الأسواق تراهن على «هبوط ناعم» مع تراجع التضخم وإشارات «الفيدرالي» المتفائلة

علم الولايات المتحدة في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
علم الولايات المتحدة في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق تراهن على «هبوط ناعم» مع تراجع التضخم وإشارات «الفيدرالي» المتفائلة

علم الولايات المتحدة في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
علم الولايات المتحدة في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

تعززت آمال «الهبوط الناعم» التي دعمت أسهم الولايات المتحدة هذا العام بعد بيانات مشجعة عن التضخم وإشارة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تحقيق تقدم في مكافحة أسعار المستهلكين.

ولعبت التوقعات بما يسمى «الهبوط الناعم»؛ حيث يتمكن «الفيدرالي» من كبح التضخم وخفض أسعار الفائدة في نهاية المطاف بينما يظل النمو قوياً، دوراً رئيسياً في صعود مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مستويات قياسية جديدة في عام 2024. وفق «رويترز».

لكن سلسلة من الارتفاعات غير المتوقعة في التضخم خلال وقت سابق من هذا العام شككت في تلك الرواية. ومع ذلك، أظهرت بيانات، يوم الأربعاء، أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة لم تسجل أي تغيير بشكل غير متوقع في مايو (أيار)، ما يفتح الباب المحتمل أمام خفض الفيدرالي للأسعار في وقت لاحق من هذا العام.

وأشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول، في مؤتمر صحافي في نهاية اجتماع السياسة النقدية للمصرف المركزي، إلى أن التضخم قد انخفض دون ضربة كبيرة للاقتصاد، وقال إنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذا الاتجاه لا يمكن أن يستمر.

وأكد باول أيضاً أن صناع السياسة سيحتاجون إلى رؤية المزيد من الأدلة على أن الأسعار تتجه نحو الانخفاض قبل خفض أسعار الفائدة. وفي الوقت نفسه، خفف مسؤولو الفيدرالي التوقعات بشأن مدى قوة خفض أسعار الفائدة هذا العام، من 3 مرات خفض بمقدار 25 نقطة أساس إلى مرة واحدة فقط، وهو تحول كان يتوقعه المستثمرون إلى حد كبير.

وقال مدير المحفظة لدى «تي رو برايس»، ساوروبه سود: «يقول الفيدرالي إن الميل الأخير للوصول إلى معدل تضخم 2 في المائة سيكون أطول، لكن السوق لا تزال تؤمن بنمو جيد وتوقعات عمالة ستؤدي إلى هبوط ناعم». وأضاف: «يصبح الفيدرالي أكثر اقتناعاً بعدم وجود مخاوف كبيرة بشأن التباطؤ».

وأغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مرتفعاً بنسبة 0.9 في المائة عند مستوى قياسي جديد، وهو مرتفع بنسبة 14 في المائة تقريباً هذا العام. ووصل عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات، الذي يتحرك بعكس أسعار السندات، إلى أدنى مستوى له منذ أول أبريل (نيسان) ولكنه استعاد بعض تلك الانخفاضات لاحقاً.

وكانت رواية الهبوط الناعم مهمة بالنسبة للأسواق في الأشهر الأخيرة.

وبدأ المستثمرون العام بتسعير أكثر من 150 نقطة أساس من تخفيضات أسعار الفائدة ولكنهم سرعان ما تراجعوا عن تلك الرهانات عندما أصبح من الواضح أن الاقتصاد قوي للغاية بالنسبة للفيدرالي لتخفيف السياسة النقدية دون المخاطرة بعودة التضخم.

وكانت أسواق العقود الآجلة، في وقت متأخر من يوم الأربعاء، تسعر 45 نقطة أساس من التيسير، وهي نظرة أكثر تشدداً مما توقعه الفيدرالي.

وقال كبير استراتيجيي الاستثمار المشترك في «جون هانكوك» للاستثمار، ماثيو ميسكين: «لقد أخذت السوق وجهة نظر الهبوط الناعم (يوم الأربعاء)... لكن الفيدرالي يقول إننا بحاجة إلى مزيد من الوقت». وأضاف: «ما تريده السوق حقاً هو تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام، وأعتقد أن السوق ستضطر إلى التحلي بالصبر بشأن ذلك».

ومع ذلك، ظل النمو قوياً وتجاوزت أرباح الشركات التوقعات، وهو ما يدعم الرأي القائل بأن الاقتصاد يتحمل ارتفاع أسعار الفائدة في الوقت الحالي ويثير تفاؤل المستثمرين.

