هل يدخل اقتصاد اليابان عصر التشكيك والمراجعة؟

الكل يترقب تفاصيل خطة البنك المركزي لتقليص مشترياته من السندات

مشاة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرّون تحت الرذاذ في يوم حار (أ.ف.ب)
مشاة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرّون تحت الرذاذ في يوم حار (أ.ف.ب)
TT

هل يدخل اقتصاد اليابان عصر التشكيك والمراجعة؟

مشاة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرّون تحت الرذاذ في يوم حار (أ.ف.ب)
مشاة في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرّون تحت الرذاذ في يوم حار (أ.ف.ب)

تراجع اثنان من خبراء الاقتصاد عن توقعاتهما بشأن نمو الاقتصاد الياباني في عام 2024، بعد يوم من تعديل بيانات إجمالي الناتج المحلي في البلاد خلال الربع الأول من العام بشكل حاد، مما يسلط الضوء على المأزق الذي يواجهه بنك اليابان بينما يدرس قضية رفع أسعار الفائدة.

وأفادت وكالة «بلومبرغ» بأن خبيرَي الاقتصاد اللذين يعملان في كلٍّ من بنك «بي إن بي باريبا» وشركة «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية، خفّضا توقعاتهما للنمو، حيث توقعا أن يشهد عام 2024 حدوث أول انكماش سنوي في اليابان منذ تفشي جائحة فيروس كورونا في عام 2020، حسبما ورد في تقارير يوم الثلاثاء.

ويتوقع الخبير الاقتصادي ريوتارو كونو، الذي يعمل في بنك «بي إن بي باريبا»، أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي في اليابان بنسبة 0.4 في المائة، فيما قال خبراء الاقتصاد في «إس إم بي سي نيكو»، بقيادة يوشيماسا ماروياما، إن التراجع سيكون بنسبة 0.3 في المائة. وكان كلاهما قد توقع من قبل حدوث توسعات طفيفة.

من جانبه، قال ماساهيكو كاتو، الرئيس التنفيذي لمجموعة «ميزوهو» المالية، إن بنك اليابان قد يرفع أسعار الفائدة مرتين بحلول نهاية مارس (آذار) 2025، لتصل إلى 0.5 في المائة، وهو ما يعكس معدل النمو الحقيقي للاقتصاد الياباني.

لكنَّ كاتو قال في مقابلة مع «رويترز» إن رفع أسعار الفائدة بسرعة لن يكون أداة لوقف ضعف الين الذي هبط إلى أدنى مستوى في 38 عاماً مقابل الدولار. وقال: «إذا رفع بنك اليابان أسعار الفائدة بقوة شديدة، فإن النمو الاقتصادي الذي بدأ أخيراً سيتدهور. ليس لديَّ انطباع بأنهم سيرفعون أسعار الفائدة على عجل».

وأنهى البنك المركزي أسعار الفائدة السلبية بعد ثماني سنوات في مارس، وينقسم خبراء الاقتصاد حول ما إذا كانت زيادة أخرى في الأسعار ستأتي في السياسة النقدية التالية في وقت لاحق من هذا الشهر.

وقال كاتو إنه في حين أن التضخم يترجَم إلى تكاليف أعلى للشركات التي يتعين عليها رفع الأجور، فإن هذا بدوره يحفزها على تبني استراتيجيات نمو جديدة مثل عمليات الدمج والاستحواذ، والتقسيم، والتوسع في الخارج لتعزيز الأرباح.

وحددت «ميزوهو» الشركات المدرجة ذات القيمة السوقية المتوسطة كقاعدة عملاء جديدة لخدمات التمويل والاستحواذ، حيث يعني النقص الحاد في العمالة في اليابان أن العديد من هذه الشركات تفتقر إلى المعرفة المتخصصة لمتابعة النمو، على سبيل المثال، من خلال عمليات الدمج والاستحواذ.

وقال كاتو إن حقيقة أن العديد من الشركات تكافح من أجل رفع قيمتها المؤسسية بعد الإدراج تكمن وراء المشاركة المتزايدة للمستثمرين النشطاء في الشركات اليابانية، فضلاً عن حملة بورصة طوكيو لتعزيز القيمة المؤسسية.

وأسست «ميزوهو» فريق دعم نمو الشركات ذات القيمة السوقية المتوسطة المكون من 7 أشخاص في العام الماضي، والذي أصبح في أبريل (نيسان) قسماً مستقلاً يضم 70 شخصاً... وقال كاتو: «حتى الآن كان مسموحاً للشركات بأن يكون لديها مفهوم ضئيل لرفع قيمتها المؤسسية... ولكن مع إصلاحات بورصة طوكيو وبدء الاقتصاد في التحرك مرة أخرى، فجأة أصبحت الظروف مناسبة».

