الاتحاد الأوروبي يصف السياسات الصناعية الصينية بـ«المشوَّهة»

بكين تخطط لتنميةٍ تركِّز على التكنولوجيا والأمن لإنعاش الاقتصاد

مشاة يسيرون أمام موقع إنشاءات وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مشاة يسيرون أمام موقع إنشاءات وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يصف السياسات الصناعية الصينية بـ«المشوَّهة»

مشاة يسيرون أمام موقع إنشاءات وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مشاة يسيرون أمام موقع إنشاءات وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

دعا الاتحاد الأوروبي، الصين، يوم الأربعاء، إلى إجراء إصلاحات لإنهاء السياسات «المشوَّهة»، مثل الدعم الحكومي لقطاع التصنيع، الذي قال إنه يمنح بكين ميزة غير عادلة على حساب دول أخرى.

وقال مبعوث الاتحاد الأوروبي، في كلمة أرسلها إلى «رويترز» وأُلقيت في إطار مراجعة مغلقة لمنظمة التجارة العالمية للسياسات التجارية الصينية: «من الضروري فحص وتنفيذ سياستها التجارية وكذلك سياساتها المحلية، خصوصاً سياستها الصناعية، بهدف تقليل مثل هذه التداعيات السلبية».

وفي نفس الكلمة طلب المندوب من بكين -التي تصنفها منظمة التجارة العالمية رسمياً دولة «نامية»- أن تمتنع عن استخدام هذا الوضع للحصول على معاملة تفضيلية مخصصة للدول الأكثر فقراً.

وبالتزامن، وفي عام من الانتخابات الكبرى التي ستحدد مصائر عديد من البلدان، يعقد الحزب الشيوعي الحاكم في الصين اجتماعات مغلقة رفيعة المستوى في بكين لوضع استراتيجيات لإحياء اقتصادها المتباطئ، حسب تقرير لـ«أسوشييتد برس» يوم الأربعاء.

وشبَّهت وسائل الإعلام الرسمية الاجتماعات التي تنتهي يوم الخميس، بالإصلاحات التي بدأت في أواخر سبعينات القرن العشرين، التي فتحت اقتصاد الصين أمام الاستثمار الأجنبي والمؤسسات الخاصة. وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية إن جدول أعمال اجتماعات هذا العام هو دراسة وتأييد «الإصلاحات الشاملة المتعمقة».

وبعد ما يقرب من نصف قرن من إطلاق الزعيم الراحل دينغ شياوبينغ لصعود الصين كقوة تصنيعية، يضاعف الحزب جهوده في تنفيذ مخطط الزعيم شي جينبينغ للتنمية التي تركز على التكنولوجيا والأمن القومي. ويقول خبراء الاقتصاد إنه من غير الواضح ما إذا كان هذا من شأنه أن يحل المشكلات المزمنة التي تُثقل كاهل الاقتصاد، بما في ذلك سوق العمل الضعيفة، والديون الضخمة للحكومة المحلية، والركود المطوّل في صناعة العقارات.

في حين أن هذه المشكلات هي في الغالب صداع محلي، فإن صحة ثاني أكبر اقتصاد في العالم لها تأثير يتجاوز حدودها بكثير، مما يؤثر على النشاط التجاري والأسواق المالية وفرص العمل في جميع أنحاء العالم.

ولا يزال اقتصاد الصين يتباطأ، ويوم الاثنين أفادت الحكومة بأن الاقتصاد نما بمعدل سنوي بلغ 4.7 في المائة فقط في الربع الأخير، بانخفاض من 5.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار). وعلى أساس ربع سنوي، تباطأ إلى 0.7 في المائة من 1.5 في المائة.

وانخفضت مبيعات العقارات بنحو 27 في المائة خلال العام حتى يونيو (حزيران) مقارنةً بالعام السابق، وزادت مبيعات التجزئة بنسبة 2 في المائة فقط في يونيو، وهو أدنى مستوى منذ جائحة فيروس كورونا.

