فرنسا تتعهد بتقليص عجز موازنتها إلى أقل من 3 % بحلول 2027

«الجبهة الشعبية الجديدة» تعلن عن خطط لرفع الإنفاق العام 107 مليارات دولار في 2025

برج إيفل والمنطقة المالية والتجارية في لا ديفونس، غرب باريس (رويترز)
برج إيفل والمنطقة المالية والتجارية في لا ديفونس، غرب باريس (رويترز)
TT

فرنسا تتعهد بتقليص عجز موازنتها إلى أقل من 3 % بحلول 2027

برج إيفل والمنطقة المالية والتجارية في لا ديفونس، غرب باريس (رويترز)
برج إيفل والمنطقة المالية والتجارية في لا ديفونس، غرب باريس (رويترز)

أكد وزير المالية الفرنسي برونو لومير، يوم الجمعة، أن بلاده ستخفض عجز موازنتها العامة إلى أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، بعد أن وبخ الاتحاد الأوروبي، فرنسا، لانتهاكها قواعد الموازنة المتبعة في الكتلة.

وقال لومير للصحافيين في لوكسمبورغ: «علينا أن نعود إلى المالية العامة السليمة والاعتماد على تصميمي الكامل».

وأضاف: «سنتمسك بالمسار نفسه ونسعى لتحقيق 3 في المائة وصولاً إلى أقل من 3 في المائة بحلول عام 2027».

وتشهد فرنسا حالةً من الفوضى السياسية منذ أن دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إجراء انتخابات مبكرة عقب الهزيمة الساحقة لحزبه أمام اليمين المتطرف هذا الشهر.

ووعدت العديد من الأحزاب السياسية بالإنفاق ببذخ، وهو ما يرجع، حسب لومير، إلى تقلبات السوق في فرنسا في الأيام الأخيرة.

وقال لومير: «هناك برامج طرحتها الأحزاب الأخرى والمعارضة بإنفاق عام كبير للغاية».

وأضاف أن «هذا يفسر رد فعل السوق والمخاوف التي عبر عنها القطاع المصرفي». وأكد أن «هذه هي النتيجة المباشرة لبرامج اقتصادية ومالية حمقاء وغير مسؤولة».

وقالت المفوضية الأوروبية، يوم الأربعاء، إنها ستقترح في يوليو (تموز) إطلاق «إجراء العجز المفرط» لبلجيكا وفرنسا وإيطاليا والمجر ومالطا وبولندا وسلوفاكيا.

وبلغ العجز في الدول السبع (أي الفرق بين إيرادات الحكومة والإنفاق) أكثر من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في انتهاك لقواعد الكتلة المالية.

وبلغ العجز في فرنسا 5.5 في المائة العام الماضي. وبموجب قواعد الكتلة، هناك هدفان أساسيان: يجب ألا يتجاوز دين الدولة 60 في المائة من الناتج الوطني، ويجب ألا يتجاوز العجز العام 3 في المائة.

ودافع لومير عن سياسات فرنسا، وأشار إلى «القرارات الضرورية» التي اتخذت في الأشهر الستة الماضية لخفض الإنفاق العام.

من جانبه، أعلن إريك كوكريل، عضو كبير في التحالف اليساري الجديد «الجبهة الشعبية الجديدة» في فرنسا، الذي شكل حلفاً قبل انتخابات البرلمان السريعة، أن التحالف قدم وعوداً انتخابية تهدف إلى رفع الإنفاق العام بمقدار 100 مليار يورو (106.9 مليار دولار) في عام 2025.

وقد تعهدت «الجبهة الشعبية الجديدة» بشكل بارز بعكس إصلاحات التقاعد المثيرة للجدل التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون، وإعادة رفع سن التقاعد إلى 60 عاماً. كما تهدف أيضاً إلى رفع أجور القطاع العام، وربط الرواتب بالتضخم، وزيادة الإعانات السكنية والشبابية، وخفض الضرائب على الدخل والضمان الاجتماعي للفئات المنخفضة، وفرض ضريبة على الثروات للأثرياء.

وأشار إلى أن التحالف اليساري الذي تشكل حديثاً في فرنسا لا يخطط لتمويل برنامجه من خلال زيادة العجز، وقال: «منطقنا ليس زيادة العجز»، مضيفاً أن التمويل سيأتي بشكل خاص من عائدات الضرائب.

وقال كوكريل للصحافيين: «في عام 2025، يمكن أن يبلغ الإنفاق العام 100 مليار يورو»، مضيفاً أن زيادة الضرائب ستولد 100 مليار يورو في عام 2025 و150 مليار يورو (160.27 مليار دولار) في الفترة من 2026 إلى 2027».


