«إنها الحرب»... شركات السيارات الصينية تبحث رسوماً انتقامية ضد المركبات الأوروبية

دعت بكين للرد بـ«البنزين» على جمارك «الكهربائية»

عمال في أحد مصانع السيارات جنوب شرقي الصين (رويترز)
عمال في أحد مصانع السيارات جنوب شرقي الصين (رويترز)
TT

«إنها الحرب»... شركات السيارات الصينية تبحث رسوماً انتقامية ضد المركبات الأوروبية

عمال في أحد مصانع السيارات جنوب شرقي الصين (رويترز)
عمال في أحد مصانع السيارات جنوب شرقي الصين (رويترز)

قالت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، المدعومة من الدولة، يوم الأربعاء، إن شركات صناعة السيارات الصينية حثت بكين على زيادة الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية المستوردة التي تعمل بالبنزين؛ رداً على القيود التي فرضتها بروكسل على صادرات السيارات الكهربائية المصنَّعة في الصين.

وفي اجتماع مغلق، عُقد يوم الثلاثاء وحضرته أيضاً شركات سيارات أوروبية، دعت شركات صناعة السيارات الصينية «الحكومة إلى تبنّي تدابير مضادة حازمة، واقترحت إعطاء اعتبار إيجابي لرفع التعريفة المؤقتة على سيارات البنزين ذات المحركات عالية الإزاحة»، وفقاً للتقرير.

وقال شخصان على دراية مباشرة بالأمر إن الاجتماع، الذي نظّمته وزارة التجارة الصينية، عُقد في بكين، وحضره ممثلون عن شركات «إس إيه آي سي» و«بي واي دي» و«بي إم دبليو» و"فولكسفاغن» و«بورشه»، وغيرها. وأضافا أن الهدف الرئيسي من الاجتماع كان الضغط على أوروبا، والضغط ضد التعريفات التي أعلنتها بروكسل، الأسبوع الماضي، لحماية صناعة السيارات من المنافسة الصينية.

ويقول المطّلعون على الصناعة إن كلاً من أوروبا والصين لديهما أسباب للرغبة في التوصل إلى اتفاق، في الأشهر المقبلة، لتهدئة التوترات، وتجنب إضافة مليارات الدولارات من التكاليف الجديدة لصانعي السيارات الكهربائية الصينيين، حيث تسمح عملية الاتحاد الأوروبي بالمراجعة.

وقالت المفوضية الأوروبية، يوم الأربعاء، إنها تبحث الوضع «بهدف مناقشة ما إذا كان من الممكن إيجاد حل مقبول للطرفين». وتتجه سياسة التجارة في الاتحاد الأوروبي إلى الحماية بشكل متزايد، وسط مخاوف من أن نموذج التنمية الصيني الذي يركز على الإنتاج ويحركه الدين قد يؤدي إلى إغراق الكتلة المكونة من 27 عضواً بالسلع الرخيصة، بما في ذلك المركبات الكهربائية، حيث تتطلع الشركات الصينية إلى تعزيز المبيعات في الخارج بسبب ضعف الطلب في الداخل.

وأعقب إعلان المفوضية الأوروبية، في 12 يونيو (حزيران) الحالي، أنها ستفرض رسوماً جمركية مضادة للدعم تصل إلى 38.1 في المائة على المركبات الكهربائية الصينية المستوردة، اعتباراً من يوليو (تموز) المقبل، تحركاً من جانب الولايات المتحدة لرفع التعريفات الجمركية على السيارات الصينية في مايو (أيار) الماضي، وهو ما يفتح جبهة جديدة في الحرب التجارية الغربية مع بكين.

وقال تشانغ يان شنغ، كبير الباحثين في مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية: «أنا شخصياً أعتقد أنه من غير العدل بدء حرب تعريفة فقط على أساس معدل استخدام الطاقة في الصين، والطلب غير الكافي على المركبات الصينية الجديدة التي تعمل بالطاقة».

وأضاف: «يمكننا أن نرى أن الصين تبنّت حزمة من السياسات لحل مشكلة (الفائض في الطاقة)، لذلك هذا العام، والعام المقبل، وفي السنوات الأربع المقبلة، سيستمر استخدام الطاقة بالصين في الارتفاع».

وأفادت صحيفة «غلوبال تايمز»، لأول مرة في أواخر الشهر الماضي، بأن مركز أبحاث السيارات، التابع للحكومة الصينية، يقترح أن ترفع الصين تعريفاتها الجمركية على سيارات السيدان التي تعمل بالبنزين، والمركبات الرياضية متعددة الاستخدامات، المستوردة بمحركات أكبر من 2.5 لتر إلى 25 في المائة، من المعدل الحالي البالغ 15 في المائة.