وفي الأسواق، ارتفعت عائدات السندات الحكومية اليابانية يوم الثلاثاء مع انتظار المستثمرين تفاصيل خطة بنك اليابان لتقليص مشترياته الشهرية من السندات. وارتفع العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل عشر سنوات 2.5 نقطة أساس إلى 1.085 في المائة، والعائد على السندات لأجل خمس سنوات 1.5 نقطة أساس إلى 0.605 في المائة.

وقال ميكي دين، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة اليابانية لدى «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية: «حتى يعلن بنك اليابان تفاصيل الكيفية التي سيخفض بها كميات مشترياته من السندات، فإن العائدات ستتجه نحو الارتفاع».

وفي اجتماع السياسة، الشهر الماضي، قرر بنك اليابان الإعلان في يوليو (تموز) الجاري عن خطة مفصلة بشأن الكيفية التي يخطط بها لتقليص مشترياته الضخمة من السندات وتقليص ميزانيته العمومية التي تبلغ نحو 5 تريليونات دولار.

وتوقع المشاركون في سوق السندات اليابانية أن يقلص البنك المركزي مشترياته من السندات بنحو 100 مليار دولار في العام الأول بموجب خطة التشديد الكمي المقرر إصدارها هذا الشهر، وفقاً لمسح أجرته «رويترز».

وأظهر مسح أجرته «رويترز» شمل 19 بنكاً وشركة وساطة وشركة تأمين ومديري أصول، أنهم يتوقعون أن يقلص بنك اليابان مشترياته من السندات بمتوسط ​​16.1 تريليون ين (99.7 مليار دولار) في العام الأول. وهذا يعني مشتريات شهرية بقيمة 4.65 تريليون ين، انخفاضاً من الوتيرة الحالية البالغة نحو 6 تريليونات ين. وفي العام الثاني، يتوقع المستجيبون أن ينخفض حجم المشتريات إلى 3.55 تريليون ين في المتوسط، حسب الاستطلاع... وبالإجمال، فإن هذا يعادل خفضاً بنحو 45 تريليون ين خلال فترة العامين.

وانقسم المستجيبون لاستطلاع «رويترز» بشأن المدة التي سيستمر فيها بنك اليابان في خفض برنامج التسهيلات الائتمانية، حيث توقع 9 منهم أن يستمر ذلك لمدة عامين، في حين توقع اثنان أن ينتهي في غضون عام. ويعتقد العديد من الآخرين أن بنك اليابان سيستمر في خفض برنامج التسهيلات الائتمانية لأكثر من عامين.


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يتحدث خلال زيارة لمصنع في تشيستر (رويترز)

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه واثق بجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة إلى بريطانيا في الأسابيع والأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عمال يرصُّون أجولة من السكر لشحنها في ميناء بولاية غوجارات الهندية (رويترز)

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

أظهرت بيانات أن مؤشر أسعار الغذاء العالمية قفز في سبتمبر (أيلول) مسجلاً أكبر زيادة له في 18 شهراً بدعم من ارتفاع أسعار السكر.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد ماسح أحذية يتعامل مع أحد الزبائن أمام محطة طوكيو المركزية بالعاصمة اليابانية (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء الياباني يطلب رسمياً إعداد حزمة تحفيز

أصدر رئيس الوزراء الياباني الجديد تعليمات رسمية لوزرائه يوم الجمعة بإعداد حزمة اقتصادية جديدة لتخفيف الضربة التي تتعرض لها الأسر نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)

كبير اقتصاديي بنك إنجلترا يدعو إلى الحذر عند خفض الفائدة

أكد كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، ضرورة أن يتخذ المصرف المركزي البريطاني خطوات تدريجية عند خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المصرف المركزي في فرانكفورت (رويترز)

التضخم في عالم ما بعد الجائحة... هل تستعد المصارف المركزية لمزيد من القوة؟

قد يكون التذبذب السريع في معدلات التضخم دون تأثيرات مماثلة على الناتج الاقتصادي سمة بارزة لعالم ما بعد جائحة كوفيد-19.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الإمارات وصربيا تتبادلان اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وألكسندر فوتشيتش رئيس صربيا يشهدان تبادل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين (وام)
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وألكسندر فوتشيتش رئيس صربيا يشهدان تبادل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين (وام)
TT

الإمارات وصربيا تتبادلان اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وألكسندر فوتشيتش رئيس صربيا يشهدان تبادل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين (وام)
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وألكسندر فوتشيتش رئيس صربيا يشهدان تبادل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين (وام)

أعلنت الإمارات وصربيا توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية الشاملة بين البلدين، تهدف إلى تحفيز التدفقات التجارية والاستثمارية، وتعزيز التعاون وبناء الشراكات بين القطاع الخاص لدى الجانبين.

وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وألكسندر فوتشيتش، رئيس صربيا، مراسم التوقيع؛ إذ أكد الشيخ محمد بن زايد أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة تعد محطة مهمة في علاقات دولة الإمارات وصربيا؛ ذات الاقتصاد الصاعد في منطقة متنامية الأهمية من أوروبا.

وقال على هامش التوقيع: «إنها خطوة متقدمة في مسار شراكاتنا الاقتصادية، التي تمكن مجتمعات الأعمال وتعزز الاستثمار والفرص عبر المشروعات التنموية المشتركة في القطاعات المهمة، مثل الخدمات اللوجستية والأمن الغذائي»، مشيراً إلى أن صربيا شريك مهم ضمن برنامج الشراكات الاقتصادية الشاملة، وأن الاتفاقية تلبي الطموح المشترك لكلٍّ من البلدين من أجل حقبة جديدة من التعاون والنمو المستدام لاقتصاد البلدين.

من جانبه، أكد الرئيس الصربي أهمية الاتفاقية، معرباً عن تطلعه لأن تسهم في فتح آفاق جديدة من التعاون، بما يخدم التنمية والازدهار الاقتصادي المستدام في البلدين.

وتبادل الاتفاقية الدكتور ثاني الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية، وتوميسلاف موميروفيتش وزير التجارة الداخلية والخارجية الصربي، لتنضم صربيا إلى شبكة الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، تحت مظلة برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تنفذه الدولة الخليجية منذ شهر سبتمبر (أيلول) 2021.

وستسهم الاتفاقية في إزالة أو تخفيض الرسوم بخطوط التعريفات الجمركية والحواجز غير الضرورية أمام التجارة، وحماية حقوق الملكية الفكرية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، بجانب تسهيل التدفقات الاستثمارية المتبادلة، فيما تعد الإمارات ثالث أكبر سوق للصادرات الصربية في منطقة الشرق الأوسط، في حين توجهت زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو القطاعات ذات الأولوية العالية، التي تشمل الطاقة المتجددة والزراعة والأمن الغذائي والبنية التحتية والخدمات اللوجستية.

ويشكل برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تواصل دولة الإمارات تنفيذه منذ نهاية عام 2021، ركيزة أساسية لاستراتيجية الدولة للنمو، التي تستهدف مضاعفة إجمالي قيمة التجارة الخارجية إلى 4 تريليونات درهم (1.08 تريليون دولار) بحلول عام 2031، وتغطي الاتفاقيات المبرمة حتى الآن، ضمن البرنامج مناطق أميركا الجنوبية والشرق الأوسط وآسيا وجنوب شرقها وأوروبا الشرقية.

وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد بحث مع ألكسندر فوتشيتش رئيس صربيا مختلف جوانب الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع البلدين، والفرص الطموحة لتنميتها وتطويرها، بما يخدم مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى عدد من القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.

جاءت تلك المباحثات خلال استقبال ألكسندر فوتشيتش، في العاصمة بلغراد، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والوفد المرافق، والذي يقوم بزيارة عمل إلى صربيا.

واستعرض الطرفان -وفق «وكالة أنباء الإمارات» (وام)- خلال اللقاء تطور الشراكة الاستراتيجية، خصوصاً في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتجارية، إضافة إلى التكنولوجيا والأمن الغذائي والطاقة المتجددة وغيرها من فرص التعاون المتنوعة لدى البلدين.

كما تناول الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، مؤكدين في هذا السياق ضرورة العمل على إيجاد حلول سلمية لمختلف الأزمات التي يشهدها عدد من مناطق العالم، وتعوق تحقيق التنمية والازدهار على المستويين الإقليمي والعالمي.

وقال رئيس الإمارات إن بلاده تؤمن بأهمية التعاون والحوار لحل الخلافات بالطرق السلمية لمصلحة جميع شعوب العالم، مشدداً على أن دولة الإمارات داعمة للسلام والاستقرار في منطقة البلقان، وتولي أهمية كبيرة للعلاقة مع دولها، وفي مقدمتها صربيا، مضيفاً أن العلاقات «الإماراتية - الصربية» متنامية، وشهدت نقلة نوعية كبيرة، إثر التوقيع على الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.

وأكد أن دولة الإمارات تؤمن بالارتباط الوثيق بين التنمية وتحقيق السلام والاستقرار والتعاون في دول العالم، وأن التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين الدول هو المسار الطبيعي؛ الذي من المهم السير فيه من أجل مستقبل أفضل للشعوب في كل أنحاء العالم.

وقال الشيخ محمد بن زايد إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة تُمثل خطوة كبيرة ونوعية تعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين، سواء على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص، وتزيد من معدلات التجارة والاستثمار بينهما، مشيراً إلى أن انضمام صربيا إلى برنامج الشراكات الاقتصادية الإماراتي يُعبر عن الإدراك المتبادل للفرص الكثيرة التي يمكن لبلدينا استثمارها من أجل مستقبل أفضل للشعبين.