التضخم الاستهلاكي في الصين أقل من التوقعات وسط ضعف الطلب

اليوان يهبط لأدنى مستوى في 8 أشهر

متسوق أمام رفوف الزيوت في أحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (أ.ب)
متسوق أمام رفوف الزيوت في أحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (أ.ب)
TT

التضخم الاستهلاكي في الصين أقل من التوقعات وسط ضعف الطلب

متسوق أمام رفوف الزيوت في أحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (أ.ب)
متسوق أمام رفوف الزيوت في أحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (أ.ب)

سجلت أسعار المستهلك في الصين نمواً للشهر الخامس على التوالي في يونيو (حزيران) الماضي، لكنها جاءت دون التوقعات، في حين استمر انكماش أسعار المنتجين مع تباطؤ الطلب المحلي على الرغم من إجراءات الدعم لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وسَعَت بكين إلى إحياء الاستهلاك بعد التعافي المتعثر بعد «كوفيد - 19»، لكن المخاوف لا تزال قائمة بشأن قضايا أكثر جوهرية، بما في ذلك تباطؤ سوق الإسكان وانعدام الأمن الوظيفي. وقد أثَّر ذلك على نشاط المستهلكين والصناعة وعزز الدعوات إلى سياسات أكثر فاعلية.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، يوم الأربعاء، أن مؤشر أسعار المستهلك في الصين ارتفع 0.2 في المائة في يونيو على أساس سنوي، مقابل ارتفاع بنسبة 0.3 في المائة في مايو (أيار) الماضي، وهو الأبطأ في ثلاثة أشهر، ويقل عن زيادة 0.4 في المائة توقعها خبراء اقتصاديون في استطلاع أجرته «رويترز».

وقال تشيوي تشانغ، كبير خبراء الاقتصاد في «بينبوينت» لإدارة الأصول: «لم يتبدد خطر الانكماش في الصين. الطلب المحلي لا يزال ضعيفاً».

وانخفضت أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر على الرغم من انقطاع الإمدادات بسبب سوء الأحوال الجوية في الصيف، وهو ما يؤكد ضعف الطلب. وانخفضت أسعار المواد الغذائية 2.1 في المائة على أساس سنوي مقارنةً بانخفاض بنسبة 2 في المائة في مايو. ومن الجدير بالذكر أن أسعار الخضراوات الطازجة انخفضت 7.3 في المائة، مقابل ارتفاع بنسبة 2.3 في المائة في مايو. وتَعمق انخفاض أسعار الفاكهة الطازجة إلى 8.7 في المائة من 6.7 في المائة في مايو.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.8 في المائة في يونيو على أساس سنوي، وهو أقل من انخفاض بنسبة 1.4 في المائة في الشهر السابق، وتوافق مع المتوقع، وكان الأصغر في 17 شهراً.

وقال غابرييل نغ، مساعد الخبير الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس»: «إن الانخفاضات المتزايدة في أسعار السلع الاستهلاكية المعمرة عند بوابة المصنع تؤكد أن فائض القدرة التصنيعية لا يزال يشكل قضية متفاقمة».

وقال نغ، الذي قدّر أن مؤشر أسعار المستهلك السنوي سيرتفع بنسبة 0.5 في المائة فقط، وهو أقل بكثير من هدف التضخم الرسمي البالغ 3 في المائة لعام 2024: «إن سياسة الحكومة لا تزال تعطي الأولوية للاستثمار، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة بشكل أكبر. وسيستمر هذا في التأثير على التضخم».

وخفض تجار التجزئة في الصين أسعار السلع؛ من السيارات إلى القهوة، في أثناء محاولاتهم التغلب على ضعف الإنفاق الاستهلاكي وسط توقعات اقتصادية غير مستقرة.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن انخفاض أسعار البنزين تسارع إلى 6 في المائة في يونيو من 5.2 في المائة في الشهر السابق، فيما انخفضت أسعار المركبات الجديدة التي تعمل بالطاقة بنسبة 7.4 في المائة مقابل انخفاض بنسبة 6.9 في المائة في مايو.

وقوبلت الدعوات المتكررة من صناع السياسات للناس العاديين بـ«الجرأة على الإنفاق» باستجابة فاترة. ومع توقع اقتراض الأسر والشركات أقل، فإن هذا يعزز الحجة لصالح دعم السياسات بخلاف الإعانات الجزئية لتبادل السيارات والسلع الاستهلاكية.

وقد يتم الإعلان عن إصلاح شامل لضريبة الاستهلاك بوصفها جزءاً من التغييرات التي طال انتظارها للنظام الضريبي في الصين في اجتماع رئيسي للقيادات الأسبوع المقبل، وهو ما قد يحوّل الحوافز للمسؤولين المحليين من تنمية قاعدتهم الصناعية إلى توسيع قاعدة المستهلكين.

