الديون تُقيّد الأسواق... مخاوف الاقتراض تطارد أكبر اقتصادات العالم

شعار اجتماع وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية لمجموعة السبع في محطة نيغاتا (رويترز)
شعار اجتماع وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية لمجموعة السبع في محطة نيغاتا (رويترز)
TT

الديون تُقيّد الأسواق... مخاوف الاقتراض تطارد أكبر اقتصادات العالم

شعار اجتماع وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية لمجموعة السبع في محطة نيغاتا (رويترز)
شعار اجتماع وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية لمجموعة السبع في محطة نيغاتا (رويترز)

تثير أكوام الديون الضخمة بين أكبر اقتصادات العالم قلق الأسواق المالية مرة أخرى، حيث تلقي الانتخابات بظلالها على التوقعات المالية.

وتعرضت السندات الفرنسية لضربة قوية بعد انتخابات مفاجئة وبرامج إنفاق ضخمة أثارت حالة من القلق. كما أصبحت ديناميكيات الديون الأميركية موضع التركيز قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن أزمة الديون ليست السيناريو الأساسي، فإن المستثمرين يدركون خطر سياسات الإنفاق التوسعية التي تؤدي إلى توتر السوق.

وقال كبير استراتيجيي السوق في مجموعة «زيورخ» للتأمين، جاي ميللر: «عاد التركيز إلى العجز».

وأضاف: «هناك حاجة إلى مزيد من الاهتمام ليس فقط بالدين، ولكن أيضاً بكيفية تحقيق ديناميكية نمو - خصوصاً في أوروبا».

وفيما يلي نظرة على 5 اقتصادات متقدمة كبيرة تتصدر قائمة المخاوف:

فرنسا

كانت الانتخابات المفاجئة بمثابة صدمة للمستثمرين الذين كانوا قد تغاضوا في السابق عن المالية العامة الفرنسية المتدهورة. ومع وجود فجوة في الموازنة تبلغ 5.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، تواجه فرنسا إجراءات تأديبية من الاتحاد الأوروبي.

وارتفعت علاوة المخاطر على سندات فرنسا فوق ألمانيا لفترة وجيزة الشهر الماضي، إلى أعلى مستوى لها منذ أزمة الديون عام 2012، مع تقدم اليمين المتطرف في سباق الانتخابات.

وفاز تحالف يساري في نهاية المطاف، وقد يحد برلمان معلق من خطط الإنفاق الخاصة به، ولكنه قد يعيق أيضاً أي إجراء لتعزيز المالية العامة الفرنسية.

وقال رئيس ديوان المحاسبة الوطني الفرنسي يوم الاثنين، إنه لا مجال للمناورة ويجب خفض العجز والديون.

وحتى قبل تشكيل حكومة جديدة، يتوقع الاتحاد الأوروبي أن يصل الدين إلى نحو 139 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2034، مقابل 111 في المائة حالياً. وتراجعت علاوة المخاطر الفرنسية، لكنها لا تزال مرتفعة نسبياً.

وقال مدير الصناديق في «كندا لايف آسيت مانجمنت»، ديفيد أرنو: «ستكون هناك علاوة مالية دائمة مضمنة في السعر».

الولايات المتحدة

الولايات المتحدة ليست بعيدة عن الركب، حيث يقدر مكتب الموازنة في الكونغرس أن الدين العام سيرتفع من 97 في المائة إلى 122 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2034 - أي أكثر من ضعف متوسط النسبة منذ عام 1994.

وأدت التوقعات المزدادة بفوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة في نوفمبر، إلى رفع عوائد سندات الخزانة الأميركية في الآونة الأخيرة، حيث قام المستثمرون بتسعير مخاطر عجز أكبر في الموازنة ومعدلات تضخم أعلى. ويعتقد بعض المستثمرين أن النتيجة الأسوأ لأسواق السندات ستكون رئاسة ترمب مع مجلسي النواب والشيوخ بقيادة الجمهوريين.

وقال رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في شركة «ليغال آند جنرال آسيت مانجمنت»، كريس جيفري: «هذا يعني أنه يمكننا الحصول على جولة أخرى من التحفيز المالي... من نقطة انطلاق يكون فيها العجز 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».

وفي حين أن سندات الخزانة الأميركية محمية بسبب وضعها كملاذ آمن، فإن منحنى العائد يقترب من أوسع مستوى له منذ يناير (كانون الثاني)، مما يعكس الضغط الذي يواجه تكاليف الاقتراض على المدى الطويل.

إيطاليا

أشاد المستثمرون برئيسة الوزراء الشعبوية جورجيا ميلوني كونها صديقة للسوق. ومع ذلك، كان عجز الموازنة البالغ 7.4 في المائة العام الماضي هو الأعلى بالاتحاد الأوروبي. لذلك تواجه إيطاليا أيضاً إجراءات تأديبية من الاتحاد الأوروبي ستختبر تفاؤل السوق.

وحققت السندات الإيطالية أداءً أفضل من نظيراتها. لكن علاوة المخاطر على السندات الإيطالية ارتفعت لفترة وجيزة إلى أعلى مستوى لها في 4 أشهر في يونيو (حزيران)، مع بيع السندات الفرنسية، مما يعكس سرعة انتشار القلق.

وتهدف روما إلى خفض العجز إلى 4.3 في المائة هذا العام، لكن سجلها سيئ في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بتحقيق الأهداف المالية.

