تباطؤ نمو الأعمال في منطقة اليورو يضع «المركزي» في مأزق

تعافي النشاط التجاري الألماني يتعثر في يونيو

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
TT

تباطؤ نمو الأعمال في منطقة اليورو يضع «المركزي» في مأزق

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

تباطأ نمو الأعمال في منطقة اليورو بشكل حاد هذا الشهر، مع تراجع الطلب لأول مرة منذ فبراير (شباط)، إذ أظهر قطاع الخدمات في التكتل بعض علامات الضعف، في حين ساء الانكماش بقطاع الصناعة.

جاء ذلك على الرغم من خفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة بخطوة متوقعة على نطاق واسع في وقت سابق من هذا الشهر، وتوقعات في استطلاع «رويترز» بخفضين آخرين هذا العام.

وهبط مؤشر «مديري المشتريات المركب الأولي» لشركة «إتش سي أو بي»، الذي جمعته «ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى 50.8 هذا الشهر من 52.2 في مايو (أيار)، ما يخالف التوقعات في استطلاع «رويترز» لارتفاع إلى 52.5.

ومع ذلك، فقد شكّل شهر يونيو (حزيران) الشهر الرابع الذي يتجاوز فيه المؤشر مستوى 50 الفاصل بين النمو والانكماش.

وقال كبير الاقتصاديين في «بنك هامبورغ التجاري»، سيروس دي لا روبي: «هل ينتهي تعافي قطاع الصناعة قبل أن يبدأ؟ لا يزال قطاع الخدمات يبقِي منطقة اليورو في حالة من الصمود».

وانخفض مؤشر «الأعمال الجديدة» الإجمالي إلى أدنى مستوى له في 4 أشهر عند 49.2 من 51.6.

وتراجع مؤشر «مديري المشتريات» لقطاع الخدمات المهيمن إلى 52.6 من 53.2. وتوقع استطلاع «رويترز» ارتفاعاً إلى 53.5.

ولكن ضغوط التضخم تراجعت، ما عزز موقف خفض أسعار فائدة «المركزي الأوروبي» بشكل أكبر هذا العام. وانخفض مؤشر «أسعار إنتاج الخدمات» إلى 53.7 من 54.2، وهو أدنى قراءة له في أكثر من 3 سنوات بقليل.

وأضاف دي لا روبي: «قد يشعر (المركزي الأوروبي) الذي خفّض أسعار الفائدة في يونيو، بالارتياح بسبب بيانات الأسعار التي أشارت إلى تخفيف الضغط في قطاع الخدمات في منطقة اليورو. ومع ذلك، لا تقدم مؤشرات (مديري المشتريات) من (إتش سي أو بي)، ذخيرة لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى في يوليو (تموز) من قبل المركزي».

وعكس نشاط التصنيع، الذي انخفض منذ ما يقرب من عامين، العلامات الأخيرة على التوجه نحو التعافي. وانخفض مؤشر «مديري المشتريات» للصناعات التحويلية إلى أدنى مستوى له في 6 أشهر عند 45.6 من 47.3. وكانت التوقعات في استطلاع «رويترز» بارتفاع إلى 47.9.

وتراجع مؤشر «قياس الإنتاج» إلى 46.0 من 49.3.

ودفع هذا الانكماش المصانع إلى خفض عدد الموظفين للشهر الثالث عشر على التوالي. وانخفض مؤشر «التوظيف» إلى 47.5 من 47.9.

وفي ألمانيا، أظهر مسح أولي أن التعافي في النشاط التجاري الألماني خلال الشهرين الماضيين تباطأ في يونيو، إذ أدى ضعف التصنيع إلى ضغوط على قطاع الخدمات المزدهر.

وانخفض مؤشر «مديري المشتريات المركب الألماني الفوري» لشركة «إتش سي أو بي»، الذي جمعته «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 50.6 في يونيو من 52.4 في مايو، وهو أقل من توقعات استطلاع «رويترز» البالغة 52.7.

يشار إلى أن المؤشر المركب، الذي يتتبع قطاعي الخدمات والتصنيع اللذين يشكلان معاً أكثر من ثلثي أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، هو الآن أعلى بقليل فقط من مستوى 50 الذي يفصل النمو عن الانكماش.

وتراجع مؤشر «قطاع الخدمات» قليلاً في يونيو إلى 53.5، من 54.2 في مايو.

