باول: التضخم يعود إلى المسار الهبوطي لكن المزيد من البيانات مطلوب

سوق العمل تقاوم تشديد «الفيدرالي»: الوظائف الشاغرة ترتفع إلى 8.1 مليون

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يتحدث خلال مؤتمر صحافي بواشنطن في 12 يونيو (أ.ب)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يتحدث خلال مؤتمر صحافي بواشنطن في 12 يونيو (أ.ب)
TT

باول: التضخم يعود إلى المسار الهبوطي لكن المزيد من البيانات مطلوب

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يتحدث خلال مؤتمر صحافي بواشنطن في 12 يونيو (أ.ب)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يتحدث خلال مؤتمر صحافي بواشنطن في 12 يونيو (أ.ب)

قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول إن أحدث البيانات الاقتصادية تشير إلى أن التضخم يعود إلى المسار الهبوطي، لكنه أضاف أن المسؤولين يرغبون في رؤية مزيد من البيانات قبل أن يقرر خفض أسعار الفائدة.

وقال باول خلال حلقة نقاش، الثلاثاء، في منتدى «المصرف المركزي الأوروبي حول المصارف المركزية» في سينترا بالبرتغال: «نريد فقط أن نتأكد من أن المستويات التي نراها تعكس قراءة دقيقة لما يحدث فعلاً في التضخم الأساسي». وأشار إلى أنهم يرغبون في أن يكونوا أكثر ثقة، ونظراً لأن اقتصاد الولايات المتحدة قوي، فلديهم القدرة على أخذ الوقت اللازم، وفق «رويترز».

وقال باول إنه بعد بعض تقارير التضخم المرتفعة المستمرة في بداية عام 2024، فإن بيانات أبريل (نيسان) ومايو (أيار) «تشير إلى أننا نعود إلى مسار مكافحة التضخم»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأضاف أن «مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي ما زالوا يريدون رؤية نمو الأسعار السنوي يتباطأ أكثر نحو هدفهم البالغ 2 في المائة قبل أن يشعروا بالثقة في التغلب على التضخم المرتفع بشكل كامل».

وأظهرت البيانات لشهر مايو أن مؤشر التضخم المفضل لدى «الفيدرالي» لم يسجل أي زيادة خلال ذلك الشهر، بينما انخفض معدل التضخم على مدى 12 شهراً إلى 2.6 في المائة، ولا يزال فوق هدف «المركزي» البالغ 2 في المائة ولكن في طريقه للانخفاض.

وقال باول إنه يعتقد أن الاقتصاد الأميركي قريب من النقطة التي تكون فيها تضاد للسياسة النقدية بين هدفي «الاحتياطي الفيدرالي» الأساسيين، وهما تحقيق الاستخدام الكامل للقوى العاملة وضمان استقرار الأسعار.

وأضاف: «نعتقد أن السياسة النقدية تعد مقيدة، وأن ذلك مناسب»، مشيراً إلى أن سوق العمل تقترب من النقطة في منحنى «بيفريدج» حيث تعني أن مزيداً من الانخفاض في فرص العمل يعني ارتفاع معدلات البطالة. كما أضاف: «لا يمكنك معرفة ذلك بدقة، لكننا ندرك تماماً أن لدينا مخاطر ذات جانبين وعلينا إدارتها».

في المقابل، ارتفع عدد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة بشكل طفيف إلى 8.1 مليون في مايو على الرغم من تأثير ارتفاع أسعار الفائدة التي تهدف إلى تهدئة سوق العمل.

وارتفع عدد الوظائف الشاغرة من 7.9 مليون المعدلة في أبريل، وهي القراءة الأولى التي تقل عن 8 ملايين منذ فبراير (شباط) 2021، حسبما أعلنت وزارة العمل الأميركية الثلاثاء.

وارتفع عدد حالات التسريح قليلاً، وظل عدد الأميركيين الذين تركوا وظائفهم - وهو مؤشر على ثقتهم بآفاقهم - دون تغيير تقريباً.

وكان اقتصاد الولايات المتحدة وسوق العمل مرنين بشكل ملحوظ في مواجهة حملة «الاحتياطي الفيدرالي» لرفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم. وعلى الرغم من التوقعات بحدوث ركود، فإن الاقتصاد الأميركي استمر في النمو، واستمر أصحاب العمل في التوظيف.