وستؤدي حوافز تجديد المنازل التي تبلغ تكلفتها أكثر من 200 مليار يورو منذ عام 2020، إلى فرض ضغوط تصاعدية على الديون الإيطالية لسنوات. وتتوقع المفوضية الأوروبية أن يرتفع الدين إلى 168 في المائة من الناتج بحلول عام 2034 من 137 في المائة الآن.

وقال رئيس الدخل الثابت والعملات الأجنبية في «يونيون إنفستمنت»، كريستيان كوبف: «لن تحصل على مكافأة مقابل المخاطرة التي تخوضها في إيطاليا».

المملكة المتحدة

لقد تراجعت بريطانيا إلى قائمة القلق منذ عام 2022، عندما أدت التخفيضات الضريبية غير الممولة من قبل حكومة المحافظين آنذاك إلى توجيه السندات الحكومية والجنيه الإسترليني، مما أجبر تدخل المصرف المركزي لتحقيق الاستقرار في الأسواق وتغيير السياسة.

وتواجه حكومة حزب العمال الجديدة، التي تعهدت بتنمية الاقتصاد مع إبقاء الإنفاق محدوداً، تحديات، حيث يقترب الدين العام من 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال خبراء الموازنة في بريطانيا العام الماضي، إنه قد يرتفع إلى أكثر من 300 في المائة من الناتج الاقتصادي بحلول سبعينات القرن الحالي، في ظل شيخوخة المجتمع وتغير المناخ والتوترات الجيوسياسية التي تشكل مخاطر مالية كبيرة.

وتقول وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» إن النمو الاقتصادي الأقوى هو المفتاح لاستقرار الديون.

اليابان

يبلغ الدين العام في اليابان أكثر من ضعف اقتصادها، وهو الأكبر على الإطلاق بين الاقتصادات الصناعية.

وهذا لا يشكل مصدر قلق فورياً، لأن الجزء الأكبر من الديون اليابانية مملوك محلياً، مما يعني أن هؤلاء المستثمرين أقل احتمالاً للهروب عند أول علامات التوتر. ويمتلك المستثمرون الأجانب نحو 6.5 في المائة فقط من السندات الحكومية للبلاد.

وتعتقد وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني أن ارتفاع الأسعار وارتفاع الفائدة يمكن أن يفيدا الوضع الائتماني لليابان من خلال تضخيم الديون.

ولا تزال هناك بعض الأسباب للقلق.

وتشير تقديرات حكومية إلى أن اليابان تواجه زيادة تزيد على الضعف في مدفوعات الفائدة السنوية على الديون الحكومية، لتصل إلى 24.8 تريليون ين (169 مليار دولار) على مدى العقد المقبل.

لذا، فإن أي قفزة مفاجئة في عائدات السندات اليابانية مع عودة السياسة النقدية إلى طبيعتها تستحق المراقبة. وعندما يزيد قليلاً على 1 في المائة، فإن عوائد السندات لأجل 10 سنوات تقترب من أعلى مستوياتها منذ عام 2011.


مقالات ذات صلة

تعيين بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية يحرك الأسواق العالمية

الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال فعالية انتخابية في آشيفيل بولاية نورث كارولينا (رويترز)

تعيين بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية يحرك الأسواق العالمية

رحبت سوق السندات بتعيين سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يقوم بفرض قيود على الدين الأميركي، مما دفع العوائد إلى التراجع.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية زينة طوقان مع نائب الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (وزارة التخطيط الأردنية)

قرض ياباني بـ100 مليون دولار لدعم موازنة الأردن

وقَّع الأردن على قرض بقيمة 100 مليون دولار، بشروط تمويلية ميسرة مع الحكومة اليابانية، من خلال وكالة «جايكا» لدعم الموازنة العامة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)

المرشح لمنصب وزير الخزانة الأميركية: خفض الضرائب أولوية

ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت متحدثاً عن الاقتصاد في آشيفيل بنورث كارولينا (أ.ب)
ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت متحدثاً عن الاقتصاد في آشيفيل بنورث كارولينا (أ.ب)
TT

المرشح لمنصب وزير الخزانة الأميركية: خفض الضرائب أولوية

ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت متحدثاً عن الاقتصاد في آشيفيل بنورث كارولينا (أ.ب)
ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت متحدثاً عن الاقتصاد في آشيفيل بنورث كارولينا (أ.ب)

صرّح سكوت بيسنت، الذي اختاره دونالد ترمب لمنصب وزير الخزانة، لصحيفة «وول ستريت جورنال»، بأنه سيركز على متابعة تخفيضات الضرائب، وتعهدات التعريفات الجمركية التي قطعها الرئيس المنتخب بمجرد تولّيه منصبه.

وقال بيسنت إن فرض التعريفات الجمركية وخفض الإنفاق سيكونان أيضاً من بين النقاط التي سيركز عليها، على الرغم من أنه لم يدخل في التفاصيل، وفقاً لتقرير الصحيفة.

وهدَّد ترمب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60 في المائة على الشحنات الصينية.

وأضاف مدير صندوق التحوط المخضرم أنه سيعمل على «الحفاظ على مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية»، وفقاً للتقرير.

وسيكون بيسنت، الذي يدير صندوق التحوط الكلي «Key Square Group LP»، حاسماً في تنفيذ أجندة الرئيس المنتخب، والتي تتضمن تجديد بعض التخفيضات الضريبية لترمب لعام 2017، والتي تنتهي العام المقبل، وتخفيف القيود المالية.

وأدى اختيار بيسنت إلى ارتفاع أسعار العملات في جميع أنحاء العالم مقابل الدولار، حيث يقوم المتداولون بتقليص الرهانات على أن عودة ترامب ستؤدي إلى حدوث هزات في جميع الأسواق العالمية.