ولا يزال التصنيع غارقاً في الانكماش، إذ انخفض بشكل أكبر إلى 43.4 في يونيو من 45.4 في مايو. وكان المحللون الذين استطلعت آراؤهم «رويترز» يتوقعون ارتفاع المؤشر إلى 46.4.

وقال دي لا روبي: «يا له من انخفاض حاد في نهاية الربع الثاني». وأوضح أن التصنيع يواجه صعوبات كبيرة، إذ تشير جميع المؤشرات إلى أن الطلب على السلع الصناعية لا يزال ضعيفاً، على الرغم من تحسن البيئة العالمية».

وأضاف دي لا روبي: «لحسن الحظ، لا يعتمد الأداء الاقتصادي الألماني فقط على قطاع التصنيع، ولكن أيضاً على قطاع الخدمات» الذي لا يزال في حالة جيدة.

وتابع: «إن الصداع المستمر لـ(المركزي الأوروبي) هذه الأيام هو التضخم في قطاع الخدمات»، مشيراً إلى استمرار ارتفاع أسعار المدخلات والمبيعات بوصفها سبباً يدعو «المركزي» إلى المضي بحذر في خفض أسعار الفائدة.


مقالات ذات صلة

«صندوق النقد» يوصي بزيادة الضرائب الأميركية لمعالجة عبء الدين المتزايد

الاقتصاد الجزء الخارجي من مبنى الكابيتول عند غروب الشمس في واشنطن (رويترز)

«صندوق النقد» يوصي بزيادة الضرائب الأميركية لمعالجة عبء الدين المتزايد

حثّ صندوق النقد الدولي الولايات المتحدة على رفع الضرائب للحد من ارتفاع مستويات الديون، مع الإشادة بالنمو «القوي والديناميكي» لأكبر اقتصاد في العالم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يظهر مبنى «بنك إنجلترا» خلال مرور راكبي الدراجات الهوائية في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

نمو مفاجئ للاقتصاد البريطاني في الربع الأول

نما الاقتصاد البريطاني بوتيرة أسرع مما كان يُعتقد سابقاً في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، حيث توسّع بنسبة 0.7 في المائة عن الرُّبع السابق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بورصة نيويورك في الحي المالي في مانهاتن (رويترز)

الاقتصاد الأميركي ينمو بأبطأ وتيرة منذ عام 2022

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة سنوية بنسبة 1.4 في المائة في الفترة من يناير إلى مارس، وهو أبطأ نمو ربع سنوي منذ ربيع 2022.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد هذا التمويل هو الأول في سلسلة برامج تستهدف دفع عجلة الإصلاحات في مصر حسب البنك الدولي (الشرق الأوسط)

البنك الدولي يعلن تمويلاً لمصر بـ700 مليون دولار لدعم الموازنة

أعلن البنك الدولي يوم الاثنين تقديم تمويل بقيمة 700 مليون دولار لدعم الموازنة المصرية ضمن برنامج مدته 3 سنوات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناشط من حزب «التجمع الوطني» يوزع منشورات في تولوز جنوب غربي فرنسا (أ.ف.ب)

استطلاع: الفرنسيون يثقون بـ«التجمع الوطني» بزعامة لوبان في الاقتصاد

يثق الناخبون الفرنسيون في حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف أكثر من أي حزب آخر في إدارة الاقتصاد والمالية العامة رغم خططه غير الممولة لخفض الضرائب والإنفاق


«فاتف» تخرج تركيا من «القائمة الرمادية» لغسل الأموال وتمويل الإرهاب

جانب من اجتماعات مجموعة العمل المالي في سنغافورة (إكس)  
جانب من اجتماعات مجموعة العمل المالي في سنغافورة (إكس)  
TT

«فاتف» تخرج تركيا من «القائمة الرمادية» لغسل الأموال وتمويل الإرهاب

جانب من اجتماعات مجموعة العمل المالي في سنغافورة (إكس)  
جانب من اجتماعات مجموعة العمل المالي في سنغافورة (إكس)  

أخرجت مجموعة العمل المالي (فاتف) تركيا من القائمة الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق خاص فيما يتعلق بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بعد استيفاء 40 معياراً حددتها المجموعة.

