«بنك كوريا»: حان الوقت للاستعداد لخفض أسعار الفائدة

محافظ «المركزي»: الوضع مهيأ لتغيير اتجاه السياسة النقدية في الوقت الملائم

مارّة على معبر للمشاة أمام مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)
مارّة على معبر للمشاة أمام مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)
TT

«بنك كوريا»: حان الوقت للاستعداد لخفض أسعار الفائدة

مارّة على معبر للمشاة أمام مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)
مارّة على معبر للمشاة أمام مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)

قال «المصرف المركزي الكوري الجنوبي» إنه حان الوقت للاستعداد للتحول نحو خفض أسعار الفائدة، «لكن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة لتعزيز الثقة بعودة التضخم إلى مستوى هدفه البالغ اثنين في المائة»، بعد أن أبقى على سعر الفائدة الأساسي دون تغيير يوم الخميس.

وأفاد «بنك كوريا»، في بيان له بعد الإبقاء على سعر الفائدة القياسي عند 3.50 في المائة للاجتماع الثاني عشر على التوالي، كما توقع جميع خبراء الاقتصاد البالغ عددهم 40 والذين استطلعت «رويترز» آراءهم، بأنه «سيبحث في توقيت خفض الفائدة».

وأضاف البيان: «مع ذلك، ونظراً إلى عدم اليقين (الكامن) بشأن المسار المستقبلي للتضخم، فمن الضروري إجراء تقييم أعمق لما إذا كان التضخم سيواصل اتجاهه التنازلي».

وفي حين كان قرار الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير بالإجماع، فقد قال اثنان من أعضاء مجلس الإدارة في «المركزي» إنهما قد يدعمان خفض الفائدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وفقاً لما قاله المحافظ ري تشانجغ يونغ.

وفي مؤتمر صحافي، حذر يونغ من ازدياد توقعات خفض أسعار الفائدة.

وقال: «من حيث استقرار الأسعار وحده، فإن الوقت مناسب لمناقشة خفض الفائدة»، لكن «توقعات السوق لخفضها تبدو مفرطة إلى حد ما».

وأضاف: «جرت تهيئة المشهد للسلطات من أجل تغيير الأوضاع والاستعداد لتغير الاتجاه في الوقت الملائم بشأن التطبيق المستقبلي للسياسة النقدية».

واكتسبت التوقعات بأن «بنك كوريا» قد يخفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة زخماً بعد أن أظهرت قراءات أسعار المستهلك الأساسية لشهر يونيو (حزيران) الماضي، التي صدرت الأسبوع الماضي، تباطؤ التضخم إلى أدنى مستوى في 11 شهراً عند 2.4 في المائة، وهذا قريب من هدفه البالغ اثنين في المائة.

وفي تغيير جوهري، أسقط «بنك كوريا» العبارة التي وردت في بيان شهر مايو (أيار) الماضي والتي مفادها بأن «مخاطر الارتفاع في توقعات التضخم قد زادت».

ويواجه رابع أكبر اقتصاد في آسيا تضخماً عنيداً، وينتظر صانعو السياسة أدلة كافية على أن الأسعار تتجه إلى الانخفاض لبدء خفض تكاليف الاقتراض من مستوياتها المقيدة.

ويشعر صانعو السياسة بالقلق بشأن احتمال تسارع نمو قروض الرهن العقاري؛ فكوريا الجنوبية تمتلك أعلى نسبة مديونية للأسر بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم المتقدم.

ويقول المحللون إن ضعف عملة الـ«وون»، التي انخفضت نحو 7 في المائة هذا العام مقابل الدولار، يمكنه أيضاً أن يؤخر جدول تخفيض الفائدة، حتى مع تصاعد الضغوط السياسية من أجل خفض مبكر للأسعار.

وقال المحلل في شركة «شينهان» للأوراق المالية، آهن جاي كيون: «يبدو أن أعضاء مجلس الإدارة باتوا الآن على ثقة بتحقيق استقرار الأسعار، لكنهم يرون أنه يجب إيلاء مزيد من الاهتمام للاستقرار المالي، بالنظر إلى التفويض المزدوج للبنك: استقرار الأسعار، والاستقرار المالي».

