطرازات الجديدة.

ولكن جداول الإغلاق تختلف بالنسبة إلى كل شركة مصنّعة، وهو ما يمكن أن يعطّل النموذج الذي تستخدمه الحكومة لتخفيف البيانات عن التقلبات الموسمية. وارتفعت المطالبات في يوليو من العام الماضي حتى النصف الأول من أغسطس (آب)، قبل أن تنعكس بالكامل بحلول أوائل سبتمبر.

وقال كبير المستشارين الاقتصاديين في «بريان كابيتال»، كونراد دي كوادروس: «ومع ذلك، ونظراً إلى تركيز مجلس (الاحتياطي الفيدرالي) المتزايد على سوق العمل، وبالنظر إلى ارتفاع معدل البطالة الذي أُبلغ عنه بالفعل حتى يونيو، تجب مراقبة اتجاه طلبات البطالة عن كثب».