وعلى الرغم من برنامج النقد مقابل السيارات القديمة والمبادرات الأخرى التي أُطلقت هذا الربيع لإقناع الناس باستبدال السيارات والأجهزة القديمة، انخفضت مبيعات المركبات بنسبة 6.2 في المائة عن العام السابق في يونيو، بينما انخفضت مبيعات الأجهزة والإلكترونيات بنسبة 7.6 في المائة.

ونظراً إلى الدور الحيوي الذي يلعبه الإسكان في ثروة الأسر، توقع تقرير لـ«إيه إن زد للأبحاث» أن تظل مبيعات التجزئة ضعيفة دون تحسن أساسي في قطاع العقارات.

ويفرض الشعب الصيني قيوداً صارمة على الإنفاق، ويخشى من فقدان الوظائف، ويشكو من شبكة الأمان الاجتماعي الضئيلة، وتكاليف التعليم والمخاطر الأخرى. ويقول خبراء الاقتصاد إنه من دون إصلاحات جوهرية تسمح للعمال بالاحتفاظ بمزيد من ثروة الأمة، من المرجح أن يظل الطلب الاستهلاكي ضعيفاً.

وفي إطار خطة للحزب الشيوعي منذ تولي شي السلطة في عام 2012، سعى الرئيس الصيني إلى تعزيز ضوابط الحزب على الأعمال والمجتمع، وشن حملات صارمة على الفساد، وقطاع التكنولوجيا السريع النمو، والاقتراض المفرط من مطوري العقارات، وتعزيز رؤيته للنمط الصيني للتنمية «عالية الجودة» مع الاستثمارات الضخمة في التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة.

يأتي ذلك في أعقاب مبادرة «صُنع في الصين 2025» التي بدأت في عام 2015 وتهدف إلى تحويل البلاد من صانع للألعاب والأثاث وغيرها من المنتجات كثيفة العمالة، إلى أكبر منتج للسلع عالية التقنية.

وفي حين لا تزال الصين متأخرة عن الولايات المتحدة في عديد من المجالات الحاسمة، فقد قطعت خطوات هائلة للحاق بها. وأصبح بوسع الصينيين الآن الحصول على مركبات كهربائية محلية الصنع وأجهزة منزلية ومعدات رياضية متطورة. وأشادت وكالة أنباء «شينخوا» التي تديرها الدولة في تقرير مطوَّل بدور شي كمُصلح، مشيرةً إلى أن الصين تصنع الآن طائراتها وأجهزتها الإلكترونية ورقائق الكومبيوتر المتقدمة.

ووعد شي بـ«إصلاحات استراتيجية ومبتكرة ورائدة»، حسبما ذكرت وكالة أنباء «شينخوا»، «لتحقيق اختراقات جديدة في مجالات مهمة وقطاعات رئيسية».

لكنَّ النمو المزدوج الرقم في إنتاج المركبات الكهربائية والألواح الشمسية وعديد من المنتجات الأخرى يزيد من المخاوف من أن الصين تغمر الأسواق الأجنبية بمنتجات لا يمكن بيعها في الداخل. وفي الوقت نفسه، ارتفعت الصادرات، حيث نمت بنحو 9 في المائة في يونيو من حيث القيمة السنوية.

وتقدر مجموعة «روديوم» أن فائض تجارة التصنيع في الصين زاد بمقدار 775 مليار دولار في الفترة 2019 – 2023، وكان التأثير الأكبر على الاقتصادات المتقدمة، مثل الولايات المتحدة. لكن الاقتصادات النامية الأصغر حجماً تعاني أيضاً من وضع غير مواتٍ، كما قالت في تقرير، لأن «الموقف المهيمن للصين عبر عديد من فئات المنتجات يحدّ بشكل كبير من المساحة المتاحة للوافدين الجدد للظهور كقوى تصنيع جديدة».