مقالات ذات صلة

وزير المالية السعودي: كفاءة الإنفاق لا تعني خفضه

الاقتصاد وزير المالية السعودي متحدثاً في الجلسة الحوارية ضمن منتدى «كفاءة الإنفاق» (الشرق الأوسط)

وزير المالية السعودي: كفاءة الإنفاق لا تعني خفضه

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن كفاءة الإنفاق لا تعني خفضه بل استغلال الموارد وإعادة توجيهها لتحقيق أثر أعلى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد طائرات «ميغ - 29» و«سو - 30 إس إم» المقاتلة تحلّق في استعراض جوي خلال «يوم النصر» في موسكو (رويترز)

موازنة روسيا تعود إلى العجز مع ارتفاع الإنفاق العسكري

عادت موازنة روسيا إلى تسجيل عجز بنسبة 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد فائض قدره 0.1 في المائة خلال الشهر السابق.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا يظهر محاطاً بالزهور في لندن (رويترز)

هل يخفّض بنك إنجلترا الفائدة مجدداً اليوم؟

من المرجح أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة للمرة الثانية فقط هذا العام في قرار ستطغى عليه تداعيات موازنة المملكة المتحدة وفوز دونالد ترمب في الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون يعملون على أرضية بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ب)

تراجع سندات الخزانة الأميركية مع مخاوف من فوز الجمهوريين

شهدت سندات الخزانة الأميركية انخفاضاً في تعاملات متقلبة، يوم الأربعاء، وسط قلق المستثمرين من أن فوز الجمهوريين المحتمل في الانتخابات قد يعزز ضعف الموازنة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تلتقط صورة مع صندوق الموازنة الأحمر أمام مكتبها في شارع داونينغ بلندن (رويترز)

مكتب مسؤولية الموازنة البريطاني يغير نهجه... من الثقة إلى «الثقة والتحقق»

تحوّل مكتب مسؤولية الموازنة في المملكة المتحدة من نهج قائم على الثقة تجاه وزارة المالية إلى نهج أكثر دقة، تحت شعار «الثقة والتحقق».

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل انهيار الحكومة الألمانية فرصة لإنعاش اقتصاد منطقة اليورو؟

المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك في إحاطة إعلامية بمقر المستشارية بعد إقالته وزير المالية كريستيان ليندنر (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك في إحاطة إعلامية بمقر المستشارية بعد إقالته وزير المالية كريستيان ليندنر (رويترز)
TT

هل انهيار الحكومة الألمانية فرصة لإنعاش اقتصاد منطقة اليورو؟

المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك في إحاطة إعلامية بمقر المستشارية بعد إقالته وزير المالية كريستيان ليندنر (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك في إحاطة إعلامية بمقر المستشارية بعد إقالته وزير المالية كريستيان ليندنر (رويترز)

قد يكون لانهيار الحكومة الألمانية جانب إيجابي للاقتصاد المتعثر في منطقة اليورو، حيث من المحتمل أن تؤدي زيادة الإنفاق الحكومي إلى دعم عملتها وأسواق الأسهم، حتى وإن كان الطريق نحو ذلك غير واضح.

وتشير الأسواق بالفعل إلى توقعات بمزيد من الاقتراض الحكومي الذي قد يساعد على تحفيز الاقتصاد، مما دفع مقياساً مهماً لسوق السندات، الذي يقيس إصدار الديون، إلى تسجيل رقم قياسي، وفق «رويترز».

وكان سبب انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا هو الخلاف حول ما إذا كان يجب تعليق «فرامل الديون» في ألمانيا، التي تحد من الاقتراض. وتشير القراءة الأولية للأسواق إلى أن الانتخابات المبكرة في فبراير (شباط) قد تجلب مزيداً من اليقين لاقتصاد بالكاد تجنَّب الركود.

وتفوَّق أداء الأسهم الألمانية على نظيراتها الأوروبية عقب أنباء انهيار الحكومة، يوم الأربعاء الماضي، وهو ما يُعدّ مؤشراً على تحول المزاج العام نحو التفاؤل، وذلك بعد ساعات من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية، الذي رفع تهديد فرض التعريفات الجمركية في ضربة جديدة لأكبر اقتصاد في أوروبا.

وقال كبير الاستراتيجيين في مجموعة «زوريخ» للتأمين، جاي ميلر: «كانت ديناميكية النمو في ألمانيا ضعيفة إلى حد كبير، وكان جزء كبير من ذلك نتيجة لأخطاء داخلية، حيث تمسَّكت ألمانيا بفرامل الديون في وقت كان الاقتصاد يحتاج فيه إلى دعم».

وأضاف: «إن انهيار الائتلاف أمر إيجابي، ونحن نأمل في أن يتم منح مزيد من المجال المالي في موازنة 2025».

مأزق فرامل الديون

لطالما انتقد الاقتصاديون «فرامل الديون» التي تم تبنيها في عام 2009 لعرقلة نمو الاقتصاد الألماني، الذي يُتوقع أن يتقلص هذا العام.

ويُقدِّر رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في بنك «آي إن جي»، كارستن بريزسكي، أنَّ زيادة الإنفاق الحكومي بنسبة 1 في المائة إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمدة 10 سنوات يمكن أن تعزز النمو المحتمل إلى 1 في المائة على الأقل مقارنة بنحو 0.5 في المائة حالياً.