وأضاف كيون، الذي يتوقع أن يخفض «بنك كوريا» أسعار الفائدة في الربع الرابع: «قد نرى معارضين في مراجعة البنك المقبلة للسياسة النقدية في أغسطس (آب)، وستكون هذه طريقة لإظهار أن صانعي السياسة قد فحصوا المخاطر المرتبطة بخفض أسعار الفائدة بشكل شامل».


مقالات ذات صلة

حرب الجبهتين تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران بعد عام من النزاع

خاص تصاعد الدخان عقب الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة، 11 أكتوبر 2023 (رويترز) play-circle 05:35

حرب الجبهتين تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران بعد عام من النزاع

لم يعد الاقتصاد الإسرائيلي بعد عام من الحرب كما كان، بل دخل مرحلة جديدة مليئة بالتحديات الاقتصادية المعقدة.

هدى علاء الدين (بيروت)
الاقتصاد امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة، كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي متفائل بشأن الاقتصاد الألماني

أعرب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورغه برنده، عن ثقته بالتنمية الاقتصادية في ألمانيا على الرغم من الانكماش الاقتصادي الحالي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات للسفر خارج البلاد التي كانت تعاني من إفلاس في فبراير 2023 (إ.ب.أ)

سريلانكا تصادق على اتفاق إعادة هيكلة ديونها

أعلنت حكومة سريلانكا الجديدة أنها صادقت على اتفاق وقَّعه الرئيس السابق مع الجهات الخاصة الدائنة، لإعادة هيكلة ديون بقيمة 12.5 مليار دولار من السندات السيادية.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

رغم تباطئه في سبتمبر (أيلول)، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

لهذه الأسباب... ارتفعت الصفقات العقارية للوحدات السكنية الصغيرة 151 % في السعودية

بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
TT

لهذه الأسباب... ارتفعت الصفقات العقارية للوحدات السكنية الصغيرة 151 % في السعودية

بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)

تشهد السوق العقارية في السعودية مؤخراً إقبالاً على الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة، التي تتراوح مساحاتها بين 30 متراً مربعاً و65 متراً مربعاً، حيث ارتفعت الصفقات العقارية لتلك المساحات بنسبة 151 في المائة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وأرجع عدد من الخبراء والاختصاصيين العقاريين خلال حديثهم مع «الشرق الأوسط»، هذا الإقبال، إلى 4 أسباب، مشيرين إلى أن المستقبل في المدن الكبرى مثل الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة وجدة، والدمام سيكون للوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة، التي ستخلق فرصاً استثمارية جديدة للمطورين العقاريين في التوسع في هذه الوحدات وزيادة نصيبها ضمن مَحافظهم الاستثمارية والخاصة بمشروعات التطوير العقاري.

ويرى الخبير والمُقيّم العقاري المهندس أحمد الفقيه، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن المستقبل في المدن الكبرى للوحدات السكنية من الشقق الصغيرة بمتوسط مساحة 35 متراً مربعاً، مضيفاً أن مبيعات غالبية المطورين والمسوّقين العقاريين في المدن الكبيرة تتركز في الوحدات السكنية الصغيرة التي تتكون من غرفة أو غرفتين واستوديو.

وأرجع الفقيه هذا التوجه نحو الوحدات السكنية الصغيرة، إلى 4 أسباب، تتمثل في تغير التركيبة السكانية في المدن الرئيسية وعلى رأسها مدينة الرياض ومحافظة جدة؛ بسبب الهجرة الكبيرة نحو المدن التي أصبحت مركز جذب، ولارتفاع جودة الحياة فيها، ولزيادة الفرص الوظيفية فيها للسعوديين وغير السعوديين، كما أن هذه الفئات قليلة العدد ومتوسط عدد أفرادها 3 أشخاص. بالإضافة إلى ظهور فئات جديدة في المجتمع لم يعهدها سابقاً، من الذين يُفضّلون الاستقلالية في السكن، حيث إن بعضهم سيدات، سواء منفصلات أو موظفات قادمات من خارج المدن، أو رجال يفضلون الاستقلالية في السكن.