وقالت المنظمة، التي تعدّ الهيئة الدولية المسؤولة عن تنسيق وتقييم سياسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في بيان صدر في ختام اجتماع الجمعية العامة لفريق العمل المعني بالإجراءات المالية في سنغافورة (الجمعة)، إن تركيا حققت تقدماً كبيراً في تحسين نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وجاء في البيان، الذي أصدرته مجموعة العمل المالي التي تتخذ من باريس مقراً لها، في الاجتماع الذي شارك فيه وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك: «تهنئ الجمعية العامة لمجموعة العمل المالي جامايكا وتركيا على التقدم الكبير الذي أحرزته الدولتان في القضاء على أوجه القصور الاستراتيجية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي تم تحديدها نتيجة التقييمات المتبادلة».

وأضاف البيان أن الدولتين، اللتين أكملتا خطط عملهما وحلتا أوجه القصور الاستراتيجية التي تم تحديدها خلال الفترة المتفق عليها، لن تخضعا بعد الآن لعملية المراقبة المتزايدة التي تقوم بها مجموعة العمل المالي.

وحضر الاجتماعات، التي استمرت أسبوعاً، ممثلو أكثر من 200 حكومة ومندوب يمثلون منظمات مراقبة، بما في ذلك الأمم المتحدة، وصندوق النقد والبنك الدوليان، والإنتربول، ووحدات الاستخبارات المالية.

ومن المتوقع أن يؤدي خروج تركيا من القائمة الرمادية، التي دخلتها عام 2021، إلى تعزيز العلاقات التجارية على الصعيد العالمي، ودعم تدفقات الاستثمار إليها.

وعلق وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك على قرار مجموعة العمل المالي، حيث كتب على حسابه الرسمي في «إكس»: «نجحنا».

بدوره، قال نائب الرئيس التركي المسؤول عن الملف الاقتصادي، جودت يلماظ، إن التدفقات الأجنبية إلى البلاد ستتسارع بعدما رفعت مجموعة العمل المالي اسم تركيا من «القائمة الرمادية».

وأضاف يلماظ، عبر حسابه في «إكس»: «بفضل خطة العمل التي أنجزناها لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تمت إزالة تركيا من القائمة الرمادية اليوم (الجمعة)، ومع هذا التطور، أصبحت ثقة المستثمرين الدوليين في النظام المالي لبلدنا أقوى، ستكون للقرار عواقب إيجابية للغاية على قطاعنا المالي وقطاعنا الحقيقي».

وتابع: «سيؤدي خروج تركيا من القائمة الرمادية إلى تسريع تدفق الموارد الدولية، وسيكون له تأثير إيجابي في تكاليف الاقتراض. إن زيادة الاهتمام بأصول الليرة التركية بسبب تسارع تدفقات رأس المال إلى بلادنا سوف يؤدي أيضاً إلى تسريع عملية تباطؤ التضخم».

واختتم: «نود أن نشكر المؤسسات والمنظمات جميعها، التي أسهمت في هذه العملية، خصوصاً وزارة الخزانة والمالية لدينا».

وأقرّ البرلمان التركي، أخيراً، تشريعاً يغطي الأصول المشفرة، في مسعى من جانب تركيا للخروج من «القائمة الرمادية»، المعروفة بقائمة الدول التي لم تبذل جهوداً كافية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي وضعتها مجموعة العمل المالي (فاتف)، وضمت إليها تركيا عام 2021.

وقال وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، خلال مناقشة البرلمان للتشريع، إن تقرير المجموعة الصادر في 27 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، خلص إلى أن تركيا ملتزمة تماماً بجميع معاييرها الأربعين باستثناء معيار واحد، وإن القضية الوحيدة المتبقية في نطاق الامتثال الفني هي العمل المتعلق بالأصول المشفرة، وباستيفائه، لن يكون هناك سبب لبقاء تركيا في تلك القائمة، إذا لم تكن هناك اعتبارات سياسية أخرى.

كانت «فاتف» التي أنشأتها مجموعة السبع للاقتصادات المتقدمة؛ لحماية النظام المالي العالمي، قد حذّرت تركيا من «أوجه القصور الخطرة» بما في ذلك الحاجة إلى تحسين إجراءات تجميد الأصول المرتبطة بالإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل في عام 2019، وأدرجتها على القائمة الرمادية عام 2021.