وأضاف بريزسكي: «ألمانيا ليست في مشكلة مالية عامة، حيث إن ديونها تمثل فقط 63 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني أن لديها مجالاً أكبر للإنفاق مقارنةً بدول مثل فرنسا وإيطاليا».

وأوضح قائلاً: «إذا أمكن الجمع بين الإصلاحات وتخفيف السياسة المالية، فليكن».

وكان صندوق النقد الدولي قد أشار أيضاً إلى ضرورة أن تنظر ألمانيا في تخفيف «فرامل الديون»، وأي إشارات على زيادة الإنفاق قد تعزز الأسهم الأوروبية.

وارتفع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 6 في المائة فقط هذا العام، وهو أقل من رُبع الزيادة التي حققها مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأميركي بنسبة 26 في المائة.

ويتوقع بنك «باركليز» أن التحول نحو سياسات داعمة للنمو سيكون ضرورياً لتعديل تقييمات الأسهم الألمانية.

وتتوقع «سيتي غروب» أن تخفض المعارضة المحافظة، التي تتصدر استطلاعات الرأي، الضرائب، مما سيدعم الأسهم.

كما يمكن أن يستفيد اليورو، الذي انخفض إلى أدنى مستوى له منذ أبريل (نيسان) الماضي عند نحو 1.06 دولار، مع إعادة ظهور الحديث عن انخفاضه إلى مستوى التعادل؛ بسبب مخاوف بشأن الرسوم الجمركية.

وأشار كبير استراتيجيي الفوركس في «سوسيتيه جنرال»، كيت جاكيس، إلى أن ألمانيا تجاوزت اليابان هذا العام بوصفها الدولة التي تملك أكبر كمية من الأصول الأجنبية، مما يعني أن لديها رأس مال كبيراً يمكن استخدامه للاستثمار في اقتصادها.

وقال جاكيس: «يمكن استخدام هذا المال لشراء سندات الحكومة الألمانية عالية العائد لتحفيز الاقتصاد». وأضاف أن هذا قد يكون له «تأثير كبير» على اليورو إذا أشارت الحكومة إلى تغيير ملموس في سياستها.

آمال في سياسة مالية أوروبية مشتركة

تأمل الأسواق في أن يؤدي التحول في السياسة الألمانية إلى فتح الباب أمام مزيد من الإنفاق المشترك على مستوى أوروبا. وقد يتطلب فوز ترمب في الانتخابات - في ظل دعوات ضخمة للاستثمار من أجل تعزيز القدرة التنافسية - من الاتحاد الأوروبي زيادةَ الإنفاق على الدفاع.

وقال رئيس استراتيجيات الأسهم الأوروبية في «أكسا لإدارة الاستثمارات»، غيليس غيبوي: «إن تغيير النغمة في ألمانيا أمر بالغ الأهمية للانتقال نحو مزيد من التكامل الأوروبي».

ووصف إقالة وزير المالية كريستيان ليندنر، وهو من المؤيدين للسياسات المالية الصارمة، بأنها «أخبار رائعة» لأوروبا، لكنه أضاف أن ما إذا كان ذلك سيكون كافياً يبقى موضع تساؤل.

التحديات السياسية على المدى القصير

بالطبع، يعني عدم الاستقرار السياسي مزيداً من الألم على المدى القصير للصناعة وقد يؤثر في المعنويات العامة.

وقد يحد المحافظون، الذين يُتوقع أن يقودوا الحكومة المقبلة، من زيادة الإنفاق. فزعيمهم فريدريش ميرز يريد التمسك بفرامل الديون.

وقال ميرز إن الإصلاحات تحتاج إلى الظروف المناسبة للاستثمار في البرامج الداعمة للنمو، لكنه أيضاً يريد السيطرة على الإنفاق الاجتماعي. كما عارض مزيداً من الديون المشتركة في الاتحاد الأوروبي.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يدعم المحافظون تعديل فرامل الديون بزيادة متواضعة في الإنفاق، بنحو 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما سيبقي السياسة المالية «عبئاً» على النمو.

وفي الوقت نفسه، يوصي الاستراتيجي في «ماكواري»، تييري وزمان، بالرهان ضد اليورو في ظل عدم وجود ضمانات بحكومة إصلاحية.

المستقبل: هل سيكون التغيير في الأفق؟

يتوقع دافيد أونيغليا من شركة الاستشارات «تي إس لومبارد» أن الانتخابات المبكرة ستعيد إلى الواجهة النقاش حول نموذج النمو في ألمانيا، والمخاطر الأمنية للاتحاد الأوروبي «بكل إلحاح».

وقال: «أكبر خطر على رؤيتنا هو أنهم قد يفشلون في إدراك الحاجة إلى تغيير جذري، ويعودون إلى وصفات اقتصادية قديمة أصبحت الآن غير قابلة للتطبيق». وأضاف: «إذا حدث ذلك، فسيواجه الاقتصاد الألماني، والاقتصاد الأوروبي، بشكل عام أزمة أكثر شدة».