مقالات ذات صلة

الأنشطة غير النفطية تقود مساعي السعودية في تنويع الاقتصاد

الاقتصاد جانب من الحاويات في ميناء جدة الإسلامي الواقع غرب السعودية (الهيئة العامة للموانئ)

الأنشطة غير النفطية تقود مساعي السعودية في تنويع الاقتصاد

تقود الأنشطة غير النفطية دوراً ريادياً لتنويع الاقتصاد بالسعودية؛ إذ تساهم بـ51 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وسط توقعات وصولها إلى 65 في المائة.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس السابق ريشي سوناك يحضران الافتتاح الرسمي للبرلمان في قصر وستمنستر (رويترز)

ستارمر يطلق إصلاحات لتحقيق أسرع معدل نمو في مجموعة السبع

قال رئيس وزراء بريطانيا ستارمر ووزيرة المالية ريتشل ريفز إنهما يهدفان لتحويل بلادهم للاقتصاد الأسرع نمواً بشكل مستدام ضمن مجموعة السبع، عبر مجموعة من الإصلاحات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيدة تسير إلى جوار حقل داخل جزيرة الذهب وسط النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تسجل فائضاً أولياً بنحو 18 مليار دولار في موازنة 2023 - 2024

قال وزير المالية المصري إن العجز الكلي في الموازنة العامة انخفض خلال العام المالي 2023 - 2024 إلى 505 مليارات جنيه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تلتقط صورة عقب أمطار غزيرة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

ملامح تدخل ياباني جديد في سوق الصرف

قال أكبر مسؤول عن العملة في وزارة المالية اليابانية إنه سيضطر للرد إذا تسبب المضاربون في تحركات مفرطة في سوق الصرف الأجنبي

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد العَلم البريطاني يرفرف بجوار برج إليزابيث المعروف باسم بيغ بن (رويترز)

ضغوط الأسعار تُبقي التضخم البريطاني ثابتاً عند 2 % في يونيو

استقر التضخم ببريطانيا عند 2 في المائة الشهر الماضي متحدياً التوقعات بانخفاض طفيف

«الشرق الأوسط» (لندن)

شركة «نفط الكويت» تعلن عن حفر 6 آبار استكشافية جديدة

منصة الحفر (أورينتال فينيكس) (كونا)
منصة الحفر (أورينتال فينيكس) (كونا)
TT

شركة «نفط الكويت» تعلن عن حفر 6 آبار استكشافية جديدة

منصة الحفر (أورينتال فينيكس) (كونا)
منصة الحفر (أورينتال فينيكس) (كونا)

أعلنت شركة نفط الكويت، اليوم الأربعاء، انتقال منصة الحفر (أورينتال فينيكس) إلى (قطاع جزة) استعداداً لحفر البئر الاستكشافية الجديدة (جزة 1) بعد نجاح المنصة في اكتشاف حقل «النوخذة» البحري.

وقالت الشركة في بيان صحافي: «إن قطاع جزة الذي يقع في المياه الاقتصادية الكويتية يعد قطاعاً واعداً باحتوائه على موارد هيدروكربونية كبيرة مبينة أن البئر الاستكشافية الجديدة (جزة 1) يستهدف أعماق العصر الطباشيري».

وقالت الشركة إنها تستهدف حفر ست آبار استكشافية في المرحلة الحالية من العمل في المنطقة البحرية، يعقبها عمليات مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد.

وأعلنت مؤسسة البترول الكويتية يوم الأحد عن كشف نفطي ضخم في حقل «النوخذة» البحري شرق جزيرة فيلكا الكويتية، باحتياطي نفطي يقدر بنحو 3.2 مليار برميل نفط مكافئ.

وقال الرئيس التنفيذي للمؤسسة الشيخ نواف سعود ناصر الصباح في مقطع مصور على منصة «إكس» في حينها: «إن احتياطيات الاكتشاف الجديد تعادل إجمالي إنتاج البلاد في ثلاث سنوات».

