شهدت الأسواق المالية الأوروبية اضطرابات ملحوظة، فقد اتسع الفارق بين عائدات السندات الإيطالية والألمانية بشكل ملحوظ، مما يعكس ازدياد المخاوف بشأن الاستقرار المالي في منطقة اليورو. في الوقت نفسه، تعرض أكبر بنك في فرنسا لخسارة فادحة بلغت 8 في المائة؛ مما أضاف مزيداً من القلق بين المستثمرين. هذه التطورات جاءت في أعقاب انتصارات اليمين في انتخابات الاتحاد الأوروبي، التي هزت بدورها أسواق السندات والأسهم، مما زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق.
فقد اتسعت الفروق بين العوائد على «سندات الحكومة الألمانية القياسية (بوند)» والسندات الحكومية الأخرى في منطقة اليورو يوم الاثنين بعد أن حقق القوميون «المتشككون» في الاتحاد الأوروبي مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت يوم الأحد.
وفاجأ الرئيس إيمانويل ماكرون الجميع بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في فرنسا بعد خسارة معسكره بشكل كبير لمصلحة «حزب التجمع الوطني» اليميني المتطرف، وفق «رويترز».
وانخفض مؤشر «كاك40» للأسهم الفرنسية الكبرى بما يصل إلى 1.9 في المائة عند افتتاح تعاملات يوم الاثنين. كما انخفضت أسهم «بي إن بي باريبا»؛ أكبر بنك في فرنسا، بنحو 8 في المائة عند الافتتاح، وجرى تداولها منخفضة 4.5 في المائة بحلول الساعة 07:26 (بتوقيت غرينيتش)، في حين تكبدت أسهم المقرضين الفرنسيين «كريدي أغريكول» و«سوسيتيه جنرال» خسائر فادحة أيضاً.
وقد يؤدي التحول السياسي إلى تعقيد عملية صنع السياسات في الاتحاد الأوروبي ومحاولات تعميق الاندماج خلال السنوات الخمس المقبلة، مما يزيد من علاوة المخاطر التي يسعى المستثمرون إليها للاحتفاظ بسندات أكثر الدول المدينة.
وقال مصرف «سيتي غروب» في مذكرة بحثية: «أنتجت انتخابات الاتحاد الأوروبي التحول المتوقع إلى اليمين، لكن أهم تطور ربما يكون الضعف الشديد للزعيمين الفرنسي والألماني».
وأضاف: «النقطة المضيئة المحتملة هي فتح الفرصة لماريو دراجي رئيساً للمجلس الأوروبي ومحدد جدول الأعمال»، في إشارة إلى الرئيس السابق لـ«المصرف المركزي الأوروبي».
وفي حين من المتوقع أن يحتفظ الوسط والليبراليون والاشتراكيون بالغالبية في البرلمان المؤلف من 720 مقعداً، فإن التصويت وجه ضربة محلية إلى زعيمي فرنسا وألمانيا، مما أثار تساؤلات حول كيفية قدرة القوى الرئيسية في الاتحاد الأوروبي على قيادة السياسة في التكتل. كما أنه يزيد من عدم اليقين بشأن إعادة انتخاب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
واتسع الفارق بين عائد سندات فرنسا وألمانيا - وهو مؤشر على علاوة المخاطر التي يسعى المستثمرون إليها للاحتفاظ بالسندات الفرنسية - بمقدار 6 نقاط أساس إلى 53.4 نقطة أساس.
وقال كبير الاقتصاديين في «بيرينبيرغ»، هولغر شميدينغ؛ مشيراً إلى رئاسة المفوضية الأوروبية: «على الرغم من ذكر أسماء أخرى، مثل رئيس (المركزي الأوروبي) السابق ماريو دراجي، ونائب رئيس الوزراء الإيطالي أنطونيو تاجاني، وحتى الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، فإن فون دير لاين تظل المرشحة المفضلة في رأينا».
كما اتسع الفارق بين العائدَين الإيطالي والألماني - وهو مؤشر على علاوة المخاطر التي يسعى المستثمرون إليها للاحتفاظ بسندات أكثر الدول المدينة - بمقدار 8 نقاط أساس إلى 139 نقطة أساس.
كذلك اتسع الفارق بين العائدَين اليوناني والألماني بمقدار 11 نقطة أساس إلى 105 نقاط أساس.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في «دويتشه بنك»، ماريون موهلبرغر: «ما دامت الأغلبية الوسطية تتصرف بوصفها تكتلاً موحداً، وتظل الجماعات اليمينية كتلة غير متماسكة، فإن التأثير على مسار السياسة سيظل محدوداً».
وأضافت: «يبدو أن مخاوف الصدمة الشعبوية كانت سابقة لأوانها، لكنها قد تكون مقياساً لاتجاه السياسة الوطنية».
وارتفعت عوائد التكتل بشكل طفيف يوم الاثنين؛ فالمستثمرون ينتظرون أرقام التضخم الأميركية واجتماع «السياسة النقدية الفيدرالية» في وقت لاحق من هذا الأسبوع، بعد أن أشارت «بيانات الوظائف الأميركية» يوم الجمعة إلى أن «المركزي» لن يتسرع في خفض أسعار الفائدة.
وارتفع عائد سندات ألمانيا لأجل 10 سنوات، وهو المعيار لمنطقة اليورو، بنقطة أساس واحدة إلى 2.60 في المائة.
وتتوقع الأسواق عدم تغيير في أسعار الفائدة الفيدرالية، لكنها ترى مخاطر في أن تحليل مخطط النقاط لصانعي السياسات بشأن التغييرات المحتملة في السياسة المستقبلية قد يشير إلى خفض واحد فقط في سعر الفائدة لهذا العام.