وقالت الرئيسة التنفيذية للاستثمار في مكتب عائلة «بي إم أو»، كارول شليف، إنها تتمسك برأيها بأن الاقتصاد القوي سيستمر حتى نهاية العام، بعد بيانات مؤشر أسعار المستهلكين أفضل من المتوقع وعدم وجود مفاجآت كبيرة من اجتماع الفيدرالي.

وقالت شليف: «عندما يبدأ الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة... سيظل لديك اقتصاد يعمل بشكل جيد إلى حد ما». وتوصي شركتها بالزيادة المعتدلة في الأسهم، مع تحيز نحو الأسهم الأميركية.

ويمكن أن تستمر إشارات استمرار انخفاض التضخم وأن الاحتياطي الفيدرالي يسير على الطريق لتخفيف السياسة في نهاية المطاف إلى خفض عوائد سندات الخزانة، ما يزيد من جاذبية الأسهم للمستثمرين مقارنة بالدخل الثابت وخفض تكاليف الاقتراض.

وقال المستثمرون إن بإمكانهم أيضاً مساعدة قطاعات السوق التي تضررت من ارتفاع أسعار الفائدة، بما في ذلك أسهم الأسهم الصغيرة والشركات المالية. على سبيل المثال، ارتفع مؤشر «راسل 2000» الذي يركز على الأسهم الصغيرة بنسبة 1.5 في المائة فقط هذا العام على الرغم من الارتفاع الحاد الذي شهدته يوم الأربعاء، متخلفاً كثيراً عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500».

ومع ذلك، لا يزال هناك خطر يتمثل في أن الاحتياطي الفيدرالي سيؤجل خفض أسعار الفائدة لفترة طويلة وقد يضر بالنمو، كما قال كبير مديري المحافظ في «فديرايتد هيرميس» دون إيلينبرغر، الذي يتوقع تحرك أسعار الفائدة «بشكل جانبي» لبقية العام.

وقال: «يحصل الاحتياطي الفيدرالي على البيانات التي يريد رؤيتها ولكن في الوقت نفسه هم واقعون بين بين المطرقة والسندان. يريد حقاً خفض أسعار الفائدة لكن ليست لديهم بيانات كافية وهم يخشون أنه كلما طالت مدة بقاء سعر الأموال الفيدرالية فوق 5 في المائة زادت احتمالية انهيار شيء ما».


مقالات ذات صلة

تركيا تفرض ضريبة الشركات بحد أدنى 10 %

الاقتصاد أشخاص يتسوقون في منطقة البازار الكبير بإسطنبول (رويترز)

تركيا تفرض ضريبة الشركات بحد أدنى 10 %

تعتزم تركيا فرض ضريبة الشركات بحد أدنى 10 %، بدءاً من بداية عام 2025، للمساعدة في تقليص العجز في الميزانية.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك يراقب تحرك الأسهم (أ.ب)

بيانات الوظائف تختبر آمال الهبوط الهادئ للاقتصاد الأميركي

تتطلع الأسواق مرة أخرى إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي في الأسبوع المقبل لتبيان مدى سرعة قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك، فرانكفورت، لندن)
الاقتصاد شخص يتسوق في أحد المتاجر الكبرى في مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)

ارتفاع طفيف في إنفاق المستهلكين الأميركيين خلال أغسطس

ارتفع إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة بشكل طفيف في أغسطس (آب)، ما يشير إلى أن الاقتصاد ظل صامدا في الربع الثالث مع استمرار تراجع ضغوط التضخم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

تضارب الآراء في «الفيدرالي» بشأن وتيرة خفض الفائدة

لم يكن هناك إجماع كامل في «الاحتياطي الفيدرالي» عندما صوت الأسبوع الماضي لتخفيض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، حيث اعترض صانع سياسة واحد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

انخفاض التضخم بأكبر اقتصادات اليورو يعزز الدعوات لخفض الفائدة

شهد اثنان من أكبر اقتصادات منطقة اليورو، فرنسا وإسبانيا، انخفاضاً أكبر من المتوقع في معدلات التضخم، بينما استمر ضعف سوق العمل في ألمانيا هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

السعودية تسعى لتعزيز التعاون الدولي في الأمن السيبراني

جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)
جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)
TT

السعودية تسعى لتعزيز التعاون الدولي في الأمن السيبراني

جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)
جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)

في ظل التطور المتسارع والتحديات المتصاعدة التي يشهدها قطاع الأمن السيبراني عالمياً، تقدم السعودية نموذجاً استثنائياً في هذا المجال. فقد تفوقت في مؤشر الأمم المتحدة للأمن السيبراني لعام 2024، كما تسعى من خلال استضافة المنتدى الدولي للأمن السيبراني، إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهة المصاعب المشتركة، لا سيما باتساع الفجوة الرقمية بين المنشآت.