ويرحب صانعو السياسة في «الفيدرالي» بانخفاض عدد الوظائف الشاغرة - وهي طريقة غير مؤلمة نسبياً لتهدئة سوق العمل وتقليل الضغط على الشركات لرفع الأجور، مما يمكن أن يؤدي إلى التضخم.

وفي الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار) من هذا العام، نما الاقتصاد بوتيرة سنوية قدرها 1.4 في المائة فقط، وهي الأبطأ منذ ربيع 2022، وتوسع إنفاق المستهلكين، الذي يمثل نحو 70 في المائة من النشاط الاقتصادي الأميركي، بنسبة 1.5 في المائة فقط بعد تقدمه بأكثر من 3 في المائة في كل ربع سنة من الربعين الأخيرين من عام 2023.


مقالات ذات صلة

سريلانكا تصادق على اتفاق إعادة هيكلة ديونها

الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات للسفر خارج البلاد التي كانت تعاني من إفلاس في فبراير 2023 (إ.ب.أ)

سريلانكا تصادق على اتفاق إعادة هيكلة ديونها

أعلنت حكومة سريلانكا الجديدة أنها صادقت على اتفاق وقَّعه الرئيس السابق مع الجهات الخاصة الدائنة، لإعادة هيكلة ديون بقيمة 12.5 مليار دولار من السندات السيادية.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

رغم تباطئه في سبتمبر (أيلول)، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)

كبير اقتصاديي بنك إنجلترا يدعو إلى الحذر عند خفض الفائدة

أكد كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، ضرورة أن يتخذ المصرف المركزي البريطاني خطوات تدريجية عند خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المصرف المركزي في فرانكفورت (رويترز)

التضخم في عالم ما بعد الجائحة... هل تستعد المصارف المركزية لمزيد من القوة؟

قد يكون التذبذب السريع في معدلات التضخم دون تأثيرات مماثلة على الناتج الاقتصادي سمة بارزة لعالم ما بعد جائحة كوفيد-19.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

ارتفاع عائدات السندات الأوروبية من أدنى مستوياتها في عدة أشهر

ارتفعت عائدات السندات الحكومية في منطقة اليورو قليلاً عن أدنى مستوياتها في عدة أشهر يوم الخميس، مع تقييم الأسواق لتوقعات تخفيض أسعار الفائدة من المصرف المركزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
TT

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تباطئه في سبتمبر، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

وعانت تركيا على مدى العامين الماضيين تضخماً متسارعاً، بلغ ذروته عند معدل سنوي 85.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، و75.45 في المائة في مايو (أيار) الماضي.

وأفادت بيانات رسمية، يوم الخميس، بانخفاض معدل التضخم إلى 49.38 في المائة في سبتمبر. إلا أن إحصاءات مجموعة «إي إن إيه جي» المؤلفة من اقتصاديين مستقلين، أشارت إلى أن معدل التضخم السنوي في الشهر ذاته يبلغ 88.6 في المائة.

وسبق لوزير المال التركي محمد شيمشك أن أكد في تصريحات سابقة أن حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان تأمل في خفض التضخم إلى 17.6 في المائة نهاية عام 2025، وما دون 10 في المائة عام 2026.

وأشاد إردوغان حديثاً بالمسار التراجعي للتضخم، مشدداً على أن «الأوقات الصعبة باتت خلفنا». إلا أن خبراء اقتصاديين يرون أن ارتفاع أسعار الاستهلاك في تركيا بات «مزمناً»، وتزيده سوءاً بعض السياسات الحكومية. وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة مرمرة محمد شيمشان إن «الانخفاض الراهن يعود حصراً إلى تأثير القاعدة (التي يحتسب على أساسها التضخم). ارتفاع الأسعار شهرياً ما زال كبيراً، ويبلغ 2.97 في المائة في تركيا و3.9 في المائة في إسطنبول». وأضاف: «لا يمكن اعتبار ذلك قصة نجاح».

قيمة الليرة

وعلى عكس السياسة التقليدية برفع معدلات الفوائد لمكافحة التضخم، لطالما دافع إردوغان عن سياسة خفض الفوائد، مما تسبب بانخفاض متزايد في قيمة الليرة التركية، وساهم بدوره في ارتفاع التضخم.