وقال لين سونغ، كبير خبراء الاقتصاد في الصين الكبرى لدى «آي إن جي»: «إن التضخم الضعيف وبيانات الائتمان الضعيفة تقدم حجة مقنعة لمزيد من تخفيف السياسة النقدية من جانب البنك المركزي الصيني في الأشهر المقبلة».

وعقب نشر البيانات، هبط اليوان الصيني إلى أدنى مستوياته في 8 أشهر تقريباً مقابل الدولار الأميركي، يوم الأربعاء.

وحقق الدولار مكاسب يوم الأربعاء، بعد أن انتعش من أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع، بعد أن أبدى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم بأول، نبرة حذرة بشأن مدى سرعة خفض أسعار الفائدة. وبحلول الساعة 03:45 بتوقيت غرينتش، انخفض اليوان 0.04 في المائة إلى 7.2756 مقابل الدولار بعد تداوله في نطاق 7.2734 إلى 7.2761 يوان للدولار.

وقبل افتتاح السوق، حدد بنك الشعب الصيني سعر النقطة الوسطى، الذي يُسمح لليوان بالتداول حوله في نطاق 2 في المائة، عند 7.1342 مقابل الدولار، وهو أضعف مستوى له منذ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وأعلى بمقدار 1369 نقطة من تقديرات «رويترز».

وقال متداولون ومحللون إن البنك المركزي يخفض تدريجياً إرشاداته الرسمية اليومية لليوان، وهو ما يتوافق مع توقعات السوق، ولكن مع وجود تحيز يشير إلى أنه يسمح ببعض الانخفاض.

وانخفض اليوان بنسبة 0.1 في المائة مقابل الدولار هذا الشهر، وهو أضعف بنسبة 2.4 في المائة هذا العام. وكان اليوان تحت الضغط منذ أوائل عام 2023 حيث دفعت المشكلات المحلية حول قطاع العقارات المتداعي والاستهلاك الهزيل وانخفاض العائدات تدفقات رأس المال إلى الخروج من اليوان.

وقال ييفان هو، كبير مسؤولي الاستثمار الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادي في «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية: «من الشائع أن تضعف العملات مقابل الدولار هذا العام، حيث لم يكن بنك الاحتياطي الفيدرالي على استعداد لخفض أسعار الفائدة. قد يكون سبتمبر (أيلول) نقطة تحول».

وتوقع هو أن يحافظ اليوان على اتجاه هبوطي حتى سبتمبر، ليحوم حول 7.3 هذا العام، وسيعود إلى 7.2 مع خفض أسعار الفائدة الأميركية العام المقبل.

وأغلقت الأسهم الصينية منخفضة، حيث انخفض مؤشر «شنغهاي» المركّب 0.68 في المائة، ومؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية 0.32 في المائة، مع ارتفاع مؤشره الفرعي للقطاع المالي 0.04 في المائة، وقطاع السلع الاستهلاكية الأساسية 0.19 في المائة، ومؤشر الرعاية الصحية 0.24 في المائة، بينما انخفض مؤشر العقارات 0.99 في المائة.

وانخفض مؤشر «هانغ سنغ» 0.29 في المائة، ومؤشر «هانغ سنغ» للشركات الصينية 0.39 في المائة، وتراجع المؤشر الفرعي لمؤشر «هانغ سنغ» الذي يتتبع أسهم الطاقة 3.8 في المائة، وقطاع تكنولوجيا المعلومات 0.21 في المائة، وقطاع العقارات 0.57 في المائة، فيما ارتفع القطاع المالي 0.39 في المائة. وأغلق مؤشر «شنتشن» الأصغر منخفضاً 0.35 في المائة، ومؤشر «تشينيكست» المركّب للشركات الناشئة 0.061 في المائة.


مقالات ذات صلة

مستقبل غامض لرئيس الوزراء الياباني بعد الفشل في الاتفاق مع ترمب

الاقتصاد جانب من العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

مستقبل غامض لرئيس الوزراء الياباني بعد الفشل في الاتفاق مع ترمب

فشلت مساعي رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا هذا الأسبوع في دفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تخفيف الرسوم الجمركية التي تُهدد اقتصاد بلاده ومستقبله السياسي

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد كازو أويدا محافظ بنك اليابان المركزي يغادر مؤتمراً صحافياً بمقر البنك في العاصمة طوكيو (رويترز)

