يوم المصارف المركزية... صراع بين كبح التضخم ودعم النمو

بنك إنجلترا أبقى على «الفرملة»... و«السويسري» واصل تيسيره النقدي

مقر البنك الوطني السويسري في زيورخ (رويترز)
مقر البنك الوطني السويسري في زيورخ (رويترز)
TT

يوم المصارف المركزية... صراع بين كبح التضخم ودعم النمو

مقر البنك الوطني السويسري في زيورخ (رويترز)
مقر البنك الوطني السويسري في زيورخ (رويترز)

اتجهت أنظار العالم، يوم الخميس، إلى اجتماعات المصارف المركزية الرئيسية، إذ أصبحت هذه اللقاءات الحاسمة محور اهتمام المستثمرين والمحللين الاقتصاديين على حد سواء. ففي سياق حرب شرسة بين احتواء التضخم ودعم النمو، يسعى صانعو السياسة النقدية إلى اتخاذ قرارات استباقية بالغة الأهمية بشأن أسعار الفائدة من أجل تحقيق التوازن المطلوب.

تلك القرارات، مهما كانت، تمثل تحدياً صعباً؛ نظراً لتأثيرها العميق على الأسواق المالية ومختلف القطاعات الاقتصادية، وهو ما يؤسس لملامح السياسة النقدية العالمية المستقبلية.

فما أبرز القرارات التي اتخذتها المصارف المركزية في اجتماعات الخميس الحاسمة، بدءاً من بنك إنجلترا، مروراً بالمصارف المركزية السويسرية والإندونيسية والنرويجية، وصولاً إلى «المركزي البرازيلي»؟.

*«بنك إنجلترا» يُبقي على «الفرملة»

أبقى «بنك إنجلترا» سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند أعلى مستوى له في 16 عاماً، وهو 5.25 في المائة يوم الخميس، وذلك قبل انتخابات 4 يوليو (تموز) المقبل، لكن بعض صانعي السياسة النقدية قالوا إن قرارهم عدم خفض الأسعار أصبح الآن «متوازناً بدقة».

وصوّتت «لجنة السياسة النقدية» في «بنك إنجلترا» بنسبة 7 إلى 2 للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، وذلك يتماشى مع توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز». وظل نائب المحافظ، ديف رامسدن، والعضو الخارجي في اللجنة، سواتي دهينغرا، هما صانعَي السياسة الوحيدين اللذين يؤيدان خفض الفائدة إلى 5 في المائة، وفق «رويترز».

وقال محافظ «بنك إنجلترا»، أندرو بايلي، في بيان مصاحب للقرار، إنه «خبر سار» أن أحدث البيانات أظهرت عودة التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة، «لكن من السابق لأوانه خفض أسعار الفائدة».

وأضاف: «نحن بحاجة إلى التأكد من أن التضخم سيظل منخفضاً، ولهذا السبب قررنا إبقاء أسعار الفائدة عند 5.25 في المائة خلال الوقت الحالي».

محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي في صورة أرشيفية (رويترز)

واختلف بيان بايلي عن الشهر الماضي، عندما قال إنه «متفائل» بأن البيانات تتحرك في الاتجاه الصحيح لخفض أسعار الفائدة.

وقال «بنك إنجلترا» إن الانتخابات المقبلة لم يكن لها أي تأثير على قراره.

ويتوقع البنك أن يرتفع التضخم عن المستهدف مع اختفاء تأثير انخفاضات أسعار الطاقة السابقة من بيانات التضخم السنوية، وكرر توقعاته الصادرة في مايو (أيار) الماضي بأن يكون التضخم نحو 2.5 في المائة خلال النصف الثاني من عام 2024.

وقال «بنك إنجلترا» إن مؤشرات استمرار التضخم، خصوصاً نمو الأجور وتضخم الخدمات، قد تراجعت منذ اجتماعه في مايو الماضي؛ لكنها ظلت مرتفعة.

* سويسرا تخفض... للمرة الثانية

من جهته، خفّض البنك الوطني السويسري أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي، بعدما تصدّر المصارف المركزية الأخرى في بدء التيسير النقدي، مشيراً إلى انحسار ضغوط الأسعار، ما سمح له بالحفاظ على مكانته بصفته مرشحاً أول في دورة تيسير السياسة العالمية الجارية الآن.

مقر البنك الوطني السويسري في زيورخ (رويترز)

وضعُف الفرنك السويسري وارتفعت الأسهم بعد أن خفض المركزي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 1.25 في المائة.

وكان القرار متوازناً بشكل جيد، نظراً للانتعاش الأخير في النمو الاقتصادي، وتوقف اتجاه التضخم المنخفض بلطف في سويسرا.