وكانت السعودية برزت بشكل لافت في تقرير حديث للأمم المتحدة عن الأمن السيبراني، أظهر تحقيق المملكة نسبة 100 في المائة في جميع معايير المؤشر الذي شمل 83 مؤشراً فرعياً. وهو ما يضع البلاد في مصاف الدول الرائدة عالمياً في مجال الأمن السيبراني، متفوقة على 190 دولة عضواً بالأمم المتحدة.

ويعود هذا التفوق إلى استراتيجية المملكة الشاملة للأمن السيبراني، التي ركزت على تحقيق التوازن بين الحوكمة المركزية والتشغيل اللامركزي. كما ساهمت الاستثمارات الكبيرة في بناء القدرات الوطنية وتطوير الكوادر المتخصصة في تعزيز الأمن السيبراني في السعودية.

وحسب الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، يعد هذا التصنيف امتداداً لموقع البلاد المتقدّم في عدد من المؤشرات الدولية، حيث حققت المملكة في يونيو (حزيران) الماضي المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني وفق الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2024، الأمر الذي يؤكد نجاح نموذج السعودية في الأمن السيبراني، والذي يعتمد على التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص، وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين.

وتُعد الهيئة الوطنية للأمن السيبراني الجهة المختصة بالأمن السيبراني في المملكة، والمرجع الوطني في شؤونه، وتهدف إلى حماية المصالح الحيوية للدولة وأمنها الوطني والبنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية، والخدمات والأنشطة الحكومية. وتعمل على تحفيز نمو القطاع وتشجيع الابتكار والاستثمار فيه، وإجراء الدراسات والبحوث والتطوير.

حجم القطاع

في نهاية عام 2023، بلغ حجم سوق الأمن السيبراني في السعودية 13.3 مليار ريال (3.54 مليار دولار)، كما وصل إسهام القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 15.6 مليار ريال (4.15 مليار دولار)، وجاءت المشاركة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 0.81 في المائة.

وكان مجموع إنفاق الجهات الحكومية السعودية 4.1 مليار ريال (مليار دولار)، يشكّل 31 في المائة من حجم السوق. في حين أنفقت منشآت القطاع الخاص ما يقارب 9.2 مليار ريال (2.4 مليار دولار)، وهو ما يمثّل 69 في المائة من الإجمالي.

وفي الفترة ذاتها، بلغ عدد كوادر الأمن السيبراني في المملكة 19.6 ألف مختص، وتمثّل المرأة فيه أكثر من 32 في المائة، وهو ما يتجاوز المعدل العالمي لمشاركة المرأة بالعمل في قطاع الأمن السيبراني الذي يبلغ قرابة 25 في المائة.

المنتدى الدولي للأمن السيبراني

وتزامناً مع التحديات المختلفة التي يشهدها القطاع عالمياً، تستضيف الرياض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بتنظيم الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، النسخة الرابعة من المنتدى الدولي للأمن السيبراني، بتاريخ 2 و3 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، تحت شعار «تعظيم العمل المشترك في الفضاء السيبراني»، وذلك لتعزيز التعاون الدولي لمواجهة القضايا المُلحّة في الفضاء السيبراني، بمشاركة أبرز الجهات الدولية ذات العلاقة.

وتناقش النسخة الرابعة من المنتدى 5 محاور رئيسية، وهي: تجاوز التباينات السيبرانية، وإسهام الاقتصاد السيبراني في التنمية الاقتصادية، من خلال تطوير الأسواق في قطاع الأمن السيبراني، والبنية الاجتماعية في الفضاء السيبراني، إلى جانب السلوكية السيبرانية، وآليات الاستفادة من التقنيات الصاعدة في دفع التقدم والابتكار.

ويتضمن المنتدى القمة العالمية لحماية الطفل في الفضاء السيبراني، بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومعهد «دي كيو»، والتحالف العالمي «وي بروتيكت»؛ حيث تهدف إلى إرساء أُسس التعاون الدولي من أجل بناء فضاء سيبراني آمن ومُمكِّن للأطفال في جميع أنحاء العالم.

وكان تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024، أظهر وجود فجوة متزايدة في المرونة السيبرانية بين الشركات الكبرى والشركات الصغيرة والمتوسطة. فبينما تسعى الشركات الكبرى للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، تعاني الشركات الأصغر من نقص في المهارات والموارد اللازمة لحماية أنظمتها، الأمر الذي يدعو إلى أهمية تكثيف الجهود العالمية لمعالجة هذه الفجوة الرقمية.