وأكدت شركة نفط الكويت بيانها، اليوم الأربعاء، قيامها حالياً بوضع خطة تطويرية لحقل «النوخذة» البحري حتى يدخل الإنتاج في أسرع وقت ممكن.

وأضافت أن قطاع جزة يعد أحد القطاعات الأربعة التي تستهدفها المرحلة الاستكشافية الحالية لشركة نفط الكويت، التي سيتم خلالها اكتشاف طبقات العصر الطباشيري والعصر الجوراسي في المنطقة البحرية الكويتية.

وأوضحت أن هذا القطاع يعد كذلك أحد القطاعات الواعدة في المنطقة البحرية الكويتية لما قد يحويه من موارد هيدروكربونية كبيرة، استناداً إلى الدراسات والبيانات الجيولوجية والجيوفيزيائية والبيانات المستمدة والمأخوذة من بئر (نوخذة 1) التي تم من خلالها اكتشاف حقل النوخذة البحري، الذي سيزيد من احتمالية فرص اكتشاف موارد هيدروكربونية جديدة في قطاع جزة.

وذكرت أنه سيتم خلال المرحلة الحالية حفر ست آبار استكشافية، والتي تعد نقطة انطلاق العمل في المنطقة البحرية الكويتية وبناء على النتائج الواعدة والمبشرة للمرحلة الحالية فستقوم الشركة بعمل مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد للقطاعات البحرية المختلفة في المياه الكويتية وذلك للحصول على بيانات أدق وأفضل وحتى تكتمل الصورة قبل البدء بالمرحلة الثانية من رحلة الاستكشافات البحرية في دولة الكويت.

ولفتت إلى أنه بموازاة ذلك تقوم الشركة حالياً بوضع خطة تطويرية لحقل النوخذة البحري حتى يدخل الإنتاج في أسرع وقت ممكن، ولكي تتم الاستفادة من موارده الهيدروكربونية الضخمة التي ستساهم بوصفها رافداً مهماً لتعزيز خطة التنمية في البلاد وتحفيز النمو الاقتصادي عبر القيمة المضافة من دخول المنطقة البحرية في عجلة الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة للشباب الكويتي في قطاع النفط والغاز البحري والتخصصات ذات الصلة.

وقالت إن اكتشاف حقل «النوخذة» البحري بمثابة حجر زاوية ولبنة أساسية أخرى لتحقيق استراتيجية شركة نفط الكويت 2040، مبينة أن هذه الحملة الاستكشافية البحرية تعكس جدية التزام الشركة باكتشاف الموارد الهيدروكربونية الكامنة في المياه الكويتية، وتمثل فرصة فريدة لتعزيز مكانة الكويت بين أكبر منتجي وحاملي الموارد الهيدروكربونية المثبتة في العالم.

وأفادت بأن هذه الاكتشافات تؤكد موقع ومكانة دولة الكويت وذلك بانضمامها إلى اللاعبين الإقليميين البارزين بوصفها مشغلاً بحرياً بارزاً يعتمد عليه ويعمل وفق المعايير الدولية، وستكون هذه الاكتشافات فرصة لفتح أسواق جديدة للتصدير وتعزيز العلاقات التجارية بالدول المستوردة للنفط.

وأوضحت أن عملية نقل منصة الحفر البحري (أورينتال فينيكس) تمت إلى موقعها الجديد بسلاسة ودون أي إصابات أو تأخير في العمليات بفضل الخطة الموضوعة والتعاون الوثيق بين الفرق العاملة في شركة نفط وقطاعات الدولة المختلفة.

وأشارت إلى أن وزارة الدفاع قامت ممثلة بالقوة البحرية الكويتية بدور حيوي في توفير تأمين الحماية الأمنية اللازمة والدعم اللوجيستي في أثناء النقل والعمليات، بينما قدمت وزارة الداخلية تسهيلات أمنية لضمان سلامة جميع العمليات وساهمت قوة الإطفاء العام في تأمين التدابير اللازمة لضمان السلامة العامة والتعامل مع أي حالات طارئة محتملة.