وقال «المركزي السويسري»: «انخفض الضغط التضخمي الأساسي مرة أخرى مقارنة بالربع السابق. ومع خفض البنك المركزي السويسري سعر الفائدة اليوم، فإنه قادر على الحفاظ على الظروف النقدية المناسبة».

وأضاف: «مع الأخذ في الاعتبار خفض سعر الفائدة، فإن توقعات التضخم المشروطة الجديدة مماثلة لتوقعات مارس (آذار). وعلى المدى الطويل، فهي أقل قليلاً من التوقعات السابقة».

وأبقى «المركزي السويسري» على توقعاته للنمو الاقتصادي لهذا العام عند 1 في المائة، وقلّص بشكل طفيف توقعات التضخم لهذا العام وعامي 2025 و2026، مع إبقاء التوقعات بشكل مريح داخل النطاق المستهدف للمركزي 0-2 في المائة.

* إندونيسيا والنرويج... لا تغيير

من جهته، أبقى المصرف المركزي الإندونيسي على أسعار الفائدة دون تغيير، كما كان متوقعاً، إذ قال إن المستوى الحالي يتماشى مع جهود استقرار الروبية حتى بعد انخفاض العملة إلى أضعف مستوى لها في أكثر من 4 سنوات.

وحافظ «بنك إندونيسيا» على سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام عند 6.25 في المائة، كما توقّع 29 من أصل 32 اقتصادياً شملهم استطلاع «رويترز». كما تم الحفاظ على سعرَي الفائدة الرئيسيَّين الآخرَين دون تغيير.

وقال المحافظ، بيري وارجيو، إنه لدعم سعر صرف الروبية، سيقوم «بنك إندونيسيا» بتحسين استخدام أدواته الأخرى لجذب التدفقات الداخلة، وسيواصل التدخل في سوق الصرف الأجنبية الفورية، وسوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، إضافة إلى التدخل في سوق السندات عند الحاجة.

كما أبقى البنك المركزي النرويجي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند أعلى مستوى في 16 عاماً عند 4.50 في المائة يوم الخميس، كما توقع المحللون بالإجماع، كما أرجأ خفض سعر الفائدة حتى عام 2025 من خطة سابقة لخفض الفائدة.

شخصان يسيران بالقرب من مقر البنك المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)

وقال محافظ بنك النرويج المركزي، إيدا ولدن باش، في بيان: «إذا تطور الاقتصاد كما هو واضح حالياً، فسيظل سعر الفائدة عند 4.5 في المائة حتى نهاية العام، قبل أن يتم خفضه تدريجياً».

* «المركزي البرازيلي» يتحدى لولا

كذلك أبقى البنك المركزي البرازيلي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 10.5 في المائة، الأربعاء، منهياً بذلك سلسلة من 7 تخفيضات متتالية منذ أغسطس (آب) من العام الماضي.

مبنى مقر البنك المركزي في برازيليا (رويترز)

ويعد هذا القرار بمثابة أنباء سيئة للرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان يدفع منذ توليه السلطة من أجل خفض أعمق لأسعار الفائدة لتعزيز النمو الاقتصادي.

وقال البنك المركزي إن قراره الذي جاء بالإجماع أملته «نظرة عالمية مشوبة بعدم اليقين، وأخرى محلية تتسم بالمرونة في النشاط الاقتصادي، ما يرفع توقعات التضخم»، ويتطلب مقاربة «أكثر حذراً».


مقالات ذات صلة

بيانات الوظائف تختبر آمال الهبوط الهادئ للاقتصاد الأميركي

الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك يراقب تحرك الأسهم (أ.ب)

بيانات الوظائف تختبر آمال الهبوط الهادئ للاقتصاد الأميركي

تتطلع الأسواق مرة أخرى إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي في الأسبوع المقبل لتبيان مدى سرعة قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك، فرانكفورت، لندن)
الاقتصاد عرض سبائك الذهب في مكتب «غولد سيلفر» في سنغافورة (رويترز)

مجدداً... الذهب في مستوى قياسي بفعل رهانات الفائدة وضعف الدولار

سجل الذهب مستوى مرتفعاً جديداً يوم الأربعاء، بدعم من ضعف الدولار الأميركي، وآمال خفض أسعار الفائدة مجدداً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تُعرَض سبائك الذهب بمكتب «غولد سيلفر سنترال» في سنغافورة (رويترز)

الذهب في أعلى مستواه على الإطلاق عند 2636.64 دولار

وصلت أسعار الذهب في السوق الفورية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق يوم الثلاثاء، عند 2636.64 دولار للأوقية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري (الاحتياطي الفيدرالي)

رئيس «احتياطي» مينيابوليس: خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس كان قراراً صحيحاً

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري، اليوم (الاثنين)، إنه يؤيّد خفض أسعار الفائدة الذي أجراه البنك المركزي الأميركي مؤخراً.

