التضخم في الأرجنتين يكسر سلسلة من الانخفاضات ويتحدى مايلي

الرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي يتحدث في حدث تجاري في بوينس آيرس (رويترز)
الرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي يتحدث في حدث تجاري في بوينس آيرس (رويترز)
TT

التضخم في الأرجنتين يكسر سلسلة من الانخفاضات ويتحدى مايلي

الرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي يتحدث في حدث تجاري في بوينس آيرس (رويترز)
الرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي يتحدث في حدث تجاري في بوينس آيرس (رويترز)

جاء مقياس التضخم الذي يُتابع عن كثب في الأرجنتين أعلى مما كان تأمله حكومة الرئيس الليبرالي خافيير مايلي، حيث أفادت وكالة الإحصاء الرسمية بارتفاع الأسعار في يونيو (حزيران)، وكسر سلسلة من الانخفاضات التي استمرت لأشهر.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الأرجنتين بنسبة 4.6 في المائة في يونيو، مرتفعاً قليلاً عن معدل 4.2 في المائة في مايو (أيار)، مما أنهى اتجاهاً لمدة خمسة أشهر من تباطؤ التضخم الذي أرجعه الخبراء إلى ركود متزايد ناتج عن تقشف مايلي الصارم. ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماشاً بنسبة 2.8 في المائة هذا العام، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وروج الرئيس مايلي لانخفاض الأسعار خلال الأشهر الأخيرة بوصفه إنجازاً في معركته ضد أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها الأرجنتين منذ أكثر من عقدين.

وبعد تولي مايلي منصبه في ديسمبر (كانون الأول)، بلغ التضخم الشهري ذروته عند 25 في المائة. ولكن الانخفاض في الأسعار منذ ذلك الحين لم يوفر الكثير من الراحة للأرجنتينيين العاديين، حيث يواصل رئيس البلاد إجراء إصلاحات اقتصادية جذرية تتضمن تقليص الدعم السخي للطاقة، وإلغاء ضوابط الأسعار، وخفض قيمة البيزو الأرجنتيني.

وقال خوسيه رافائيل، وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 34 عاماً في بوينس آيرس: «العالم الذي تعيش فيه الحكومة، مع كل هذه الأرقام التي تقول إن الاقتصاد رائع، هو خيال». وأضاف: «في العالم الحقيقي، يجعل هذا الاقتصاد من الصعب حقاً إطعام ابني».

وأظهر تقرير الحكومة، الجمعة، تباطؤاً طفيفاً في التضخم السنوي للأرجنتين ليصل إلى أكثر من 271 في المائة بقليل، وهو لا يزال من بين أعلى المعدلات في العالم.

وقالت وكالة الإحصاء إن ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز كان السبب الرئيسي في ارتفاع التضخم في يونيو. وذكر الأرجنتينيون فواتير المرافق الباهظة بعد سنوات من دفع أسعار مدعومة بشكل كبير تحت حكومات ذات ميول يسارية.

وفي تناقض صارخ مع برنامج مايلي، قامت الحكومات الأرجنتينية السابقة بتثبيت الأسعار وطباعة مليارات الدولارات من البيزو لتمويل عجز كبير، مما أدى إلى تضخم مزمن.

وتحت إدارة مايلي، ذكرت وزارة الطاقة الأرجنتينية في يونيو، أن الأسر ذات الدخل المنخفض التي كانت تدفع سابقاً 5 في المائة فقط من التكلفة الحقيقية للكهرباء بدأت الآن في دفع ثلثها، بينما تغطي الأسر ذات الدخل المتوسط الآن على الأقل نصف التكلفة بعد إزالة مايلي للدعم.

كما حددت الحكومة استهلاك الكهرباء للتأهل للحصول على الدعم، مما يضغط على الأسر مع وصول جبهة باردة إلى الأرجنتين خلال شتاء نصف الكرة الجنوبي.

وأشار التقرير أيضاً إلى أن تكلفة المعيشة في البلاد ارتفعت بنحو 80 في المائة في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ووصلت الأسعار في محلات بوينس آيرس والمطاعم إلى مستويات مماثلة لتلك التي في الولايات المتحدة، حتى وإن كانت البلاد تُقدم جزءاً بسيطاً فقط من الأجور.

وفي علامة تحذير أخرى، انخفض البيزو، الجمعة، إلى أدنى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار، ليصل إلى 1500 في السوق السوداء، منهياً أسبوعاً آخر من التقلبات بعد أن كان مستقراً في الأشهر الأولى من العام.

ويعني الانخفاض الحاد في عملة الأرجنتين أن الفجوة المراقبة عن كثب بين سعر السوق السوداء وسعر الصرف الرسمي، الذي يبلغ حالياً 919 بيزو للدولار، قد اتسعت لتتجاوز 60 في المائة. وهذا يعقد هدف مايلي المتمثل في رفع قيود العملة الصارمة في الأرجنتين لاستعادة ثقة المستثمرين.

ويريد مايلي من صندوق النقد الدولي، الذي تدين له الأرجنتين بالفعل بمبلغ كبير قدره 44 مليار دولار، أن يتدخل بتقديم قرض جديد لدعم خططه لإزالة ضوابط رأس المال، والتي تسبب تشوهات كبيرة في اقتصاد الأرجنتين.

ولكن مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن مستقبل برنامج مايلي الاقتصادي، خفف الصندوق من توقعاته بالتوصل إلى اتفاق جديد يوم الخميس.

وقالت المتحدثة باسم الصندوق، جولي كوزاك، للصحافيين عند سؤالها عن حالة المفاوضات: «سيشارك الموظفون في مناقشات حول ترتيب جديد محتمل كما نفعل مع أي عضو في صندوق النقد. في هذه المرحلة، لا يوجد جدول زمني محدد لهذه المناقشات».


مقالات ذات صلة

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو، إن «المركزي» ليس متأخراً في خفض أسعار الفائدة، لكنه بحاجة إلى مراقبة من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

دي غالهو من «المركزي الأوروبي»: التعريفات الجمركية لترمب لن تؤثر في توقعات التضخم

قال فرنسوا فيليروي دي غالهو، عضو صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، إن زيادات التعريفات تحت إدارة ترمب الجديدة لن تؤثر في توقعات التضخم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.