وقد ألمحت السلطات الصينية، في السابق، إلى تدابير انتقامية محتملة، من خلال تعليقات وسائل الإعلام الحكومية والمقابلات مع شخصيات الصناعة.

كما ألمحت الصحيفة، الشهر الماضي، إلى أن الشركات الصينية تخطط لطلب من السلطات فتح تحقيق لمكافحة الإغراق في منتجات لحوم الخنزير الأوروبية، والذي أعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الاثنين، أنها ستُجريه، كما حثّت بكين على النظر في واردات الألبان من الاتحاد الأوروبي.

وبلغ إجمالي صادرات سيارات الركاب بمحركات أكبر من 2.5 لتر، من أوروبا إلى الصين 196 ألف وحدة في عام 2023، بزيادة 11 في المائة على أساس سنوي، وفقاً لبيانات من رابطة سيارات الركاب الصينية. وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، بلغت صادرات مثل هذه المركبات من أوروبا إلى الصين 44 ألف وحدة، بانخفاض 12 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

وبلغت قيمة صادرات السيارات من الاتحاد الأوروبي إلى الصين 19.4 مليار يورو (20.8 مليار دولار) في عام 2023، بينما اشترى الاتحاد 9.7 مليار يورو من المركبات الكهربائية من الصين، وفقاً لأرقام وكالة الإحصاء، التابعة للاتحاد الأوروبي.

وتمثل الصين نحو 30 في المائة من مبيعات شركات صناعة السيارات الألمانية، وألمانيا هي أكبر مُصدّر للسيارات بمحركات سعة 2.5 لتر أو أكثر، حيث شحنت 1.2 مليار دولار إلى الصين منذ بداية هذا العام، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية.

وتُعد سيارات الدفع الرباعي «GLE Class» كبيرة الحجم من مرسيدس بنز وسيارات سيدان «S Class» وبورش كايين هي السيارات الثلاث الأكثر شعبية المستوردة من أوروبا في الصين، حيث شكلت الثلاثة أكثر من خُمس إجمالي 155841 سيارة مستوردة من العلامات التجارية الأوروبية، في الأشهر الخمسة الأولى، وفقاً للبيانات التي يتتبعها بنك التجار الصيني الدولي.

وتُعد سلوفاكيا رابع أكبر مُورّد للسيارات ذات المحركات الكبيرة، للصين، وثاني أكبر مُورّد للاتحاد الأوروبي. وقد صدّرت، هذا العام، ما قيمته 803 ملايين دولار من المركبات الرياضية متعددة الاستخدامات.


مقالات ذات صلة

حتى ماسك انتقده... إعلان ترويجي لسيارات «جاغوار» يثير غضباً

يوميات الشرق شعار العلامة التجارية للسيارات الفارهة «جاغوار» (أ.ب)

حتى ماسك انتقده... إعلان ترويجي لسيارات «جاغوار» يثير غضباً

أثار مقطع فيديو ترويجي لتغيير العلامة التجارية للسيارات الفارهة «جاغوار» انتقادات واسعة بظهور فتيات دعاية يرتدين ملابس زاهية الألوان دون وجود سيارة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ حادث تصادم وقع نتيجة عاصفة ترابية بكاليفورنيا (أ.ب)

عاصفة ترابية شديدة تتسبب بتصادم سيارات جماعي في كاليفورنيا

كشفت السلطات في ولاية كاليفورنيا الأميركية عن أن عاصفة ترابية شديدة تعرف باسم الهبوب تسببت في تصادم عدة مركبات على طريق سريع بوسط كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)

أوروبا تستعد لوصول ترمب... أسوأ كابوس اقتصادي بات حقيقة

كانت التوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو مصدر قلق لبعض الوقت، ولكن منذ فوز ترمب بالرئاسة ساء الوضع بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
رياضة عالمية غابرييل بورتوليتو (رويترز)

ساوبر يكمل تشكيلته لموسم 2025 بالبرازيلي بورتوليتو

أعلن فريق ساوبر المنافس في بطولة العالم لسباقات «فورمولا 1» للسيارات، اليوم الأربعاء، تعاقده مع السائق البرازيلي غابرييل بورتوليتو ليكمل تشكيلته لموسم 2025.

«الشرق الأوسط» (بيرن)
رياضة عالمية تستضيف مدينة ساو باولو البرازيلية السباق الأول في شهر ديسمبر ومن بعدها المكسيك في شهر يناير (فورمولا إي)

فورمولا إي تعلن انطلاق اختبارات ما قبل الموسم في مدريد

تنطلق اختبارات بطولة العالم للفورمولا إي هذا الأسبوع في العاصمة الإسبانية مدريد على مدار أربعة أيام، وذلك استعداداً لانطلاق الموسم الحادي عشر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.