الاقتصاد خفض أسعار الفائدة سيؤثر إيجاباً على سوق الأسهم السعودية على المديين القصير والبعيد (أ.ف.ب)

هذه القطاعات الأكثر تأثراً بخفض الفائدة في سوق الأسهم السعودية

توقّع محللون اقتصاديون أن يؤثر قرار خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس إيجاباً على سوق الأسهم في السعودية، في رفع سيولتها، وجذب المزيد من المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)

توقف 24% من إنتاج النفط الأميركي في خليج المكسيك بسبب «هيلين»

علم الولايات المتحدة يلوح في السماء في حين تشتد قوة الإعصار «هيلين» (رويترز)
علم الولايات المتحدة يلوح في السماء في حين تشتد قوة الإعصار «هيلين» (رويترز)
TT

توقف 24% من إنتاج النفط الأميركي في خليج المكسيك بسبب «هيلين»

علم الولايات المتحدة يلوح في السماء في حين تشتد قوة الإعصار «هيلين» (رويترز)
علم الولايات المتحدة يلوح في السماء في حين تشتد قوة الإعصار «هيلين» (رويترز)

قالت هيئة السلامة وحماية البيئة الأميركية، إن نحو 24 في المائة من إنتاج النفط الخام و18 في المائة من إنتاج الغاز الطبيعي في خليج المكسيك بالولايات المتحدة توقف بسبب العاصفة «هيلين».

وتراجعت خسائر إنتاج النفط والغاز الطبيعي لليوم الثاني على التوالي بعد أن بلغت ذروتها عند 511 ألف برميل يوم الأربعاء. وقالت الهيئة إن منتجي الطاقة أوقفوا إنتاج 427 ألف برميل يومياً من النفط ونحو 343 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي من مياه الخليج.

وقالت الهيئة التنظيمية البحرية، إن تسع منصات نفط وغاز تم إخلاؤها اعتباراً من أمس (الجمعة)، وهو ما يمثل نحو 2.4 في المائة من إجمالي منصات خليج المكسيك، نقلاً عن تقارير من المنتجين.

وبدأت شركات إنتاج النفط والغاز في إيقاف الإنتاج البحري يوم الثلاثاء، مع تحرك العاصفة «هيلين» عبر خليج المكسيك بالولايات المتحدة.

وقالت شركة «شيفرون» مساء الجمعة، إنها بدأت إعادة نشر العاملين واستعادة الإنتاج في المنصات التي تديرها الشركة في أعقاب مرور العاصفة على منصاتها.

وأظهرت بيانات اتحادية أن خليج المكسيك في الولايات المتحدة يمثل نحو 15 في المائة من إجمالي إنتاج النفط المحلي و2 في المائة من إنتاج الغاز الطبيعي.

وتسببت العاصفة الاستوائية «هيلين» في فيضانات خطيرة بولايتي نورث كارولاينا وساوث كارولاينا أمس (الجمعة)، بعد أن خلفت دماراً على نطاق واسع عندما بلغت مستوى إعصار كبير أثناء تحركها عبر فلوريدا وجورجيا، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 43 شخصاً وإغراق أحياء سكنية وحدوث انهيارات أرضية وانقطاع التيار الكهربي عن أكثر من 3.5 مليون منزل وشركة.

وضربت العاصفة، عندما بلغت مستوى إعصار قوي من الدرجة الرابعة، منطقة بيج بيند بولاية فلوريدا يوم الخميس الساعة 11:10 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (03:10 بتوقيت غرينتش أمس الجمعة)، مما تسبب في انقلاب القوارب في الموانئ وسقوط الأشجار وغرق السيارات والشوارع بمياه الفيضانات.

ووصل الإعصار إلى شاطئ فلوريدا مصحوباً برياح سرعتها 225 كيلومتراً في الساعة وضعف إلى مستوى عاصفة استوائية مع انتقاله إلى جورجيا في وقت مبكر من أمس (الجمعة). وقال المركز الوطني للأعاصير إن سرعة الرياح في العاصفة تبلغ 55 كيلومتراً في الساعة، وتم خفض تصنيفها إلى منخفض استوائي مع تراجع حدتها فوق ولايتي تنيسي وكنتاكي.

وقال المركز إن الأمطار الغزيرة التي تصاحب «هيلين» لا تزال تتسبب في فيضانات كارثية في منطقة جبال الأبلاش. وفي غرب ولاية نورث كارولاينا، حث مسؤولو الطوارئ في مقاطعة روثرفورد السكان قرب سد بحيرة لور على الإخلاء والانتقال فوراً إلى أرض مرتفعة، قائلين إن «انهيار السد وشيك».