«بنك اليابان» يركز على مخاطر الرسوم الأميركية وتوترات الشرق الأوسط

ربما يُراجع بنك اليابان توقعاته للأسعار لفترة طويلة قبل رفعها مجدداً، لكنه لا يزال يُتيح مجالاً للتحرك هذا العام من خلال توخي الحذر إزاء اتساع ضغوط

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يمر أمام شاشة إلكترونية تظهر حركة الأسهم في وسط العاصمة الكورية الجنوبية سيول (إ.ب.أ)

«المركزي الكوري» يرجح هبوط الأسعار محلياً تأثراً بـ«رسوم ترمب»

صرّح «البنك المركزي الكوري الجنوبي»، الأربعاء، بأن من المرجح أن تُسبب الرسوم الجمركية الأميركية ضغطاً نزولياً على الأسعار محلياً.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد محافظ بنك الشعب الصيني بان قونغ شنغ في كلمة يوم الأربعاء خلال منتدى «لوجياتسوي» بمدينة شنغهاي (رويترز)

الصين توسِّع نطاق اليوان الرقمي عالمياً لإنشاء «نظام عملة متعدد الأقطاب»

تعهَّد رئيس البنك المركزي الصيني بتوسيع نطاق الاستخدام الدولي لليوان الرقمي، ودعا إلى تطوير نظام عملة عالمي متعدد الأقطاب.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد شعار «سبيربنك» في أحد مكاتبه بموسكو (رويترز)

«سبيربنك»: الاقتصاد الروسي مُهدد بالتباطؤ... والنمو يتطلب فائدة أقل من 15 %

حذَّر ألكسندر فيدياخين، النائب الأول للرئيس التنفيذي لـ«سبيربنك»، أكبر مؤسسة إقراض في روسيا، من احتمال تباطؤ حاد في الاقتصاد الروسي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (سانت بطرسبرغ (روسيا))

نائب رئيس الوزراء الروسي يبحث مع أمين عام «أوبك» وضع سوق النفط العالمية

الاجتماع بين نائب رئيس الوزراء الروسي وأمين عام «أوبك» (منصة إكس)
الاجتماع بين نائب رئيس الوزراء الروسي وأمين عام «أوبك» (منصة إكس)
TT

نائب رئيس الوزراء الروسي يبحث مع أمين عام «أوبك» وضع سوق النفط العالمية

الاجتماع بين نائب رئيس الوزراء الروسي وأمين عام «أوبك» (منصة إكس)
الاجتماع بين نائب رئيس الوزراء الروسي وأمين عام «أوبك» (منصة إكس)

ذكرت الحكومة الروسية، في بيان لها، يوم الأربعاء، أن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك ناقش الوضع في سوق النفط العالمية مع الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص.

وقالت الحكومة إن «الطرفين ناقشا الوضع في سوق النفط العالمية، خصوصاً فيما يتعلق بتصعيد الصراع في الشرق الأوسط، والتعاون بين روسيا و(أوبك) على المستوى الثنائي وفي إطار اتفاقية (أوبك بلس)».

فيما ذكرت أمانة «أوبك»، في بيان، أن الاجتماع العاشر رفيع المستوى لحوار الطاقة انعقد بين «أوبك» وروسيا، على هامش منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، المنعقد في الفترة من 18 إلى 21 يونيو (حزيران) 2025.

وقالت «أوبك» إن الغيص على أهمية الشراكة بين الاتحاد الروسي و«أوبك» على جميع المستويات، وأشاد بالدور القيادي الذي تلعبه روسيا في إطار «إعلان التعاون» بصفتها رئيساً مشاركاً لاجتماعات «أوبك» الوزارية وغير الوزارية، واجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج.

في افتتاح الاجتماع، قال نوفاك: «تُقدّر روسيا تقديراً عالياً فاعلية التعاون ضمن (أوبك بلس). وبفضل اتصالات العمل المنتظمة والقائمة على الثقة، بما في ذلك مع أمانة (أوبك)، يُمكننا مقارنة المواقف مُسبقاً، ووضع مناهج مُتفق عليها، واتخاذ قرارات في اجتماعاتنا الوزارية تُراعي مصالح كل عضو في (أوبك بلس)».

وتناولت المناقشات تطورات أسواق النفط والطاقة العالمية، بالإضافة إلى قضايا متنوعة تتعلق بقطاعي النفط والطاقة، مثل أمن الطاقة، ومخاطر نقص الاستثمار، وأهمية استقرار السوق في دفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي. كما ناقش الاجتماع التوقعات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لأسواق الطاقة.

واتُفق على عقد الاجتماع رفيع المستوى القادم لحوار الطاقة بين «أوبك» وروسيا خلال عام 2026 في فيينا.