وأشار الفقيه إلى أن السبب الثالث، يكمن في تغير العادات الاجتماعية، بحيث أصبحت الأسر الجديدة وحديثو الزواج يميلون إلى عدم إنجاب الأطفال بعدد كبير جداً، ويفضّلون وجود فترة زمنية تتجاوز 3 سنوات لإنجاب طفلهم الأول، بعد الاستقرار المادي والسكني، مضيفاً أن السبب الرابع يتمثل في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في المدن الكبرى؛ مما دفع كثيراً من العائلات الصغيرة والمستقلين إلى تفضيل الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة.

واستشهد الفقيه بلغة الأرقام، مشيراً إلى أن بيانات البورصة العقارية توضح تضاعف الصفقات العقارية للوحدات السكنية بين 30 متراً مربعاً و65 متراً مربعاً، حيث سجّلت البورصة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي نحو 242 وحدة سكنية، بينما قفزت خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي إلى 608 وحدات سكنية، وهو مؤشر قوي على ازدياد وتفضيل هذا النوع من المساكن.

الوحدات الصغيرة... نجم صاعد

من جانبه، وصف المستشار والخبير العقاري العبودي بن عبدالله، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، الوحدات السكنية الصغيرة بأنها نجم صاعد في السوق العقارية السعودية، واستطاعت خلال الفترة الماضية جذب اهتمام المطورين والمستثمرين على حد سواء، مشيراً إلى أنه مع تنامي عدد السكان وزيادة الطلب على السكن فرضت هذه الوحدات نفسها حلاً مبتكراً وذكياً يلبي احتياجات الطلب الكبير والعصر الحديث في السوق العقارية السعودية، ويتواكب مع ما يشهده من تحولات ديناميكية، كما يجمع بين المرونة والكفاءة والاستدامة.

وأضاف أنه «في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المملكة تظهر الحاجة إلى تنوع في الخيارات السكنية بشكل متزايد من الجيل الجديد من السعوديين الذين يفضّلون الاستقلالية والمرونة، ويسعون للحصول على وحدات سكنية تلبي احتياجاتهم الفردية بأسعار تتناسب مع قدراتهم الشرائية». ولفت إلى أن الوحدات السكنية الكبيرة لم تعد الخيار الأوحد، بل باتت الوحدات الصغيرة تجذب الأنظار، خصوصاً للشباب والعائلات الصغيرة والمهنيين غير المتزوجين الذين يبحثون عن أسلوب حياة يتناسب مع احتياجاتهم، دون الإخلال بالجودة أو الراحة؛ مما يجعلها خياراً مثالياً لمَن يسعون للحصول على نمط حياة عصري ومستدام، يتماشى مع التوجهات العالمية نحو التصميم الذكي واستخدام المساحات بشكل أكثر فعالية.

ويرى العبودي أن النمو السكاني وتنامي تدفق موظفي الشركات العالمية والمستثمرين، زادا من الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة بشكل لافت في المملكة، خصوصاً للفئات الباحثة عن سكن بأسعار معقولة وبمواقع استراتيجية داخل المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام، لافتاً إلى أن الأرقام والإحصاءات تشير إلى أن الطلب على الوحدات الصغيرة سيرتفع بشكل مستمر خلال السنوات المقبلة؛ حيث يسهم ذلك في تخفيف الضغط على الوحدات السكنية الكبيرة ويفتح أبواباً جديدة للاستثمار في قطاع العقارات، كما أن المستثمرين العقاريين بدأوا في استيعاب ذلك، وهو ما أدى إلى زيادة المشروعات السكنية التي تركز على تقديم وحدات صغيرة تتسم بالجودة والكفاءة.

وأضاف أنها تعدّ خياراً اقتصادياً ممتازاً سواء للمطورين أو للمشترين، فالمساحات الأصغر تعني تكاليف أقل للبناء وبالتالي تقديم وحدات بأسعار تنافسية تتيح لشريحة أوسع من السكان إمكانية التملك أو الإيجار، وهذا يسهم في تحقيق أهداف «رؤية 2030» في زيادة نسبة تملك السعوديين للمساكن، كما أنها ستصبح جزءاً أساسياً من النسيج العقاري للمملكة.