لكن بعد إعادة انتخابه رئيساً في مايو 2023، أطلق إردوغان يد المصرف المركزي لرفع معدلات الفائدة الأساسية من 8.5 إلى 50 في المائة، بين يونيو (حزيران) 2023 ومارس (آذار) 2024. وأبقى المصرف معدلاته دون تغيير في سبتمبر للشهر السادس توالياً.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة قادر هاس إرينتش يلدان، إن «مكافحة التضخم تتمحور حول أولويات القطاع المالي. نتيجة لذلك، تجري الأمور بطريقة غير مباشرة وتولّد حالة من عدم اليقين».

وشدد أستاذ الاقتصاد في جامعة كارادينيز التقنية، يعقوب كوتشوكال، على أن رفع معدلات الفوائد لا يكفي لكبح التضخم ما لم يقترن بمعالجة العجز الضخم في الميزانية، مشيراً إلى أنه يبلغ مستوى قياسياً عند 129.6 مليار ليرة (3.79 مليار دولار).

وأوضح أن وزير المال شيمشك «يقول إن هذا يعود إلى الإنفاق المرتبط بإعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء زلزال فبراير (شباط) 2023»، في إشارة إلى الكارثة التي راح ضحيتها أكثر من 53 ألف شخص. وتابع: «لكن الثقب الأسود الفعلي يعود إلى عقود الشراكة المكلفة بين القطاعين العام والخاص»، في إشارة إلى عقود لتطوير البنى التحتية يقول منتقدوها إنها غالباً ما تؤول إلى شركات على صلة وثيقة بحكومة إردوغان.

وتشمل هذه العقود كلفة بناء وإدارة مختلف البنى التحتية من الطرق السريعة والجسور إلى المستشفيات والمطارات، وغالباً ما تكون مصحوبة بضمانات سخية مثل تعويضات حكومية إذا كان معدل استخدامها دون المتوقع. وشدد كوتشوكال على أنه «يجب أن نشكك بهذه العقود التي تشكّل عبئاً على الميزانية؛ لأن هذه التعويضات مرتبطة بالدولار أو باليورو».

وغالباً ما تنعكس إجراءات مكافحة التضخم سلباً على الأسر ذات الدخل المنخفض، علماً بأن الحد الأدنى للأجور لم يتم رفعه منذ يناير (كانون الثاني)، وفق كوتشوكال الذي أكد أن «القوة الشرائية لهؤلاء متدنية أساساً».

وتابع: «بغرض خفض الطلب، على هذه الإجراءات أن تستهدف المجموعات ذات الدخل الأعلى، لكن بالكاد يوجد ما يؤثر عليها».

إجراءات التقشف

من جهته، رأى يلدان أن «إجراءات التقشف» التي شملت على سبيل المثال إلغاء خدمات التنظيف في المدارس الرسمية، تضر بالفئات الأكثر حرماناً، وتعزز عدم المساواة، مشيراً إلى أنه من المحبذ فرض «ضريبة على الثروة، والتعاملات المالية وإيرادات العقار». لكنه لفت إلى صعوبة تحقيق ذلك نظراً إلى أن الحزب الحاكم يعوّل على دعم «شركات موالية للحكومة» فازت بعقود البنى التحتية.

ووفق دراسة أعدتها جامعة كوش، تتوقع الأسر أن يبلغ التضخم السنوي نسبة 94 في المائة بحلول نهاية العام الحالي، أي أعلى بكثير من توقعات المصرف المركزي.

ورأى شيمشان أن «ارتفاع الأسعار الذي تعانيه الطبقات المتوسطة والدنيا محزن للغاية؛ لأنه يشمل منتجات أساسية وخدمات مثل الغذاء والسكن والتعليم، حيث يبقى التضخم بالغ الارتفاع».

وأشار مراقبون إلى أن عدم اليقين بشأن المستقبل يساهم أيضاً في ارتفاع الأسعار؛ لأن التجار يحاولون أن يأخذوا في الاعتبار التكاليف المستقبلية. وقال يلدان: «التضخم بات هيكلياً ومستمراً في تركيا. في غياب إصلاحات هيكلية، سنكون عالقين في حلقة مفرغة كما كنا عليه في التسعينات».